حلم احتراف اللاعبين اليمنيين خارج البلد حكاية بدأت بنماذج مبشّرة في منتصف التسعينات, لكنها سرعان ما تحولت في السنوات الأخيرة إلى قصص أشبه بزواج عرفي تنتهي قبل أن تبدأ، وغالبها ظلت مجرد أخبار في الصحف وعناوين مثيرة لا أكثر. المدرب العراقي هاتف شمران الذي درّب فريق التلال من عدن مطلع التسعينات، ثم انتقل لتدريب فريق التضامن صور اللبناني, فتح النافذة الأولى بإصراره على استقدام نجم التلال ووصيف هدافي العرب 1992 الكابتن شرف محفوظ, ثم حارس الشعلة الشهير الراحل عارف عبد ربه، وقائد وحدة عدن السابق خالد عفارة، الذين خاضوا تجارب احترافية ناجحة في الدوري اللبناني خلال الفترة من 1996 إلى 2000م. وبنظر المراقبين الرياضيين، فإن التجربة المميزة إلى حد ما ارتبطت بهداف اليمن الأول خلال السنوات العشر الأخيرة علي النونو، الذي برز في صفوف فريق أهلي صنعاء، ثم شارك بنظام الإعارة مع فريق اتحاد إب في تصفيات الأندية العربية في القاهرة في 2001، ليخطف أنظار القائمين على النادي المصري البورسعيدي الذي خاض معه تجربة احترافية لموسم واحد، قبل أن يحظى لاحقاً باهتمام فريق المريخ السوداني الذي خاض معه موسمين احترافيين ناجحين، شد بعدهما الرحال إلى فريق تشرين السوري في تجربة جديدة لم تحظ بنجاح سابقتيها، ليعود النونو مجدداً إلى فريقه الأم أهلي صنعاء. أكرم الصلوي، الذي كان أحد نجوم منتخب الناشئين الذي لعب نهائيات كأس العالم في فنلندا 2003، كانت له تجربة احتراف فاشلة مع نادي الهلال السوداني، انتهت بمشاكل وقضايا تمت تسويتها لاحقاً بتدخل من رئيس الاتحاد اليمني لكرة القادم أحمد العيسي, أما الثنائي سالم سعيد وناصر غازي فلعبا في 2007 لفريق البسيتين البحريني في تجربة احترافية لم تدم أكثر من موسم واحد.. وفي المقابل خاض حارس المنتخب اليمني سالم عوض تجربة احترافية الموسم الماضي مع نادي المصنعة العماني، ليسهم في صعود الفريق إلى مصاف أندية النخبة العمانية، الأمر الذي دفع إدارة المصنعة لتجديد عقده لموسم آخر. تراجع كبير ومع أن بطولة "خليجي 20"، التي أقيمت في اليمن في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر 2010، شهدت بروز لاعبين خطفوا الأنظار، على رغم النتائج السيئة للمنتخب, إلا أن اللافت هو أن تلك البطولة فتحت أبواباً واسعة لأحلام احترافية لم تر النور، وظلت مجرد اتصالات غير جادة, ورغبات شفهية عبر عنها مسؤولو أندية خليجية وآسيوية. وفي هذا السياق، يقول الكاتب الرياضي علي الريمي ل"العربية سبورت": "أقرب وأحدث التجارب الفاشلة حصلت مع المهاجم المعروف علي النونو أواخر العام الماضي 2011، إذ تم الإعلان عن تعاقد النونو مع نادي بيراك الذي ينافس في دوري المحترفين الماليزي, لكن سرعان ما عاد اللاعب للانخراط في تمارين فريق أهلي صنعاء، ومن ثم ظهر معه في الأسبوعين اللذين خاضهما الفريق في بطولة الدوري. الهداف الواعد أيمن الهاجري لفت الأنظار خلال فترة معسكر المنتخب اليمني في إسطنبول، ثم في التصفيات التمهيدية لنهائيات كأس العالم 2014، حيث خاض المنتخب اليمني مواجهتين أمام المنتخب العراقي خسر إحداهما وتعادل في الأخرى, ومن ثم تحدثت الصحف عن عروض احترافية تلقاها اللاعب من أندية تركية ثم عراقية، وصولاً إلى مفاوضات جادة مع نادٍ إيراني, لكن في النهاية تبخرت كل تلك الوعود وعاد الهاجري لخوض بطولة الدوري مع ناديه شعب إب، حيث يتصدر الهدافين بأربعة أهداف من مباراتين. لاعب الوسط المهاجم علاء الصاصي أبهر الجميع في بطولة "خليجي 20"، وتحدث الإعلام عن عروض احترافية تلقاها من أندية سعودية، ثم كانت هناك تأكيدات عن توقيعه عقداً مع نادي الظفرة الإماراتي ليلعب له خلال هذا الموسم، إلا أن ذلك لم يتم وعاد الصاصي لينتقل من هلال الحديدة إلى ناديه السابق أهلي صنعاء. النجم أكرم الورافي، الذي تألّق أيضاً في بطولة "خليجي 20" كان توجّه بالفعل إلى العاصمة البحرينية المنامة، وانضم إلى فريق النجمة وخاض معه تمارين لمدة أسبوع, لكنه فاجأ الجميع بعودته إلى اليمن سريعاً، ومن ثم إعلانه التعاقد مع فريق الصقر بطل الموسم قبل الماضي، الذي هبط بقرار اتحاد الكرة إلى الدرجة الثانية. وتعليقاً على ذلك تحدث ل"العربية سبورت" المحلل الرياضي علي الحملي قائلاً: "تجربة المهاجم اليمني الراحل علي محسن المريسي في صفوف الزمالك المصري في ستينات القرن الماضي، الذي يعد أسطورة الكرة اليمنية, هي الاستثناء الرياضي اللافت ضمن ما اشتهرت به اليمن كروياً, على رغم ما تلاها من محاولات محدودة غير مكتملة لتصدير المواهب اليمنية إلى الملاعب الخليجية والعربية. ويضيف الحملي: "الوسط الكروي في اليمن لا يزال يفتقد نهائياً الوجود الرسمي لوكلاء أعمال للاعبين ومدربين محترفين من ذوي الجنسية اليمنية, في حين يوجد بعض من يوصفون بالوسطاء المنحصر عملهم غالباً في مهمة جلب لاعبين أفارقة للانضمام إلى الفرق المحلية، لكنهم لا يهتمون بالترويج لاحتراف اللاعب اليمني". ومن جانبه، يقول الصحافي الرياضي شكري الحذيفي: "إن قضية احتراف اللاعبين اليمنيين لم تنل الاهتمام الكافي من الإعلام ولا من اتحاد القدم، بحيث يرفع من مستوى المسابقة المحلية التي تخرج لاعبين يمتلكون إمكانات عالية، وقادرين على إقناع المتابعين بأنهم يستحقون الانضمام إلى كتيبة المحترفين في دوريات العرب، وعلى الأقل مع تلك الأندية المصنفة آسيوياً في المستوى الذي تصنف فيه أنديتنا". وتابع بالقول: "إن الخطر يكمن في عدم قدرة الدوري اليمني على إنجاب نجوم يقنعون الجماهير اليمنية باستحقاقهم تمثيل المنتخب اليمني، ناهيك عن الاحتراف في الدول الشقيقة.. وإذا أردنا قياس تطور الكرة في أي دولة ينبغي أن نتعرف على عدد لاعبيها المحترفين، لأن ذلك يشير بوضوح إلى أن الاحتراف يساوي التطور والتقدم، وهذا ما تفتقده الكرة اليمنية".