عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وبتقديم من الشاعر البحريني قاسم حداد صدر أخيرا كتاب (لكم أنت بي..نكهة وطن) للصحافي رشاد ابوداود. وفتح الكتاب الذي تضمن مقالات صحافية تنوعت بين الثقافة والأدب والسياسة شرفة القلب على هواء الناس بشروطه الخاصة وليس بشروط المهنة.. وقدر الكاتب المسافة الذهبية بين تراكم الخبرة الإنسانية في تجربة الصحافي وبين الحاجة لمراجعة فهرسه الكثيف من عناوين النوع الخاص من الولع الذي منحه مهنة المتاعب مستحقا استراحة محارب لا يترك أسلحته. واحتوى الكتاب على صور بيانية بليغة وأسلوب رائع يتجلى فيه أبداع متناه، ويقول ابوداود في ذلك "الإبداع في أحد تعريفاته، خلق جديد. قد يكون الخلق فكرة أو قصيدة أو اختراعاً أو نظرية، قد يعجب من يعجب وقد يرفضه من يرفض، وكما أن كل ما في الحياة ينقسم إلى إيجابي وسلبي فإن الإبداع قد ينتج ما هو سلبي، بل مدمر.. فالأسلحة التقليدية والنووية والكيماوية نتجت عن فكرة جديدة (إبداع)، والشبكة العنكبوتية، وقبلها الطائرة والسفينة والكهرباء والهاتف كلها أفكار مبدعين، إذ إنه ثمة فرق بين ميخائيل كلاشينكوف وبين بيل غيتس، أيضاً الشعر، وأحمر الشفاه والأزياء، والموسيقى.. أفكار إبداعية، صنف يلون الحياة وصنف ينتزع الحياة". وقال الشاعر والكاتب البحرين المعروف قاسم حداد عن كتاب (لكم أنت بي .. نكهة وطن) انه يريد أن يقترح على القاري، "الذي لا يعرف المتعة والمعرفة سوى في الصحافة.. القاري الذي لا يعرف كاتبه ألا صحافيا.. القارئ الذي لا يتيح لنفسه لحظة يكتشف فيها كاتبا مثل رشاد ابوداود بوصفه صوتا حميما يقدر على ان يأخذ بيده إلى القلب المفكر". ويضيف عن الكاتب بأنه "يسعى لمقاومة الخسارة الفادحة بربح خجول.. وألا كيف نفهم تجربة الصحافي الناجح اذا هو لم يزهد في حياته الخاصة ويفرط في مواهبه الأخرى من اجل ان يخلص لمهنته.. وألا فكيف نتأكد من طاقة البذل الصادق لدي الصحافي إذا لم يبالغ في العطاء". وبين المقالات المتعددة في الكتاب يشف وجدا وتستعر عاطفة جياشة في همس دفاق، فتراه يقول إن "الحب حقيقة. لكن الواقع يهزمها أحياناً فنخبئها كالشمعة. نضيء بألوان الحياة حين ينقطع تيار الحب فجأة أو حين تدوس قدم همجية وردة..الورد اليوم.. أحمر.. أصفر لا فرق بفالانتاين أو عدنان أو أسمهان. لا فرق. الكل بشر ولا مستقر للنهر سوى البحر. الأحمر لون الدم والعدم والنار التي يكتوي بنارها البشر في مساحات خضراء من هذا العالم المتهور". كما تتنوع المقالات كذلك في توثيق صورة سياسية خلفتها الة الحرب كما في حرب تموز، حيث قال "في تلك الليلة شهقت بيروت. ظنت أن الآتي المنتظر.. أتى من رأس النبع. وأن ما في الرؤوس طفح.. أو أن ساعة الصفر لم تعد صفراً في الفراغ الذي يخنقه الخوف. الخوف من المجهول المعلوم ذي الملامح الدموية(....) وما حصل، في ليلة رأس النبع كان رشفة نار، لكن إله الحرب ظمآن لا يزال يصرخ والكلاب تعوي وبيروت تنتظر الآتي. يدها على قلبها. وقلبنا على بيروت العربية.. بيروتنا". كما يتضمن كتاب (لكم انت بي.. نكهة وطن) تحريض من نوع "واصل المسير.. الضباب شبيه بالرماد. قد تشرق شمسك من جديد. تدفئك وتدفن شعاعها في ضلوع ضوئك فيعود يومك أبيض مائلاً إلى الزرقة.. زرقة البحر وزرقة روحك. ليس كل الورد أحمر. إن لم يعجبك لونه فابحث في الألوان عن لونك. لا تدع للعتمة وردك. دع عبقه يفرش قلبك وافتح نوافذه. ربما ورقة منه تنعش يومك اليومي أو حياتك الأبدية، ما قبل الموت وما بعد الموت". او من قبيل "دعك من تعريف الحب. ولا توغل في قراءة فكر فرويد أو نيتشه أو ديكارت. لا تعد إلى أفلاطون وأرسطو والإغريق القدامى.. فتش في ثوب عنترة وعباءة عبلة عن معنى. أو فيما قيل عن روميو وجولييت وكليوباترا. ولا تنس، إن لم تجد، أن تسأل شوقك فالشوق ابن الحب المدلل. أحياناً يحِن ويُجَن ويأخذك إلى عمق العمق".