"ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    " تصريحات الزبيدي خاطئة ومضرة وتخدم الحوثي!"..صحفي يحذر من تمسك الزبيدي بفك الارتباط    لماذا رفض محافظ حضرموت تزويد عدن بالنفط الخام وماذا اشترط على رئيس الوزراء؟!    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    جريمة مروعة تهز شبام: مسلحون قبليون يردون بائع قات قتيلاً!    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    "جروح اليمن لا تُداوى إلا بالقوة"...سياسي يمني يدعو لاستخدام القوة لتحقيق السلام المنشود    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    رصاصاتٌ تُهدد حياة ضابط شرطة في تعز.. نداءٌ لإنقاذ المدينة من براثن الفوضى    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    أين تذهب أموال إيجارات جامعة عدن التي تدفعها إلى الحزب الاشتراكي اليمني    السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    الوكيل الحسني يطلع على سير اعمال مشروع إعادة تاهيل الشارع العام مدخل مدينة الضالع    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    خصوم المشروع الجنوبي !!!    الحبيب الجفري ناعيا الشيخ بن فريد.. أكثر شيوخ القبائل والساسة نزاهة في بلادنا    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    صحيفة بريطانية: نقاط الحوثي والقاعدة العسكرية تتقابل على طريق شبوة البيضاء    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاقم الأزمة في اليمن يزيد احتمالات الحرب الأهلية
نشر في التغيير يوم 31 - 07 - 2011

التغيير - صنعاء - عادل الصلوي ووهيب النصاري :
تتجه الأوضاع في اليمن بوتيرة متسارعة صوب منحدر كارثي من جراء التفاقم المطرد لتداعيات الأزمة القائمة في البلاد منذ أكثر من ستة أشهر وتعثر كل مساعي الوساطة والتدخلات المحلية والإقليمية والدولية الهادفة إلى إحداث التهدئة والدفع بالعملية السياسية إلى مشارف الانفتاح المفتقد نتيجة اصطدامها بمواقف الأطراف المتشددة والمتشبثة بخيارات تسوية مشروطة ومتقاطعة .
انسداد أفق التسوية السلمية للأزمة السياسية القائمة والمستعصية في اليمن يضع البلاد أمام بدائل مغايرة وأكثر كلفة من قبيل إقصاء خيار التسوية السياسية واحتكام الأطراف الرئيسية في مشهد الأزمة القائم لخيار السلاح والعنف وتحقيق الحسم عبر الاحتراب الأهلي، وهو ما سيكون كفيلاً في حال تحققه بتبديد مساحة الفرصة الأخيرة لتدارك خارطة الأوضاع المتفاقمة في البلاد والدفع بالمشهد اليمني
صوب منحدر الانهيار الشامل . ويتخوف مراقبون أن تتطور الأزمة ويصعب الحسم الثوري السلمي لتدخل قوات الجيش والأمن المؤيدة للثورة في مواجهات وحرب عسكرية مع بقايا النظام، وبالتالي يدخل اليمن حرباً أهلية تجره إلى صومال ثانية، كما حذر ممثل الأمم المتحدة جمال بن عمر قبل مغادرة العاصمة صنعاء ملمحاً بطريقة دبلوماسية إلى صعوبة الوصول إلى حل يرضي الأطراف كافة، مكتفياً بالقول إن الحل لما تمر به البلاد في أيدي اليمنيين أنفسهم .
ويجمع شباب الثورة وقيادات تكتل المعارضة على استمرار ثورتهم السلمية في ظل الحصار المفروض عليهم من بقايا نظام الرئيس صالح، مؤكدين ل”الخليج” أنهم لن يغادروا الساحات والميادين قبل سقوط النظام ورحيل رموزه وبناء دولة مدنية حديثة يحكمها القانون والدستور .
يبدي حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ممثلاً في قياداته التنظيمية الفاعلة قدراً كبيراً من التفهم والإدراك لطبيعة مخاطر الانهيار الوشيك الذي بات يحدق بمقدرات اليمن، لكن أحداً من هؤلاء لا يظهر قدراً مماثلاً من التردد في إعادة إنتاج ذات الخطاب السياسي المأزوم الذي ما انفك يحمل الطرف الآخر ممثلاً في أحزاب المعارضة الرئيسة والمعتصمين في الساحات العامة والقوى الأخرى الموالية للثورة الشبابية مسؤولية كل ما يعتمل في البلاد من أزمات متلاحقة ومتفاقمة والنتائج الكارثية التي قد تترتب عن انهيار محتمل للأوضاع في البلاد .
واختزلت قيادات رفيعة في حزب المؤتمر الحاكم رؤية الإنقاذ المتاحة التي يتبناها الحزب في مواقفه المعلنة لإنهاء مظاهر وتداعيات الانهيار المتسارع لمقومات الدولة المركزية في خيارات محددة، من أبرزها عقد مؤتمر للحوار الوطني واعتماد الحلول المقدمة في وثيقة المبادرة الخليجية والاحتكام لصناديق الاقتراع لحسم الصراع على السلطة .
واعتبر الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الشعبي الحاكم طارق الشامي لجوء الأطراف كافة إلى الجلوس على طاولة حوار وطني تناقش فيه كل القضايا محل الخلاف بشفافية ووضوح للخروج برؤية حلول توافقية تسهم في بلورة خارطة طريق لإنقاذ اليمن، واستعادة الاستقرار والهدوء يمثل أرضية لتسوية وإنهاء الأزمة السياسية القائمة .
وأشار الشامي في تصريح ل “الخليج” إلى أن حزب المؤتمر الشعبي “سيظل يدعم وبقوة إجراء حوار شامل تشارك فيه كل القوى السياسية والوطنية في الداخل والخارج ممثلة بأحزاب المعارضة وممثلين عن المعتصمين بالساحات والقوى الأخرى كالحوثيين والحراك الجنوبي والقوى السياسية المعارضة الموجودة في الخارج” .
من جهته اعتبر الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الدكتور أحمد عبيد بن دغر أن المبادرة الخليجية لاتزال توفر أرضية مناسبة لتسوية الأزمة السياسية القائمة في البلاد وأنه يجب على أطراف الأزمة كافة إظهار جديتها في التعامل مع الأزمة بعناصرها المختلفة الأمنية والسياسية .
وأكد الدكتور بن دغر التزام الحزب الحاكم “نصاً وروحاً واستعداده للمشاركة في حوار مباشر وغير مشروط لا يستثني أي طرف من القوى الحاضرة سياسياً وأمنياً على الواقع مهما كانت درجة الخلاف ، وعلى وجه التحديد أحزاب المشترك وشركاؤه” .
وقال إنه “لا حل للأزمة إلا بجلوس جميع أطرافها على طاولة الحوار وطرح كلّ خلافاتهم عليها ومناقشتها بهدف إيجاد الحلول التي تنهي حالة الانسداد السياسي والخروج من بوتقة الأزمة، والحوار هو خيار حزب المؤتمر الذي ينطلق من قناعته بأن الخيار البديل للحوار هو العنف والإرهاب والدمار والخراب والفوضى والفرقة والتمزق” .
ويرى القيادي في حزب المؤتمر ياسر اليماني أن اعتماد خيار الاحتكام لصناديق الاقتراع الانتخابية يعد الوسيلة الوحيدة للتداول السلمي للسلطة وأن القفز فوق هذا الخيار يعد تجاوزاً لاستحقاقات الدستور المعتمد التي حددت بوضوح كيفية وآليات التداول السلمي للحكم .
وأشار اليماني إلى أن حزب المؤتمر الشعبي الحاكم قدم العديد من التنازلات لأحزاب المعارضة وللمعتصمين في الساحات حرصاً منه على إنهاء تداعيات الأزمة القائمة والعاصفة وعدم الانزلاق بالبلاد إلى مشارف الانهيار، رغم أنه لم يكن مضطراً لتقديم مثل هذه التنازلات كونه وصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع وحاز ثقة الشعب بموجب نتائج التصويت في الانتخابات الرئاسية والنيابية الأخيرة، مبدياً اعتقاده بأن تدارك الأوضاع المتردية لا يزال متاحاً في حال بادرت أحزاب المعارضة إلى الدخول في عملية حوار سياسي جاد ومسؤول .
الناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية عبده الجندي أعاد طرح خيار “المحاصصة” واقتسام الحقائب الوزارية والمناصب الرفيعة في الدولة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة الرئيسة باعتباره يمثل رؤية إنقاذ موضوعية يمكن تحقيقها من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تضطلع بمهام إزالة مظاهر الأزمة المتراكمة .
وانتقد الجندي تشبث أحزاب المعارضة والمعتصمين في الساحات العامة بخيارات إسقاط النظام ورحيل الرئيس صالح، معتبراً أن التمسك بهذه المطالب لن تقابل إلا بالمزيد من صمود النظام واستمرار حالة المراوحة في الأوضاع القائمة وهو ما سيترتب عنه تداعيات إضافية لتفاقم الأزمة السياسية والإنسانية المتصاعدة .
واعتبر الناطق الرسمي باسم الحكومة أن إنقاذ اليمن من النتائج الكارثية المتوقعة لاستمرار خارطة التداعيات المتصاعدة الناجمة عن إفرازات الأزمة السياسية القائمة يتطلب اتجاه الحزب الحاكم والمعارضة إلى التهدئة وإنهاء ظاهرة الاعتصامات في الساحات العامة والانخراط في حوار وطني جاد وشامل .
تحركات في الكواليس
تقاطعت المواقف والتوجهات المعلنة من قبل أطراف الأزمة السياسية القائمة حيال تحديد ملامح خارطة طريق واضحة المعالم لإخراج البلاد من نفق الأزمة السياسية الراهن والمظلم نتيجة تشبث كل طرف بخياراته المحددة لإحداث التسوية المنشودة لم يحل دون بروز بارقة أمل في حدوث انفراج طارئ لتعقيدات الأزمة المستحكمة .
وأكدت مصادر مطلعة في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب المعارضة الرئيسية في تصريحات منفصلة ل “الخليج” أن أربعة لقاءات غير معلنة جمعت مؤخراً نائب الرئيس عبدربه منصور هادي مع كل من رئيس مجلس التنسيق الأعلى لتكتل أحزاب اللقاء المشترك الدكتور ياسين سعيد نعمان والأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح عبدالوهاب الآنسي بحضور مستشار الأمين العام للأمم المتحدة جمال ابن عمر كرست لتسوية بعض القضايا محل الخلاف .
وأشارت المصادر إلى أنه تم التوافق بشكل مبدئي بين الجانبين على اعتماد تسوية مقترحة من قبل الأمم المتحدة على مرحلتين يمتد سقف الأولى حتى نهاية العام الجاري، ويتم خلالها نقل صلاحيات الرئيس صالح لنائبه بموجب “تفويض رئاسي”، فيما يضطلع الأخير بمهام الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وإجرائها قبل نهاية العام، بالترافق مع تشكيل لجان ميدانية من الأطراف كافة تضطلع بمهام إعداد آلية الحوار الذي اقترح انعقاده في إحدى دولتين إما المغرب، وهو المقترح الأممي أو السعودية، لمناقشة القضايا العالقة كافة وأولها القضية الجنوبية وقضية صعدة ؛ فيما تكرس المرحلة الثانية التي تمتد لعامين في الإعداد للانتخابات الرئاسية البرلمانية والرئاسية وإجراء الإصلاحات الدستورية .
موقف ثابت للمعارضة
من جانبها تحمل المعارضة، ممثلة بتكتل اللقاء المشترك، نظام الرئيس صالح مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من تدهور وانهيار في كل المجالات الاقتصادية والعسكرية والحروب في عدة مناطق، وقال القيادي في تكتل اللقاء المشترك عبدالله إسماعيل ل “الخليج” إن بقايا رموز النظام لا تريد تنفيذ المبادرة الخليجية بتنحي الرئيس صالح وتسليم السلطة لنائبه عبدربه منصور هادي، وبالتالي فإن تكتل المعارضة لا يمكنه أن يتنازل عن توجهه للتصعيد مع الثوار في ساحات التغيير والحرية، مشيراً إلى أن اليمن يمر بمأزق حقيقي وأن الخروج منه بنجاح الثورة الشعبية السلمية أو بتنفيذ المبادرة الخليجية .
وتوقع رئيس تحرير أسبوعية “الوحدوي”، الناطقة باسم التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري المعارض أنه في حال استمر صالح برفض التنحي وتسليم السلطة لنائبه، فإن الأمور ستأخذ منحى مختلفاً، قد يؤدي إلى تفجر الوضع ثم الحسم عسكرياً، حيث ستضطر الوحدات العسكرية المنضمة للثوار إلى الحسم العسكري، وهو آخر الحلول لديها، إلا أن المعارضة حريصة على سلمية الثورة، إضافة إلى أن شباب الثورة مصرون على إسقاط النظام بطريقة سلمية .
ويؤكد إسماعيل أن اليمن يعيش مأزقاً حقيقياً نتيجة رفض صالح التنحي واستمرار بقايا رموز النظام بتضييق الخناق على الشعب اليمني من خلال حرمانه من الخدمات الأساسية كافة، ويضيف قائلاً: “الخيار السياسي السلمي هو الخيار الأساس للقوى السياسية، لكن الثوار في ساحات وميادين التغيير والحرية لن يقبلوا بهذا إذا استمر طويلاً”، مشيراً إلى أن “وصول الوضع إلى طريق مسدود سيفجر الوضع عسكرياً وسيتم الاستيلاء على السلطة عن طريق الجيش الموالي للثورة الشبابية الشعبية” .
وأضاف قائلاً إن المعارضة، ممثلة بتكتل اللقاء المشترك، التحمت مع الثوار في ساحات وميادين الاعتصام وستواصل التصعيد الثوري الذي بدأ مطلع الأسبوع الماضي لإنجاح أهداف الثورة، منبهاً إلى أن فترة المخاض الثوري طالت، وهذا يقود البلاد إلى انهيار تدريجي .
وجدد التأكيد أن “الحل يكمن في تنحي صالح وبقايا رموز نظامه الذين يفرضون العقاب الجماعي على أبناء الشعب بحرمانهم من كل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والمشتقات النفطية بحجة تمسكهم بالشرعية الدستورية، معتبراً أن بقايا النظام يريدون إفراغ ساحات وميادين الاعتصام من المحتجين، لكننا نقول لهم إن الثوار لن يتركوا ساحاتهم حتى يتم تنحي صالح وبقايا رموزه”، وأكد أن تنحي صالح ونقل السلطة لنائبه سيجعلان العمل الثوري يتراجع إلى حد ما، لكنه في حال عاد إلى اليمن مشرفاً على السلطة ستعتبره المعارضة والثوار إهانة، وهي خطة ستزيد من التصعيد الثوري، وقال: “إذا كان صالح يمتلك شعوراً وطنياً فعليه أن يتنحى عن السلطة”، كما يشير إلى أن تكتل المعارضة لا يثق بالرئيس صالح نهائياً، ولن يقبل بحوار “الطرشان” لبقائه رئيساً، وفي حال عودته قد يشهد اليمن حرباً أهلية لأنه سيعود للانتقام ليس إلا .
وأكد إسماعيل أن المجتمع الدولي يقف مع الطرف القوي الذي سيحكم اليمن، فصالح أشعره بطول فترة الثورة أنه قادر على الصمود، لكن الثوار سيجعلون المجتمع الدولي يضغط على الرئيس صالح لتقديم تنازلات جدية من خلال تنحيه، مع أن اليمن لا يشكل لهم أهمية دولية بقدر قربه من آبار النفط .
القيادي في تكتل المعارضة عدنان العديني يقول إن التحذيرات الخارجية من خطورة الوضع اليمني تظل مهمة للمهتمين بالشأن اليمني في الداخل والخارج، والتي غالباً ما تأتي في سياق الضغط على أطراف النزاع اليمني للقبول بمسار سياسي محدد من قبل المنظمات الدولية، خاصة تلك التحذيرات الصادرة عن شخصيات ذات وزن سياسي دولي كبير لتكون إحدى وسائل دفع أطراف العمل السياسي لإيجاد طريق للحل .
وحول إمكانية نجاح المبادرات الخارجية قال القيادي في حزب الإصلاح الإسلامي المعارض إن نجاحها يبقى مرهوناً بقدرتها على الاقتراب من مطالب غالبية الشعب اليمني، خاصة أن الوضع في اليمن قد تجاوز الاحتجاجات الصغيرة والمتقطعة إلى خروج شعبي ثوري حدد لنفسه مساراً واضحاً لتنفيذ مطالبه أولها إسقاط النظام . وأضاف أن الأطراف الدولية مازالت تمارس أدواراً الأولوية فيها ليس للإرادة الشعبية وإنما للأسرة المسيطرة على السلاح، الأمر الذي سيجعل مصداقية المؤسسات الدولية على المحك، ويجعلها في المستقبل أقل قدرة على أداء دور حاسم في الأزمة لأن رصيدها لدى الشعب اليمني يتناقص تدريجياً . واعتبر العديني أن المبادرات لا تنسجم مع الموروث الحضاري الذي تستند إليه الشعوب المتحضرة ويؤكد أن العلاقات الدولية تأتي تلبية لمطالب الشعوب لا مسايرة شهوات العصابات الحاكمة .
رؤى الشباب
يؤكد الشاب محمد سعيد الشرعبي أن اليمن ينهار منذ سنوات، فالنظام المتهاوي، برأيه، لم يبق شيئاً جميلاً في حياة اليمنيين إلا واقتلعه من جذوره، وقال الشرعبي، وهو من شباب التغيير، إنه لو أمعن بقايا النظام في جر البلد إلى مزيد من الانهيارات فإنه لن يجني أحد سواهم ويل الشعب الثائر على استبدادهم وبطشهم، ويتحمل مسؤولية أي انهيار جديد من يجاري صالح وأبناءه في إيصال البلد إلى هذا المنزلق الذي يتحمل المجتمع الدولي جزءاً كبيراً منه .
ويرى أن المخرج الوحيد لتجنيب اليمن الانهيار الكبير يتمثل في صمود شباب الثورة ومكوناتها السياسية والاجتماعية في وجه التحديات المحدقة بثورتهم الطموحة بالتغيير الجذري بعيداً عن أنصاف الحلول التي لن تأتي بجديد أو بحل متكامل، بقدر ما هي تأجيل لانفجار الوضع ب “القنبلة الموقوتة” التي هدد بها صالح نفسه بانفجارها في حال رحيله، مؤكداً أن ما يحدث في اليمن ليس صراعاً سياسياً بل ثورة شبابية شعبية عظيمة واجهت التحديات لأكثر من نصف عام، وأن الثوار مستمرون في الوصول إلى صنع وطن يتسع للجميع دون استثناء .
وقال: “لا توجد أطراف متصارعة، فالصراع منحصر بين شعب ثائر يطالب بإسقاط النظام ونظام استبدادي يتشبث بالسلطة حتى آخر رمق، حتى وإن تمكن صالح ونظامه من تسويقها أزمةً بفضل المبادرة الخليجية، فالشعب اليمني رغم حالته الإنسانية المأساوية، سيدهش العالم بتحقيق النصر قريباً إن شاء الله، وسيدرك حينها جميع اللاعبين في الداخل والخارج أن إرادة الشعوب لا تقهر” .
ويتفق فيصل الذبحاني، أحد شباب الثورة من ساحة الحرية بمدينة تعز، مع ما قاله المبعوث الدولي أن الحلول في اليمن وصلت إلى طريق مسدود، ويقول إن هناك عدة أسباب منها أن الحل السياسي غير مقبول لدى الثوار في ظل عدم وجود الدعم الدولي لهذه الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي تواجه الكثير من الحلول الثلاثة لإجهاضها، الأول تنحيه بإرادته وهو مستحيل، والثاني تشكيل مجلس عسكري يقوم بحسم الثورة عسكرياً، وقد يدخل البلد حرباً أهلية، ويتمثل الثالث بالحل السياسي المطروح والمرفوض من ساحات وميادين الاعتصام، خاصة أن صالح هو من يقف ضد الحلول، وآخرها المبادرة الخليجية التي رفض التوقيع عليها .
أما في حال عاد صالح إلى اليمن فإن الذبحاني يرى أنه قد ينتصر على خصومه السياسيين فقط وليس على الثوار الذين لم يخافوا وهو بكامل صحته وقوته، بل سيزيد من تصعيدهم وتقديم التضحيات أكثر بالطرق السلمية لإسقاطه مع بقايا نظامه، معتبراً أن مماطلة تكتل المشترك المعارض في الحلول السياسية أتاح الفرصة لهذا النظام في تحويل الثورة إلى أزمة سياسية، لكنه أكد أن الثورة قائمة ومستمرة مهما واجهت من معوقات، وطالب تكتل المعارضة بتحديد موقفه إن كان مع المبادرة الخليجية أم مع الحسم الثوري، لأن شباب الثورة ومن أسماهم “الصادقين” سيقومون في المرحلة المقبلة بتصعيد العمل الثوري مهما استخدمت بقايا النظام من وسائل عنف وفرض العقاب الجماعي على الثوار الذي قال إنه لن يوقفهم عن تحقيق أهداف ثورتهم السلمية .
“عسكرة” الثورة السلمية
تختلف رؤية الناشط الحقوقي الشاب وضاح الجليل من ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء، للوضع الذي يمر به اليمن، وقال إنه في الوقت الذي كانت الثورة قد بلغت ذروتها وأقصى قوتها، وقعت في مأزق خطير بقبولها انضمام أجزاء وأطراف في النظام المطلوب إسقاطه إليها، وهو حسب قوله، ما أفقدها الكثير من المكاسب التي حققتها خلال الفترة السابقة، حيث إن انضمام الجنرال علي محسن الأحمر بقواته العسكرية إلى الثورة أسقط عنها صفة “السلمية” وتحول الأمر في نظر أفراد تلك القوات إلى انشقاق عسكري، وبالتالي دفعهم إلى التخندق والتمترس خلف قادتهم العسكريين الموالين لرأس النظام .
وأضاف: “على الجانب الآخر ذهب الجنرال علي محسن إلى الاستعداد للحرب وإعداد العدة، فهو على ما يبدو يخسر كثيراً إذا استمرت الثورة السلمية وانتصرت، لكنه يحاول التحايل على هذه السلمية، وإيجاد المبررات لتفجير الوضع عسكرياً في ثقة كبيرة منه بأنه قادر على حسم المعارك خلال أيام، وإسقاط النظام بتلك الطريقة بمبرر أن الثورة السلمية لم تستطع إسقاطه” .
وفي حال دخل اليمن أتون الحرب الأهلية فإنه، برأيه، لن يعود بالإمكان الحديث عن دولة، فالدولة الآن “تنهار وتخسر إمكاناتها ومقدراتها، ويشن عدد من الجماعات والقبائل حرباً عليها بزعم موالاة الثورة، مع أن ما يحدث هو عدوان على الدولة التي يفترض أن تحميها الثورة، لأن المطلوب إسقاط النظام وليس الدولة، وهذا لا يأتي إلا من خلال استمرار الثورة سلمية إلى النهاية” .
وزاد قائلاً: “يبدو أن خيار الحرب هو الخيار الأمثل لطرفي النظام والمعارضة، والضحية هو الشعب والبلد، فلكلا الطرفين حساباته الخاصة، ومخاوفه المتعلقة بإمكانية الحسم، ولذا يلجأ كلاهما إلى استنزاف الآخر من خلال عدد من المواجهات المتفرقة، ما يعني إطالة أمد الوضع القائم، وذلك يؤدي إلى استنزاف مقدرات البلد وشعبه، والإضرار بمصالح المواطنين، وفي كل الأحوال تستمر الأوضاع في التدهور، ووصول البلد إلى الانهيار التام” . ويؤكد أن المطلوب هو استمرار الثورة الشعبية سلمياً ورفض عسكرتها، وتحلي جميع أطرافها ومكوناتها بروح المسؤولية، والضغط على الطرف العسكري الذي يدعي موالاته لها بالتنازل عن خيار الحرب، وترك شأن قيادة الثورة للشباب الذين كانوا زخمها وعنفوانها منذ البداية، وفي الوقت نفسه توجيه رسائل للأطراف الإقليمية والمجتمع الدولي بالضغط على النظام لتسليم السلطة والتسليم بخيارات الشعب السلمية .
ومن جهته يرى الشاب أحمد عبدالرحمن من شباب ساحة التغيير، أن المبعوث الدولي جمال ابن عمر، كان محقاً بوصفه ما يحدث على أرض الواقع من أنه أقرب للأزمة السياسية بين أطراف النظام الواحد، فيما شباب الثورة أشبه بالمعتقلين في الميادين والساحات، وقال: “لقد عملت كل القوى على تصوير الثورة كما لو أنها صراع أطراف بأدوات شعبية، وهو ما استنتجه بن عمر من زيارتيه لليمن فالحياة شبه معطلة، والشعب يعيش أزمات متتالية مرتبطة بالحياة اليومية التي، إن تفاقمت، ستعمل على تحويل الناس إلى وحوش يأكلون بعضهم، إلى جانب ما يعيشه الاقتصاد من تدهور مخيف ينبئ بانهيار وشيك ستكون مآلاته خطيرة وكارثية” . ويؤكد أن “خيار الأطراف السياسية التي تبحث عن مبادرة عليها أن تدخل في حوار سياسي يلبي مطالب الشعب بفئاته كافة، وإلا فعليها أن ترفع يدها عن الشعب وتجعله يحدد خياراته بنفسه، وقال إن الوضع في اليمن غير قابل لأكثر مما وصل إليه حيث هناك نتيجة واحدة هي الانفجار، والتحول مباشرة إلى صومال آخر، كون النموذج الصومالي هو الأقرب للتطبيق، والنظام يعمل على أن يوصلنا إلى هذه النقطة التي لا رجعة عنها إن وصلنا إليها” .
أفق مسدود
يؤكد نقيب الصحفيين اليمنيين السابق عبدالباري طاهر أن اليمن وصل إلى أفق مسدود وأن هناك كارثة حقيقة تتهدد البلاد، وقال إن “النظام يتخذ سياسات ونهج العقوبات الجماعية المصاحبة لما تشهده البلاد من حروب في أكثر من منطقة ( أبين وأرحب ونهم وتعز والجوف وغيرها من المناطق )، وهذه الحروب قد بشر بها الرئيس صالح وهدد وتوعد بها شعبه بأنه سيقود البلاد إلى حرب أهلية، آخرها تهديدات وزير الخارجية القربي الذي قال إنه في حال أرغم صالح على التنازل عن السلطة فستكون هناك حرب أهلية، بمعنى آخر أن على الشعب قبولهم بفسادهم واستبدادهم وفقدان شرعيتهم، وإلا فسيعلنون الحرب على اليمن” .
وأضاف طاهر: “ليس من بديل لهذا النظام القائم على أساس الحروب وخلق الفتن إلا بإسقاطه وذلك بتوحد إرادة الشعب في الساحات والمعارضة ولجنة الحوار الوطني والحراك الجنوبي على هدف واحد هو إسقاط هذا النظام وأن يضعوا مسؤولية أخلاقية وأدبية ومعنوية لإسقاطه بصورة سلمية، ومثل ما بدأت الثورة بذلك التدفق العظيم لابد من أن تستعيد الثورة وهجها الأول ويخرج الملايين من الشعب إلى الميادين والمساجد والشوارع لإسقاط النظام قولاً وفعلاً وفي كل المدن اليمنية وبالأخص في محافظة تعز والعاصمة صنعاء لأنهما الساحتان الأهم والأكثر تأثيراً” .
وتوقع طاهر عدم قدرة هذا النظام على الاستمرار للتوجه الشعبي العام لإسقاطه والذي سقط أخلاقياً وسياسياً، فلم تعد هناك حكومة ومجلس نواب ولا شورى، وما بقي هو عصابة مسلحة لبقايا النظام ومن السهولة إسقاطها وبصورة سلمية، وقال: “المطلوب من أطراف الصراع أن تتوحد على برنامج واحد وهو التصعيد الثوري لإسقاط النظام بعيداً عن الأوهام في أن الحل والمخرج سيأتيان من الخارج” .
من جانبه يعتقد رئيس مركز “أبعاد” للدراسات الإستراتيجية عبدالسلام محمد أنه بعد إخفاق المخرج السياسي المتمثل بالمبادرة الخليجية فإن الصراع تبلور وأصبح بين مكونين أساسيين قويين هما أسرة الرئيس صالح بمقومات ومقدرات السلطة والرافضة لأي عملية تغيير وبقية مكونات الشعب اليمني التي تريد التغيير، وقال إنه في إطار المكون الأخير ثمة اختلافات على آلية ووسائل التغيير وهو ما جعل الطرف الأول أكثر تأثيراً في مجريات الحياة من خلال إجراءات اتسمت بالرسمية وصعبت من ظروف وحياة الشعب .
ويرى أن “الوضع في اليمن لم يصل إلى طريق مسدود، بل أنه بالإمكان مراجعة الأداء والتنسيق بين ثلاثة أطراف كلها تنتمي للمكون الذي يريد التغيير وهم طرف الشباب الثائر في الساحات وطرف الأحزاب السياسية المعارضة وطرف الشخصيات والقيادات السياسية والعسكرية القوية في الدولة والمنتمي بعضهم إلى الحزب الحاكم”، مشيراً إلى أن هذه الأطراف تستطيع الاتفاق على آلية جديدة وجدية من شأنها إيقاف التدهور الحاصل في البلاد كتشكيل مجلس وطني لإدارة اليمن في الفترة الانتقالية يعقب ذلك انتخابات ديمقراطية .
وقال إنه لم تعد الكفة متوازنة لنتحدث عن طرفين متساويين في الصراع على أرض الواقع حيث أصبحت الغالبية تؤمن بالتغيير بما في ذلك الحزب الحاكم الذي وقع على آلية الانتقال السلمي للسلطة وفق المبادرة الخليجية، وبقي أمامنا طرف واحد فقط رافض للتغيير والمتمثل بأسرة الرئيس صالح التي تتحكم في الأوضاع من خلال نجل الرئيس الذي يقود الحرس الجمهوري وأنجال شقيق صالح الثلاثة على رأس الأمن المركزي والأمن القومي والقوات الخاصة . وأكد أن التغيير سيتحقق حتماً، مشيراً إلى أن “أقرب طريق للجميع هو الانتقال السلمي للسلطة من الرئيس صالح إلى نائبه وأي تغيير هو بمنزلة رحلة عذاب للشعب اليمني وإضعاف وإنهاك للدولة وأجهزتها المدنية والعسكرية وسيطرة للفوضى على البلاد”، ولم يستبعد رئيس مركز “أبعاد” عندها أن تدخل اليمن في خضم حرب أهلية مؤلمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.