حذر رئيس مجلس الأمن الدولي جيرار أرو من أن العنف في دولة جنوب السودان، والذي يعتقد على نطاق واسع بأن له أبعاد عرقية، يمكن أن يتصاعد ليتحول إلى حرب أهلية. وفي تصريحات لبي بي سي قال جيرار أرو، مندوب فرنسا بالمنظمة الدولية، إن الأممالمتحدة تلقت تقارير تشير إلى أن المئات قتلوا في أعمال عنف منذ "محاولة إنقلاب" يوم الأحد الماضي. غير أنه أشار إلى أن المدنيين لايتعرضون للاستهداف المخطط. وقال إن 20 ألف شخص لجأوا إلى مقار الاممالمتحدة في جوبا، عاصمة جنوب السودان. وحذر من أن الإمدادات الغذائية والطبية تنفد بسرعة. وعبر أرو عن "القلق البالغ" من الوضع في جوبا. وقال "هناك عدد كبير من القتلى .. هذا واضح." في الوقت نفسه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الثلاثاء رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت إلى الحوار مع معارضيه لإنهاء القتال الذي اندلع في العاصمة جوبا قبل يومين، بعد إحباط ما قالت الحكومة إنها محاولة انقلاب. وأعرب بان -في محادثة هاتفية مع سلفاكير- عن قلقه من تقارير تحدثت عن استهداف أعمال العنف لمجموعات بعينها, وطالب بحماية كل المدنيين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية، متحدثا عن استقبال 13 ألف نازح في مقرات الأممالمتحدة هناك. و كشف دبلوماسيون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تلقت تقارير من مصادر محلية بجنوب السودان تفيد بمقتل ما بين 400 و500 شخص وجرح زهاء 800 آخرين في الاضطرابات الأخيرة في البلاد. ونقلت وكالة انباء رويترز عن دبلوماسي طلب ألا ينشر اسمه قوله " سجل مستشفيان ما بين 400 و500 قتيل و(زهاء) 800 جريح." واستند الدبلوماسي إلى تقديرات أدلى بها رئيس عمليات حفظ السلام في الأممالمتحدة إيرف لادسو في جلسة إحاطة مغلقة لمجلس الأمن. وأكد دبلوماسي آخر تصريحات لادسو وأضاف أن الأممالمتحدة ليست في وضع يمكنها فيه التحقق من هذه الأرقام. وكان مسؤول بوزارة الصحة قد قال في تصريح لرويترز ان ما لا يقل عن 26 شخصا لقوا حتفهم بعد أن بدأت مجموعات من الجند الاقتتال في جوبا مساء الأحد واستمر ذلك حتى صباح الاثنين. وتواصل اطلاق النار والانفجارات على نحو متقطع حتى مساء الثلاثاء. وخلت الشوارع في بداية حظر تجول أمر به رئيس البلاد من المغرب وحتى الفجر، وانقطعت اتصالات الهواتف المحمولة لليوم الثاني على التوالي. وفي الأثناء، قالت وزارة الخارجية الأميركية أمس إنها أمرت موظفي سفارتها غير الأساسيين بمغادرة جنوب السودان، ودعت المواطنين الأميركيين إلى مغادرة البلاد فورا بسبب الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، معلنة أن السفارة ستعلّق عملياتها العادية حتى إشعار آخر. وقالت مساعدة المتحدثة باسم الخارجية الأميركية -في مستهل مؤتمرها الصحفي اليومي- إن الولاياتالمتحدة "قلقة للغاية" حيال الوضع في هذا البلد. من جهته، أعرب الاتحاد الأفريقي -في بيان أصدرته رئيسة مفوضية الاتحاد نكوسازانا دلاميني زوما- عن قلقه العميق من الوضع في جنوب السودان، وناشد الحكومة والمسؤولين هناك وكافة الأطراف التحلي بضبط النفس وتجنب المزيد من العنف. وعلى صعيد آخر، قال وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل مكوي -في بيان نشره أمس موقع حكومي على الإنترنت- إن سلطات بلاده اعتقلت عشر شخصيات سياسية كبيرة -من بينها وزير المالية السابق كوستي منيبي- وتلاحق رياك مشار النائب السابق للرئيس "في ما يتعلق بانقلاب تم إحباطه". وأضاف مكوي الذي أكد أن السلطات "تسيطر تماما" على الوضع، "سنلقي القبض على الهاربين"، مشيرا إلى أنه يعتقد أنهم فروا إلى منطقة شمالي العاصمة. وبدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماوين ماكول أريك أن قتالا اندلع خارج مقر مشار في جوبا الثلاثاء، لكن وزير الإعلام نفى أن يكون الجيش دمر أو قصف منزل مشار، ولم يدل الأخير ببيان، كما لم يتسن الاتصال به أو بمقربين منه منذ يومين، رغم أن الحكومة اتهمته بأنه "قائد الانقلاب". وكان سلفاكير قد أعلن الاثنين إحباط محاولة انقلاب، مشيرا إلى أن مقاتلين موالين لمشار هاجموا قادة للجيش في الساعات الأولى من صباح الاثنين، ولكن الجيش سيطر على الوضع. في المقابل، اتهمت مصادر جنوبية سلفاكير بالسعي إلى تصفية خصومه عبر الحديث عن محاولة انقلاب، وقالت المصادر لموقع "سودان تربيون" إن جوبا تحولت إلى ثكنة عسكرية كاملة وإن الجيش يمارس انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان باقتحامه للمنازل وتفتيشها من دون إذن. وفي الخرطوم، ذكرت وسائل إعلام سودانية رسمية أن الحكومة تلقت "طمأنات" من نظيرتها في جوبا بشأن الوضع في جنوب السودان. وذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية أن الرئيس عمر البشير اتصل بنظيره سلفاكير. وانفصل جنوب السودان عن السودان في يوليو 2011 بموجب استفتاء على تقرير المصير، ولكن سرعان ما اندلعت صراعات بين الأجنحة العسكرية داخل الحركة الشعبية (الحاكمة) التي تنتمي لإثنيات متعددة. وكان سلفاكير قد عزل مشار ومسؤولين آخرين بارزين بعد تزايد الانتقادات الشعبية لفشل الحكومة في توفير خدمات عامة أفضل للمواطنين. وينتمي مشار إلى قبيلة النوير التي خاضت اشتباكات في الماضي مع قبيلة الدينكا المهيمنة في جنوب السودان وينتمي إليها سلفاكير. وأكد مشار في وقت سابق أنه ينوي الترشح للرئاسة في المستقبل.