تمر الصحة في محافظة تعز اليمنية بمنعطف خطير جدا يبدو أنه سينتهي بكارثة وبائية غير مسبوقة خاصة في ظل التدهور المستمر الذي يعصف بالمستشفيات الحكومية والخاصة . أمراض عديدة تحاصر المحافظة كان أخرها ظهور حمى الضنك الذي يسعى إلى زهق الأرواح فيما مسؤلون حكوميون ينفون انتشار الوباء الذي قد أكدت عليه التقارير الطبية ووصول عدد الحالات المصابة إلى قرابة الألف حسب إحصائيات رسمية. الثلاثاء الفائت كانت فاطمة عمرو هي امرأة مهمشة ضمن عداد الموتى الذين قضت عليهم حمى الضنك في هذه المحافظة البائسة . أحمد القيرعي قال ل " التغيير " إن فاطمة أصيبت بالحمى ونقلت على إثرها إلى مستشفى طيبة وهناك أجريت لها الفحوصات وخضعت للعلاج الذي لم يمكنها من الاستمرار والبقاء في الحياة لمساء اليوم التي نقلت فيها إلى المستشفى . و أضاف : " فاطمة توفت بحمى الضنك حسب المعلومات التي أكدها الأطباء لأسرة فاطمة التي تقطن في مدينة النور السكنية ولها 9اطفال حسب القيرعي " . وفي الوقت نفسه يشهد الوسط الحكومي هجوم عنيف يقوده بعض المسؤولين والنواب ضد وزير الصحة العامة والسكان عبد الكريم يحيى راصع والناطق الرسمي حسن اللوزي الذين قالوا في تصريحاتهم إن حمى الضنك منعدمة وليس لها وجود. الأربعاء الفائت كان بإمكان حسن أللوزي القول بان الحديث عن حمى الضنك في تعز مزايدات سياسية ،وكان بإمكان الصوفي أن يرد عليه في مؤتمر صحفي لاحق طالبه بالتراجع عن كلامه مالم فانه سيتهمه بالظنك في رأسه ،مشيرا إلى انه كان على اللوزي أن يوضح ما هي المزايدات. محافظ تعز حمود خالد الصوفي اعتبرت تصريحات وزير الإعلام حسن اللوزي بعدم وجود حمى الضنك في تعز بمثابة "صدمة" وخيانة للوطن ، وفي حين قال الصوفي بان عدم الاعتراف عن وجود حمى الضنك في تعز "خيانة للوطن"أشار إلى أن التقارير الرسمية تقول إنه توفي شخص واحد حتى الآن، لكن ذلك لا يمنع أن هناك وفيات أخرى قد تكون غير مسجلة رسمياً". ودعا الصوفي الجميع إلى إيجاد شراكة حقيقة في مكافحة وباء حمى الضنك، وقال "إن مشكلة حمى الضنك مرتبطة ارتباط مباشر بتلوث المياه وانعدامها". مشيراً إلى "التحلية من شأنها حل مشكلة المياه بتعز". ويأتي هجوم الصوفي ضد اللوزي إثر تصريحات أطلقها الأخير الثلاثاء أثناء المؤتمر الصحفي الأسبوعي بصنعاء، بشأن حمى الضنك الذي يجتاح محافظة تعز. واعتبر اللوزي " الأحاديث عن حمى الضنك في تعز مزايدة سياسية" مؤكداً "إن حالاتها محدودة وتماثلت للشفاء". موقع " التغيير" زار العديد من مستشفيات تعز ووجد بان حمى الضنك متواجدة فعلا وبان حالات الإصابة بها متزايد ومرشح للتطور. في مستشفى طيبة قال الدكتور عادل الحدي في تصريح ل " التغيير " إنهم استقبلوا حالات عديدة مصابة بالمرض وقد تراوحت مابين 20_30حالة خلال الشهر الماضي . مدير مستشفى الثورة عبد الملك السنباني أكد ل " التغيير " وجود حالات مصابة بحمى الضنك ، قائلا " إنها متزايدة وأنها تخضع للعلاج ،إضافة إلى مستشفى الروضة الذي لم ينكر مسؤولون و أطباء عن تواجد الحالات لكنهم حاولوا عدم الكشف عن عدد الحالات تهربا من ملاحقة مكتب الصحة له بشأن تصريحاته عن عدد الحالات لوسائل الإعلام. وفي اتصال هاتفي قال الدكتور عبدا لله مرشد مدير الرصد الوبائي في تعز ل " التغيير " إن عدد الحالات المصابة بمرض حمى الضنك حتى الآن تجاوزت ال 954حالة. وفي جلسة برلمانية ساخنة عقدها مجلس النواب الأربعاء تبادل برلمانيون الاتهامات مع وزير الصحة العامة والسكان حول مشكلة حمى الضنك وانتشارها . وخلال الجلسة، نفى وزير الصحة والسكان د.عبد الكريم راصع وجود وفيات بسبب حمى الضنك، فحاججه النائب علي اللهبي بقوله "أن نسبة المصابين بحمى الضنك وصلت إلى 82% من سكان تعز" وضرب مثالاً ب"الدكتور زاهر ومدير مستشفى الإسراء بالحديدة اللذان توفيا بالمرض". رد وزير الصحة بقوله "نحن كما عودناكم ليس لدينا استعداد لإخفاء أي حقيقة ولا أي أرقام" وقال إن "زاهر توفى بجلطة، وأن مرض حمى الضنك لا يتحدد إلا بتحليل مخبري". وزير الصحة اتهم في الجلسة صحافة المعارضة بتهويل المرض، والنواب بالتأثر بهذه الصحافة،وقال:"أن المشكلة هي في المياه، وإذا أردنا القضاء على حمى الضنك فعلينا أن نعالج مشكلة المياه أولاً، وإلا سيبقى المرض قائم". من جهته هاجم رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم سلطان البركاني كلا من وزيري الصحة والإعلام قائلا :"كان الأولى بوزير الإعلام أن يتحدث عن المرض بدلاً من الرد على صحف المعارضة" في إشارة منه إلى أن وزير الصحة ردد ذات الاتهامات التي أطلقها وزير الإعلام في مؤتمره الصحفي . واتهم البركاني وزير الصحة بالتقصير، وقال مخاطباً راصع "وزارة الصحة عاجزة حتى عن توفير جهاز قيمته 500 ألف دولار". وأضاف "عيب عليكم تتحدثون على هذا الموضوع بهذا الشكل بينما أرواح الناس تزهق" كما عاتب وزارة الصحة بشدة، وقال "إذا كانت عاجزة (الصحة) عن توفير الأجهزة الطبية فلماذا لم تطرح الموضوع بالمناقصات ".