مع اعلان السلطات السعودية بين الحين والاخر عن اجراءات للفصل بين الرجال والنساء في مواقع مختلفة، تواجه المملكة المحافظة تحديا اجتماعيا رئيسيا: الى متى يمكن الصمود لمنع الاختلاط؟. ويرى مراقبون ان ثمن عدم الاختلاط يكلف الرياض نسبة مرتفعة من البطالة لاسيما في صفوف السعوديات. وفي اطار محاولة التيار الحداثي في الرياض فك الحصار عن المراة السعودية وتشريكها في مختلف الفعاليات الثقافية والترفيهية والاجتماعية والرياضية، أعلن رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد بن عيد الحربي أنه سيتم السماح بدخول السيدات للملاعب "قريبا". وتستعد الرياض لانشاء مشروع ملعب الأمير عبدالله الفيصل بجدة وتأجيره سنويا للعائلات لحضور المباريات. وتمنع السعودية الاختلاط بين الرجال والنساء من غير الاقارب والمحارم وفقا لتعاليم الشريعة، كما لا يحق للسعوديات التصويت في الانتخابات او قيادة السيارات. وتتولى الهيئة الدينية السهر على تطبيق الشريعة الاسلامية وتسيير دوريات لاغلاق المحلات خلال اوقات الصلاة ولرصد الخلوات غير الشرعية بين رجال ونساء.ويتأكد عناصرها المعروفون بالمطاوعة من عدم اقدام المرأة على قيادة السيارة واحترام ارتداء العباءة السوداء وتغطية الرأس، وحتى الوجه احيانا. وتمنع الهيئة ايضا تنظيم حفلات موسيقية عامة ويعمد عناصرها في بعض الاوقات الى الكشف على هواتف الشباب الجوالة بحثا عن رسائل او صور يعتبرونها مخالفة للشريعة. وفي ظل هذا المناخ الاجتماعي المتشدد الذي يقيد حركة المراة ويحد من طاقتها الابداعية ورغبتها في التقدم والتطور واللحاق بركب النساء المتمدنات، ترتفع بورصة البطالة لدى المراة السعودية بشكل مثير للقلق. واعلن وزير العمل في السعودية عادل فقيه في وقت سابق ان "مليونين من العاطلين عن العمل ينتظرون وظائف، 85 في المئة منهم نساء". ويشار الى ان نسبة البطالة بين النساء مرتفعة جدا بحيث انها تفوق الثلاثين في المئة مع 1.7 مليون امراة يبحثن عن عمل بينهن 373 الفا من حاملات الشهادات الجامعية، وفق تقرير رسمي. ويتعذر على النساء العمل في قطاعات كثيرة وحيوية بحكم منع الاختلاط بين الجنسين. وتحرم المراة السعودية في كثير من الاحيان من حقها في حضور اكبر الفعاليات الاجتماعية والترفيهية والتثقيفية بذريعة منع الاختلاط. وواجهت نسخة 2013 من مهرجان الجنادرية الثقافي بالرياض مثل العديد من النسخ السابقة، احتجاجات قوية من بعض الشيوخ السعوديين المتشددين من بينهم الشيخ صالح الفوزان على مسألة اختلاط النساء بالرجال في بعض فقرات المهرجان. وأفتى سابقا رجل الدين السعودي المتشدد صالح الفوزان بتحريم حضور فعاليات مهرجان الجنادرية، الثقافية والفكرية والأدبية، ليثير بلبلة في أوساط رواد المهرجان. واعتبر الشيخ السلفي، أن "هذه الفعاليات هي أجواء غير سليمة وضد الدين، وتدفع إلى الفجور والفسق". وفي خضم البيئة المتشددة التي تميز المملكة وانتشار الفتاوى المتطرفة والبعيدة عن روح الاعتدال، يتسلل تيار اصلاحي ينادي بمواكبة روح العصر والتطور ويسعى الى مزيد من الحريات. وادى اعضاء مجلس الشورى السعودي ال150 وبينهم 30 امراة، اليمين امام الملك عبدالله بن عبد العزيز الثلاثاء في احتفال جماعي في قصره في الرياض. واظهرت لقطات بثتها قنوات التلفزيون الملك جالسا بمواجهة الاعضاء الرجال، في حين جلست النساء، وقد ارتدى حوالي نصفهن النقاب، الى جانب الجدار الى اليسار من الرجال. وقال الملك في كلمة مقتضبة ان "التطور الذي نسعى اليه جميعا يقوم على التدرج بعيدا عن اي مؤثرات". ورغم اقتحام اعضاء نساء لمجلس الشورى السعودي الا ان قرار الفصل لم ينتهي حيث وضعت حواجز بين النساء والرجال في المجلس. ولا يملك مجلس الشورى سلطة التشريع ويكتفي بتقديم المشورة للحكومة حول السياسات العامة للبلاد. لكنه مع ذلك يعكس رغبة في اشراك النخب السعودية في عملية اتخاذ القرار الذي يبقى بايدي الاسرة المالكة. ويبقى وضع المراة السعودية دون المعايير العالمية وهي تخضع لقراءة متشددة للشريعة الاسلامية تفرض عليها العديد من الضوابط وتمنعها مثلا من قيادة السيارة او السفر للخارج بدون اذن ولي امرها.