أعاد متابعون للتطورات السياسية في اليمن عوامل توسع جماعة الحوثي ووصولها إلى مشارف صنعاء، إلى سياسة الاستحواذ والاقصاء التي مارسها حزب تجمع الاصلاح، وإلى التحالفات التي تشكلت بين الجماعة ورموز في نظام حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذين يشعرون أيضا بالتهميش من تنامي قوة ونفوذ حزب الاصلاح وحلفائه من زعماء القبائل ورجال الدين. ويثير تمدد الحوثيين وبسط نفوذهم على كامل المنطقة الممتدة من الحدود مع السعودية وحتى مشارف صنعاء، أكثر من سؤال عن السر الذي مكنهم من فعل ما لم يستطيعوا فعله طوال الحروب الستة التي خاضوها مع نظام حكم الرئيس السابق، لكن إلقاء نظرة سريعة لأداء الحكومة التي يتحكم بمقاليدها حزب الاصلاح ستكشف مدى النقمة التي يكنها المنتمون لمعظم فصائل اليسار واتباع الرئيس السابق وفصائل في الحراك الجنوبي إلى جانب الحوثيين. طرف فاعل وهذه النقمة مكنت الحوثيين من الظهور كطرف فاعل في الساحة العسكرية من خلال عناصره المدربة على حرب العصابات، أما من الخبرة التي اكتسبوها طوال الأعوام الخمسة التي واجهوا فيها قوات الجيش أو ما قيل عن استغلالهم فترة الثورة الشعبية وما بعدها وإرسال عناصر للتدريب على إيدي مقاتلي حزب الله أو الحرس الثوري الايراني. ويشكوا حلفاء الثورة من غدر «الاصلاح» بهم والاستحواذ على المناصب الحكومية والوظائف العامة والعمل على الامساك بمفاصل الدولة وتعزيز تحالفه مع القوى التقليدية العسكرية والقبلية، والعمل على إقامة تحالف مع الرئيس عبد ربه منصور هادي على غرار التحالف الذي كان قائماً مع الرئيس السابق بحيث يكون لهم القول الفصل في مختلف القضايا في مقابل منح الرئيس حق البقاء في موقعه لفترات رئاسية متعددة. تهريب السلاح وإذا ما أضيف إلى هذين العاملين حديث السلطات عن تهريب كميات كبيرة من الأسلحة إلى الحوثيين عبر البحر وحصولهم على أموال ضخمة من عائدات الزكاة أو من جمعيات شيعية في الخارج، فإن زعماء القبائل الذين يحظون بنفوذ واسع في مناطقهم وكانوا حلفاء لصالح، باتوا اليوم يقيمون تحالفات مع جماعة الحوثي باعتبارها القوى الصاعدة القادرة على مواجهة قوة ونفوذ تجمع الإصلاح السياسية والفكرية والقبلية. وكان واضحا أن الزعماء القبليين المحسوبين على صالح سواء في صعدة وحجة وعمران تمكنوا من تجيير المواجهات لصالح الحوثيين حين أبرموا اتفاقات ثنائية مع هؤلاء تضمن لهم حرية الحركة ومغادرة الحصار الذي فرض عليهم في صعدة منذ 2004. ولعل أبرز هذه التحالفات ظهرت في محافظة عمران حين تخلى اتباع الرئيس السابق عن القتال إلى جانب عائلة الأحمر وإبرام اتفاق مع الحوثيين الذين سيطروا على معظم جبهات القتال، بل ومساندتهم أثناء التظاهرة الحاشدة التي نظمت في عاصمة المحافظة للمطالبة بإقالة المحافظ المحسوب على حزب الإصلاح وتغيير قائد اللواء المحسوب على اللواء علي محسن الأحمر، الحليف الأبرز لحزب الإصلاح والخصم اللدود لجماعة الحوثي. ترحيب بالحوثيين والمشهد ذاته تكرر في مديرية همدان بضواحي صنعاء حيث تنكر حلفاء الرئيس السابق للانتماء القبلي ورحبوا بالمسلحين الحوثيين الذين هزموا أنصار حزب الإصلاح، واعقبوا ذلك بتوقيع اتفاقية تعايش. ولهذا، فإن هزيمة قوات الجيش في صعدة جعل هؤلاء يشعرون بنشوة النصر. وزاد من قوة هذا الشعور التعاطف مع الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال عن الشمال وقوى اليسار التي تشعر أن حزب الإصلاح استخدمها كقفاز أثناء الثورة الشعبية قبل أن يتمكن من الاستئثار بالسلطة بشكل مطلق. حصاد يرى رئيس تحرير صحيفة «الوسط» جمال عامر أن «اليمن يحصد اليوم ما زرعه الخصوم خلال العامين الماضيين من فرقة وبغضاء ومناكفات ومحاولات مستميتة للاستئثار بمفاصل السلطة الوظيفية لوراثتها بطرق احتيالية».