رشيد قائد أحمد تتواصل أزمة الغاز المنزلي للأسبوع الثالث على التوالي دون انفراج ملموس يحد من هلع المستهلك ورغم تراجع توازن العرض والطلب خلال الأسبوع الماضي لا زال طوابير كبار المواطنين وصغارهم ذكورا ونساء أمام نقاط بيع الغاز التابعة للمؤسسة العامة للغاز ترجح كفة فشل الجهات المعنية في توفير مادة الغاز الأساسية لحياة الإنسان اليومية وسد الخلل الناجم عن فشل متأصل في آليات ووسائل تزويد العاصمة والمحافظات الأخرى في مادة الغاز التي وصلت أسواق كوريا الشمالية وفرنسا والولايات المتحدة بأمان، وتجاوزت محنة القرصنة والنقل ولم تصل الأسواق المحلية بأمان فبينما تعثر مشروع أنابيب الغاز إلى منطقة معبر حسب الروايات الحكومية تفاعلت العديد من المظالم والشعور بالحرمان في ظل فشل السلطات المحلية والأمنية في تأمين خطوط الإمدادات "صافر-مأرب - صنعاء" لتتلقى أسوأ في ما القبيلة على الخطوط العامة، فخلال عام 2009م ارتفعت حالات التقطع إلى 58 حالة بنسبة زيادة تفوق ال50% عام 2008م الذي شهد 26 حالة، منها 20 حالة تقطع على خط صافر - مأرب و6 حالات على خط مأرب - صنعاء ورغم تنامي حالات التقطع القبلي على الخط الرئيسي لم يتم تأهيل الخط البديل الشبه جاهز منذ عدة سنوات والمعروف بخط صافر - خولان- صنعاء لأسباب غير معروفة وهو ما فاقم حالات التقطع القبلي كوسيلة ضغط في ظل انعدام البدائل والتي كبدت الدولة خسائر فادحة تفوق المليارات كتكاليف لإعادة حقن الغاز بعد تصنيعه كل مرة خلال الأسبوع الواحد حسب المعلومات المؤكدة لمتوسط التقطع كل أسبوع وهو ما يضع أسواق الغاز تحت أعلى مستويات الخطر والاحتكار والاستغلال والذي يتم تمريره من خلال التلاعب في التعبئة وافتعال الأزمات وإثارة مخاوف المجتمع، فأزمات الغاز المتكررة والتي تمر في دورة حياة كاملة فمن حيث انتهت عادت بقوة الفوضى والتجاهل لأزمة مركبة كثيرا ما يتحمل مسئوليتها المستهلك الذي يتلقى سلبيات غياب الدولة وفشل المؤسسة ووزارة النفط التي استثنت الغاز من مهامها كما يبدو وأوكلت تلك المهمة لمؤسسة فشلت في إدارة نفسها أو التعلم من أسباب الأزمات الماضية، فاسطوانة الغاز المنزلي ليست سوى قنبلة موقوتة حسب تقارير وزارة الداخلية التي أكدت وجود 4 ملايين اسطوانة غاز قابلة للانفجار بسبب خلل فني في التصنيع، يضاف إلى ذلك أزمات تعبئة تلك الاسطوانات للاستخدام المنزلي الناتجة عن خلل في التوزيع وكفاءة التسويق إلى الأسواق المحلية من قبل المؤسسة التي تحتكر الإنتاج والتسويق معا بالإضافة إلى شركتين فقط إحداهما تتبع جهات غير معروفة ومراكز قوى، صحيفة الوسط نزلت إلى أكثر من مركز بيع تابع للمؤسسة مطلع الأسبوع الحالي لتقف على واقع الازمة التسويقية وتلاحظ مدى فشل آلية المؤسسة العامة للغاز في احتكار السوق المحلي عبر معارضها الخاصة والنقاط الأخرى المعتمدة، فعشرات المواطنين أفادوا بأن الغاز موجود وفي السوق السوداء ويباع بمبالغ تصل إلى ألفي ريال للاسطوانة الواحدة أو الانتظار أمام المعارض حتى يأتي الغاز ليتم شراؤه ب650 ريالاً وتحمل حرارة الشمس وضراوة البرد حتى يأتي الدور الذي يتطلب الوصول إليه ما بين 6 ساعات و12 ساعة في الآونة الأخيرة والملاحظ أن تواصل أزمة الغاز دفعت بالعديد من أصحاب المحلات والذين يمتلكون عشرات الاسطوانات إلى ركوب الموج وإيعاز الدور لشباب عاطلين عن العمل بمقابل مادي أو شركاء في البيع الذي تراجع من أعلى مستوياته إلى 1500 ريال و1200 ريال للاسطوانة الواحدة، بالإضافة إلى التلاعب في الأدوار وتقديم أناس آخرين بمقابل مادي مما حدا بالجهات الأمنية التدخل والنزول إلى معارض الغاز لتأمين عدم حدوث حالات فوضى أو اشتباكات بين المواطنين أثناء وصول سيارات المؤسسة لسد الاحتياجات وتخفيف حدة الأزمة التي حظيت باهتمام المجالس المحلية في أمانة العاصمة التي حاولت الحد من الأزمة واستجابت لنداءات المواطنين. وفي اتجاه الضبط والسيطرة عقد المجلس المحلي في أمانة العاصمة اجتماعا موسعا لمناقشة أسباب اختناق السوق المحلي بمادة الغاز المنزلي وأقرت التدخل المباشر ووضع ضوابط كفيلة بمراقبة تجار القطاع الخاص ومسوقي الغاز، في مديرية الصافية أقر المجلس المحلي فتح نقاط تزويد المواطنين بالغاز مؤقتا وبرفقة الأمين العام للمجلس المحلي صادق محسن الحارثي والذي أفاد في تصريح للوسط بأن المجلس المحلي أتخذ آلية إلزام التجار والوسطاء في بيع الغاز المنزلي بالتعاون مع المؤسسة العامة للغاز لوضع مسوقي الغاز تحت رقابة المجلس المحلي بحيث لا يحصل التاجر على أي كمية أخرى من الغاز ما لم يحمل الطلب توقيع عضو المجلس المحلي الذي بموجبه يحصل على كمية أخرى، مشيرا إلى أن المجلس المحلي باشر العمل بآلية البيع المباشر للحد من معاناة المواطن والحد من استغلالهم، وأضاف: آلية البيع المباشر ستكون لها انعكاسات إيجابية على التأثير النفسي لأزمة الغاز وتخفيف حالة الهلع وأشار الحارثي إلى أن المجلس المحلي في مديرية الصافية باشر مهامه بعشر سيارات لحل الأزمة التي لم تكن مرتبطة بموجة الصقيع وإنما بضعف الوازع الديني لدى ضعاف النفوس، غياب الحل كان واضحا من خلال مضمون تصريح وزير النفط والمعادن لمصادر صحفية والذي أشار إلى أن ما يتكرر اليوم من أزمة ليس له حلول باليد والحل الوحيد لمثل هذه الازمات هو إضافة اسطوانات جديدة لإغراق السوق وشحن الغاز من مصفاة عدن ولكنه استدرك أن مخرجات مصفاة عدن لا تغطي الطلب في المناطق الأخرى، فجل مخرجاتها تغطي أسواق عدن ولحج وأبين ومناطق محدودة ونفى أن تكون هناك علاقة لأزمة الغاز في السوق المحلي واستنزاف كميات كبيرة منه حسب التوقعات التي أشارت إلى أن 30% من الكميات المخصصة للسوق المحلي سيتم سحبها إلى مشروع الغاز المسال واعتبر أن الأزمة في الأسواق المحلية مرتبطة بالتسويق وبعدم وجود منشآت استراتيجية للخزن والنقل الذي يعتمد على قاطرات إلى اليوم، مشيرا إلى أن وجود أنبوب سيقلل من تكاليف النقل ومخاطره. الجمعية اليمنية لحماية المستهلك اعتبرت تفاقم أزمة الغاز المنزلي على نحو غير مسبوق أمرا لم يعهده المستهلكون من قبل وفي رسالة موجهة لرئيس الوزراء قدمت عدة مقترحات للحد من استشراء الممارسات الاحتكارية التي وضعت المستهلك قيد الابتزاز والاستغلال والتداول في السوق السوداء ومن تلك المقترحات النظر في مدى كفاية الكمية المنتجة من مادة الغاز المنزلي ومواءمتها مع حجم الطلب، والفصل التام بين النشاط الإنتاجي وبين نشاط التوزيع الذي ينبغي أن تقوم به شركات حكومية أو خاصة تعتمد معايير التسويق من حيث كفاءة الوصول إلى المستهلكين في الريف والحضر بوسائل نقل حديثة وآمنة وكسر الاحتكار وفتح أبواب المنافسة وفرض قيود صارمة على الشركات المنتجة والموزعة من حيث سلامة اسطوانات الغاز ومنع الممارسات التي تلحق الضرر للحيلولة دون وقوع أي اهتزاز في مستوى العرض مقابل الطلب والتعامل مع مادة الغاز ا لمنزلي باعتبارها جزءا جوهريا من منظومة الأمن الغذائية، وفي ظل غياب الحلول الجذرية لمشكلة الأزمات المفتعلة وشبه الطبيعية تظل المشكلة نشطة ويظل المواطن المغلوب على أمره رهين غياب الدولة على خطوط التزويد وحضور القبيلة بكل سلبياتها من جانب وفشل آلية الاحتكار وحب الاستحواذ على كل شيء وغياب الوازع الديني.