مصادر مصرفية تحذر من كارثة وشيكة في مناطق سيطرة الحوثيين    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    مارب تغرق في ظلام دامس.. ومصدر يكشف السبب    الحوثيون يعتقلون فنان شعبي وأعضاء فرقته في عمران بتهمة تجريم الغناء    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    لماذا إعلان عدن "تاريخي" !؟    ترتيبات الداخل وإشارات الخارج ترعب الحوثي.. حرب أم تكهنات؟    مأرب قلب الشرعية النابض    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    "اليمن ستكون مسرحاً لحرب استنزاف قبل تلك الحرب الكبرى"..خبير استراتيجي يكشف السيناريوهات القادمة    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    "أموال عالقة، وصراع محتدم: هل يُعطل الحوثيون شريان اليمن الاقتصادي؟"    الكشف بالصور عن تحركات عسكرية خطيرة للحوثيين على الحدود مع السعودية    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. الإرياني: استهداف ممنهج وغير مسبوق للصحافة من قبل مليشيا الحوثي    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    شعب حضرموت يتوج بطلاً وتضامن حضرموت للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    د. صدام عبدالله: إعلان عدن التاريخي شعلة أمل انارت دورب شعب الجنوب    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    خادمة صاحب الزمان.. زفاف يثير عاصفة من الجدل (الحوثيون يُحيون عنصرية أجدادهم)    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    البنتاجون: القوات الروسية تتمركز في نفس القاعدة الامريكية في النيجر    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح السياسي الشامل ودسترة القوانين قاعدة لحل الأزمة بين الدولة والمجتمع
المؤتمر القومي العربي في بيان دورته ال71 الى الأمة
نشر في الوحدوي يوم 01 - 06 - 2006

في رحاب مدينة الدار البيضاء، على أرض المغرب، وفي احتضان من غالبية المجتمع المغربي، السياسية والنقابية والجمعوية، انعقدت الدورة السابعة عشرة للمؤتمر القومي العربي، في مشاركة غير مسبوقة، كماً ونوعاً، حملت عليه أهمية الدورة، واللحظة التاريخية الدقيقة التي تلتئم في سياقها، مثلما حملت عليه أهمية المكان وموقعه المميز في وجدان أبناء الأمة ونخبها السياسية والثقافية، وفي القلب منهم أعضاء المؤتمر القومي العربي: المشدودون الى مساهمة بلاد المغرب الأقصى في التاريخ الحضاري للأمة، والمتابعون لحركة النهضة الثقافية المتنامية فيها، وللطريقة التي تتناول بها البلاد ملفات الماضي السياسية في إطار فسح المجال أمام المصالحة والانتقال الديمقراطي. وعلى مدى أربعة أيام من أيار/ مايو 2006، عكف أعضاء المؤتمر على تدارس اوضاع الامة في لحظتها الراهنة، وعلى مدى سنة كاملة فاصلة عن تاريخ عقد الدورة السابقة. ولقد تميزت هذه الدورة بأنها شهدت أيضاً على هامش انعقادها برنامجاً موازياً من اللقاءات والفعاليات المتنوعة مع مختلف قطاعات المجتمع المدني المغربي، أحزاباً ونقابات وقطاعات، مما أتاح درجة عالية من التفاعل بين أعضاء المؤتمر وأهلهم في المغرب. وقد توزع المشاركون على ثماني لجان، كانت بمثابة ورش عمل حول أبرز القضايا العربية، وهي: اللجنة الأولى: الأمن القومي والصراع العربي -الصهيوني (بما في ذلك سبل دعم الانتفاضة وكسر الحصار)، اللجنة الثانية: الدولة والمجتمع (بما في ذلك الديمقراطية وحقوق الإنسان والقضايا المتصلة بها)، اللجنة الثالثة: العلاقات العربية (بما في ذلك العلاقات العربية -العربية، والعلاقات العربية -الأفريقية، والعلاقات العربية مع دول الجوار والعالم)، اللجنة الرابعة: التنمية العربية (بما في ذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمفهومها الواسع والشامل)، اللجنة الخامسة: القضية العراقية (بما في ذلك دعم المقاومة والدفاع عن استقلال العراق ووحدتته وعروبته)، اللجنة السادسة: لجنة تطور عمل المؤتمر، اللجنة السابعة: اللجنة الثقافية والتربوية، واللجنة الثامنة: لجنة السودان. كما انتخب المؤتمر الأستاذ خالد السفياني أميناً عاماً هو الخامس بعد أربعة أمناء عامين سابقين، في تأكيد من المؤتمر على فكرة تداول المسؤولية باعتبارها أحد مقومات الديمقراطية الحقة، وفي رسالة من المؤتمر الى كل الأنظمة والمنظمات الشعبية لاحترام هذه القاعدة الديمقراطية، والتي هي معبر أيضاً عن فكرة العمل الجماعي والمؤسسي. كذلك انتخب المؤتمر أمانة عامة جديدة تضم أعضاء من معظم أقطار الوطن العربي (هم حسب التسلسل الأبجدي): د. أشرف البيومي (مصر)، أ. أمين سليمان اسكندر (مصر)، أ. تيسير مدثر (السودان)، أ. حسن العريبي (الجزائر)، د. خضير المرشدي (العراق/سوريا)، أ. الخليل ولد الطيب (موريتانيا)، د. رزان عفلق (سوريا/فرنسا)، د. ساسين عساف (لبنان)، أ. سميرة رجب (البحرين)، أ. عبدالإله المنصوري (المغرب)، أ. عبدالقادر غوقة (ليبيا)، د. عبدالقدوس المضواحي (اليمن)، أ. عبدالملك المخلافي (اليمن)، أ. عبدالوهاب القصاب (العراق)، أ. عوني فرسخ (فلسطين/الإمارات)، د. كمال الطويل (فلسطين/أمريكا)، د. ماهر الطاهر (فلسطين/سوريا)، أ. مجدي المعصراوي (مصر)، أ. محمد الحموري (الأردن)، د. محمد السعيد إدريس (مصر)، د. محمد المسفر (قطر)، أ. محمد عبدالمجيد منجونة (سوريا)، د. محمد مواعدة (تونس)، أ. مصطفى نويصر (الجزائر)، د. يوسف مكي (السعودية). وقد صدر عن المؤتمر بيان الى الأمة: شهد الوطن العربي، في الفترة الفاصلة بين ربيع العام 5002وربيع العام 6002، تضافر حالتين سياسيتين من التأثير في أوضاعه، تبدَّتا في شكل ديناميتين متعارضتين. أولاهما حالة الضغط الذي ما انقطعت فصوله ووقائعه على مجمل الأوضاع فيه. وكان مركز الضغط ذاك، ومايزال، هو القوى الامبريالية والصهيونية الساعية بدأب ثابت في تنظيم هجوم مركز على منطقتنا العربية ، متطلعة الى إسقاط ما تبقى من مواقع اعتراضية: وطنية وقومية، فيها، ومستثمرة في ذلك حالة الاختلال الفادح في موازين القوى الدولية والإقليمية بعد قيام نظام الأوحدية القطبية وتكريسه، وبعد إخراج العراق المحتل من معادلة القوة العربية. وثانيتهما حالة متنامية من الممانعة الوطنية والقومية لمفاعيل ذلك الهجوم المعادي المعاكس، مترافقة مع حالة من الحراك السياسي والاجتماعي الداخلي لتصحيح أوضاع السلطة والتوازن السياسي في الداخل الوطني، وإعادة تأهيل مجتمعاتنا العربية للتكيف الإيجابي مع السيل المنهمر من الضغوط الدولية والإقليمية المتعاقبة. وقد لاحظ المؤتمر -متأملاً في فعل هاتين الديناميتين- عدم التناسب بين حجم الضغوط التي تعرض لها الوطن العربي، وبين حصيلة المكاسب التي جنتها من ذلك قوى الضغط ا لدولي المطبقة عليه بالجيوش والأساطيل ومزاعم »الإصلاح« و»الديمقراطية«. ولم يفُتْه أن يفسر تلك الفجوة -بين كثافة الضغوط وتواضع النتائج- بنجاح حال المقاومة والممانعة العربية في كبح جماح الاندفاعة العدوانية الخارجية، وإجبارها على بلع الكثير مما تطلعت الى تحقيقه من أهداف معادية، دون أن يستصغر حجم التحديات الكبير الذي بات يمتحن مصير الأمة في لحظة الجزر القومي السائدة، وفي وقت بدأت تتصاعد فيه حركات دولية مناوئة للمشروع الامبراطوري الأمريكي ولجرائمه في العراق وغيره، أدى الى نتائج ملموسة في تساقط رؤوس بسبب انخراطها في هذا المشروع في أمريكا اللاتينية وأوروبا، وصعود قيادات مناهضة للهيمنة الأمريكية، مما يستدعي تعميق التواصل مع كل أحرار العالم، ومع جالياتنا في كل المهاجر، من أجل نصرة قضايانا العادلة وقضايا الشعوب المستهدفة، وذلك لتعميق التضامن الدولي لصد الهجمة الأمريكية. من هنا يحيي المؤتمر اختيارات الشعوب لقيادات تعبر عن مصالحها، وتستحق التقدير من أحرار العالم. ولقد رصد المؤتمر الأشكال المختلفة لفعل تينك الديناميتين على صعيد أهم القضايا العربية الراهنة، وأعلن مواقفه إزاءها: أ- في الأمن القومي العربي
1- استمرت حالة الاستباحة الصارخة للأمن القومي العربي باستمرار حالة الوجود العسكري الأجنبي من قوات وقواعد وأساطيل فوق الأراضي والمياه العربية، متغذية من حالة الاحتلال التي يرزح تحتها العراق وفلسطين، ومستفيدة من الدور الذي لعبته بعض الأنظمة في وضعها الموانئ والمطارات رهن إشارتها، وكذلك السماح بفتح مقرات في بعض العواصم لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي. ولم تتوقف الاستباحة تلك عند حدود ذلك الوجود، بل عبرت عن نفسها، أيضاً، في سياسات الحجر والوصاية على القرار العربي، ومصادرة أي شكل من أشكال استقلاليته، على النحو الذي بدا جلياً في عجز النظام العربي الرسمي عن اشتقاق سياسة مستقلة تجاه قضايا فلسطين والعراق والسودان، واضطراره الى تكييف نفسه مع الخطوط الحمر التي رسمتها السياسة الأمريكية تجاه هذه القضايا (الاعتراف ب»العملية السياسية« وبمعادلاتها الطائفية والعرقية في العراق المحتل؛ الاعتراف ب»خريطة الطريق« أساساً للتسوية؛ عدم إعلان رفض صريح لمبدأ التدخل الدولي إقليم دارفور؛ غياب سياسة عربية خاصة بهذه القضايا..). في مقابل هذه الهجمة المنظمة على الأمن القومي، تزايدت حالة المطالبة الشعبية بجلاء قوات الاحتلال والأساطيل الأجنبية، وإغلاق القواعد الأمريكية في منطقتنا وعلى أراضينا، على نحو ما عبرت عن ذلك جموع المتظاهرين في عشرات المسيرات والتحركات الشعبية الحاشدة، وعلى نحو ما أعلنته مواقف المنظمات السياسية والشعبية والمهنية على الصعيدين الوطني والقومي في أكثر من مناسبة. وقد ارتفع معدل الشعور بالمخاطر التي تقود إليها تلك الاستباحة لدى النظام الرسمي العربي نفسه، فلاحظنا إنهاء السعودية مثلاً اتفاقات استخدام بعض قواعدها من طرف الولايات المتحدة، وتزايد الدعوة الى إنهاء احتلال العراق، وإلى البحث عن تسوية سياسية لمشكلة غرب السودان بعيداً عن التدخل الدولي... الخ. ومع أن الاختلال فادح بين وزن الاستباحة الخارجية ووزن الاعتراض الداخلي العربي عليها، إلا أن إشهاره في وجه العدوان الأجنبي ليس تفصيلاً سياسياً عادياً ولا فعلاً موضعياً معزولاً، خصوصاً بالنظر الى تصاعد المطالبات الدولية ومن قوى كبرى (روسيا، الصين، فرنسا، وألمانيا) بإنهاء احتلال العراق وجلاء الأساطيل الأجنبية عن الوطن العربي. وفي هذا السياق يشدد المؤتمر على أن إبرام بعض الدول العربية اتفاقات تعاون عسكري، أو إجراء مناورات عسكرية مع قوات معادية، هو إسقاط فعلي لمعاهدة الدفاع العربي المشترك، ما يشكل انعكاسات خطيرة على الأمن القومي. ويرى المؤتمر أن الأمن الخليجي هو جزء من الأمن انلقومي العربي، وهو مهدد ليس فقط بسبب ظاهرة العسكرة المكثفة والقواعد الأجنبية في ظل المتغيرات الإقليمية الجديدة، وفي مقدمها أزمة البرنامج النووي الإيراني المتصاعدة بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكنه مهدد أيضاً بفعل تطورات داخلية تتراكم يوماً بعد يوم، وفي مقدمتها خطر الاختلال السكاني في غير صالح عرب الخليج، بما أضحى لايؤثر فقط على الأمن بمفهومه السياسي، ولكن أيضاً بمفهومه الثقافي والاجتماعي، فاللغة العربية مهددة، والثقافة العربية مهددة، بل إن المواطنية العربية باتت مهددة. إن هذه التهديدات تتفاقم في ظل تزايد الوجود والنفوذ الغربي في الخليج، والانفتاح الزائد على برامج ومناهج التعليم الغربية، وانتشار التعلم الغربي والجامعات الغربية، ونموذج مؤسسة رائدة الأمريكية يعتبر نموذجاً للمخاطر التي تهدد العقل العربي والثقافة العربية. وفي هذا المجال توقف المؤتمر باعتزاز، أمام وقفته كمؤسسة وكأعضاء، وفي أصعب اللحظات، في قلب حركة المقاومة والممانعة لهذه الهجمة العسكرية الاستعمارية ولكل تداعياتها السياسية والفكرية والثقافية، التي وقع في أسرها العديد من مثقفي الأمة وقواها. 2- القضية الفلسطينية إذ يلاحظ المؤتمر حالة السلبية العربية تجاه الجرائم اليومية التي يرتكبها جيش الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني: من تقتيل جماعي، ومن ملاحقات واغتيالات لأطر المقاومة ونشطاء الانتفاضة، ومن اقتحامات للمدن والقرى والمخيمات، ومداهمات للدور والمؤسسات وأماكن العبادة، ومن اختطافات واعتقالات لمئات الشباب، ومن جرف يومي للأراضي والحقول، ومن مصادرة للأراضي وتكثيف للاستيطان عليها، ومن إمعان في بناء جدار الفصل العنصري، ومن تجويع وحصار اقتصادي، ومن تقطيع ممنهج لأوصال المناطق المحتلة في الضفة الغربية بالحواجز والمعابر والطرق الالتفافية، ومن تهويد كثيف للقدس لطمس معالمها الحضارية والقومية والدينية، ومن عزل للسلطة وتضييق على مؤسساتها... الخ، وإذ يستنكر التواطؤ الأمريكي المكشوف مع الكيان الصهيوني، ومع مشروع إيهود أولمرت للانسحاب أحادي الجانب الذي يبقي مناطق شاسعة من الضفة -فضلاً عن القدس- تحت السيادة الصهيونية، ويسقط سائر قضايا الصراع الأساسية كاللاجئين والقدس والمستوطنات والمياه والدولة..، يسجل المؤتمر في الوقت عينه وقفة الصمود البطولي التي وقفتها جماهير شعبنا في فلسطين في مواجهة الغزوة والقمع الصهيونيين، والتي نجحت في تحصيل أهداف ثلاثة متضافرة ومتزامنة في الأشهر الأخيرة: أولها ا ستمرار حالة المقاومة الوطنية المسلحة في مناطق الضفة والقطاع على الرغم من اشتداد وطأة القمع الصهيوني ضد أطر المقاومة وقادتها، وعلى الرغم من زيادة الإجراءات الأمنية لحماية العمق الصهيوني في مناطق ال84 من قبيل مد جدار الفصل العنصري على امتداد -وداخل- المناطق المحتلة في العام 7691، في تحدٍّ صارخ للاستشارة القضائية الصادرة عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي مازالت مجمدة دون أي تفعيل، بالإضافة الى محاولات »الكيان الصهيوني« دفع السلطة وأجهزتها الأمنية للصدام مع المقاومة. وثانيها نجاح المقاومة في إجبار الاحتلال على الانكفاء العسكري عن قطاع غزة بعد أن امتنع عليه اقتحامه أو إعادة اجتياحه وتطويعه. ومهما قيل عن أن الانسحاب الصهيوني وحيد الجانب جرى ضمن إطار خطة شاملة لفك الارتباط بين »الكيان الصهيوني« ومناطق الغالبية الفلسطينية، لحفظ »نقاء« الدولة اليهودية، والتملص من البحث في قضية تقرير المصير الوطني الفلسطيني، فإن المؤتمر يرى في ذلك الانسحاب نتيجة موضوعية لما تعرض له الاحتلال من إرهاق شديد جراء ضربات المقاومة، ومحطة مفصلية على طريق إسقاط فكرة »إسرائيل الكبرى«. وثالثها نجاح الشعب الفلسطيني في إطلاق عملية سياسية ديمقراطية داخلية أفضت الى تحقيق شكل من التداول على السلطة بمناسبة انتخابات المجلس التشريعي. ومع أن تلك العملية جرت في ظل الاحتلال وانعدام السيادة الوطنية؛ ومع أن المجلس التشريعي هو مؤسسة من إفرازات اتفاق إعلان المبادئ وصلاحياته محدودة بحدود الحكم الذاتي، إلا أن النجاح في امتحان الانتقال الديمقراطي يمثل أساساً لبناء نظام سياسي حديث قائم على التمثيل النزيه وسلطة القانون والتداول الديمقراطي على السلطة، وهو ما يقع في صلب برنامج التحرر الوطني الفلسطيني. وإذ يسجل المؤتمر هذه المكتسبات العظيمة في رصيد الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، يناشد فصائل المقاومة كافة التنبه اليقظ للمؤامرات التي تحاك للإيقاع بينها، وإسقاطها في فخ الاقتتال الداخلي، ويؤكد المؤتمر أن الدم الفلسطيني محرم ومقدس، والعمل الدؤوب على قطع الطريق عليها من خلال إطلاق حوار وطني يتناول المسائل الخلافية، ويتمسك بالثوابت الوطنية والقومية، ويقود الى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية سليمة لتشارك فيها جميع القوى الوطنية والإسلامية، كونها الإطار الموحد والجامع واللمؤهل ليبقى الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وإلى تصويب العلاقة بين مؤسسات السلطة، وبين هذه وفصائل المقاومة. كما يستنكر المؤتمر بشدة محاولات الإدارة الأمريكية وحليفاتها من بعض الحكومات الأوروبية، عزل الحكومة الفلسطينية الجديدة، ومن ورائه تجويع الشعب الفلسطيني على اختياره غالبية نوابه من مرشحي حركة »حماس«، مما يفضح مزاعم تلك الدول حول »نشر الديمقراطية«، ويكشف عن سياسة ازدواجية المعايير التي تنهجها، ويطالب الدول العربية والإسلامية -في هذا الإطار- بلوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الشعب الفلسطيني، بل وزيادتها في ظل الفورة النفطية الحالية، وبتكثيف الدعم المادي والسياسي لرفع الضائقة عنه، وإسناد نضاله الوطني. كما يهيب بجماهير الأمة وقواها الحية تحمل مسؤولياتها القومية تجاه شعب فلسطين من خلال تقديم كافة أشكال الدعم والعون التي يحتاج إليها. كما يستنكر المؤتمر ويدين الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني بتواطؤ أمريكي -بريطاني معلن، كما الشأن في عملية اختطاف أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وجميع المناضلين الذين كانوا معتقلين في سجن أريحا، وتحميل الإدارتين الأمريكية والبريطانية المسؤولية عن هذه الجريمة؛ وفي هذا السياق يتوجه المؤتمر بقوة الى جميع الجهات المعنية والقادرة كي تتضامن من أجل إطلاق جميع المعتقلين في سجون العدو الصهيوني. 3- العراق وقد تناول المؤتمر أوضاع العراق تحت الاحتلال، وما تشهده من تطورات دراماتيكية تهدد بتقويض بقايا عناصر الوحدة الكيانية والمجتمعية فيه. وإذ يسجل إمعان الاحتلال الأمريكي في تمزيق النسيج الوطني، والتحريض على الفتنة الطائفية والاقتتال الأهلي، وتركيب نظام سياسي على حدود العصبيات الأهلية، وبمقتضى قاعدة المحاصصة في التمثيل والمشاركة، يسجل الفشل الذريع للاحتلال في تحقيق عملية سياسية تخرج البلد من أزمته الحادة التي أنتجها الاحتلال نفسه بتدمير الدولة والكيان وإطلاق تناقضات البنية الاجتماعية من عقالها السياسي. فإلى كون تلك »العملية السياسية« غير شرعية لأنها تجري في ظل الاحتلال، وما ينجم عنها باطل بقوة الحق والقانون الدولي، فهي لم تحظَ بإجماع وطني عراقي: فما سمي ب»الدستور « (المملى) رُفض بشدة من قطاعات واسعة من المجتمع، وجرت عمليات تزوير واضحة لتمريره، كما أتت »الانتخابات« التشريعية تعبر عن مهزلة سياسية حقيقية: في الاصطفافات الطائفية والعرقية التي أنتجت قوائم على مقاسها، وفي التجييش العصبوي الذي رافق الحملة الانتخابية، ثم في النتائج التي كشفت عن مذبحة رهيبة للتمثيل وتزوير فاضح لإرادة الناخبين، هذا دون المقاطعة الواسعة لهذه الانتخابات، ورغم الترويج الواسع بأنها الطريق لإخراج المحتل، أو لوقف الممارسات الطائفية البشعة التي تقوم بها بعض الأجهزة الحكومية، وفي مقدمتها أجهزة وزارة الداخلية، في مناطق ومحافظات عدة من العراق. وليست أزمة تشكيل الحكومة بعد أزيد من أربعة شهور عن الانتخابات، سوى حلقة في سلسلة أزمات حادة قادمة تضع الهندسة السياسية الأمريكية لمستقبل العراق في مأزق حاد لن تخرج منه إلا بخروج قوات الاحتلال من هذا البلد، واستعادة شعبه استقلاله وسيادته، وإعادة بناء دولته وكيانه الوطني ومؤسساته الدستورية. وإذ يتوجه المؤتمر بالتحية الى قوى المقاومة الوطنية العراقية على استبسالها في الدفاع عن الوطن والعمل على تحريره ودحر قوات الاحتحلال؛ وإذ يهيب بكل القوى الشعبية والرسمية العربية والإسلامية، وكل أحرار العالم، دعم نضال الشعب العراقي ومقاومته الباسلة، من أجل انتزاع حريته واستقلاله وسيادته، وتوفير حاضنة قومية وإقليمية لنضاله ولحركته الوطنية، يستنكر بشدة عمليات القتل التي تستهدف المدنيين العزل، والتفجيرات التي تستهدف الكنائس والجوامع والحسينيات والمستشفيات وسواها من المرافق الاجتماعية، ويعتبرها أفعالاً إجرامية لا وظيفة لها سوى تشويه سمعة المقاومة وتزوير هويتها الوطنية، واستدراج العراقيين الى الفتنة والاقتتال. وقد توقف المؤتمر باعتزاز أمام التداعيات المذهلة والمتسارعة التي يفرزها فعل المقاومة العراقية من تفاعلات مثيرة داخل المجتمع والإدارة الأمريكية، وتفاقم المأزق العسكري والأمني والمالي والأخلاقي لإدارة الاحتلال بما انعكس تدهوراً في شعبية الرئيس الأمريكي، وضغوطاً متصاعدة ضد رموز إدارته، وتفككاً في قوى التحالف العدواني، وازدياداً في الكلام عن خطط الانسحاب وجداول انسحابه، ومزاعم متواصلة حول مفاوضات غير صحيحة مع فصائل المقاومة، وكلها أمور تشير الى أن احتمالات الانسحاب باتت موضع جدل ونقاش داخل الولايات المتحدة نفسها.
ومن هنا تبرز ضرورة الاهتمام بمبادرات تضغط لخروج الاحتلال، وترسم ملامح العراق بعده، وخلال فترة انسحابه، كالمبادرة التي أطلقها الأمين العام السابق للمؤتمر د. خير الدين حسيب، بعد التشاور مع قوى وفصائل وطنية وإسلامية عراقية، وتتضمن أفكاراً سبق أن عرضتها برامج وآراء العديد منها. وإذ أكد المؤتمر على ضرورة اعتبار المقاومة العراقية المسلحة والسياسية بكل مستوياتها وأشكالها، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي، فإنه شدد على ضرورة قيام إطار تنسيقي موحد لفصائل المقاومة، وجبهة وطنية عريضة من القوى المناهضة للاحتلال تتجاوز كل جراح الماضي وحساسياته، وتنطلق من مراجعة جريئة وصادقة مع الذات للتخلص من شوائب وثغرات رافقت تجاربها، وتسعى لإحاطة المقاومة المسلحة بسياج شعبي واسع، وبسلسلة من التحركات السياسية والجماهيرية الداعمة، وبمناخ وطني جامع يضع حداً لكل المحاولات والجهات العرقية والطائفية والمذهبية التي تسعى الى إشعال الفتنة وتدمير الوحدة الوطنية العراقية، وقد باتت اليوم الاحتياطي الرئيسي لمشروع الاحتلال المأزوم على غير صعيد. وإذ يجدد المؤتمر مطالبته بجلاء قوات الاحتلال عن بلاد الرافدين دون قيد أو شرط، وبتمكين الشعب العراقي من استعادة استقلاله وبناء مؤسساته الوطنية والديمقراطية على أنقاض المؤسسات غير الشرعية التي أقامها الاحتلال، والتي يتعين على الحكومات العربية عدم التعامل معها، يطالب الدول العربية بتحمل مسؤولياتها تجاه العراق وما يتهدد وحدته وعروبته من أخطار، ويحذر من مغبة التمادي في تجاهل خطورة الموقف فيه، وما يمكن أن ينجم عن تفاقمه من تبعات ستأتي على استقرار المنطقة وعلى وحدة أقطارها برمتها، وفي هذا الإطار يؤكد المؤتمر موقفه الثابت من رفض مخططات التقسيم والتجزئة وخلق الكيانات المصطنعة، والتصدي لذلك انطلاقاً من حتمية العمل من أجل الوحدة العربية الشاملة. ويقف المؤتمر بإجلال أمام التضحيات الكبيرة للشعب العراقي، ويحيي المعتقلين من أبنائه وأبناء الأمة في سجون الاحتلال الأمريكي -البريطاني، ويدين ما يتعرضون له من انتهاكات وجرائم تشكل أحد أبشع أشكال الجرائم ضد الإنسانية، ويطالب المجتمع الدولي بالعمل على الإفراج عنهم ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم في حقهم. كما يؤكد المؤتمر إدانته لما يتعرض له معتقلو غوانتانامو مما يتعارض مع كل المبادئ الأخلاقية والإنسانية والشرع الدولية. 4- السودان أكد المؤتمر نظرته الى السودان باعتباره جزءاً لايتجزأ من الأمة العربية، وهو يشكل باتساعه الجغرافي مركزاً للاتصال والتواصل والانتشار الحضاري والعربي والإسلامي في مناطق الجوار الأفريقي شرقاً وغرباً وجنوباً، وهو البلد الرافد كسلة لغذاء الوطن العربي في زمن أصبحت فيه الأمة مستهدفة في أمنها الغذائي والمالي والنفطي، وفي تماسكها السياسي والاجتماعي والثقافي. يقع السودان في دائرة الاستهداف الأمريكي -الصهيوني منذ اشتداد الصراع بين الجنوب والشمال وتفاقم أزمة دارفور بهدف تبديل هوية السودان وضرب دوره العربي والإسلامي والأفريقي، والعمل على تقسيمه. وفي إطار المخطط الأمريكي -الصهيوني لتفكيك الوطن العربي دولة في أثر دولة، يأتي الإجهاز على السودان عبر حملة إعلامية مغرضة تسعى الى إقناع المجتمع الدولي بأن تدويل الأزمة ينهي مزاعم التطهير العرقي والإبادة الجماعية. ومن منطلق سعيه الى أن يبقى السودان ثابتاً في هويته العربية والإسلامية والأفريقية، ومحافظاً على وحدة أرضه ووحدة شعبه، يؤكد المؤتمر أن استهداف السودان هو جزء من استهداف الوطن العربي وعمقه الأفريقي، وأنه قوة استراتيجية للأمن القومي العربي والإسلامي والأفريقي، ولذلك فإن حمايته من الوقوع تحت الوصاية الدولية مسؤولية عربية مشتركة، وينبغي أن تحظى بأولويات العمل العربي المشترك. ويؤكد المؤتمر أن احترام التنوع في السودان وحسن إدارته بالحوار والتفاهم بين مختلف مكوناته، أمران لايتعارضان مع وحدته في ظل نظام ديمقراطي. ويعلن تأييد المفاوضات الجارية حالياً لايجاد حلول سلمية لأزمة دارفور، واعتبار الحوار هو المنهج لحل النزاعات المماثلة. وفي السياق نفسه يؤكد المؤتمر أن ما يتعرض له الصومال يدخل في إطار المخطط الأمريكي -الغربي، ويتطلب دعماً عربياً شاملاً. كما يؤكد المؤتمر دعمه لشعب جزر القمر في نضاله من أجل التحرير والوحدة. 5- لبنان جدد المؤتمر تحذيره من المحاولات الصهيونية والاستعمارية الرامية الى استغلال جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الأخرى المتصلة بها، وإلى استغلال مختلف الأخطاء والخطايا التي شهدتها العلاقة بين لبنان وسوريا في العقود الثلاثة الماضية، من أجل إحداث انقلاب جذري يسعى الى الانتقال بلبنان العربي الديمقراطي الموحد المقاوم، من موقع المواجهة في الصراع مع العدو الصهيوني، الى موقع الالتحاق بمخططات العدو وحلفائه في الإدارة الأمريكية وبعض الحكومات الغربية. ولقد اتخذت هذه المحاولات عنواناً لها هو القرار 9551 الذي يحاول إقامة جدار عازل بين اللبنانيين أنفسهم من جهة، وبين اللبنانيين وأشقائهم السوريين والفلسطينيين من جهة ثانية، عبر تدويل شامل لكل جوانب الحياة اللبنانية، أمناً وقضاء، سياسة واقتصاداً، وعبر وصاية دولية يمارسها سفراء دول كبرى عبر تدخلهم اليومي في الشؤون الداخلية اللبنانية، وعبر مبعوثين دوليين يجعلون من القضية اللبنانية قضية دائمة في جدول أعمال الأمم المتحدة على نحو يسمح لدول الوصاية، وخصوصاً الإدارة الأمريكية، أن تمارس ابتزازها وضغوطها على لبنان وسوريا لتحقيق أغراض غير لبنانية، ومشاريع لا علاقة لها بملف الجرائم والتفجيرات المستنكرة التي شهدها لبنان. ومن هنا فإن المؤتمر يؤكد تضامنه مع سوريا، ودعمه لصمودها في مواجهة كل التهديدات الخارجية. وإذ يبدي ارتياحه لتصميم القوى اللبنانية على مواصلة الحوار الوطني لحل كل المشكلات العالقة بينهم، ويشدد على أهمية كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري وكل الجرائم المتصلة بها، فإنه يجدد دعمه لمقررات المؤتمر العربي العام الرابع لدعم المقاومة الذي انعقد في بيروت في 03 آذار/مارس 6002، تحت عنوان »سلاح المقاومة شرف للأمة«، ويرى أن سلاح المقاومة في لبنان هو ضمانة لتحرير ما تبقى من الأرض المحتلة، وللإفراج عمن بقي في الاعتقال من الأسرى والمعتقلين، وفي مقدمتهم بطل عملية جمال عبدالناصر عميد الأسرى سمير القطنار، وللكشف عن مصير المئات من المفقودين على يد قوات الاحتلال وعملائهم، ولردع العدوان الصهيوني المتواصل في انتهاكه للسيادة اللبنانية، بالإضافة الى أن سلاح المقاومة اللبنانية يشكل مع السلاح الفلسطيني عنصراً ضاغطاً لتطبيق القرار 491 القاضي بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ومنع توطينهم في لبنان أو تهجيرهم منه، ناهيك عن أن السلاح الفلسطيني هو ضمانة لأمن المخيمات الفلسطينية بعد أن ثبت بالملموس في صبرا وشاتيلا (عام 2891) وفي اقتحام سجن أريحا (عام 6002)، سقوط ما يسمى بالضمانات الدولية. وعلى صعيد العلاقات اللبنانية -السورية التي تشهد تأزماً وتوتراً، في بعض المستويات والمجالات، فقد شدد المؤتمر على أهمية تعزيزها وتطويرها وإخراجها من سوق الابتزاز والضغوط الدولية لأغراض غير لبنانية، والعمل الجاد على تخليصها من كل ما انتابها من ثغرات وشوائب كانت مدخلاً لأعداء البلدين، وأعداء العروبة، كما هي ضمانة لاستمرار التواصل بين البلدين على قاعدة التكامل والتكافؤ والاحترام المتبادل بين البلدين. ويرى المؤتمر أن بعض الدعوات التي يشهدها لبنان باسم فصل قضيته عن قضية الصراع العربي -الصهيوني، إنما يؤدي بالمقابل الى ربط الوضع اللبناني بالأزمات الإقليمية والدولية كافة، فيما أن وضوح الموقف من العدو الصهيوني يشكل بالإضافة الى بعده القومي، الضمانة الرئيسية لوحدة لبنان وأمنه واستقراره. 6- في البرنامج النووي الإيراني أكد المؤتمر على حق إيران بامتلاك التكنولوجيا النووية والسلمية، ورأى في التهديدات الأمريكية والغربية لها مثالاً جديداً على استعداء الشعوب، ومنعها من بناء قدراتها الذاتية، وعلى ازدواجية المعايير والمقاييس، خصوصاً لجهة الصمت المطبق، والتشجيع المستمر لامتلاك الكيان الصهيوني ترسانة نووية حربية، ولخروجه عن كل الاتفاقيات والمنظمات المتصلة بالشأن النووي الصهيوني. علماً أن قرار مجلس الأمن رقم 786 الصادر عام 1991، والواقع تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والمتصل بقضية العراق آنذاك، قد نص بشكل واضح على ضرورة تجريد المنطقة كلها من أسلحة الدمار الشامل بعد التأكد من خلو العراق من هذه الأسلحة. وإذ شدد المؤتمر على ضرورة وقوف كل أحرار الأمة والعالم مع حق كل دولة بالتخصيب النووي ذي الأهداف السلمية، فإنه يدعو القيادة الإيرانية الأخذ بعين الاعتبار معلومات وملاحظات تريدها شرائح واسعة من أبناء الشعب العراقي، الى مراجعة جذرية وجريئة لسياسات وممارسات مدانة جرت وتجري في العراق وأفغانستان، وعلى يد أجهزة وجماعات متصلة بها، ضد شرائح واسعة من أبناء الشعب العراقي، بما يسهم حسب هذه الشرائح، في تعميق جو الفتنة، وبما يخدم مخطط الاحتلال الأمريكي، ويشوه الوجه العربي للعراق، ويضرب وحدته باسم الفيدرالية، وهو أمر يحول دون أوسع تعبئة شعبية عربية وإسلامية ضد المخططات الأمريكية والصهيونية الرامية الى ضرب دول المنطقة، الواحدة تلو الأخرى، وإلى تجريدها من كل مقومات القدرة والقوة لمجابهة التحديات الخارجية والداخلية. 7- الدولة والمجتمع من أبرز الإشكاليات التي تصدى لها المؤتمر إشكالية العلاقة بين الدولة والمجتمع في الوطن العربي. وفي هذا الإطار أكد المؤتمرون أن الدول العربية بمجملها يغلب فيها مفهوم السلطة على مفهوم الدولة، خصوصاً الدولة الحديثة التي تقوم فيها مؤسسات الحكم الديمقراطي السليم، وبخاصة مؤسسة العدالة التي عنوانها القضاء المستقل الفاعل والنزيه، ومؤسسات المراقبة والمحاسبة، والمشاركة الشعبية عبر الآليات الديمقراطية في اختيار الحكومات. وفي هذا السياق توقف المؤتمر عند العلاقة السلبية بين الدولة والمجتمع، فكان من الضروري أن يرصد الدور الذي يقوم به قضاة مصر من أجل استقلالهم في عملهم، ومن أجل حماية سيادة القانون وحماية الحريات، رغم التضحيات التي تتجلى في التحقيق مع بعضهم، وما يتعرضون له من مضايقات. وإذ يكبر المؤتمر مواقف هؤلاء القضاة، يتطلع الى تعميم تجربته في الوطن العربي في اتجاه قيام دولة الحق والقانون. ومن منطلق هذا الفهم يرى المؤتمر أن الدولة والمجتمع في الوطن العربي هما في أزمة انفصال ومواجهة، فلا الدولة تعبر عن مصالح المجتمع وإرادة أبنائه، ولا المجتمع يجد نفسه مشاركاً في اختيار الحكومات ورسم السياسات. لذلك يرى المؤتمر أن قاعدة حل الأزمة القائمة بين الدولة والمجتمع هي الإصلاح بمفهومه الشامل، بدءاً بالإصلاح السياسي القاضي بدسترة القوانين، باحترام حقوق الإنسان والحريات الخاصة والعامة، بالتعددية السياسية والحزبية، بإدارة التنوع وفق قواعد الحوار وأصول المشاركة الديمقراطية، والتداول، وتعزيز الحياة البرلمانية، وإلغاء قوانين الطوارئ وسائر القوانين التي تنتهك حقوق الإنسان التي كفلتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، والمحاكم الاستثنائية ذات الطابع السياسي والمدني، والإفراج عن معتقلي الرأي، وتوفير الضمانات اللازمة لحماية حق المواطن في المساواة وتكافؤ الفرص والعيش الكريم والصحة والتعليم والسكن والعدالة القانونية والاجتماعية. وفي هذا السياق يرى المؤتمر أن قاعدة الإصلاح الشامل هو المواطنة المتساوية بين الناس، فلا تمييز ولا تمايز أمام القانون في الحقوق والواجبات. إن الأولوية هي للإصلاح السياسي لإزالة أنظمة الاستبداد الداخلي التابعة لأنظمة الهيمنة الخارجية الحامية والداعمة لها تأميناً لمصالح الخارج في الداخل. إن مشروع الإصلاح الشامل يجب أن يتحرر من ثنائية الاستبداد الداخلي والهيمنة الخارجية، فلا قبول للاستبداد تحت شعار مواجهة الهيمنة الأمريكية -الصهيونية، ولا قبول للهيمنة والاستقواء بالخارج تحت شعار مقاومة الاستبداد، إذ أن مقاومة الاستبداد يجب أن تكون جنباً الى جنب مع مقاومة الهيمنة، ورفض ربط مشروع الإصلاح الوطني القومي بما
يعرف بالمشروع الأمريكي للديمقراطية، وتوسيع هامش التحالفات بين كل تيارات الأمة المعادية للاستبداد والهيمنة الأمريكية -الصهيونية. والإصلاح السياسي كذلك يحرر السلطة من قوى الاحتكار والفساد، فاحتكار السلطة وشيوع الفساد أمران متلازمان، والقضاء على أحدهما يحتم القضاء على الآخر. الإصلاح السياسي، كما يراه المؤتمر، حاجة عربية ذاتية، أظهرها وأثارها في العديد من بياناته منذ مؤتمراته الأولى، وهو ينبه الى ضرورة التفريق بينها كحاجة ذاتية يصر المؤتمرون على تحقيقها، وكشعار خارجي يطرح لتغليف مشاريع السيطرة وإثارة الفتن في المجتمع العربي، وفي بعض قطاعات المجتمع المدني ومثقفيه، يحذر المؤتمرون من السير في أضاليله والوقوع في شبكات تمويله. 8- الثقافة والتربية والتعليم شدد المؤتمر على ضرورة اهتمامه بالتعليم وجودته وتعميمه لأنه حق أساسي للإنسان، وعلى ضرورة تأمين تربية أصيلة ومعاصرة تستجيب لعالم يتغير بسرعة، وإيجاد مواطن صالح، محافظ على هويته، متمسك بتراثه الحضارزي، مؤكداً أن المعرفة والإبداع والثقافة هي جزء من تراثنا ورسالتنا، وهي بالنسبة لنا حركة تاريخية لاتتوقف للتجدد والنهوض والخلق. وإذ حذر المؤتمر من مخاطر الغزو الإعلامي الذي تنبغي مواجهته بإعلام عربي يفضح التضليل المفاهيمي في المصطلحات، وفي التغطية على جرائم الإرهاب الأمريكي -الصهيوني الذي ذهب ضحيته عشرات الإعلاميين، فضلاً عن الاعتقالات والمضايقات المتمادية بحقهم، أكد المؤتمر إدانته الشديدة لهذا الإرهاب الفكري. كما حذر المؤتمر من المحاولات الخطيرة الرامية الى اختراق مناهج التربية والتعليم في وطننا، وتدمير مقومات وحدتنا الثقافية، وفي مقدمتها اللغة العربية، ودعا الجهات المعنية بشؤون الإعلام والتربية والتعليم والثقافة، الى التنبه لهذه المحاولات، ودراستها بشكل معمق، واستنباط الوسائل العلمية والتقنية القادرة على تحصين مجتمعاتنا بوجه هذه الاختراقات، والارتقاء بمناهجنا الى المستوى اللائق بأمتنا، والمواكب لروح العصر وإنجازاته. وفي عصر حوار الحضارات والثقافات والأديان تؤكد العروبة على قدرتها الذاتية واحترامها للآخر، وانفتاحها وتواصلها، وتقديم ذاتها طليعة العاملين من أجل تعزيز حوار الحضارات والثقافات والأديان للعيش معاً بأخوة ومحبة وأمان وسلام، خصوصاً أن الحضارة العربية الإسلامية التي يدعو المشروع النهضوي الحضاري العربي الى تجددها، هي صنع ثقافات وأديان وأعراق تساكنت في هذه المنطقة على مدى القرون، ورسمت معاً معالم حياتها المشتركة. 9- التنمية تناول المؤتمر التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقلة بمفهومها الواسع الشامل، بوصفها أحد المبادئ الستة التي يقوم عليها المشروع النهضوي العربي، وبوصفها عملية إصلاحية شاملة لايمكن تحقيقها إلا في ظل إصلاح شامل يحقق المشاركة السياسية الواسعة والاستقرار السياسي. ولما كانت التنمية تحتاج الى سوق واسع، فإن المؤتمر يرى أن الحاجة باتت ملحة الى تحقيق السوق العربية المشتركة، ذلك أن التنمية الحقيقية تفترض توفر السوق ذات الحجم الكبير. لذلك: يحذر المؤتمر من سياسات التنمية المشبوهة التي تفرضها المؤسسات الدولية تحت عناوين الإصلاح وإعادة الهيكلية، ويدعو الى تعزيز التوجهات القومية للتنمية بالتركيز على تكامل الاقتصادات العربية، وتحقيق انسياب طبيعي للموارد الاقتصادية والبشرية، وتحقيق اتساع السوق ووحدتها، وإقامة المشروعات العربية المشتركة. وفي السياق نفسه يؤكد المؤتمر ضرورة تحسين مؤشرات التنمية البشرية انطلاقاً من الاهتمام بالتربية والتعليم والبحث العلمي، والقضاء على الأمية، وتعزيز قيم المجتمع الحضارية والأخلاقية. أما الهدف من كل ذلك فهو تحويل المجتمعم العربي من مجتمع استهلاكي الى مجتمع إنتاجي عبر آليات منها توفير الشروط المناسبة للاستثمار الإنتاجي، والقضاء على مظاهر الفساد والإفساد، وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة. ولعل مكامن الخطر في سياسات التنمية الراهنة هي في الاعتماد على الاقتصاد القطري الريعي المتمثل بالثروة النفطية، لذلك يرى المؤتمر أن فتح الاقتصاديات العربية على بعضها البعض ضرورة قومية وقطرية ملحة، تفترض تحرير التجارة وإلغاء الرسوم والقيود على التبادل السلعي، والارتقاء بالاقتصادات العربية الى مستوى التكامل، وتسهيل انسياب رؤوس الأموال العربية، والاهتمام بتبادل المعلومات، وإنشاء مراكز البحوث العلمية والاقتصادية المشتركة، ومقاطعة البضائع الأمريكية والصهيونية، وتعطيل مصالحها في مفاصل الاقتصاد العربي. ويشدد المؤتمر في هذا السياق على أهمية تمكين المرأة ومشاركتها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما يقضي بضرورة العمل على الارتقاء بأوضاع النساء العربيات اجتماعياً وثقافياً، فضلاً عن معالجة شؤون الشباب ومشاكل الهجرة، واسترجاع العقول العربية المهاجرة. ويوصي المؤتمر الأمانة العامة بتوفير شروط إبراز نموذجية التعاون العربي من أجل تنمية مستدامة، وذلك عبر خلق آليات للتواصل وتبادل المعلومات والخبرات، وخاصة في مجال التعليم والبحث العلمي والصحة والمشاريع الاقتصادية. وفي الختام، إذ يعبر المؤتمر عن ارتياحه لنجاح دروته السابعة عشرة في التأكيد على استمرارية هذا الإطار القومي الديمقراطي الحواري الشامل واستقلاليته، فإنه يشدد على ضرورة أن يشارك أعضاؤه جميعاً من خلال مواقعهم الفاعلة في أقطارهم ومراكز تجمعاتهم جميعاً، في تحويله الى إحدى أبرز مرجعيات الفكر والنضال في الأمة، وفي إبقائه إطاراً لدعم إرادة المقاومة والممانعة في الأمة بكل مستوياتها وصورها، وفي سعيه الى تحويل المشروع الحضاري النهضوي العربي كموجه لكل برامج العمل الوطني، وكمحرك لآلياته، وكملهم لنضالاته. كما يجدد المؤتمر شكره لكل من ساهم بإنجاحه من داخل المغرب وخارجه، من شخصيات وقوى سياسية ونقابية ووسائل إعلامية، لاسيما اللجنة التحضيرية للمؤتمر في المغرب التي استطاعت، وبإمكانات ذاتية متواضعة، أن توفر نجاحاً مميزاً لهذه الدورة، وتأكيداً على قدرة المجتمع على بناء مؤسساته وتطويرها بالاعتماد على النفس، مع تجديد الشكر أيضاً للتسهيلات الكريمة التي قدمتها السلطات المغربية لكل أعضاء المؤتمر بالدخول الى المغرب دون أية عراقيل.
الدورة السابعة عشرة للمؤتمر القومي العربي - الدار البيضاء 5-8 أيار / مايو 6002م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.