يقول المراقبون أن المتمردين الحوثيون الشيعة أصبحوا أكثر إصراراً وتمكنوا من توسعة المنطقة الواقعة تحت سيطرتهم، خاصة في محافظة حجة شمال غرب اليمن، وهو ما دفع وزارة الداخلية يوم 12 فبراير إلى تحذير الحوثيين ومطالبتهم بضرورة وقف عملياتهم. ولكن قائد الحوثيين، عبد الملك الحوثي، نفى قيام الحوثيين بتوسعة منطقة عملياتهم، مشيراً إلى أنهم يحاولون فقط الدفاع عن أنفسهم. حيث قال في 13 فبراير أن "أعضاء حزب الإصلاح (حزب المعارضة الإسلامي الرئيسي) نصبوا كميناً لرجالنا الأسبوع الماضي بينما كانوا في طريقهم إلى حضور الاحتفالات بعيد مولد النبي، وهو ما خلف أكثر من 10 قتلى". ويرى آخرون أن الحوثيين يتطلعون إلى تأمين مصالحهم على المدى الطويل. حيث أفاد أحمد الدغشي، مؤلف كتاب "ظاهرة الحوثيين، أن "الحوثيين يخططون للسيطرة على ميناء ميدي على البحر الأحمر (في محافظة حجة) حتى يتسنى لهم جلب الأسلحة والإمدادات الأخرى عن طريق البحر. وأكد في مقابلة مع قناة السعيدة الفضائية اليمنية المستقلة في 13 فبراير أن "حركة التمرد الحوثية ستمثل أكبر تحدي لحكومة المصالحة الوطنية أثناء الفترة الانتقالية بعد الانتخابات الرئاسية"، مضيفاً أن "التمرد الحوثي أكبر وأخطر من الحراك الجنوبي أو تنظيم القاعدة لأنه يتلقى الكثير من الدعم والتمويل من أطراف أجنبية". ومن المقرر أن يجري اليمن انتخاباته الرئاسية يوم 21 فبراير كجزء من اتفاقية السلام الموقعة في نوفمبر الماضي، والتي تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية ، ولكن هناك شكوك حول الحالة الأمنية في شمال اليمن وما إذا كانت تسمح بإجراء الانتخابات. وقد خاض الحوثيون الذي يريدون مزيداً من الحكم الذاتي سلسلة من الحروب المتقطعة ضد الحكومة منذ عام 2004. وخلال الاحتجاجات التي عمت أنحاء البلاد في العام الماضي، أعلن الحوثيون دعمهم لأهداف الثورة والإطاحة بالرئيس صالح، ولكنهم عارضوا الاتفاقية السياسية الموقعة مؤخراً (التي تشمل إجراء الانتخابات) برعاية مجلس التعاون الخليجي. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال عبد الله النجار المحلل السياسي في جامعة عمران أن الحوثيين استولوا على أسلحة من الجيش أثناء المصادمات منذ عام 2004 وقاموا باستخدامها، مضيفاً أن "لديهم دبابات وعربات مدرعة وقطع مدفعية". وفي نفس الوقت يسيطر الحوثيون على ما يزيد عن 70 بالمائة من محافظة صعدة المجاورة، مستغلين في ذلك غياب القوات الحكومية. وطبقاً لصدام أفاريح، الصحفي المحلي، قام الحوثيون في 15 فبراير باقتحام مكاتب حزب الإصلاح في مدينة صعدة وتمزيق صور المرشح الرئاسي الوحيد عبد ربه منصور هادي ومنع أي مسئول من وضع الملصقات الانتخابية. وتعتبر محافظتي حجة وصعدة اسمياً تحت سيطرة القوات التابعة للواء علي محسن صالح، والتي انشقت عن الجيش، ولكن منذ اندلاع الاشتباكات الأولى بين الحوثيين والسلفيين في محافظة صعدة في منتصف نوفمبر، لم تتدخل القوات المنشقة ولا القوات الحكومية على الإطلاق. وقد قام الوسطاء القبليون بعدة محاولات لإيقاف إراقة الدماء ولكن دون جدوى حتى الآن. كما لم يستطع مسئولو الانتخابات الوصول إلى الجزء الشرقي من محافظة حجة قبل بدء الانتخابات بسبب انعدام الأمن. المزيد من حالات النزوح يشعر عمال الإغاثة بالقلق من أن تقود عودة الحوثيين إلى مصادمات جديدة والمزيد من حالات النزوح. حيث اشتبك المتمردون الحوثيون مع المسلحين السلفيين السنة و/أو أعضاء من حزب الإصلاح الإسلامي في الأسبوعين الماضيين، مما أجبر آلاف الأشخاص على الفرار من منازلهم، طبقاً لمصادر الأخبار المحلية وعمال الإغاثة. كما أفاد موقع حجة نت أن عشرات الأشخاص قتلوا أو أصيبوا بجروح من جراء تلك الاشتباكات، بينما حُرم آخرون من الحصول على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. وقال محمد غانم، رئيس منطقة كشر، أن 500 أسرة نزحت هذا الأسبوع، وبالتالي وصل عدد الأسر النازحة الجديدة من مناطق كشر ومصطبة في محافظة حجة إلى أكثر من 1,000 أسرة خلال أسبوعين. وأضاف غانم أن "الأسر النازحة متناثرة في مناطق عديدة من المحافظة، ولكن غالبيتها تحتمي في منطقة الخميسين في مركز خيران المحرق. وقد توجهت حوالي 70 أسرة نازحة هذا الأسبوع إلى حرض (في الجزء الشمالي الغربي من حجة)". وتوقع غانم أن يحدث المزيد من النزوح بسبب إصرار الحوثيين على توسيع نفوذهم، نظراً لعدم تدخل القوات الحكومية في المنطقة. و ومن جانبه، ذكر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يوم 14 فبراير أن حوالي 7,000 نازح داخلي قد فروا من منازلهم في حجة، وأن هناك تحديات كبيرة ستظهر بالنسبة لمكان استيعاب هذه الأعداد الجديدة إذا ثبت أن هذا النزوح سيكون طويل الأمد. كما أفاد مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الوكالات العاملة في حرض تركز مواردها المحدودة على احتياجات النازحين داخلياً الأكثر ضعفاً، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من المساعدات لمواجهة الاحتياجات المتزايدة. وقد توصل التقييم الأولي للموقف الإنساني، بما ذلك احتياجات حماية أطفال النازحين داخلياً في الخميسين، إلى أن الأطفال يعانون من توتر شديد بسبب نزوحهم ومعاينتهم للقتال بين الحوثيين والمجموعات القبلية، حسب صندوق الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) في تقرير صادر عنها يوم 12 فبراير. التأثير على التعليم والصحة توقفت خدمات التعليم والصحة بسبب المصادمات، وهو ما علق عليه غيرت كابيلاري، ممثل اليونيسيف في اليمن، بقوله أن "توسع نفوذ الحوثيين في محافظة حجة أصبح أمراً مثيراً للقلق". وقد قام المسلحون الحوثيون بإغلاق مركزين من المراكز الصحية التي تدعمهما اليونيسيف في مركز مصطبة، مما أثر سلباً على حوالي 5,000 طفل. وأضاف كابيلاري أن "عدد العاملين في مركز صحي آخر قد انخفض من 7 أفراد إلى 3 فقط بسبب ترهيب الحوثيين". وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية، قال عبد الله ثابت البالغ من العمر 50 عاماً والمقيم في كشر: "لم يذهب أطفالي الثلاثة إلى المدرسة منذ 24 يناير. ولم أسمح لهم بالخروج منذ ذلك الحين بعد مقتل طفلين واختفاء خمسة آخرين في المنطقة". وأخبر مبخوت زيد، مستشار إدارة التعليم في حجة، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن آلاف الأطفال يتغيبون عن المدارس بسبب الاشتباكات، مضيفاً أن "الأطفال إما فروا مع أسرهم إلى مناطق أخرى أكثر أمناً أو تقطعت بهم السبل في منازلهم". هدنة لم تدم طويلا في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية، قال الشيخ عبد الله وهبان، عضو لجنة الوساطة التي صاغت اتفاق وقف إطلاق النار، أن الاتفاق الذي تم توقيعه بين الحوثيين وزعماء القبائل في كشر يوم 9 فبراير انهار في اليوم الثاني من توقيعه بعد مقتل 19 من الحوثيين و11 من أفراد القبائل وجرح العشرات من الجانبين خلال الاشتباكات. وأضاف أن "سيدة في الأربعينات من عمرها لقت مصرعها مع أطفالها الخمسة في كشر يوم 13 فبراير"، مشيراً إلى أن "الحوثيين وقعوا العديد من اتفاقات الهدنة إما مع الحكومة أو السلفيين أو المجموعات القبلية منذ عام 2004، ولكنهم لم يحترموا أياً منها". وقال زيد الشامي، عضو البرلمان وأحد أعضاء لجنة الوساطة، أن الاشتباكات قد استؤنفت قبل أن يتسنى تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل صحيح. ويصر الحوثيون على فرض مذهبهم الشيعي في حجة بالقوة، وهو ما يؤدي إلى مواجهات مسلحة مع السكان المحليين. وأضاف الشامي أنه "كان من الأفضل لهم أن يعرضوا مذهبهم الديني بصورة سلمية إذا أرادوا أن يتبعهم الآخرون وليس بالقوة". وطبقاً للوسيط وهبان، فإن اتفاق وقف إطلاق النار يقتضي من المسلحين على كل جانب التخلي عن مواقعهم الجبلية، وكان من المفترض أن يعود سكان صعدة إلى قراهم. " شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) "