حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    حقائق سياسية إستراتيجية على الجنوبيين أن يدركوها    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    اليمن: حرب أم حوار؟ " البيض" يضع خيارًا ثالثًا على الطاولة!    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    وفاة نجل محافظ لحج: حشود غفيرة تشيع جثمان شائع التركي    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    شبوة تتوحد: حلف أبناء القبائل يشرع برامج 2024    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    شكلوا لجنة دولية لجمع التبرعات    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة قاتمة لحقوق الإنسان والمواطنة في اليمن (ملف خاص)
غيض من فيض لسيادة قانون القوة
نشر في الوحدوي يوم 21 - 04 - 2008

يحكي هذا الملف قصصاً عديدة اخترناها كنماذج تكشف بجلاء مدى الصورة القاتمة والحية لحقوق الإنسان وللمواطنة في بلادنا.
تكشف سيادة قانون القوة، ومدى نفوذ الظلم والاستبداد الذي يجري بنهج رسمي، وأخرى بصورة ترتدي حلة رسمية من قبل نافذين تدعمهم السلطة ويدعمونها، ينتهكون العرض وينهبون الحقوق ويزهقون الأرواح، ولن يجد القانون إليهم سبيلاًَ.
النماذج كثيرة، وما يحكيه هذا الملف غيض من فيض ما يجري نتاج غياب الدولة والدوس على الدستور والقوانين، وغياب المواطنة المتساوية، وللفوضى التي تحكم بها البلاد.
أناس فوق القانون، وآخرون ينتعلونه.. والضحايا كثيرون.
هذه الصور المختارة هي لقضايا شغلت الرأي العام فترات طويلة، ولم يحصل أصحابها على حقوقهم، لأن السلطة، وبالذات حكومات المؤتمر الشعبي العام، تحولت الى خصم أمامهم، فحالت بينهم وبين العدالة.
لقد أردنا في هذا الملف أن يكون صرخة مدوية ضد الظلم، ضد التفرقة، ووقوفاً الى صف الضحايا والمستضعفين، كما هو وقفة الى جانب القانون المستباح، وواجب على عاتق كل الأقلام الشريفة تجاه فئة سامها الطغيان سوء العذاب.
صرخة لكل الضمائر الحية، وللمشاعر الإنسانية، للدولة، لمجلس النواب، لمجلس القضاء الأعلى، للأحزاب والمنظمات الحقوقية والإنسانية.. نرفعها باسم كل مظلوم ومنتهك، نستجدي من خلالها عدالة حفر قبرها وحثي عليها التراب، نرتجي من خلالها عودة قانون صار سيفاً مصلتاً على رؤوس الضعفاء، في حين ينتعله طواغيت هتكوا الأعراض وأزهقوا الأرواح وسلبوا الحقوق، بتواطؤ من الجهات المعنية بالمساواة وحماية الحقوق والأعراض، إن لم تكن شريكة معهم.
أهدي هذا الملف الى أرواح الحامدي والرعوي، وشهيد الأخلاق الحسنة، وإلى كل مظلوم يبحث عن الإنصاف في وطن تحكمه الفوضى وقانون القوة.
اعتمدنا على العديد من المصادر المشار إليها في سبيل الحقيقة. ولا يفوتني في بداية هذا الملف أن أقدم شكري للزميل فائز عبده الذي بذل جهوداً مضنية في غسل الملف من أخطائه، وللمخرج الشاب المتألق رشاد علي محمد. كما هي تحية من الأعماق للزميل محمود طه بلمساته الفنية. والعذر كل العذر لكل مظلوم غفلت أو عجزت بسبب المساحة وضيق الوقت، عن الإشارة الى قضيته أو معاناته.
ومن الله أسال السداد، وهو من وراء القصد.
اللا دولة
نماذج لقضايا رأي عام استحقت هذا الأسم ببشاعتها،لأنها مثلت تحدياً من مرتكبيها للدستور وللقوانين وللأنظمة وللدولة، الهزيلة فضلاً عن أنها كشفت غياب الدولة وسلطة القانون، وأوضحت بجلاء وقوف الحكومة بجهاتها المعنية وبمسؤوليها الكبار، الى جانب الجناة ضد المجني عليهم الضعفاء والمساكين، فأضحت لذلك قضايا ذائعة وسط الرأي العام، شاغلة له منذ حدوثها الى اليوم.
هذه القضايا لجأ أصحابها الى الجهات المعنية في السلطة، مطالبين بإنصافهم وتطبيق القانون وتحقيق العدل، لكنهم لم يجدوا إلا عجزاً فاضحاً وتواطؤاً سافراً للسلطات مع غرمائهم ذوي العيار الثقيل؛ من متنفذين ومراكز وقوى نفوذ حاكمة قبلياً وأسرياً، ممن لايطالهم القانون، ومنحتهم سلطة الحزب الحاكم حصانة، ومكنتهم من قتل الألارواح وهتك الأعراض وسلب الحقوق، والدوس بتعاليهم على الدستور والقانون.
وفي ما يلي سنعرض لصنف ثانٍ يتمثل في أناس وقع عليهم الظلم، وانتُهكوا، فلجأوا الى النضال السلمي وأساليب الاحتجاج الحضاري لإجبار السلطة على إنصافهم ورفع الظلم عنهم وتطبيق القانون، وللأسف لم يجدوا من الدولة سوى المضايقات وتحريف قضاياهم إعلامياً، والتحجج بأنها مدعومة وتقف خلفها المعارضة، درءاً ودفاعاً عن الجناة الذين هم إما مسؤولون فيها، أو متنفذون ذوو صلة بقيادات في المؤتمر الشعبي العام، أو أعلى هرم السلطة، الأمر الذي اعتُبر دفعاً لهؤلاء من قبل السلطة نحو انتهاج العنف والفوضى للأخذ بحقهم، ورسالة الى كل ذي حق: خذ الحق بيدك أو الجأ لقبيلتك، وإلا فإنك ستكون كهولاء الذين جعلناهم عبرة للجميع، ونماذج لليأس من أي إنصاف لدى الأجهزة الأمنية والقضائية والحكومة ككل، ولكنهم أصروا على نضالهم السلمي والحضاري، مشكلين إحراجاً للسلطة أمام منظمات حقوق الإنسان والجهات المانحة والمعنية بها، فتضطر أخيراً الى الالتفات لهم، ومحاولة إرضائهم بحلول خارجة عن القانون، وإن كانت تمثل الحد الأدنى من مطالبهم، إلا أنها لاتأتي إلا بتدخل من الرئيس شخصياً، لأنه لايجرؤ أي مسؤول على حل قضايا كهذه رغم تفاهتها، إلا بعد إذنه بذلك، محدداً منهج الحل المتبع فيها.. فالى الملف:
جناة ينتعلون القانون
قضية أبناء الشعر مع نجل أحد أصهار الرئيس التي من خلالها نصل لنتيجة حقيقية تكشف مدى التمييز القائم، والذي تنتهجه السلطة في تعاملها مع قضايا المواطنين، حيث المواطنة ذات الدرجة الأولى ومواطني الدرجة الثانية، حيث لكل فئة قانونها الخاص وفقاً لهذا التصنيف، ومن قبيل الخرافة أو الجهل المطالبة بالاحتكام للقانون والدستور، أو اللجوء للقضاء في قضية يكون الجاني فيها من الدرجة الأولى والمجني عليه من الثانية.
وقصة سيارة أحد أبناء الشعر إب، نموذج ومثال اخترناه كدليل على ذلك، وإن كانت الوقائع كثيرة يصعب استذكارها أو حصرها.
القصة ببساطة تبدأ بقيام ابن الشعر المغترب في أمريكا نواف الخنشلي، بركن سيارته المونيكا 2006 ذات اللون الذهبي، أمام منتزه بيروت بمدينة حدة في العاصمة صنعاء، منتصف سبتمبر 2007م، وليعود بعد وقت وجيز قضاه داخل المنتزه، فلا يجدها. وبينما هو يعيش حالة من الذهور وصدمة المفاجأة، والسؤال عن مصير سيارته التي كانت هنا، يبعث الله له أحد الخيرين طالباً منه أن يتبعه بصمت، وسيدله على المنزل الذي استقر فيه مصير سيارته من قبل ناهبها الذي سرقها بطريقة أثارت شكه وفضوله ودفعته للسير وراءه حتى منزله، ليصل به الى قصر من الفخامة بمكان، ويقول له في حوش هذا القصر توجد سيارتك، وما عليك إلا أن تستردها بما يمكنك فعله، دون أن تشير أو تذكر أنني أرشدتك اليها لا من قريب ولا بعيد.
سارع نواف الى إبلاغ الأجهزة الأمنية التي سارعت الى الحضور معه الى القصر الذي توجد فيه السيارة المسروقة، وفجأة يلحظ أن حماس رجال الأمن الأشاوس تحول سريعاً الى برود ويأس يبعث على الغرابة.. لماذا؟ لأنهم اكتشفوا أن السارق هو نجل أحد المقربين جداً من الزعيم الملهم والمسؤول الأول في هذا البلد، فضلاً عن كونه وزيراً سابقاً ومسؤولاً كبيراً في الحزب الحاكم حالياً، إنه «م.ك».
الحملة الأمنية تقفل راجعة الى أدراجها بعد أن اعتذرت للخنشلي لعجزها عن إعادة سيارته، لأن الذي قام بنهبها شخص فوق القانون، ومن فئة الذين يشكلون خطاً أحمر لايطاله أمن ولا نائب عام ولا قضاء ولا غيره، بل إن مجرد مخاطبته بشأنها تهور لاتحمد عقباه من أي مسؤول أمني أو قضائي مهما كان موقعه.
الخنشلي يعي الدرس كاملاً، فيقرر العودة الى أهله في الشعر، ليطرح عليهم ما حدث لسيارته. وبعد التشاور قرروا أن الحل أو الطريق الوحيد هو أن يقوم مشائخ الشعر بالاعتصام أمام الرئاسة حتى تعود سيارتهم، وتم ذلك، وظلوا أياماً دون جدوى، الى أن بادر الشيخ علي مقصع -خال رئيس الجمهورية- الى الحكم القبلي الذي يقضي بأن يقوم هو وعدد من مشائخ وعقال مديرية سنحان، بالنزول الى أمام منزل الحنشلي في الشعر، للاعتذار له نيابة عن «م.ك»، ويسلموه سيارتين إحداها مماثلة لسيارته المنهوبة مونيكا 2006، ومجموعة من الثيران «هجر» حسب العرف القبلي. وتم ذلك، وأخذ أبناء الشعر سيارة بديلة لسيارتهم، وأرجعوا الأخرى مع الثيران.
وحتى لانظلم أبناء سنحان، وعلى رأسهم الشيخ مقصع، نشير الى أنهم قاموا بتحكيم أبناء الشعر نيابة عن الجاني، مع أنه لا علاقة تربطهم بالقضية لا من قريب ولا من بعيد، فالجاني مستقوٍ بالسلطة وبنفوذ الدولة، ورافض الامتثال بالخطأ حتى ولو بعد حين.
وهكذا انتهت القضية دون أن يعلم أحد بعد ذلك مصير السيارة المنهوبة، وما الذي تم بشأنها.
وأهم شيء أن أبناء الشعر صمدوا حتى حصلوا على سيارة بديلة «صورة» لسيارتهم المنهوبة، ولا يعنيهم شيء بعد ذلك، قامت السلطة الأمنية والقضائية بدورها تجاه ناهبي سيارته، أم لم تقم به!
دماء ثيران سنحان تتساوى بدماء الانسان
لم ولن يكون ابن حبيش إب «الحامدي» أول الضحايا ولا آخرهم في وطن يحكمه قانون الغاب، الوطن الغابة كم نراه ويراه كل الضعفاء والمظلومين الذين يتساقطون واحداً بعد الآخر أشلاء ممزقة ودماء سائلة بسيوف النافذين والأقوياء المقربين والأقارب للشلة الحاكمة.
أرواح تذهب يومياً ضحية للعجرفة والهنجمة والوحشية التي باتت سمة عامة لكل من امتلك القوة أو النفوذ أو القرابة للحاكم أو المنطقة الحاكمة.
أبرياء يذهبون غير مأسوف عليهم لدى السلطة وأجهزتها الأمنية، ولا قانون ولا دستور يطال من يتسلّون بقتلنا وبأبشع الطرق المبتكرة التي لم تعهدها البشرية. فهم إما نافذون كبار يحظون بدعم الحزب الحاكم وحكومته ست سنوات مقابل مجهود يبذولونه أياماً انتخابية في إجبار الرعية وتزوير إرادتهم بالتصويت للحزب الحاكم، وإما أنهم من قبيلة أو منطقة الرئيس، أو لهم «ركب» قوية في أعلى السلطة التنفيذية، أو ينتمون لجماعة أو عصابة فوق الدستور والقانون، وثورتها تقلق العرش، وستفتح له جبهة تنهي سلطته المتهالكة والمتهاوية.
أجهزة الأمن ماذا عساها تعمل؟ وأية قوة ستجعلها تعود من سنحان بعصابة قوامها 20 مجرماً، ارتكبت جريمة قتل بشعة تمس الإنسانية والرأي العام، بحق «لغلغي» يدعى الحامدي، الذي لم ينعم براحة الموت إلا بعد ضرب هز العاصمة ولم يهز قلب الحاكم، أسفر عن فقده الوعي، ليتم إفراغ الرصاص في رأسه أمام ولديه، وعلى مرأى ومسمع من النظام والقانون ودولته التي يتشدق بها طغمة الحكم يومياً على التلفاز والإذاعات المزكمة للأنوف.
لايمكن لأحد يمتلك الغيرة في الأجهزة الأمنية فعل شيء بوحوش الغابة، وبالتالي فإن 4 ثيران ومثلها من الخرفان، تساوي في القيمة حياة الحامدي ودمه، الحل الذي ليس بالإمكان سواه في غياب الدولة، كما رأى ذلك زعماء وسادة الحزب الحاكم المتربعون على كرسي السلطة أو كراسي قيادة هذا الحزب المتسم بالفوضى وهشاشة الكيان، والذي لم ينصف مظلوماً، وما زجر ظالماً فيه، كل الملفات يغلقها بنفس الطريقة التي أغلق بها ملف جريمة قتل الحامدي.
ضاعت سلطة الأمن والضبط القضائي التي قصفت منزل العميد المهرس وقتلته مع زوجته، وحولت منزله الى أشبه بالخرابة. واختفى الأشاوس الأبطال الذين يقتلون المشاركين في الاعتصامات السلمية بالضالع وردفان وعدن وحضرموت، ولم نجد لهم أثراً عندما تحدث جرائم قتل بشعة بحق أي مواطن يمني لايوجد من يأخذ بثأره بالقوة.
تغيب الحملات الأمنية الكبيرة التي تداهم أصحاب محلات الخضار، وتجبرهم على الانتقال الى سوق ذهبان، والتي تطارد الباعة المتجولين في الأزقة والشوراع، وتقتل العديد منهم ظلماً وعدواناً.. هذه القوات الجرارة تلاشت، وأصحبت سراباً عندما قتلت عصابة الضنين 3 من أفراد الشرطة العسكرية في عصر غرب الأمانة، لأنهم منعوهم من البسط على أرضية أحد المستثمرين الخليجيين. لم يجد هؤلاء الضحايا من الدولة أو الرئيس شيئاً سوى تسميتهم بشهداء الواجب، وترقية الضنين الى رتبة لواء، وتعيينه مستشاراً للقائد الأعلى للقوات المسلحة. إجراء بديل لاقتصاص الشهداء في مملكة الغاب وعصر الفتوات.
دولة الراعي تقتل الرعوي في سجنها
ما جرى في مباحث إب ليس حدثاً نادر الحدوث في ظل حكومة ورئاسة الحصان. فقبل الرعوي كان المخلافي الذي قُتل وهو مكبل بالقيود في قفص محكمة غرب الأمانة، من قبل المدعي ضده بتهمة لم تثبت إدانته فيها، بينما القاضي قابع على منصة المحكمة التي تنضوي في إطار محكمة استئناف الأمانة، وقامت شرطتها القضائية بدور بطولي مشرف في طرد وضرب الصحافيين والمحامين، بمن فيهم قيادات في مجلسي النقابتين، بدأ داخل القاعة وانتهى برميهم في الشارع بأوامر من القاضي الهردي الذي تضايق من حضورهم جلسة محاكمة الزميل الخيواني السابقة.
حدث هذا في غابة اسمها اليمن، وداخل هيئة قضائية بالعاصمة. لقد حضرت هراوات وعصي وبنادق الشرطة القضائية لضرب المحامين والصحافيين، وغابت عندما قتل المخلافي مكبلاً في قفص المحكمة. أليس هذا دليلاً على الأمن والأمان الذي تجحد المعارضة وجوده، وتتكبر عن الاعتراف بجهود حكومة الحصان في تحقيقه؟!
أليس غياب العدالة وسلطة القضاء الذي أصبح دمية بين النافذين في الحزب الحاكم والسلطة، هو سبب ذلك؟ أليس هو الذي دفع قبائل الى تنفيذ حكم الإعدام بالقتلة من أبنائها دون الرجوع الى قضاء كسيح وأمن خاص بالضعفاء والكادحين فقط، كما فعلت قبيلة العواكب التي قتلت في اليوم الثاني الشخص الذي قتل شيخها واثنين معه في 22/3/2007م.
ماذا عملت النيابة كجهاز قضائي؟ احتجزت الجناة وأطلقتهم بعد ذلك.
وكيف لقضاء كهذا يعجز عن اعتقال مدير مباحث محافظة سابق في جريمة كهذه، أن يصبح ملجأً للمظلومين وأصحاب الحقوق والمستضعفين؟
أي نظام وأي قانون نتكلم عنه بعدما سمعنا أن نيابة جبلة أقرت بأن لا وجه لإقامة الدعوى ضد المتهمين بهدم منزل الرعوي بعد مقتله، بتلك الطريقة البشعة، وفوق ذلك تفرج عنهم بناءًً على قرارها الآثم؟ ألا يعني ذلك إباحة لحقوق الناس وأعراضهم وحياتهم وممتلكاتهم، وإلغاء للقانون وتكريساً للفوضى القائمة؟
إن تعاملاً كهذا مع قضية رأي عام كهذه، ومتزامناً مع ضغوط تمارس من قيادات عليا في السلطة والحزب الحاكم على أسرة المجني عليه الرعوي، للقبول بالصلح، رفض واضح من قبل الحاكم لتطبيق القانون ولسير القضية وفق الإجراءات الشرعية، وانحيازاً لجانب القوي على الضعيف، حتى وإن كان الأول مغالياً في بشاعته وبطشه وجبروته!
هذا هو الأمن والأمان المزعوم الذي نعم بالعيش في ظله الرعوي وأسرته. أمان لم يجدوه في سجون المباحث، ولا في قفص المحاكم، فما بالك بالشارع أو البيت أو غيره.
من الذي ساعد وسهل لعصابة مسلحة تحدي القوانين ودخول مباحث إب، وقتل صلاح الرعوي فيها؟ وكيف تم الإفراج عن الجناة، وتوقيف السير في القضية؟
الحاكم يدافع عن مغتصب سوسن
ماذا عن الطفلة البريئة سوسن (9سنوات) التي مضى قرابة العامين على اغتصابها في 23فبراير 2006م، وهي ترعى الغنم في منطقة خطيرة حمامة بالمضلعة -مديرية جبل عيال يزيد بمحافظة عمران، من قبل أحد الأثرياء، وأكد تقريران أحدهما من طبيبة روسية في مستشفى عمران، تعرضها للاغتصاب.. فماذا جرى للجاني؟ تولى الدفاع عنه نائب رئيس الدائرة القانونية للحزب الحاكم نزيه العماد، الذي طلب ذلك بضمان حضوري.
وإلى اليوم والمحكمة تعيش حالة مخاض عسير وأزمة ضغوط تحول دون الفصل في القضية وإنصاف هذه الطفلة اليتيمة التي استقبل أمن عمران بلاغ جدها بإيداعه السجن والضغط عليه للقبول بالصلح القبلي من قبل متنفذين ومشائخ عرضوا عليه مبلغ 300 ألف ريال ليتنازل عن قضية اغتصاب صغيرته. أرادوا منه أن يبيع عرضها بثمن بخس، ويعدل عن اللجوء للقضاء. تعددت القضايا والجرائم.. والحل برأيهم واحد.
بعد أن يئس هؤلاء من تنازل الشيخ المسن، وبعد شهر من الحادثة، لجأوا مع النيابة الى خطفه مع الصغيرة الى صنعاء، ليأخذوا المجني عليها عنوة وهي تبكي، الى مستشفى السبعين، ليتم إصدار تقرير طبي جديد ينفي تعرضها للاغتصاب، ويقول إنها سليمة، في محاولة جديدة لتضليل العدالة، ومواجهة الضعيفة سوسن وجدها الطاعن في السن من جبهة طويلة عريضة، احتشدت فيها سلطات المحافظة الى جانب المتنفذين والمشائخ والنيابة والحزب الحاكم ومستشفى السبعين.. فماذا ستكون النتيجة؟ تمييع القضية والمماطلة فيها من قبل المحكمة التي لاشك في قدرتها على الفصل فيها خلال شهرين على الأكثر لو كان لديها قدر من النزاهة والعدالة والاستقلالية.
هذا مثال لتعثر وعجز القضاء عن تطبيق القوانين وإنصاف الضعفاء المستضعفين بصورة تبث روح اليأس بأن هناك قانوناً وقضاء ينصف من يلتجئ إليه، ويدفع كل مظلوم الى انتهاج أساليب أخرى للأخذ بحقه، سواء عبر قبيلته أو بمفرده، وتحل الفوضى، ويكرس الثأر؛ كل ما يريده الحزب الحاكم وحكومته.
«لقد أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا اذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد»، هذا ما قاله رسولنا صلى الله عليه وسلم، وأوصلنا إليه حزب الصحان وحكومته بعد أن أصبح لهم نهجاً وتشريعاً.
لهذا يظل قتلة شهيد الأخلاق الحسنة عصيين على القانون
أنى لأسرة منصور الشهاري؛ شهيد الأخلاق الحسنة، أن تجد قاتليه في منصة المحكمة، وهما ابنا ضابط رفيع في القوات الجوية، رغم أنهما قتلاه في 8/3/2007م، أمام مدرسة شهداء السبعين في حدة بأمانة العاصمة، لأنه حاول منعهما من التحرش بالطالبات، خاصة وأن أبناء منطقة حدة الذين تظاهروا أمام الرئاسة حينها للمطالبة بالقصاص من الجناة، عادوا خائبين، ولم يجدوا من الرئاسة أذناً صاغية.
يكاد العام يكتمل على حدوث هذه الجريمة التي نفذها نجلا أحد علية القوم، من على متن سيارة جيش تابعة للدولة، ولا جديد سوى الضغوط التي يمارسها مسؤولون في السلطة والحزب الحاكم على أولياء الدم بالقبول بالصلح. هذه هي المهمة الرئيسية التي يبادرون إليها لحل الفوضى بالفوضى في قضية تلو الأخرى، رغم أنهم قادرون على إيقاف العمل بالقانون وإصدار قانون بالصلح القبلي عبر أغلبيتهم في البرلمان، يتم بموجبه إغلاق النيابات والمحاكم، وإجبار أولياء الدم على الاحتكام للحكم والصلح القبلي، دون أن يستغرق ذلك منهم عناء الإقناع والضغوط!
من استبداد درسي الى إستعباد القاضي
وإلى شعيب الفاشق، وما أدراك ما الفاشق؟ شيخ في الحديدة، ونائب سابق في كتلة المؤتمرالشعبي العام، نكل بمدرسي قرآن، وجديده هو ارتكاب جريمة لم نسمع عنها سابقاً إلا في إسرائيل. لقد اختطف المعلم حمدان درسي، وأمر عساكره باغتصابه، لكنهم رفضوا فقام بإدخال «صميل» عصا من دبره وهو مكبل بالقيود.
من يجرؤ على الانتقاد؟ وأين للسلطات الأمنية والقضائية أن تقوم بدورها، وهو أحد نافذي الحزب الحاكم، والقانون لايطاله؟!
منظمات حقوقية، وعلى رأسها «هود»، لجأ إليها حمدان شاكياً مأساته، وأخذت قضيته مساحة لابأس بها في الصحافة المحلية، أجبرت السلطات على إحالتها للنيابة لتحقيق مع الفاشق الغاشم. وخرجت من النيابة الى المحكمة في الحديدة، التي تنظر فيها منذ ما يزيد عن العام، ولم تتحرك قيد أنملة، بذريعة أن حقوق القاضي المالية موقفة.
الفاشق لايزال يمارس مهمته، بل تدخل لدى مجلس القضاء الأعلى في نقل قاضي محكمة بيت الفقيه القاضي علي أبو الغيث، الى محكمة المسراخ بتعز. وهناك لايزال يتلقى تهديداته ووعيده.
قضية منزل القاضي أبو الغيث الذي استولى عليه الفاشق وطلاه بإعلان نصه: هذا الحوش ملك الشيخ شعيب الفاشق ومعروض للبيع. قبلها رسالة للقاضي: «لاتظن أنك بعيد في المسراخ فسأتابعك بواسطة أصدقائي حتى أفصلك من القضاء أو تدفع مليون ريال». تنظر المحكمة الجزائية المتخصصة في قضية تهديد الفاشق للقاضي، والذي اعترف أمام النيابة، ولم يتخذ بشأنه أي إجراء، وأصدرت أوامر قبض قهري عديدة للفاشق الذي قدمته النيابة الجزائية بعد مشقة «فار من وجه العدالة يطوق منزل القاضي بمسلحيه.. يتواجد وبكل عنجهية، يسافر للخارج ويعود دون اعتراض».
القاضي أبو الغيث رفع شكوى الى النائب العام بتهديدات الفاشق بالمتابعة حتى فصله من القضاء نهائياً أو الامتناع عن أداء واجبه.
فأية سلطة للقضاء ولأجهزة الضبط تعجز عن القيام بواجبها تجاه شخص متهم يدعى الفاشق الذي قيل إنه مثل أمام المحكمة بالحديدة لمواجهته بانتهاكاته لدرسي في 7/4/2007م، لتتوقف الى اليوم.
طالت تهديداته حتى فرع منظمة هود بالحديدة، فها هو رئيس الفرع المحامي خالد الريمي يتلقى تهديدات هاتفية بالتصفية اذا لم يتوقف عن الترافع في قضية حمدان درسي. ومنظمة هود تطالب النائب العام بالتوجيه بالتحقيق في هذه التهديدات. فما الذي تحقق؟ لاشيء.
قيل إن قضية حمدان وصلت الى رئيس الجمهورية، لكن أيهما أولى للسلطة وحزبها الفاشق الذي يقدر على إجبار عشرات الآلاف من المواطنين في الحديدة على التصويت للحزب الحاكم في كل انتخابات، ويبطش بهم باسمه ويدعم منه، أم درسي المدرس الكادح المسكين المغلوب على أمره..؟!
هناك فرق بنظر وتوجهات الحاكم، فالفاشق أولى، لكن مادام أن القضية قد أثيرت، فلا بأس من محاكمة شكلية، وتتم الممطالة فيها الى أن ينسى الرأي العام الجريمة. وكم يا قضايا من هذه تملأ دهاليز المحاكم ولم يبت فيها سنوات طوالاً!
هذا شخص من رجال الحاكم أرهب البلاد والعباد في الحديدة، وأخاف القضاة وكل المسؤولين في أجهزة الدولة هناك، والقانون لايشمله ولا سلطان له على الفاشق وأمثاله.
لو كان حمدان ذا قبيلة مقاتلة لثأر لنفسه، أو لأجبر الحكومة على تطبيق القانون بحق غريمه، بقطع طريق أو تطويق مكاتب حكومية أو خطف أجانب أو مسؤولين، وعندها سيصدر الرئيس أمراً حازماً بالقبض على الفاشق، ومواصلة إجراءات محاكمته. لكن حمدان لجأ لدولة وللقانون، فلم يجد ولن يجد إنصافاً لأن حكومة الحصان لاتعترف بغير القوة، ولم ولن تقوم بواجبها إلا مجبرة. وحالات عديدة كهذه تؤكد ذلك، وتضمنها هذا الملف.
تشييع العدالة!
بعد أيام من إحيائه أربعينية العدالة التي شيعها في جنازة رمزية السبت 24نوفمبر 2007م، من أمام منزله الى المقبرة، مع جمهور من المشيعين، ليواريها الثرى، معاذ المسوري الضابط في المرور، يحصل في الأول من فبراير الحالي على اعتذار من الداخلية وثور هَجر بعد عام كامل من نضاله السلمي مطالباً بحقوقه التي رفض مدير المرور بمحافظة صنعاء عبدالله الكبوس صرفها نهاية رمضان قبل الماضي.
مساعد أول معاذ المسوري (30 عاماً) فُرِّغ أيام الانتخابات الرئاسية للعمل مع المؤتمر الشعبي العام في حملته الانتخابية، ورغم أنه تم ذلك بالمخالفة للدستور والقانون من قبل المدير المذكور والحزب الحاكم، إلا أنه جوزي جزاء سنمار، وعانى الأمرين ما يزيد عن عام من السلطات الأمنية في محافظة صنعاء، ولم يجد من المؤتمر الشعبي أي دعم أو عون، وإن كان المؤتمر هو الأمن والسلطة المحلية بكاملها، والمسؤول عن كل ما تعرض له معاذ المسوري، كما هو معروف للجميع.
المؤتمر الذي أنزل نائب دائرته القانونية للدفاع عن مغتصب سوسن، كما عرفناه، عوناً للقتلة والمجرمين وهاتكي الأعراض والحقوق، وقف ضد المسوري: «عرض قضيته على اللجنة الدائمة فردوا: خليه يصيح لما يشبع».(3)
جريمة معاذ أنه قال لمديره في لحظة انفعال رداً على رفض قاسٍ لصرف حقوقه: «هذا حقي شاخذه من وسط عينك. أنا أشتغل مع الحكومة مش معك».
فماذا لقي بعدها؟
بشكل شبه يومي تطرق باب منزله الأطقم العسكرية بقيادة ضباط ومسؤولين كبار في الأمن؛ من مدير شؤون الأفراد حتى مدير أمن المحافظة العميد محمد صالح طريق، ومعه العقيد الكبوس مدير المرور اللذين وصلا في 27/11/2007م، واقتحما منزله في غيابه، وروعا أطفاله وأسرته بصورة تخالف الشرع والقانون، وعبثوا بمحتويات منزله، وشهروا به أمام الملأ... الخ.
في 2/2/2007م أودع سجن أمن صنعاء 10 أيام رهن التحقيقات والتعذيب، وخرج بتعهد واعتذار إجباري للكبوس. لفقت له تهم تزوير بيانات جمركية وشهادات جامعية، وطبع منشورات ضد الذات السامية للكبوس، وأحيل الى مجلس تأديبي في الداخلية، ليقرر المجلس نقله الى الإدارة العامة للمرور، وإطلاق مرتباته عملاً بالقانون، ليظن معاذ أنه استراح، لكن الكبوس لم يهدأ باله بعد، فعمل على نقل راتبه ومكان عمله عبر قطاع الشؤون المالية والإدارية، الى الضالع.
تستمر ملاحقات ومطاردات معاذ، لينتقل الى الصحافة ينشر فيها مناشداته لوزير الداخلية وللرئيس، دون جدوى. اعتصم في منزله، ورفع عليه اللافتات المكتوب عليها نداءات لرئيس الجمهورية والحكومة والداخلية، وظل منزله مزاراً للناس. جمع 10 آلاف توقيع للتضامن معه.
أحرقوا اللافتات من على منزله. زوار الفجر لم يتوقفوا.. أمن سياسي وغيره، لإجباره على إنزال اللافتات، ووقف الاعتصام، لكنه رفض.
مضى معاذ في احتجاجه السلمي، عكف ليالي على العدالة وهي تحتضر حتى توفيت. وضع الجنازة أمام المنزل، وأعد القبر، والتم الناس ليشيعوا معه العدالة حتى المقبرة، وهناك دفنها وعاد الى منزله يستقبل العزاء 40 يوماً، ليحيي أربعينيتها. لم تخلُ صحيفة من نشر قصته ونقل قضيته الى الرأي العام في اليمن بكامله، ماعدا صحف الحكومة وحزبها.
51 شهراً من العناء والسجن والمطاردة، وبدون راتب، والاعتصام الحضاري، شعرت بعدها الداخلية بالخزي والعار، لتعود الى صوابها، وتعتذر له بثور .
لقد حاز معاذ المسوري إعجاب الجميع بصموده وعزيمته، وبنضاله السلمي وأساليبه المتطورة في الاحتجاج للحصول على حقوقه. ولتظل قصته وصمة عار ودليلاً دامغاً على ما يجري من انتهاك رسمي لحقوق الناس وموظفيها، واستحقت أن نضمنها هذا الملف.
دُفنت جثته المحروقة بلا جناة
بعد الشهر التاسع دفنت جثة الشاب إبراهيم نعمان الحميدي الذي أُحرق حياً بالقرب من دار الرئاسة، في مايو الماضي، دون الجناة لماذا لم يقم الأمن بالتحري وضبط الجناة، والقبض عليهم؟
لماذا أنكر ضابط القسم أنه حقق في القضية؟ وأي دور لمنطقة أمنية تحمل والد الضحية مسؤولية الكشف عن الجناة نيابة عنها؟
أليس في كل ذلك دليل واضح وحجة دامغة على أن الحكومة أصبحت رأس الفوضى، والداعم الأساسي لسلب الحقوق وهتك الأعراض، وتشجيع أعمال الخطف والسلب والقتل، ثم تقف وقفة المتشفي والمتلذذ بقتل مواطنيها؟!
والد المجني عليه لجأ أخيراً الى الاعتصام في منزله رافعاً على جدران حوشه اللافتات المطالبة بالجناة.
أكبر مختطف في اليمن
هذه هي دولة الحصان وحكومته تترك أعراض الناس وحقوقهم فريسة للذئاب، وتمدهم بالسلاح والمال والنفوذ بقانون الفوضي والغاب، وتعجز عن إعادة الحقوق ووقف المظالم وحماية المظلومين. ولو لم يكن ذلك صحيحاً، أو كان افتراءً على الحزب الحاكم وحكومته، لما بقي الشيخ المسن علي قاسم المتوكل من جبلة إب، والبالغ من العمر 90 عاماً، رهن الخطف لدى قبائل خولان 5 أشهر و11 يوماً: منذ 14/7/2007م، وحتى 23نوفمبر 2007م، أي بعد 161 يوماً من الخطف.
لقد ظل تحريره أمراً صعباً ما لم يتنازل عن حقه، لأن أحد المسؤولين عن اختطافه مسؤول أمني كبير وذو موقع قبلي. نشرت الصحف، وصدرت أوامر عديدة بإطلاقه دون جدوى. اعتصم أحفاده أمام مجلس النواب، ولا جدوى. ظل ابنه عبدالجبار الذي لم يعلم مصير والده، يجري شهرراً لدى الداخلية، دون فائدة. لقد اختطف أخوه الأصغر في 1997م، واختطف هو أيضاً، وأخيراً والده على خلفية خلاف على أرض في جبلة، بينهم وبين صالح دهمش وعبدالله حنتش ومحمد صالح الباردة، من أهالي خولان. وصدر الحكم لصالح أسرة المتوكل، لكن الطرف الذي خسر الحكم أدرك أن الخطف والقوة هما سبيله الوحيد للضغط على أصحاب الحق للتنازل عن حقهم، لأن الدولة عاجزة عن منعهم من اتباع تلك الوسائل.
أُفرج عن الشيخ العجوز في 23نوفمبر 2007م، ليس بقوة الدولة ولا هيبتها، بل إنها احتجزت ابنه عبدالجبار لدى الداخلية لإجباره على التوقيع على ورقة يتنازل فيها عن حقه القانوني في مقاضاة من خطفوا والده، والقبول بالتحكيم فيها، والكف عن التصعيد الصحفي.
ما الجهة التي تحاول إجباره على ذلك؟ إنها وزارة الداخلية التي يفترض أن تتولى القبض عليهم وإحالتهم للقضاء ومحاكمتهم، لا أن تتستر وتعمل على حمايتهم وإجبار الضعفاء على التنازل عن حقهم لصالح حفنة مخالفة للقانون وللدستور وللأعراف والتقاليد.
هذا هو العدل وحماية الحقوق والأمن والأمان. وهكذا يكون القضاء على المتنفذين كما جاء في برنامج مرشح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية، والتزم وتعهد بها في خطاباته في مهرجاته الانتخابية أمام الشعب والعالم أجمع.
وليس غريباً على حكومة بلا حياء كهذه، أن تصرح على لسان مصدر مسؤول أو مسطول بأن أحزب المشترك أعاقتها عن تحرير المتوكل من الخطف شهوراً باعتصاماتها ومهرجاناتها السلمية المنددة بالفساد وغياب دولة النظام والقانون وضياع الحقوق، لأن من لايستحي يفعل ما يشاء، على غرار ما قاله رئيس هيئة تنفيذ برنامج الرئيس، الذي حمل المعارضة مسؤولية عدم تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس من قبل الحكومة.
من بني عواض الى شرعب مواجهة الفوضى بلغتها
الصنف الثالث في هذا الملف يتمثل في أصحاب حق خاطبوا الجناة بحقهم باللغة التي يفهمونها، وبالقانون الذي تعتمده وتريده السلطة اليوم. إنه قانون القوة.. من هؤلاء:
بني عواض وقضية مقتل طفل منهم يدعى طه محمد المسعدي (15عاماً)، في 18/2/2007م، بوابل من الرصاص أمام منزله الكائن في شارع حدة بالعاصمة، وإصابة والده بجروح بالغة، من قبل عصابة مسلحة تابعة لمتنفذين من منطقة سنحان، في خلاف على أرضية يملكها ابن عم المجني عليه، وينوي إقامة مشروع استثماري فيها، وأوكل لوالد الطفل تسويرها، إلا أنه مُنع من ذلك من قبل شيخ يدعى طه المعيلي وعصابته وشخصيتين عسكريتين نافذتين من سنحان، تقفان الى جانبه.
هجم أكثر من 100 شخص على المسعدي أثناء قيامه بتسوير الأرضية، فلجأ الى الشرطة والنيابة، وحصل على توجيه بكف الخطاب عنه من قبل أي شخص، وضبط الغرماء، إلا أن الداخلية عجزت عن ذلك لنفوذ الغرماء والوجاهات التي تقف خلفهم، والتي استمرت في ممارساتها للضغط عليه، لينتهي الأمر بقتل طفله وإصابته بجروح بالغة في أجزاء من جسمه، ومن ثم يلوذون بالفرار.
قبيلة بني عواض من البيضاء، شمرت عن ساعدها، وجمعت أفرادها، وأعطت الدولة مهلة زمنية للقبض على الجناة وتسليمهم للمحاكم، إلا أن الأجهزة الأمنية عجزت عن ذلك، لتختار قبيلة الطفل اللجوء للخيار الذي تعترف به الدولة؛ خيار القوة، فتزحف باتجاه قبيلة الجناة، وعلى مداخل صنعاء تشتعل حرب بينهما لأيام، تنتهي بمقتل وجرح عدد من مسلحي الجناة، وأخذ بني عواض بثأرهم بعيداً عن الدولة التي تدعي أنها تحارب الثأر وترسي القانون واللجوء للقضاء لحل هذه القضايا، في حين ظلت أياماً دون أن تقوم بشيء في اتجاه القبض على الجناة وفقاً للقانون.
انتهت القضية وفقاً لقانون القوة وأخذ الحق باليد في ظل حكومة لايطال قانونها الكبار والنافذين، خاصةً عندما يكونون من أبناء سنحان، أو من قبائل ذات نفوذ داخل أعلى هرم السلطة.
مثال آخر لهذا العنف يتمثل في قضية مقتل الشيخ عبدالسلام القيسي، من شرعب -تعز، في 30/01/2007م، على يد مسلحين بينهم ضابط، في نقطة عسكرية للأمن المركزي، بحجة حمل السلاح، ليتضح في ما بعد عدم وجود أي سلاح.
الحادث أثار أبناء شرعب وأتباعه، فتجمعوا وحاولوا الترصد لأي فرد في الأمن المركزي، وفي نقطة أمنية طوقوها، وأسفر عن مقتل الجندي في الأمن مختار الصلاحي.
تم القبض على الجناة على أساس أن تجرى لهم محاكمة عاجلة، وطال أمدها في ما بعد، ليحكم فيها بإعدام 3 من الجناة، وسجن 5، إلا أن أولياء الدم يطالبون بإعدام المتهمين ال8.
استمرت القضية الى أن قام تابعون للمجني عليه بخطف القوسي قائد الأمن المركزي بتعز.
غريب جداً ما حدث، فحجز المسؤول الأمني خطأ، وإن بدا من القائمين بذلك مخاطبة الفوضى بلغتها، إلا أن السلطة واجهت ذلك بفوضى فاقت التصور، إذ سمحت ورعت خروج عصابة في حملة عسكرية من عشرات السيارات، تمر بالنقاط العسكرية في 3 محافظات، متحدية القوانين، وبحماية من كل الفوضويين في الدولة، محملة بأسلحتها الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، في اتجاه شرعب، لتحرير القوسي الذي ينتمي لها بعيداً عن الدولة.
العجيب أن ذلك يحدث في وقت كانت فيه وسائل الإعلام الرسمية تتباهى بحملة الحكومة ضد حمل السلاح، بكل بجاحة.
أنيسة تستغيث بالأحمر
وفي قضية أنيسة الشعيبي، توقفت جلسات المحكمة عن النظر في قضيتها، والجناة يسرحون ويمرحون، وبكل بجاحة واستخفاف، يكررون الاعتداء عليها مجدداً وسط العاصمة، في 15يناير 2008م. فأين القانون؟ وكيف لأنيسة الشعيبي أن تأخذ حقها، وتنصف من غرمائها في مباحث العاصمة، في ظل الفوضى الحاكمة والقائمة؟
لماذا توقفت إجراءات محاكمة المتهمين في خطفها وتعذيبها وانتهاك عرضها وحجزها 4 أشهر ظلماً وعدواناً؟
ومن هو السيد المسؤول الذي اتصل بالقاضي ليبرر له عدم حضور المتهمين جلسة المحكمة ويملي عليه أوامر بمنع الصحافة من الحضور، وتأجيل الجلسة؟ ولماذا يرد القاضي عليه «أمرك سيدي»؟ أليس هذا دليلاً واضحاً أن القضاة أصبحوا مجرد عساكر بيد حكومة المؤتمر الشعبي العام؟ أين العدالة والشريعة والقانون الذي يرتجى من قضاء كهذا؟!
تعبت أنسية، وأدركت أنه لا دولة، فاستغاثت بالشيخ صادق الأحمر لحمايتها من غرمائها.
فإذا كانت الداخلية المسؤولة عن حماية الحقوق والأعراض من أي اعتداء عليها، وتضبط الجناة، ترفض تسليم الجناة من مسؤوليها، وتصر على عدم مثولهم أمام القضاء، فعن أي أمن تتحدث؟ وعلى من تسهر إذن؟ على مطادرة أصحاب الاحتجاجات السلمية واعتقالهم وقتلهم وجرحهم؟
تغلق المنافذ وتسد الطرقات وترسل الحملات العسكرية لإعاقة مهرجان سلمي أقيم تحت شعار التصالح والتسامح.
هذه مهمتها فقط. أما ما عدا ذلك، فلكل مواطن قبيلة أو مسؤول تحميه.
مهجرو الجعاشن.. مدى سلطة نافذي الحاكم
قضية أخرى فضَّل أصحاب الحق فيها التعبير والاحتجاج السلمي، وشكلت قضية رأي عام، ونالت اهتماماً شعبياً وإعلامياً على المستويين المحلي والخارجي. إنها قضية مهجري الجعاشن «الصفة ورعاش»، وهما عزلتان واقعتان في منطقة الجعاشن التابعة لمديرية ذي سفال بمحافظة إب، التي تبعد حوالي 200كم جنوب العاصمة صنعاء.
هؤلاء ظلوا عقوداً يعانون من بطش وجور أحد المتنفذين، ويدعى محمد أحمد منصور،وهو عضو في مجلس الشورى، وابنه عضو مجلس النواب عن المؤتمر الشعبي العام.
كان ذاك الشخص لديهم الدولة بكاملها؛ فهو القاضي، ومدير المديرية، ومدير الأمن، والمحافظ، ومسؤول الواجبات، وهو المرجع الوحيد في كل شؤون حياتهم.
لديه أعداد كبيرة من المرافقين المسلحين المجندين لدى الدولة، وفُرِّغوا لحراسته. مدته السلطة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، ولديه سجن خاص وسجان، وأطقم رشاشة ومدافع وغيرها.
يسجن من يشاء، ويفرض عليهم أتاوات باهظة، ولا أحد يستطيع الرفض، أو حتى طلب العفو. بل إن مجرد الشكوى من ظلمه للمحافظ أو أية جهة رسمية معنية، تفتح عليه أبواب الجحيم، فمسؤولو السلطة المحلية بالمحافظة والمديرية مجرد عساكر لديه، بدءاً من المحافظ، وانتهاءً بعدل العزلة، لايرفضون له أمراً، ولا يردون له طلباً.
ضاق المواطنون ذرعاً بظلمه وقسوته، إذ يسجنهم بأطقم الدولة، ويطاردهم بعساكرها، ويضعهم في سجنه أو سجن الدولة، دون حق، والقاضي يحكم عليهم بما يريده الشيخ أو يأمره به.
طلبوا العون والنصرة من السلطات في المحافظة، فأمطرتهم بالعساكر والأطقم.
فرض عليهم أتاوات بالملايين، فقرروا الهروب من بطشه، لأنهم عاجزون عن دفع ما يطلبه منهم، فخيموا في منطقة بالعدين مع أبقارهم ومواشيهم.
تبنت الصحافة والمنظمات الحقوقية قضيتهم، فقررت النزول الى مخيمهم لنقل صورة حية لمعاناتهم، فإذا بعساكر الشيخ إياه يهجمون على المخيم، ويشردونهم منه، ويزيلون الخيام، وكل أثر فيها خوفاً من نزول الصحافة.
أخيراً قرروا الهروب والتسلل الى صنعاء، ليشكوا حالهم، حيث الدولة قريبة منهم، وخيموا في أرضية بدار سلم مدخل العاصمة، حيث ظلوا هناك قرابة الشهر تحت الخيام في الليل، وفي الصباح أمام مجلس النواب، حتى شكل البرلمان لجنة للنزول وتقصي حقائق الأمر. نزلوا مع اللجنة الى إب، وهناك أحس الجميع بمعاناتهم. لقد منع المحافظ اللجنة من النزول الى المنطقة لتقصي الحقائق، في حين جمع ذاك المتنفذ كل عساكره ومرتزقته، وزودهم بالأسلحة، ووضعهم في نقاط عديدة في طريق اللجنة، ونشر المدافع والرشاشات على قمم الجبال، متحدياً ومانعاً اللجنة من الوصول وفق اتفاق بينه وبين سلطة المحافظة التي التزمت له بعدم وصول اللجنة، في حين يقوم هو بهذه الحالة ليزرع حالة من الرعب والذعر في نفوس الأهالي، ويعيد سطوته في نفوسهم.
أخيراً، التزم المحافظ ومدير المديرية بعودة المشردين الى قراهم دون أن يمسهم أذى، بعد توجيهات من الرئيس بحلها وفقاً للقانون، ليعودوا الى عزلهم بصحبة مدير المديرية، ويعترضهم عساكر الشيخ وأحد أبنائه هناك، ويسمعوهم الشتائم والسباب والوعود بالويل والثبور، وأن يعيدوا للمشيخة مكانتها.
وبعد تواصل وتدخلات من اللجنة البرلمانية والمحافظة، يُسمح لهم بالعودة الى قراهم بمساحة من الحرية التي ما كانوا يحلمون بها.
اللجنة البرلمانية قدمت تقريرها للبرلمان، أدانت فيه المحافظ وسلطات المحافظة بالتواطؤ مع المذكور ضد المواطنين، ومخالفتها للدستور والقانون. وأوصت بإقالة المحافظ ومدير المديرية وإحالتهما للتحقيق، وهدم سجن الشيخ... الخ، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث، لأن الشيخ المذكور فوق القانون، وعلى علاقة برئيس الجمهورية، وهو شاعره الفصيح الذي يمدحه بجحود يساويه بالقدرة الإلهية «نستغفر الله تعالى عن ذلك».
طوال فترة التهجير والمسؤولون وصحافة الحاكم تشكك في قضيتهم، وتنسبهم للمشترك والمعارضة، رغم أن مرشح المشترك للرئاسة لم يحصل في مراكزهم على صوت واحد، وأسماءهم في سجلات العضوية لدى المؤتمر، ليطالب المحامي محمد ناجي علاو رئيس منظمة هود التي تبنت معاناتهم، بإلغاء الأحزاب اذا كانت مبرراً لانتهاك حقوق الناس واستبدادهم.
هذه الأيام، تمر الذكرى الأولى على قضيتهم التي سمعت بها اليمن من أقصاها الى أقصاها، وتناولتها قنوات إخبارية عربية وأجنبية، وما أعارتها السلطة اهتماماً سوى ما أشرنا إليه، واكتفى به المهجرون، والذي يكشف غياب الدولة والقانون، ووقوف الحكومة وحزبها الى جانب المتنفذين والظلمة، كما هو معروف عنها من خلال كل ما سبق.
لقد كانت تتجاهل شكاوى هؤلاء في محاولة منها لدفعهم في اتجاه مواجهة الشيخ والدفاع عن أنفسهم وضد عساكره بالسلاح، وحينها ستسميهم بالمتمردين، وتقوم بحملة عسكرية تقتل وتعتقل وتنهب باسم القانون وضد التمرد، لكنهم اختاروا النضال السلمي، ورفضوا الانزلاق في العنف كما تريد حكومة الحصان منهم، فاستحقوا الحرية عن جدارة.
حكومة تتلذذ بقتل مواطنيها
* جندي يطلق الرصاص على المواطن جمال محمد ياسين الهتاري، من ريمة، في نقطة المطار، في 11/1/6002م، ويرديه قتيلاً، دون معرفة الأسباب والدوافع.
* طقم عسكري تابع لأشغال منطقة آزال يطلق النار على المواطن علي ثابت البحري، من أهالي عتمة بذمار، في 13/6/2006م، بعد مداهمة ورشته في نقم، ومن ثم مطاردته حتى جوار منزل ابنته، ليرديه قتيلاً بعيار ناري في مؤخرة رأسه أمام عيني ولده وابنته.
مقتل المواطن محمد الشعبي، عاقل السوق، في 2/2/2007م، داخل سجن البلدية بالعاصمة، على يد أمن الصافية، بعد أيام من تهديده بالقتل من مدير الأشغال.
* في 29/1/2006م، قُتل حسن أبو الغيث (25عاماً)، في شارع الستين الغربي بأمانة العاصمة، لماذا؟ لأنه بدافع الفضول سأل عن سبب تواجد أطقم عسكرية جوار بناية على الستين الغربي. فكان الجواب المفاجئ من جنود الأطقم، أن انهالوا عليه بالضرب واللطم واللكم، لكنه تمكن من الإفلات منهم فاراً بجلده، لتتبعه 3 أعيرة نارية تخترق جسده وتزهق روحه على الفور.(7)
*مقتل إبراهيم الأهدل، من أهالي الحديدة، أمام مقر اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، بقلب العاصمة، في 22/1/2006م، برصاصة قنصته في رأسه أثناء خروجه من مركز اتصالات، من قبل شخص مدني لتلقي به جثة هامدة حملت على سيارة هايلوكس تابعة للبحث، ترافقها سيارة أوبل.(8)
* مقتل محمد محسن الحصني، من أسناف خولان بمحافظة صنعاء، داخل قسم شرطة القلفان، في 10/11/2007م، لأسباب مجهولة حتى اليوم.
* في 15/9/2007م، مقتل الشابين وليد صالح عبادي القحطاني، ومحمد قائد حمادي، وإصابة 8 آخرين في مدينة الضالع، برصاص الأمن، أثناء تظاهرة سلمية منددة بقمع فعاليات سلمية في عدن وحضرموت وبغلاء الأسعار.
* في 13/01/2007م، قوات الأمن تقتل شهداء منصة ردفان ال4: شفيق هيثم حسن، محمد نصر هيثم، فهمي محمد حسن، وعمر الناصر حمادة، وتجرح 41 شخصاً آخرين بتصويب السلاح نحوهم لمنعهم من الوصول الى المنصة.
* في المكلا، مقتل المواطنين صلاح سعيد القحوم وأكرم جرمان، برصاص الأمن الذين واجهوهما ضمن جموع المواطنين المشاركين في تظاهرة سلمية ضد غلاء الأسعار.
* مقتل الطفل أمين أحمد قايد أحمد سلام (10سنوات)، بمدينة القاعدة -إب، في 20/7/2005م، على يد نجل مدير مديرية ذي سفال بإب آنذاك.
* مجاهد ثابت السمحي قُتل في 13/3/2005م، على يد عناصر البلدية، في باب اليمن، وهو بائع متجول، وأب ل7 أولاد. وقضت محكمة جنوب شرق الأمانة في 25/2/2007م، بإعدام الجندي حسين محمد المساجدي لإدانته بالقتل عمداً وعدواناً، وأدانت زميله جمال الرداعي بالمساعدة، وقضت بسجنه 3 سنوات.
بجاش الأغبري: قصة سجين مظلوم، فقد وظيفته ومنزله عقب حرب صيف 94م، وحوكم بتهمة قلب نظام الحكم، وحُكم عليه ب20 سنة سجناً، وهو الآن يقضي العام ال13 في السجن المركزي بصنعاء.
ابيض رأسه وفقد أسنانه، وأصبح يعاني من أزمة نفسية، ليحال الى المصحة.
إنه مدير مكتب هيثم قاسم طاهر، لفترة ما قبل حرب صيف 94م، لم يفرج عنه كبقية زملائه بالعفو الرئاسي، بل بقي عرضة للانتهاك والتعسف والتعذيب، وأسرته تعاني ويلات الفقر والبؤس والحاجة.
وكل هذا الإصرار على ظلمه وتجويع أسرته، تعنتاً من قادة عسكريين لهذا النظام.
مجرمون يقتلون العشرات من الأبرياء، ويلحقون بالوطن أضراراً على مختلف الأصعدة.. وأخيراً تحتضنهم الدولة، وتغدق عليهم بنعيمها. ولكن الأغبري يبقى رهن السجن بتهمة ملفقة.. وكم من أبرياء رهن السجون كبجاش.
شائف الحيمي اعتُقل نهاية 2006م، بتهمة سرقة تليفون، حدث له في الأمن القومي انتهاكات شبيهة بما يجري في أبي غريب بشاعة. وأصبح مجرماً وزعيم عصابة وإرهابياً... الى غير ذلك.
المهم أنه خرج من سجن الأمن القومي مشلولاً، إذ كان هناك تقيد قدماه ويداه، ويعلق على باب الأمن القومي. وأُجبر على شرب بول الضباط.
شكا للعالم ما حدث له في 23/4/2007م، ليعتقل مرة ثانية بعد أن كان أُفرج عنه، وصرف له مبلغ من المال للعلاج مقابل الصمت، إلا أنه أصر على فضح انتهاكات الأمن القومي الذي نفى ذلك، واتهمه بسلسلة من التهم الملفقة.
الانشغال بالنهب عن تحرير طفلين رهن الخطف منذ9 أشهر
في بلد تحكمه الفوضى وتتسيده الأمزجة والتصرفات الرعناء، فلا غرابة أن يُخطف طفلان من وسط العاصمة صنعاء في وضح النهار، دون أن يرتكبا جرماً سوى انتهاء اسميهما بلقب «الكميم»، وهو اللقب ذاته الذي جعلهما منذ أكثر من 8 شهور وحتى اليوم، رهن اعتقال الخاطفين، رغم عديد توجيهات، بدأها رئيس الجمهورية، وأنهاها ضابط أمن صغير في أقرب سلة مهملات، بعد أن تدحرجت من مكتب رئيس الوزراء الى نائبه فمحافظ صنعاء ومدير أمنها. والمحصلة بقاء الطفلين بين يدي الخاطفين، وسقوط هيبة دولة فشل أكبر قاداتها في القبض على خاطفين معروفي الاسم والإقامة.
القضية بدأت قبل 8 أشهر، وتحديداً بتاريخ 30/5/2007م، عندما أقدمت مجموعة مسلحة من بني ضبيان بخولان، على اختطاف الطفل عبدالله علي صالح الكميم من شارع الثلاثين بالعاصمة صنعاء، تلاه قيام ذات العصابة بخطف الطفل محمد يحيى ناصر الكميم من وسط شارع تعز، في 13/6/2007م.
وقبل ذلك، بدأت القضية بخلاف نشب بين الخاطفين وشخص آخر لقبه «الكميم»، على قطعة أرض، غير أن أسرتي الطفلين لا علاقة لهما بالخلاف السابق الذكر، سوى اللقب «الكميم». ولأن الأمر كذلك، فإن الخاطفين يطالبون بفدية 8 ملايين ريال من أسرة الطفلين للإفراج عنهما، أو مطالبة علي محسن الأحمر بتسليم أرض يدعي الخاطفون أحقيتهم بها.
أهالي الطفلين لايعرفون الشخص الآخر طرف النزاع مع الخاطفين، وليست لهم سلطة على علي محسن الأحمر لإجباره على تسليم قطعة الأرض، فلماذا يتم خطف نجليهم إذن؟
أسرتا الطفلين لم تكونا تعلمان حتى هوية الخاطفين الذين اقتادوا محمد (17سنة) وعبدالله (15سنة) الى مكان مجهول تحت تهديد السلاح الذي لاشك أنه سيترك أثراً نفسياً بالغاً عليهما، مثلما هو الحال باستمرار اختطافهما بعيداً عن أسرتهما ومدرستهما.
وعقب المتابعة المستمرة وتقديم البلاغات للأجهزة الأمنية، تفاجأت أسرتا الطفلين بتقديم أسماء الخاطفين من قبل وزارة الداخلية التي حددت هويتهم وأماكن إقامتهم، وهو ما ظنه يحيى الكميم والد أحد الطفلين المخطوفين، بداية لانفراج القضية وعودة طفله الى أحضانه. غير أن الأمر لم يكن كذلك، فوزارة الداخلية التي تعرف كل شيء عن القضية، توقف دور وزيرها عند إطلاق الوعود الجوفاء لأسرتي الطفلين بقرب الإفراج عنهما، وهو الحال الذي استمر 8 أشهر، ولايزال كذلك حتى اللحظة.
وزارة الداخلية أوردت في إحدى مذكراتها أسماء الخاطفين بالكامل، وعددهم 61 شخصاً، ونوع السيارات التي استقلوها (الأولى حبة موديل 97، لون بيج، رقم اللوحة 3832/13، خصوصي، والثانية حبة طربال موديل 99، تحمل رقم 51731/2، خصوصي، والثالثة موديل 98، تحمل عليها خط 97). لكن الوزارة لم تحرك حملة عسكرية للقبض على الجناة وتحرير الطفلين، كأقل واجب يمكنها القيام به أمام الانفلات الأمني الذي يشهده البلد، وتكرار حوادث الاختطاف والقتل بصورة يومية تنذر بعواقب كارثية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.