كتب/د.مصطفى بهران كان الفيزيائي النووي الكبير ج. روبرت اوبينهيمر (1904-1967) أحد أهم شخصيات القرن الماضي لأنه قاد فريق "مشروع منهاتن" الذي طور أول قنبلتين نوويتين في التأريخ، تلك القنبلتان اللتان اسقطتهما آلة الحرب الأمريكية في الحرب العالمية الثانية على مدينتي نجازاكي وهيروشيما اليابانيتين محدثةً أكبر حدثين عسكريين تدميراً وقتلاَ على مر التأريخ، وهما في نفس الوقت الحدثان اللذان أوقفا الحرب وعلى إثرهما وقعت اليابان استسلامها في الثاني من سبتمبر 1945 على متن السفينة الحربية الأمريكية "ميزوري". تمتع أوبينهيمر بقدرات مذهلة وخبرة هائلة في مجال عمله، وقد سُئل يوما عن تعريف "الخبير" فأجاب: "هو الشخص الذي اقترف كل الأخطاء الممكنة في مجاله" ولم يعد لديه إلا الخيار الصائب! تذكرت تعريف أوبينهيمر في هذه الايام بالذات واليمن تشهد تطورات جديدة على صعيد الحوار بين الاطراف السياسية اليمنية منذ القى فخامة الأخ رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح خطابه الهام في العيد الوطني العشرين الذي استعاد فيه زمام المبادرة حيث: * مد يداً جديدةً أكثر حياديةً للمعارضة، * عملياً وجه الحكومة والحزب الحاكم للتعامل إيجابيا مع المعارضة والاستجابة لمتطلبات الحوار وعلى الأخص إطلاق المحتجزين. والسؤال هنا هو: ما مدى استجابة المعارضة للمبادرة وما مدى تنفيذ الحكومة والحزب الحاكم للتوجيهات الرئاسية؟ في هذه اللحظة يبدو أن المعارضة مستجيبة ولكنها تقول إن الحكومة لم تطلق كافة المحتجزين و هذا خطأ يجب أن يصحح، ولكن الحزب الحاكم يؤكد ان الحكومة قد اطلقت المحتجزين، والحق أن الحكومة إن لم تفعل ذلك فهي تعرقل الحوار بعدم تنفيذ التوجيهات الرئاسية بعد أن كان طرفاه بصدد إعداد قوائمهما لأعضاء اللجنة المشتركة (مئة عضو عن كل طرف) والمحضر بينهما جاهز للتوقيع، ذلك المحضر الذي كان جاهزاً للتوقيع منذ عدة أشهر، وهو أول وثيقة ستوقع بين الطرفين منذ اتفاق فبراير 2009، فإذا استجابت الحكومة استجابةً كاملة ونفذت التوجيهات الرئاسية ستسير الأمور نحو الحوار الوطني المنشود وهذا جميل حقاً وسيعيد للشارع اليمني تفاؤله بالمستقبل ويجعل المراقبين بما في ذلك كاتب هذه السطور يستبشرون خيراً. لقد كتبت قبل ثلاثة أسابيع متسائلا: هل سيثبت السياسيون اليمنيون النظرية التي تقول إن السياسيين هم الذين سيدمرون العالم في آخر المطاف؟ وذلك بتدمير اليمن أولاً! نأمل أن يثبت سياسيونا العكس، نأمل أن يعودوا -أو يكونوا قد عادوا- الى جادة الصواب من خلال بناء الجسور بينهم، نأمل أن يكونوا كما قال أوبينهيمر قد استنفدوا كل الأخطاء الممكنة ولم يبق لديهم سوى الصواب، فهل فعلا هذا صحيح؟ هل سيستحق سياسيونا لقب "خبراء" بحسب تعريف أوبينهيمر؟ أسأل الله عز وجل أن يكون ألأمر كذلك. *هوامش: 1- تحول أوبينهيمر فيما بعد الى داعية للسلام وللاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وعانى الأمرين من اليمين الأمريكي آنذاك. 2- يحار المراقب ما بين الحكومة والمعارضة حول هذه النقطة ولذلك ربما على المعارضة ان تنشر قوائم محتجزيها وتضع الحكومة عند المحك فلم يتبقى الوقت الكثير حتى 27 ابريل 2011. 3- تجدر الاشاره هنا إلى خطأ لغوي شائع يخلط بين المادة اللغوية "نفِدَ" وتفيد الفناء كما في قوله سبحانه وتعالى في سورة الكهف "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا"، وبين المادة اللغوية "نفَذَ" وتفيد جواز الشيء عن الشيء أي تجاوزه واختراقه، وأسوأ ما رأيت في هذا الشأن موجود في المئات من مواقع الانترنت التي تتحدث عن اليورانيوم المستنفد بمسمى اليورانيوم المستنفذ.