تعيش محافظة عدن للأسبوع الثاني على التوالي حالة طوارئ غير معلنة حيث يفرض عليها حصار عسكري مشدد، فالسلطة تواجه الفعاليات الاحتجاجية فيها بعنف لا يقارن مع الاعتصامات المطالبة برحيل النظام في المحافظات الأخرى. عربات الجند والمصفحات وأطقم الأمن خرجت الجمعة الماضية لمواجهة صدور عارية، فقتلت وجرحت العشرات دون أن يكون لهم ذنب سوى المطالبة بالتغيير بعد أن تخلوا عن شعارات جنوبية سابقة تدعوا لفصل الجنوب عن الشمال.وقد أثارت هذه التصرفات مزيداً من الاحتقان في أوساط أبناء عدن ،معتبرين أن ما حدث يرتقي إلى مستوى الإبادة المقصودة. الشيء الأقسى في مظاهرة المعلا والمنصورة أن أحداً لم يستطع إسعاف من أصيبوا برصاص الشرطة، لأن القوات المنتشرة استمرت في إطلاق النار على أي مار في الشارع . وفيما كان المجلس المحلي بعدن قد وجه بعدم استخدام الأسلحة النارية والقنابل المسيلة للدموع لتفريق التظاهرات والاكتفاء باستخدام العصي والهراوات ، غير أن الأمن المركزي في المحافظة عمد في أول مواجهة مع المتظاهرين بمديرية المنصورة إلى استخدام الرصاص الحي مما أسفر عن مقتل أربعة في اليوم الأول واثنين في اليوم الثاني وكررتها مرة ثالثة في تظاهرات الشيخ عثمان والعريش لتقتل أربعة متظاهرين . وفعلتها بوحشية الجمعة الماضية في مديرية المعلا ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص بينهم مواطنون قنصوا إلى شرفات منازلهم. وكالعادة كانت السلطة قد بحثت عن مجهول لتحمله مسؤولية جرائمها ، حيث ذهب نائب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يزور عدن حاليا لتهدئة الأوضاع للحديث في أكثر من لقاء مع المجالس المحلية للمحافظة والمديريات عن وجود من اسماهم بالعناصر التخريبية القادمة من الأرياف في المحافظة وهي من تقوم بأعمال الشغب في التظاهرات واستهداف المتظاهرين .. داعيا أبناء المحافظة إلى عدم الانجرار خلفهم ومنعهم من إحداث أي فوضى والقبض عليهم ليتم تقديمهم للمحاكمة . تجدر الإشارة إلى أن عدد القتلى في تظاهرات عدن خلال الفترة القليلة الماضية وصلت -بحسب آخر إحصائية- إلى قرابة 25 قتيلاً فيما تجاوز عدد الجرحى المائة جريح. وعلى إثر عمليات قتل الموطنين برصاص الأمن، جمدت كتلة المحافظة في مجلس النواب عضويتها ،كما أعلن المجلس المحلي بمديرية المعلا في عدن تعليق عضويته في المجلس المحلي للمحافظة.وأكدوا بأنهم لن يعودوا لمزاولة مهامهم إلا بمحاكمة العقيد عبدالله قيران مدير أمن المحافظة والعقيد عبدالله اليماني قائد الأمن المركزي. ويشكو أهالي عدن من تمركز الكثير من رجال أمن قناصة على أسطح المباني السكنية والحكومية والجبال والمناطق المرتفعة فضلا عن نشر المئات من الجنود والمدرعات. وقالت مصادر حقوقية ومحلية بعدن إن قوات أمن قامت بنقل جثت القتلى من مستشفى النقيب والجمهورية الحكومية وأودعنهم في مستشفى باصهيب العسكري ورفضت تسليمها لذويها لدفنها.موضحة:"أن السلطات الأمنية في عدن تخشى من التشييع الجماعي الذي سيظهر فضاعة ووحشية الأمن ضد المحتجين السلميين الأمر الذي سيؤكد المجازر التي يرتكبها النظام بحق أبناء الجنوب وعدن خصوصا". وفيما نفت السلطة أن تكون قواتها هي من أطلقت النار في صدور المتظاهرين وإنما عناصر حراكية مسلحة قامت بهذا العمل قالت مصادر حقوقية إن مزاعم المصدر الأمني افتراء ودليل على أن الأمن ارتكب مذبحة بحق أبناء عدن للأسبوع الثاني والشواهد كثيرة ومنها رجال القناصة المتمركزون بالقوة فوق المباني السكنية. وقالت:"من العيب أن يخرج المصدر الأمني بهذا الشكل...المزيف للحقائق ويعرفها جميع الناس في عدن بوضوح تام...". وأكدت المصادر الحقوقية على حقها القانوني في ملاحقة المسئولين أيا كان منصبه ومن يقف وراء هذه المجازر التي ترتكب ضد الإنسانية في عدن وجددت مطالبها بأن على القيادة السياسية أن تلزم الأمن بحماية مواطنيه بدلا من بطش المواطنين الآمنين دون حق. كما أن عليها أن تحترم حقوق وحرية المواطنين السلميين في التعبير عن آرائهم. واتهم المصدر الأمني مجموعة انفصالية مسلحة تابعة لما يسمى ب" الحراك " بإطلاق النار عشوائيا بأسلحة آلية من بعض المباني في المعلا على أفراد الأمن وموظفي الكهرباء وعلى المواطنين. وأشار المصدر إلى أن إطلاق النار أدى إلى استشهاد جندي وإصابة أربعة جنود آخرين.. كما استشهد مدير عام كهرباء المعلا سالم باشطح، ومواطن، وأصيب مواطنون آخرون بجراح بعضها خطيرة ، فيما لم يشر إلى الضحايا من المتظاهرين. وقد أثارت طريقة تعامل السلطات مع التظاهرات في عدن استنكاراً من المنظمات المدنية والأحزاب السياسية، حيث دانت أحزاب اللقاء المشترك واستنكرت بشدة ما وصفته ب"الجرائم البشعة" التي تقترفها القوات المعنية بأمن وسلامة المواطنين وفعالياتهم الاحتجاجية المكفولة دستوريا. وقالت إن المجزرة البشعة التي وقعت في عدن الجمعة الماضية تورطت في أحداثها الدموية كل من القوات الخاصة والأمن المركزي وقوات النجدة عبر إطلاق الرصاص الحي عشوائيا على المتظاهرين سلميا في المدينة وعلى منازل المواطنين واقتحام بعضها بالقوة ودهس بعض المتظاهرين ومنع إسعاف الجرحى منهم". وإزاء تصاعد الانتقادات شكل رئيس الجمهورية لجنة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية عبدالقادر هلال وعدد من المحامين والشخصيات المدنية للتحقيق في الأحداث الأخيرة في محافظة عدن