أن ما قد يتحدّث به بعض العلماء في بعض المذاهب ، من الحكم بتكفير بعض المسلمين الذين ينطلقون في التزاماتهم العمليّة بما جاءت به بعض النصوص في الكتاب والسنّة، فيرون المسلمين الذين لا يلتزمون بمضمون اجتهادهم، أو لا يرون حجّية الأحاديث التي يعتمدونها، خارجين عن الإسلام، أو ملتزمين بخطّ الشّرك، وانطلاقاً من شبهاتهم في قضيّة الإيمان والكفر. وربّما يصل الأمر ببعض هؤلاء إلى استحلال دمائهم على أساس حليّة سفك دم الكافر والمشرك. ولعلّ مشكلة بعض هؤلاء، أنّهم لا يملكون العقل المنفتح، والثّقافة العميقة الواسعة في أصول العقيدة والتّشريع، بما يقودهم إلى الحوار والجدال بالّتي هي أحسن في هذه الأمور الملتبسة، ولا سيّما في فتاوى قتل المسلمين الذين يلتزمون بما يرفضه هؤلاء، ويعتبرونه شركاً وكفراً. وتلك هي مشكلة الظّاهرة التكفيريّة في هذا العصر، والّتي تحوّلت إلى خطر على الواقع الإسلاميّ كلّه، في ما يقوم به هؤلاء من المجازر الوحشيّة التي تطاول الرجال والنساء والأطفال والتفجير في بيوت الله دون أدنى حرمه لها ومن دون أيّ ذنب، وهذا ما أدّى إلى تشويه صورة الإسلام لدى الآخرين، واعتباره دين عنف وإرهاب، وهاهي أصبحت في مستوى الظاهرة في أكثر من بلدٍ إسلاميّ. وربّما امتدّ هذا الاتجاه السلبي في تكفير من ليس كافراً، وتضليل من ليس ضالاً، إلى بعض الفتاوي من علماء الأمة، في اعتبار بعض الأمور التفصيلية في العقيدة أو في التاريخ، من ضروريّات الدين، أو من ضروريّات المذهب، في القضايا التي وقعت محلاًّ للخلاف لدى العلماء، أو الّتي ترتكز على بعض الخطوط النظريّة الّتي لا تصل إلى مستوى الضّرورة أو البداهة، أو التي تنطلق من قضايا تاريخيّة وقناعات فردية لمجرد الاختلاف في الالتزام بمضمون حديثٍ موثّق عند البعض وغير موثّق عند البعض الآخر، أو بتفسير آيةٍ بمعنى لا يتّفق فيه أهل مذهب مع تفسيرٍ لها عند أهل مذهبٍ آخر،فقد أخذت قداستها الشعوريّة من خلال العاطفة المرتبطة بمجتهديها. ومن المؤسف أنّ مثل هذه الأحكام بالكفر أو الضّلال تنطلق من علماء يمثلوا القدوة ويمثلوا الدين الإسلامي ، لا تقبل الجدل أو النّقاش في أحكامها الّتي تمنحها القداسة من دون أيّ أساس. إنّ المشكلة لدى الاتجاه التّكفيري، أنّ كثيراً من أصحابه ينطلقون من حالة جهل مغلق لا ينفتح على الآخر من خلال عناصر العلم، وذلك بما أراده الله للمسلمين من الجدال بالّتي هي أحسن، حتى بالنّسبة إلى غير المسلمين، ومن ردّ الخلافات والمنازعات الفكريّة أو الفقهيّة إلى الله والرّسول، بالرجوع إلى القواعد العلميّة الموضوعيّة المنفتحة على الحقيقة في الأخذ بحقائق الكتاب والسنّة، بالعقل المفتوح والقلب المنفتح ، فّا الذي يكفر بذلك كلّه أو بعضه، فقد ضلّ ضلالاً بعيداً، لأنّه لا يرتكز في مسيرته العقيدية على قاعدة الحقيقة التي لا بدّ له من الوقوف عليها. وأعظم الكفر جحود الوحدانيّة أو الشريعة أو النبوّة أو ثلاثتها، ومن أخلّ بالشريعة وترك ما لزمه من شكر الله عليه و من ستر الحقيقة في العقيدة. [email protected] محامية ومستشارةقانونية ..... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet