لطالما اتسمت الديبلوماسية السعودية منذ تولي الملك سلمان مقاليد حكم المملكة بمحاولة التغاضي عن "الزلات" التي تتخذها حليفتها الجمهورية العربية المصرية في المواقف الدولية التي يفترض بها أن تكون متناغمة تماماً مع الموقف السعودي، إذ أن السعودية على رأس الداعمين للنظام المصري الحالي. وكان الكاتب السعودي والقريب من دائرة القرار في المملكة "جمال خاشقجي" قد علّق في مقابلة تلفزيونية قبل أشهر على "الغموض" و" الضبابية" التي تنتهجها مصر تجاه الحرب الدائرة في اليمن بالرغم من مشاركتها فيها، موضحاً أن ما يهم السعودية في الوقت الراهن هو عدم التفريط بأي حليف، ولا يهم السعودية مدى ضعف الموقف المصري في دعم عمليات لتحالف بقدر ما يهمه بقاء مصر حليفة لها، خصوصاً في الظرف الراهن. غير أن "ساعة الصفا" بين المملكة ومصر كان لابد لها أن تصل الى لحظة اصطدام، خصوصاً وأن رؤية الأولى وسياساتها في الشرق الأوسط تناقض تماماً رؤى وأطروحات النظام المصري الحاكم، وهو ما كان ينبئ بوصول الحليفين العتيدين الى "مفترق طرق"، وهو ما كان فعلاً حين وجدت السعودية نفسها في "ورطة" الموقف المصري المتخاذل من الحرب الدائرة في بلاد الشام، فقد صوتت مصر ليلة أمس لصالح القرار الروسي الذي يقف الى جانب النظام السوري عدو المملكة الأهم في جزيرة العرب. ويبدو أن الديبلوماسية المصرية ذاتها قد أحست بالمأزق التي وضعت فيه، فهي بلا شك مع بقاء ديكتاتورية النظام القمعي الحاكم في سوريا، لأنها تماثله بالطبع، لكنها في ذات الوقت "مكسوفة" من المملكة التي ما انفكت تعطيها "الرز الخليجي" كلما جاع نظامها وبدأ فمه بالشكوى. لهذا فقد وجد الممثل المصري نفسه في مجلس الأمن يصوّت مرة لصالح القرار الفرنسي ضد روسيا، ثم بعدها ببضع دقائق يصوت لصالح القرار الروسي الذي ينسف التحرك الفرنسي. هذه السياسة الهوجاء، والتخبط اللامفهوم حرّك مياه "الغضب" الراكدة لدى المملكة، فعلّق مندوبها بتصريح يحمل تقريعاً شديداً لمن يفترض بها أن تكون حليفة لمملكة النفط وأن تقوم برد جزء يسير من المعروف السعودي الذي يكاد يغرق نظام مصر من رأسه حتى أخمص قدميه، فقال المندوب السعودي: من المؤسف حقاً أن يكون موقف ماليزيا والسنغال أقرب للموقف العربي من مصر. خاشقجي أيضاً علق على المفارقة المصرية في المجلس الأممي بقوله: الدبلوماسية المصرية غريبة ، صوتت مع مشروع قرار فرنسي بمجلس الامن يفرض حظر طيران فوق حلب ثم صوتت لمشروع روسي يناقضه خلال اقل من ساعة. وهنا يتساءل مراقبون: هل يمكن أن يصل ربيع التحالف السعودي المصري الى خط النهاية، وهل سيأتي يوم تعض فيها المملكة أصابعها "ندماً" على الجهد الكبير الذي بذلته والمعونات الكبيرة التي تكفلت بها حتى تضمن استتباب الأمر في مصر لهذا النظام؟