اللواء الركن/ محمد سري شايع لقد شد انتباهي ماكتبه الأديب والشاعر المفكر الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح في ماورد بمقاله عودة إلى حديث المركز والأطراف المنشور بصحيفة اخبار اليوم العدد2451، وكما تعودنا منه في كتاباته ومؤلفاته المتعددة التي اثرى بها المكتبات والتراث العربي واضاء بها عقول القراء بما يجود به عقله المستنير من افكار انسانية ومفاهيم منطقية تخدم كل المجتمعات بما تحمله من تجديد في الشكل والمضمون لا اساليب التحليل للمعلومة والموضوعات التي تعالج المشاكل الشائكة المتعلقة بحياة الفرد في المجتمع وبصورة خاصة مايتعلق بإعاقة نمو وتطوير حياة المواطن وتعكير صفو حياته في القيود والمحددات التي تفرض عليه من انظمة الحكم المستبدة في دول العالم الثالث جعلته تابعا اسير همومه اليومية وتطلعاته المحبطة التي تصطدم بجدران القمع من السلطة، مكتفيا بالتأثر من الآخرين لا حول له ولاقوة في التأثير لانعدام الوزن في المجتمعات العربية بالرغم انها مليئة بالخيرات والثروات الكبيرة التي يستفيد منها المجتمع الامريكي والأوروبي وغيره من المجنمعات المتقدمة في العالم، إلا أن ذلك لايجدي نفعا أو تأثيرا لارتهان انظمة الحكم سعياً وراء إرضاء النظام العالمي المهيمن للحفاظ على بقاء أنظمتهم في الحكم وان كلف ذلك سلب الإرادة وفقدان السيادة لدولهم وشعوبهم المهم البقاء على الكرسي. ومن هذا المنطلق تأتي إشارة الدكتور المقا لح إلى ظاهرة الربيع العربي للثورة التي بزغ نجمها وسطع إشعاعها المتوهج من أوساط المجتمع العربي نتيجة معاصرته لأقسى أنواع البؤس والقهر والحرمان والتخلف في كل المجالات في ظل حكم الأنظمة المستبدة التي حولت الشعوب إلى ملكية وقطاع خاص، تحكم بالمطلق وتتصرف بالثروات والموارد كما تشاء على حساب إذلال وتشريد شعوبها بحثاً عن لقمة العيش وهرباً من التعسف والجور متقبلين رغم إرادتهم فتات بعض التأثيرات الإيجابية التي تأتي من المجتمعات المتقدمة والتي غالبا ماتستفيدمنها الأنظمة الحاكمة وتبقي منها الشكل الصوري لتوظيفه في تحسين وتجميل مظهر أنظمتها كا الديمقراطية الصورية وشعارات حقوق الإنسان التي ترفعها للمزايدة وتضليل الرأي العام المحلي والدولي وتدجين الشعوب وفي حقيقة الأمور المطبقة على الواقع لا توجد أي مصداقية لما يعلن سوى أنها تحمل في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب المرير المسلط على الشعوب، فتولد عن كل تلك المعانات ومرارة الشعور بالإحباط ربيع الثورات العربية بدءاً من تونس الأبية تلتها ثورة مصر قلعة العروبة ورائدة النضال العربي وليبيا الحرة احفاد عمر المختار وهاهي اليمن مصدر العروبة وسوريا يقفان على عتبة أبواب النصر الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى والأيام والسنين القادمة حبلى ومليئة بالمفاجآت السارة للربيع العربي الذي لم يقتصر مده على الأمة العربية فقط والتي هي كما اشار الاستاذ المقالح طوال العقود الماضية تتأثر فقط ولأول مرة تؤثر ويمتد ربيع ثورتها الى العالم كما نشاهد الاحتجاجات في أوروبا وأمريكا مراكز قمة النظام الرأسمالي العالمي التي تسيطر فيها قلة محدودة على ثروات شعوبها وثروات شعوب العالم، تحتكر وتستأثر بالكثير لتنعم بها وتعطي الفتات لشعوبها وللآخرين وبسبب امتلاك هذه القلة واحتكارها للثروات استطاعت أن تسيطر على أهم مفاصل ومواقع إعداد ورسم السياسات الداخلية والخارجية وعناصر اتخاذ القرارات المصيرية والاستراتيجية في المجتمع الدولي لتصبح مسيرة واداة من أدواتها، مجبرة أن تعمل وفق مايخدم ويضمن تحقيق أهداف ومصالح هذه القلة الرأسمالية المسيطرة على الاقتصاد العالمي ويتحكم نفوذها بكل الأسواق العالمية ولامناص للأنظمة الحاكمة في تلك البلدان المتقدمة من الخروج عن إرادة هذه المجموعة التي تهيمن على حياة ومصير كل شعوب العالم وان كان ذلك خارجاً عن قناعتهم وضمائرهم الشخصية. ولذلك لاغرابة أن نجد الاختلالات في تطبيق معايير العدل الدولي والازدواجية في الكيل بمكيالين عند اتخاذ القرارات المصيرية في حق الشعوب المغلوبة على أمرها كما هو الحال في قضية الشعب الفلسطيني وغيره من المواقف التي تدحض الحق وتنصر الباطل وعندما يتعذر تأليب الرأي العام للحصول على إجماع يستخدم احتياطي النفوذ بفرض الفيتو لتنفيذ ماهو مطلوب. إن تأثر المجتمعات الأكثر تقدماً وتطوراً في أوروبا وأمريكا وغيرها بربيع الثورات العربية يؤكد سلامة ونجاح النهج السلمي لربيع الثورات العربية في انتزاع الحقوق المشروعة للشعوب عبر النضال السلمي لتحقيق التغيير الشامل وتصحيح الاختلالات والأوضاع الفاسدة وإحلال العدل الاجتماعي المنشود لإرساء الحياة الكريمة للبشرية في كل أرجاء الأرض وبذلك سوف يتحقق السلم الاجتماعي الشامل وهذا شرف كبير للأمة العربية تناله بعد الشرف العظيم الذي حظيت به بحصول الناشطة اليمنية المتألقة توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام.