عمت التظاهرات المناهضة للانقلاب الحوثي عدداً من المدن الرئيسية ففي صنعاء، شن المسلحون حملة اعتقالات طالت عدداً من الناشطين والمصورين الصحافيين أثناء تظاهرتين منددتين بالانقلاب خرجتا في جامعة صنعاء وساحة التغيير. وقال ناشطون إن المتمردين «فرقوا بالقوة والرصاص الحي تظاهرتين مسائية وصباحية في صنعاء واعتقلوا نحو عشرة بينهم مصورون .. كما احتجزوا كاميرات التصوير وافرغوها من محتواها». وقال شهود عيان ان المسلحين أغلقوا كل المداخل المؤدية إلى ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء لمنع المتظاهرين من الوصول والتجمع في الساحة وقاموا بحملة اعتقالات واسعة لطلاب جامعة صنعاء. كما اغلقوا عددا من الشوارع في الضاحية الشمالية للعاصمة، في حين انفجرت قنبلة بدائية الصنع أمام القصر الجمهوري وأصابت ثلاثة من المتمردين. وفي إقليم الجند، شارك الآلاف في تظاهرة حاشدة شهدتها مدينة تعز عاصمة الإقليم ومدينة اب حيث أعلن المشاركون رفضهم القاطع للانقلاب، كما أكدوا «ضرورة وقف التعامل مع صنعاء باعتبارها عاصمة محتلة من المليشيات». وفي مدينة ذمارجنوبصنعاء، خرجت مسيرة ضخمة طافت شوارع المدينة ندد المشاركون فيها بالانقلاب ورددوا شعارات «يا ذمار ثوري ثوري.. ضد الإعلان الدستوري». البيضاءومأرب كذلك، قالت مصادر قبيلة ان قتلى وجرحى سقطوا في مواجهات عنيفة تدور في محافظة البيضاء بين حملة مشتركة من الجيش والحوثيين وآخرين من المسلحين القبليين وعناصر من تنظيم القاعدة في مديرية ذي ناعم. وذكرت المصادر أن الحوثيين وقوات الجيش «يتقدمون لإسقاط المديرية بعد أن سيطروا على مديرية الطفة المجاورة ضمن خطة لتطويق محافظة مأرب استعدادا لاقتحامها». وفي موازاة هذا التقدم، دفعت قبائل مأرببتعزيزات مسلحة من مقاتليها إلى منطقة يكلا لصد أي هجوم محتمل للحوثيين وقوات الجيش. وأفادت المصادر أن مسلحي القبائل «وصلوا إلى حدود يكلا على متن ثلاثين سيارة لتعزيز القبائل المرابطة هناك»، وأن هؤلاء «مزودون بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة». لجنة أمنية وفي سياق متصل، أصدر زعيم المتمردين محمد علي الحوثي قرارين نص الأول على تكليف وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة اللواء الركن محمود سالم الصبيحي للقيام بأعمال وزير الدفاع ونص الثاني على تكليف اللواء الركن جلال الرويشان قائماً بأعمال وزير الداخلية. كما أصدر قرار آخر تم بموجبه إعادة تشكيل اللجنة الأمنية العليا وضم إليها ستة من قادة الجناح العسكري إلى جانب وزيري الدفاع والداخلية ورئيس جاهز الأمن القومي اللواء علي حسن الأحمدي الذي سارع إلى رفض القرار والاستقالة من منصبه. وبموجب القرار، تضم اللجنة الأمنية أيضا رئيس جهاز الأمن السياسي حمود الصوفي ورئيس الأركان اللواء حسين خيران ونائبه اللواء زكريا الشامي وقائد المنطقة العسكرية الثالثة ومقرها محافظة مأرب العميد أحمد محسن اليافعي وقائد قوات الأمن الخاصة اللواء عبدالرزاق المروني وقائد قوات الشرطة العسكرية اللواء عوض بن فريد ورئيس أركان القوات الخاصة اللواء عبدالرقيب الصبيحي.. وقائد قوات الاحتياط اللواء علي بن علي الجائفي واللواء عبدالله محنف. وعن الجناح العسكري والامني، يوسف حسن إسماعيل المداني وعبدالله يحيى عبدالله الحاكم وعبدالرب صالح أحمد جرفان وطه حسن المداني ومحمد ضيف الله صالح صبحان ومحمد عبدالكريم الغماري. نشر الجيش وعلى الفور، أعلن اللواء الصبيحي أنه سيتم نشر قوات الجيش ومليشيات الحوثيين في صنعاء وغيرها من المدن خلال أيام. وقال الصبيحي خلال ترؤسه اجتماعا للجنة الأمنية إن «الأيام المقبلة ستشهد انتشاراً أمنياً واسعاً في امانة العاصمة وبعض المحافظات بالتنسيق بين وحدات القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية عبر تشكيل غرفة عمليات مشتركة في وزارة الدفاع للإشراف والمتابعة لأية مهام أمنية وعسكرية». بدوره، قال اللواء الرويشان خلال الاجتماع إنه «من المهم التنسيق المشترك بين الأجهزة الأمنية والوحدات العسكرية واللجان الشعبية في حفظ الأمن والاستقرار في المواقع والنقاط العسكرية والأمنية المختلفة التي ستوزع في مناطق مختلفة على مستوى العاصمة والمحافظات بشكل عام». ولفت إلى «ضرورة ايجاد خطة تفعيلية لدمج اللجان الشعبية ضمن قوام الوحدات الأمنية». استئناف اتصالات وبالتوازي، ذكر مكتب المبعوث الدولي إلى اليمن أنه عاد إلى صنعاء ل«العمل مع جميع الأطراف من أجل التوصل إلى حل توافقي للأزمة السياسية». وأوضح أنه «تم إحراز تقدم جدي مساء الخميس.. وكان مقررا أن يلتقي الأطراف السياسية السبت لوضع اللمسات النهائية على اتفاق قائم على آلية تنفيذ مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي والنتائج الوطنية مؤتمر الحوار والسلام واتفاق الشراكة الوطنية». وتأسف المبعوث الخاص «بشدة، للخطوة التي أقدم عليها الحوثيون من جانب واحد»، ودعا جميع الأطراف إلى «مواصلة التزامها بإيجاد طريقة للمضي قدما من خلال الحوار والتوافق». حزبان يرفضان انضم حزبان يمنيان إلى قائمة رافضي ما سمي ب«الإعلان الدستوري»، وأعلن حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري رفضه للإعلان واصفا إياه ب«الانقلاب الكامل». وبدوره، أعلن حزب اتحاد الرشاد السلفي رفضه ل«الإعلان الانقلابي الذي يؤسس لاختزال السلطة والعملية السياسية في جهة معينة». فراغ في السلطة قال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إن «الفراغ في السلطة كان مؤامرة ضد اليمن وشعبه». وقال مخاطباً مناصريه عبر التلفزيون إن «استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي هدفت لخلق فراغ في السلطة وتعطيل مؤسسات الدولة». صنعاء - د.ب.أ أطراف دولية تسعى إلى صفقة تشرعن الانقلاب بعد المأزق الذي وضع فيه الحوثيون بانقلابهم على الشرعية الدستور والمفاوضات التي كانت تتم برعاية أممية، تسعى أطراف دولية إلى إبرام صفقة يتم من خلالها شرعنة الانقلاب من خلال إقناع أطراف سياسية بالدخول في تشكيلة المجالس التي شكلتها الجماعة. احتواء الحوثيين وربطت الأوساط السياسية في اليمن وجود المبعوث الدولي جمال بنعمر في صنعاء بأفكار تدعمها أطراف دولية من أجل عدم إغلاق الباب مع الحوثيين والدخول في مفاوضات مع أطراف سياسية لدخول المجلس الانتقالي والمشاركة في المجلس الرئاسي بعد تخفيف السلطة التي منحت للجان الثورية على هذه المجالس. وترتكز هذه الرؤية على قاعدة احتواء الحوثيين والتعامل معهم بدلا من عزلهم وجعلهم يقتربون من ايران حليفهم الرئيسي أكثر فأكثر، وهو ما تبين من اللقاء الذي عقده المبعوث الدولي إلى اليمن للمرة الأولى مع السفير الإيراني في صنعاء وطلبه من طهران دعم المفاوضات بين الأحزاب وجماعة الحوثي. آمال وارتباك وفسرت المصادر السياسية تباطؤ أحزاب رئيسية في إدانة الانقلاب إلى الخيوط التي لا تزال تعلق عليها آمالا في مشاركة الحوثيين الحكم، وهو أمر أكد عليه الأمين العام للتنظيم الناصري عبدالله نعمان الذي تفرد بإدانة الانقلاب ورفضه وعدم الاعتراف به. وقال نعمان ل«البيان» ان حزبه «يتوقع دخول أحزاب من حلفائه في تكتل مشترك في المجالس التي أعلنها الحوثيون». ولوحظ ان الإعلان الحوثي كان مرتبكا، إذ انه حل البرلمان المنتخب ولكنه أبقى على مجلس الشورى المعين ولكنه أقر العمل بالدستور وعطل بعض نصوصه، ثم عاد وأكد أنه متمسك بمخرجات الحوار، ثم شكل مجلسا وطنيا ومنه ينبثق مجلس رئاسي تكون مهمته اختيار حكومة، لكن صاحب السلطة الفعلية على كل هذه المجالس بيد اللجان الثورية التي يقودها محمد علي الحوثي. لغة التعالي واستبق مدير مكتب زعيم الحوثيين مهدي المشاط عودة بنعمر بالقول إن «الإعلان الدستوري وضع محددات عامة للفترة الانتقالية ومنح فرصة لجميع القوى السياسية او للراغب منها ان تشارك في تفاصيل هذه المحددات على أساس الشراكة البناءة بعيدا عن اللعب على أوجاع الشعب». وبنفس لغة التعالي، قال المشاط ان الإعلان «جاء بعد ان نفد صبر جماهير الشعب وملت الانتظار لما يخرج به رواد الحوار ورعاته لكن من دون جدوى». وزاد فقال إنه «وقعت المسؤولية على عاتق الثوار لإخراج اليمن من وضعه الراهن بعد ان تبين بأنه لا تعويل على احد سوى هذه الثورة وقيادتها». نزاعات مذهبية ولأن إعلان الحوثيين لا يستند على أي شرعية، إذا انه بمثابة «البيان رقم واحد» لجماعة مسلحة انقلبت على الشرعية، فإنه فتح الباب واسعا أمام النزعات المناطقية والمذهبية، وسيقود إلى صراعات تعجز معها أي قوة على استعادة السلطة المركزية. قلق مصري أعلنت مصر أنها «تتابع بقلق واهتمام شديدين التطورات الأخيرة على الساحة اليمنية، انطلاقاً من العلاقات التاريخية التي تجمعها مع اليمن الشقيق، وأخذاً في الاعتبار ارتباط أمن واستقرار اليمن بالأمن القومي العربي والمصري». وقال الناطق باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي في بيان ان مصر «تجري اتصالات ومشاورات مكثفة على المستوى العربي، خاصة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي وعلى مستوى الجامعة العربية وعلى المستوى الدولي، وتتابع عن كثب انخراط مجلس الأمن في هذا الصدد». ودعا إلى «احترام إرادة الشعب اليمني الشقيق وتحقيق تطلعاته الديمقراطية المشروعة، وعدم اللجوء للعنف أو التصعيد للتوصل لحل سياسي، واحترام مخرجات الحوار الوطني وتنفيذ بنود المبادرة الخليجية». " البيان "