بعد تسع سنوات من فراره عن وجه العدالة، عثرت الأجهزة الأمنية بمحافظة حجة الأسبوع الماضي، مصادفةً على متهم بقضية قتل منتكراً وبحوزته السلاح أثناء محاولته التسلل عبر نقطة الخشم لتهريب شخص آخر كان برفقته، اتضح فيما بعد أنه متهم أيضاً بقضية القتل ذاتها. جنود الشرطة العسكرية الذين ألقوا القبض على محمد محسن ربيان المتهم بقتل محمد علي هادي ربيان العام 2000م قاموا بتسليمه إلى أمن المحافظة، ليقوم أولياء الدم على الفور بتقديم أولويات القضية إلى إدارة البحث الجنائي بالمحافظة وشرعت الأخيرة بإعادة التحقيق في القضية ورفعت بتقريرها إلى النيابة العامة. إلى هنا لا تزال الإجراءات قانونية ودستورية غير أنها لم تستمر كذلك. وإن كان إلقاء القبض على الجاني تم بتاريخ 6/4/9002م، فإن الإفراج عنه كان بتاريخ 14 من الشهر ذاته، أي أن القاتل ومعه رفيقه المتهم بالقتل أيضاً لم يمكثا غير عشرة أيام في السجن المركزي، وللدقة لم يمكثا سوى 8 أيام فقط كونهما قضيا يومان بعد القبض عليهما لدى إدارة البحث الجنائي. وإن كان الإفراج عن قتلة أو متهمين بذلك فعل منافي للشرائع والقوانين، فإن تبرير أمر الإفراج جاء أكثر فداحه. ودون أدنى مراعاة لدستور البلد أو الوظيفة المنوط بأجهزة الأمن كجهة تنفيذية لقانون الدولة، برر مدير أمن محافظة حجة لأولياء الدم إفراجه عن المتهمين بالقتل بوجود تحكيم قبلي حول القضية. هكذا وبكل سهولة يضرب ممثل الداخلية والأمن بمحافظة حجة بهيبة الدولة وأجهزتها الأمنية عرض الحائط، لإعلاء دور التحكيم والعرف القبلي الذي سيفضي حتماً إلى الاقتتال وتحويل المجتمع إلى غاب كل يأخذ حقه بيده. رجل الأمن الأول في المحافظة لم يتمسك حتى بالحق العام للدولة في قضية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، فضلاً عن غياب شرعية الإفراج ذاتها واهدار شخص جاء أهله وذووه للمطالبة بتفعيل القانون لا إلغاءه. أولياء الدم حضروا إلى «الوحدوي» ومعهم توجيهات وأوامر من النائب العام ووزير الداخلية ومحافظ محافظة حجة الِى مدير أمن المحافظة بإحالة القضية إلى النيابة المختصة لتأخذ إجراءاتها. أولياء الدم حضروا إلى الصحيفة وعلامات الحزن بادية على ملامح وجوههم مثلما هي كذلك علامات الدهشة والاستغراب من غياب سلطة الدولة وعدم اكتراث مدير الأمن بكل تلك التوجيهات حتى أطلق الجناة ليلاً بمعية شيخ إلى جهة غير معروفة. أولياء الدم تحدثوا كثيراً وشكوا مرارة انتظار تقديم قاتل عزيز عليهم للعدالة تسع سنوات وبعد حين يجدوه ويودعوه لدى أجهزة الأمن تكون هذه الأخيرة المدبر والمخطط لفراره مرة أخرى، أسرة المجني عليه اتهموا مدير الأمن بتلقي مبلغ باهض كرشوة للإفراج عن الجناة. لكن ذلك يظل مجرد كلام لا يستطيع أن يجزم فيه كونه يفتقر للأدلة القاطعة، كما قالوا أن مدير الأمن احتجز عدد من أولياء الدم وأرغمهم علي الرضوخ للتحكيم القبلي، هم قالوا أيضاً في شكواهم التي تحتفظ الوحدوي بنسخة منها مع عدد من الوثائق أن القاضي «منصور العرجلي» قاضي محكمة صعدة مارس ضغوطاً لإرسال القضية إليه للفصل فيها ودياً، كونه محكم من قبل الطرفين، وأكدوا رفضهم لأي تحكيم في قضية القتل وأنهم لم يخولوا أحداً بذلك. أولياء الدم وهم ماضون في طريق القانون والنظام يناشدون رئيس الجمهورية والنائب العام ووزيري الداخلية والعدل التدخل لإعادة المتهم إلى السجن وإعادة قضيتهم للقضاء لتأخذ العدالة مجراها الطبيعي. كما طالبوا أيضاً بمعاقبة كل من تورط في تهريب المتهم ورفيقه، كي لا تتحول المحافظة والبلد ككل إلى ساحة للفوضى وتصفية الحسابات، مؤكدين أن القضية لن تموت ماداموا أحياءً يرزقون.