قال عبدالرحمن علي بن محمد الجفري، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن ( رأي ) في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع، اليوم , بأن دقة المرحلة التي تمر بها القضية الجنوبية تقتضي من الجميع التعامل معها بقدر دقتها وخطورتها قائلا يجب أن نرتفع فوق خلافاتنا وفوق ذواتنا لنخدم الجنوب والقضية الجنوبية . " التغيير " ينشر نص كلمة الجفري التي ألقاها في الإجتماع : (( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله)) الآية. والحمد لله على توفيقه.. ونسأله سبحانه أن يلهمنا السداد ويقيمنا على الصدق في القول والاخلاص في العمل.. ونصلي ونسلم على سيد الوجود، الرحمة المهداة، الذي أرسله الله رحمة للعالمين.. وداعياً للناس للحق على بصيرة.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أسعد الله أوقاتكم جميعاً بوده ورضاه، فمن ودّه الله وفقه ومن رضي عنه نصره. إنه ليؤلمنا أن لا نكون بينكم لنحمل معكم العبء ونتحمل معكم ما تتحملون.. ولكن بإذن الله سنكون عندكم ومعكم قريباً. وفي هذا المقام، فإنني لا يسعني إلا أن أقول، إن من لا يشكر الله من لا يشكر الناس.. فالشكر مبذول للإخوة الزملاء في "تيار مثقفون من أجل جنوب جديد"، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور سعيد الجريري، وكل من تعاون معهم على هذا الجهد المتميز الذي نسأل الله أن يكلله بالنجاح رغم الصعوبات والعقبات التي واجهوها، وسيواجهونها، وسنواجهها جميعاً.. ونسأل الله أن يوفق اللجنة التحضيرية للمؤتمر / أو اللقاء الجنوبي الجامع.. فالمهمة صعبة ولكن لا صعوبة تقف أمام همم الرجال والحرائر من أعضاء هذه اللجنة. إن دقة المرحلة التي تمر بها القضية الجنوبية تقتضي منّا جميعاً أن نتعامل معها بقدر دقتها وخطورتها، وأن نرتفع فوق خلافاتنا، وفوق ذواتنا، لنخدم الجنوب وقضية الجنوب. فالمخرجات التي نعتقد أننا جميعاً نتفق أننا نتوخاها من هذا العمل العظيم، هي تتلخص في: 1- مشروع متكامل لاستقلال الجنوب، يحدد المهام من الآن حتى الاستقلال وبناء دولته الجنوبية الجديدة لجنوب جديد. 2- توحيد الجهود لقوى التحرير والاستقلال في إطار وهياكل قيادية.. إما موحدة أو كحد أدنى في "هيئة تنسيقية قيادية عليا" مع آلياتها المرجعية والتنفيذية تقود النضال الميداني والسياسي بما يحقق التكامل والتناغم رؤية وهياكل وخطة عمل وخارطة طريق واضحة المعالم والمراحل.. فالعمل الميداني قد قطع شوطاً كبيراً، وقدّم الكثير من التضحيات بالأرواح والدماء والاعتقال وكافة صنوف الأذى والقمع.. وأبرز قضيته وتمسك بهوية الجنوب وأدهش العالم.. في حين أن العمل السياسي لازال يحبو متناثراً متنافراً ضبابياً رؤية وهوية وأداءً.. وآن الأوان لإزالة التناثر والتنافر وتوحيد الرؤى والهوية الواضحة والأداء. 3- المخرج الثالث المتوخى من هذا المؤتمر الذي نرجوه، هو غاية في الأهمية ويعتمد عليه ثبات ونجاح المُخْرَجيَن السابقيَن.. وهو أهمية أن يُفسح المجال لصف قيادي أول واسع من الجنسين يشمل أجيال المعاناة وعلى الأخص جيل الشباب والشابات الحاملين الحقيقيين للقضية والذين قدموا، ويقدمون، النصيب الأكبر من التضحيات.. وهم صمام الأمان لسلامة مسيرة القضية.. وعلينا أن نهيئ برامج تنمية المهارات القيادية التي أثبت كثير منهم – أي من الشباب والشابات – أنه يملك ملكات قيادية علينا أن نساهم جميعاً في تنميتها ونفسح المجال لها في الصفوف الأولى للقيادة. أيها الأحبة.. إن قضيتنا الجنوبية تمر بأدق مراحلها وأخطر منعطفاتها رغم أنها تحمل، وتملك، كل شروط وأسباب النجاح والنصر.. ولقد أوصلناها نحن أهلها، وبالأخص القيادات، إلى هذا المنعطف.. بارتباك الأداء السياسي وضبابيته وتردده.. وعدم التعامل معها كقضية وطنية جنوبية تتعلق باستقلال وهوية ووطن، أرضاً وإنساناً.. بل تم الاتجاه بها باعتبارها قضية سياسية وبامتياز!! وهنا مكمن الخطر.. فالقضايا السياسية تكون بين أطراف في إطار وطن واحد أو بين دول قائمة بالفعل.. ويأتي حلها من خلال التسويات السياسية القائمة على التنازلات المتبادلة بين طرفي القضية.. وفي قضيتنا الجنوبية.. ليس لدينا، يا أخوتي، فيها ما نتنازل عنه، لا إنساناً ولا أرضاً ولا هوية. أيها الإخوة.. لقد تلقينا في الأسبوع الماضي رسالتين.. هامتين.. الأولى من صنعاء.. والثانية من عدن الباسلة.. رسالة صنعاء.. تشير إلى أن المؤامرات من أهل النفوذ كثيرة على القضية الجنوبية لدفنها. ورسالة عدن الباسلة.. جاءت من شباب الجنوب الثائر في 18 سبتمبر تقول إن شباب الجنوب المناضل لن يسمحوا بدفن قضية وطنهم.. وأنهم أصحابها.. وأن المستقبل مستقبلهم.. وأنهم سيناضلون حتى الاستقلال وبناء دولتهم الجنوبية الجديدة. إن رسالة شبابنا هي أهم صمام أمان لقضيتنا ونضال شعبنا الثوري السلمي. إن وطننا الجنوب يملك، ولا أبالغ، أهم موقع استراتيجي في المنطقة.. وهذا الموقع الاستراتيجي يجعله محط أنظار العالم.. وبالتالي فإن هناك مصالح استراتيجية كبرى لنا كجنوب.. ومصالح لغيرنا في أرضنا.. ولا نتوقع أن أي دول في العالم، سواء في الإقليم أو على المستوى الدولي، يمكن أن تعلن أو تساند أو تؤيد قضيتنا في غياب أمرين أو ركيزتين أساسيتين: الأولى: أن يطمئنوا بأننا قادرون – وإن شاء الله قادرون – أن نقيم أمناً واستقراراً في الجنوب.. وأن لا تتحول بعض الخلافات الصغيرة إلى خلافات أكبر ثم صراعات.. العالم يخاف من هذا.. لأن أي مصالح لنا، أو لغيرنا، في أرضنا، لا يمكن لها أن تتحقق في ظل عدم استقرار.. وبالتالي العالم يرفض تصرفاتنا.. وعلينا أن نثبت للعالم أننا، شعباً وقيادات، قادرون على أن نقيم أمناً واستقراراً في دولة الجنوب القادمة. الثانية: لا نتوقع أن أحداً في العالم سيؤيد قادماً جديداً، دولة لا يعلم ماهيتها، ما شكلها، ما لونها، ما نظام دولتها، ما نظام حكمها، ما سياساتها الداخلية، ما سياساتها الخارجية.. كيف نتوقع أن العالم سيؤيد مجهولاً!! غائباً!!.. إذاً علينا أن نحدد رؤانا لمستقبل بلادنا حتى يطمئن العالم بأن هذه الرؤى هي رؤى العصر، التي تتعامل مع العصر، علماً ومصالحاً واستراتيجيات.. دون هذا فلا نتوقع أن يعلن أحد في العالم تجاوباً رغم الأهمية الكبيرة للجنوب عند الجميع. أيها الإخوة الكرام.. إن مهمتكم تاريخية وهامة.. وأعتقد، أننا جميعاً، نؤمن أن الوطن الجنوبي الذي نريد هو: • وطن نستحقه ويستحقنا – لا وطن نسحقه وننسحق معه. • وطن لكل ابنائه.. وكل ابنائه له. • وطن نسكن إليه ويسكن فينا. • وطن نستكين له [ننذل له] ، ولا نستكين لغيره فيستكين باستكانتنا. • وطن نحميه فنحتمي به ، لا وطن نذله لغيرنا فنعيش هذا الذل. • وطن نكون خدماً له فيعزنا ، لا أسياداً عليه وخدماً لغيره. • وطن عزيز فنعتز به. • وطن يساوي بين ابنائه في الحقوق والواجبات. • وطن يشجع التميّز لا التمييز. • وطن للقيم فيه مكانة وللعطاء من أجله قيمة. • الوطن الذي نريد أيها الأخوان جميعاً، وأعتقد أننا نتفق على هذا،.. هو الوطن الذي فيه قيمة للعلم ، في كل فن ومجال ، وللثقافة والفكر والأدب والفن والرياضة وللعمل.. وفيه مكانة للعلماء والمعلمين والمثقفين والمفكرين والأدباء والفنانين والرياضيين والعمّال والفلاحين والطلبة وغيرهم.. وطن لا مكان فيه للأمية ، ولا أقصد أمية القراءة والكتابة فقط بل وأمية تقنيات العصر وثقافته في كل مجال. • وطن للمرأة فيه مكانتها وحقوقها وواجباتها.. فهي الأم والزوجة والابنة والأخت والزميلة في النضال والعطاء والإنتاج والشريكة في القرار ورسم وبناء الحاضر والمستقبل. • وطن تُحترم فيه الشخصيات الوطنية العاملة من أجله.. ورجال الأعمال الذين يؤدون دورهم الوطني في التنمية، له ولشعبه. • وطن يقوم اقتصاده على "اقتصاد السوق الإجتماعي" وتُصان فيه الملكيات الخاصة والعامة. • وطن يؤهل وينمي مهارات الشباب من الجنسين ويفسح المجال لهم للشراكة الأساسية والأكبر في رسم المستقبل وقيادة الحاضر.. فهم قادة المستقبل.. وهو مستقبلهم لا مستقبلنا.. وعلينا أن ندرك أن لهم طموحاتهم ومعاييرهم لهذا المستقبل. • وطن.. للديمقراطية التعددية.. والقبول بالآخر.. وطن لا إقصاء فيه الا لثقافة الإقصاء. • وطن العدل.. والحرية.. والأمن.. والأمان.. والاستقرار.. والتنمية المستدامة الشاملة، وفي مقدمتها التنمية البشرية.. وطن الرخاء.. والعزة.. والكرامة.. وحقوق الإنسان.. والعدالة الاجتماعية.. والرفق بالحيوان.. والحماية والصيانة للبيئة. • الوطن الذي نريد.. هو الوطن الخالي من البطالة والمخدرات والفقر. • وطن تسود فيه قوة القانون لا قانون القوة. • الوطن الذي نريد.. هو الوطن القادر على بناء علاقات متميزة مع الأشقاء، دول الإقليم في الجزيرة العربية، لما يحقق المصالح المشتركة لشعوبنا وتطويرها حتى إلى كونفدرالية، مستقبلية، بين دولها، [الكونفدرالية تعني اتفاقية تعاهدية في نواحي تحقق مصالح مشتركة، وهو ما يشبه الاتحاد الاوروبي]. • الوطن الذي نريد جميعاً.. هو الوطن القادر على بناء علاقات سوية مع العالم لما يحقق المصالح العليا لشعبنا ويرعى مصالح الآخرين.. في عالم تشابكت فيه المصالح. • وطن الإسلام السمح المعتدل الصافي البعيد عن التطرف والعنف والارهاب والفرض والمنفتح على العصر وعلومه وعلى الآخر، وهو النهج الذي اشتُهر به وطننا طوال تاريخه، ونشره علماؤه ومهاجروه في ارجاء المعمورة بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والقدوة الفاضلة. • وطن تصان فيه الكليات الخمس (الدين – والنفس – والعرض – والمال إلا بحقه – والعقل). أيها الأخوة.. إن أي مشاريع يتم وضعها بين أيديكم، سواء حول آليات العمل لتحقيق الاستقلال أو رؤية لمستقبل الجنوب، ما هي إلا جهد بشري يعتوره النقص والخطأ.. فما كان ناقصاً تكرموا بإكماله.. وما كان خطأ فتفضلوا بتصحيحه.. وما تتوافقون عليه، لا شك، سيكون الأفضل والأكثر كمالاً وصواباً. أيها الإخوة الكرام.. في الختام، أقول: إن الوحدة ليست صنماً يُعبَد.. وطالما لم ولن تحقق طموحات شعب الجنوب، ولم ولن تحافظ على كرامته وحقوقه.. وطالما ارادوا بها أن تذيب هويته وتستبيح كرامته وحقوقه.. فلا خير فيها.. ولا خير فينا إن قبلنا بها. وإن الندية بين أي طرفين في أي حوار أو مفاوضات ليست، كما هو مفهوم عام، بالعدد ولا بالتقاسم..!!.. ولكن الندية الحقيقية في عملية التفاوض حول الحقوق وحول الأوطان هي ندية حق الإختيار.. بمعنى أن أي أمر مشترك لا يتم، وبالتالي لا يستمر، الا بقبول طرفيه.. فالندية تقتضي عدم جواز فرض أمر مشترك على الطرف الرافض له.. وأن يكون ممثلو كل طرف لهم توجه وهدف أساسي واحد وإلا انتفت صفة التفاوض بين الطرفين!. لقد اختار شعبنا تحرره واستقلاله وبناء دولته الجنوبية الجديدة.. التي تتسع لكل ابنائه.. وليس لأي أحد أو جهة أن تختار لشعب الجنوب.. فقد اختار لنفسه.. وهو ليس قاصراً ولا يقبل بأي وصاية عليه. تحية لكم، ونسأل الله أن يعينكم، ونحن سنظل معكم، وربنا سيوفقكم ويسدد خطاكم على طريق الخير لهذا البلد الجنوب الوطن الذي نريد أن نعيش فيه أحراراً كرماء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 21 سبتمبر 2013م