كشف تقرير برلماني مطلع الأسبوع الجاري عن علاقة عكسية بين ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا أو انخفاضها وارتفاع وتيرة تهريب المشتقات النفطية من الأسواق المحلية إلى أسواق أخرى خارجية واعتبر التقرير الكميات المستهلكة محليا من المشتقات النفطية غير واقعية، مشيرا إلى أن جميع المؤشرات تؤكد وجود فساد كبير، حيث يرتفع الطلب على المشتقات النفطية محليا حال تحرك مستوى الأسعار عالميا وينخفض نهم الاستهلاك مع انخفاضها، وعزا تلك العلاقة إلى عامل التهريب ولفت التقرير البرلماني الصادر عن اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة تطورات سعر صرف العملة الوطنية إلى ما أشارت إليه تقارير برلمانية سابقة حول الحسابات الختامية للأعوام السابقة والتي أكد فيها وجود فساد كبير وتهريب للمشتقات النفطية للخارج وأشارت اللجنة إلى عدم جدية الحكومة بشأن مكافحة التهريب، حيث لا يعكس دورها في هذا الجانب وتعاملها مع ظاهرة التهريب الجمركي للسلع والبضائع وكذلك تهريب المشتقات النفطية وطالب التقرير البرلماني بمكافحة تهريب المشتقات النفطية التي استحوذت على نسبة كبيرة من الإنفاق العام، وأوصى التقرير بترشيد استهلاك المشتقات النفطية وإعادة النظر في مخصصات كافة الجهات الرسمية المدنية والعسكرية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة عملية التهريب الداخلي والخارجي لهذه المشتقات، وأظهر التقرير ارتفاع فاتورة دعم المشتقات النفطية المستوردة من الخارج والتي تتراوح ما بين 48-49 مليار ريال شهريا، وفي المقابل بلغت موارد النقد الأجنبي الموجهة لاستيراد المشتقات النفطية خلال الفترة المنصرمة من العام الحالي إلى 467 مليون دولار وهو ما شكل ضغطا كبيرا على ميزان المدفوعات وعلى الموازنة العامة للدولة، كما حث التقرير البرلماني الحكومة على تشجيع القطاع الخاص وتوجيه استثماراته نحو القطاع الإنتاجي غير النفطي كما حث الحكومة على تأهيل مصفاة عدن بهدف سد احتياجات البلاد من المشتقات النفطية، كما كشف التقرير عن قصور الإجراءات الحكومية في مكافحة ظاهرة تهريب المشتقات النفطية سواء التهريب الداخلي أو الخارجي، مشيرا إلى أن 30-40% من الدعم الموجه للمشتقات النفطية يمكن أن ينخفض إذا تم مكافحة الفساد المتعلق بتهريب المشتقات النفطية. وفي ذات السياق اعتبر دولة رئيس الوزراء أواخر الأسبوع الماضي أن دعم المشتقات النفطية يشكل أكبر اختلال تواجهه الموازنة العامة للدولة، مشيرا في حوار تلفزيوني صريح إلى أن مجموعة من الدراسات حول الدعم الحكومي تتساءل لمن هذا الدعم؟ وهل الدعم يصل إلى مستحقيه، مشيرا إلى أن الدولة تدعم كل من يستهلك لتر بنزين ب60 ريالاً من خزينة الدولة وكل من يهربه وأضاف: المستهدفون من الدعم هم المزارعون الذين يستهلكون الديزل وفئة الصيادين وهم قلة يستخدمون البنزين.. معتبرا مثل هؤلاء يمكن إيجاد البدائل لهم دون الاستمرار بصرف 370 مليار ريال سنويا من الخزينة العامة للدولة وأشار إلى أن إصلاح ذلك الاختلال يكمن بوضع المعالجات للفئات المتضررة كلا على حدة وتسخير الجزء الآخر من عوائد رفع الدعم عن المشتقات النفطية لرعاية صندوق الأسر الفقيرة وهو ما سينعكس على حياتها المعيشية إيجابا وكما ستوفر الخزينة العامة وفراً قدره 370 ملياراً.. وأضاف مجور أن انتهاء الحكومة من برنامج دعم المواد الغذائية التي كان يحدث فيها تهريب وفساد كبير على حد قوله وبقيت مشكلة الدعم الحكومي للمشتقات النفطية وأضاف: نحن نستورد مشتقات نفطية بمليار و400 مليون دولار وهو رقم يؤهل اليمن لأن تكون دولة مستوردة للنفط، وصادراتنا من النفط تصل إلى 2 مليار دولار، معتبرا انخفاض إنتاج النفط إلى 280 ألف برميل في اليوم الواحد تحديا آخر أمام موارد المالية العامة التي تعتمد على النفط بنسبة 75%، مشيرا إلى أن ثمة متغيرات داخلية تتمثل بتناقص كمية الإنتاج ومتغيراً خارجياً يتمثل في العلاقة بين الطلب والعرض في أسواق النفط والذي ينعكس على سعر النفط في الأسواق العالمية.. وحول ترشيد استهلاك النفط أكد أن الحكومة لن تستطيع ترشيد الاستهلاك إلا بحزمة إصلاحات وإجراءات تشمل منع استيراد السيارات التي تبلغ ملياراً و300 مليون دولار سنويا وهو ما يؤثر على العملة الصعبة والميزان التجاري معا ودعم المتضررين من رفع دعم المشتقات النفطية ورفع مرتبات الموظفين للحد من الآثار اللااستقرارية على حياتهم المعيشية. من جانبه اعتبر الدكتور/ طه الفسيل- أستاذ المالية العامة بجامعة صنعاء - المدخل الأساسي لترشيد الموازنة العامة للدولة يكمن في تحليلها ومعرفة أبعادها الاقتصادية، مشيرا إلى أن الموازنة العامة للدولة ومنذ عام 90م تعاني من ضغط كبير عليها، وعزا تدهور سعر العملة الوطنية في سوق الصرف إلى الاختلالات التي تعانيها الموازنة العامة للدولة التي حملت فوق طاقتها حسب وصفه، واعتبر أسباب الأزمة التي يعيشها الاقتصاد ترك الجانب الاقتصادي من قبل الجميع والاهتمام بالجانب السياسي.. ولدى حضوره اختتام الدورة التدريبية حول تحليل الموازنة العامة للدولة والقوائم المالية للشركات والمؤسسات التي نفذها مركز الإعلام الاقتصادي أواخر الأسبوع الماضي بالتعاون مع منظمة فريد ريش إيبرت أكد الفسيل على أهمية تحليل الموازنة العامة للدولة كونها تشكل نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلد بنسبة 35-45% كما تعد أداة حقيقية لتحقيق تنمية اقتصادية وأشار الفسيل إلى عدم ربط خطط التنمية الاقتصادية بالموازنة لعدم وجود علاقة بين وزارتي التخطيط والمالية، كما دعا المعارضة إلى التركيز على التحليل الواقعي للموازنة العامة بما يساهم في ترشيد القرار السياسي بدلا عن المهاترات. وفيما صعدت أحزاب اللقاء المشترك برنامجها الاحتجاجي والرافض لما تسميه بسياسة الإفقار والتجويع في كل من ريمة ومحافظة الحديدة الخميس الماضي، ارتفعت حالة الهلع في الوسط الشعبي من إقدام الحكومة على إجراء أي إصلاحات جديدة من شأنها أن تفاقم معاناة المواطنين وكرد فعل لشائعات إقدام الحكومة على رفع الدعم عن المشتقات النفطية، نفذ سائقو باصات النقل الداخلي في العاصمة إضرابا عن العمل في كافة محطات النقل الداخلي في العاصمة، الإضراب الذي بدأ ارتجاليا يوم السبت الماضي على خلفية الارتفاع الطفيف في أسعار البنزين التي أقرت قبل شهرين وكذلك استمرار أزمة الغاز في الأسواق المحلية، وارتفاع تكاليف الحياة المعيشية متخذين من ارتفاع سعر الزبادي إلى 110 ريالات مبررا، حيث شلت الحركة صباح يوم الأحد بعد تعميم أصدره مندوبو الفرزات لأصحاب مركبات النقل الصغيرة والمتوسطة مما دفع بالإدارة المحلية والجانب الحكومي إلى إخراج عشرات الباصات الحكومية لنقل الركاب وفيما ظل الإضراب مستمرا حتى يوم الاثنين بسبب رفض مرور امانة العاصمة رفع أجور النقل بنسبة 50% من الأجور السابقة، وفي ذات الشأن لوحظ غياب كامل لدور وزارة النقل في القيام بدورها وإعادة الأمور إلى طبيعتها الأولى. وفي نفس المنحدر شهدت الأسواق المحلية موجة أسعار مزاجية حيث ارتفعت أسعار اللحوم من 100 ريال إلى 150 ريالاً خلال الأسبوع الجاري كما شهدت العديد من أصناف المواد الغذائية ارتفاعات غير محددة بفارق 10 إلى 20 ريالاً دون مبرر يذكر.