بينت تجارب النضال السلمي في العصر الحديث أن الصعوبة التي تواجهها الجماهير في نضالها تكمن في ممانعة السلطة ومقاومة أي عمل ثوري للتغيير والتحرير عبر تشويه النضال الجماهيري السلمي في حالة من تزييف الوعي وتضليل الواقع لرسم صورة مغايرة، والأصعب هو التضليل بشعارات الدين والمقدس الديني من أجل لَيّ عنق حقيقة الواقع للبحث عن مبرر لاستخدام القوة والقمع واستباحة الدماء، كما حدث في عدن يوم عيد الجلوس، عندما احتفل محافظ الإصلاح ورقص على جماجم ودماء الشعب الجنوبي. ها هو حزب الإصلاح يستبيح الجنوب ودم أبنائه مرة أخرى بقوة السلاح ومبرر رفض الوحدة بالقوة على مرأى ومسمع الجميع، وإرغام الجنوبيين على القبول بواقع قديم جديد هو قبول نتائج الانتخابات الرئاسية 2012م، التي رفضها معظم الجنوبيين، ومن أجل تنفيذ تهديد صادق الأحمر على الجنوبيين الدخول في الحوار وإلا...!.. ليس هذا فحسب، لقد أعدت السلطة والحكومة، التي يقودها ويوجهها الإصلاح وأولاد الأحمر، العدة لوعدهم بتركيع شعب الجنوب جزاء لعصيانهم وعقوقهم طاعة ولاة أمورهم المنتصرين في حرب 94م، وكذا لتجاوزهم تمزيق صور زعيمهم شيخ أكبر قبائل اليمن في نهاية العام الماضي. بعد أن استمرأوا فرض القوة على الجنوبيين، حتى يجري حكم العرف عليهم وفرض شروط المنتظر في إخضاع هذا الشعب.. لقد استباح الإصلاح وحكام شمال اليمن، منذ بداية الوحدة، الأرض والعرض وسفكوا الدماء، وها هم يؤكدون نفس النهج والمسار مع استمرار النهب والسيطرة على الجنوب يسفحون دماء العزل في يوم الكرامة الذي أراد به الجنوبيون انتصارا لإرادتهم ورد الاعتبار لكرامتهم وتاريخهم، لكن السلطة تدق نفس الاسفين للقضاء على مقاومة هذا الشعب واستهانة بشهدائه وتضييعا لنضاله ومعاناته وتسويقا لشعار التركيع (الوحدة أو الموت). لم يؤخذ هذا الشعار إلا من واقع الانتصار، لقد حلت المأساة وتكررت على هذا الشعب، إنها لعنة السماء وتجهمه وانتصار الشيطان في هذا الزمان. ها هي دموع الألم تمنع الابتسامة في شفاه المحرومين فهي تمثل قهر وحرمان العامل من قوت عمله وخوف الطفل من فقدان أمه، وهي نواح الثكلى وأنات الجرحى في ضيعة الجنوب الحزينة. ثالوث الرعب حل بالجنوب بفعل سيطرة الإسلام السياسي الذي تقوده القبيلة وصلفها فهو يتسلح بالقوة ويوجهها ويستولي على السلطة ويسخرها فكان طالبان، بينما طالبان الحقيقية لم تحل بأرض أفغانستان بل حلت هنا في اليمن كثمرة من ثمار الخريف العربي المرتبط بسياسة وتآمر الدول الكبرى، أكثر من عقدين من الزمن ومعظم الجنوبيين مهمشون، مقصيون في السياسة والوظيفة والعمل، ومسلوبو الحقوق ومنتهكو الكرامة ومصادرو الحرية، ها هو الجنوب يدخل اليوم مرحلة أفظع وأخطر من سابقتها، بعد استخدام القوة الطالبانية المفرطة، مرحلة تقطيع أوصال الحراك الجنوبي الحامل السياسي للقضية الجنوبية عن طريق تزوير وتحوير وخبث في التدبير، لإخراج مليونية، باسم الوحدة، وطرد فعالية أبناء الجنوب من ساحتهم، فعلوها بالذكرى الأولى للانتخابات تجمع المليون في مساحة لا تتعدى العشرين مترا فصلوا جمعا وقصرا في الطريق وأضافوا صلاة العصر في الساحة تحتسب لهم عند الله نافلة إلا الذين في عدن يتبعون المعسكرات كانت الفريضة لأن عدن ثكنة عسكرية بالإمكان أن نخرج منها أكثر من مليونية على شاكلة هذا الاحتفال. كل هذا من أجل أن يستمر الظلم ويبقى السلب والنهب لتستمر معاناة الجنوبيين، وفي الأخير رقصوا البرع فاتضح أنهم من خارج عدن. كالعادة الإسلاميون يقولون ما لا يفعلون، يعدون بحل القضية الجنوبية مع أنهم لم يتوبوا ولم يتبرءوا من فتوى تكفير عام 94م، مازالت دماء الجنوبيين تستباح لاستمرار فتوى ذلك العام. قالوا بعشرين نقطة تجاه التهيئة للحوار الوطني، وهو بالتالي استدراج، فصمموا على تنفيذ البدء بالحوار قبل تنفيذ نقطة واحدة، فهم لن يستطيعوا تنفيذ مقتضيات أبسط نقطة من تلك النقاط. عند فرضية أنهم عوضوا الجنوبيين بشيء ولو بنذر يسير، فهل يستمر التزييف باسم الحقوق والتعويض.. وإذا نجحوا بذلك الكذب والخداع، فهل هم قادرون على تعويض شعب عن ضياع وخراب حياة كاملة بعمر جيل كامل، انتهاك وسلب وهمش منذ بداية الوحدة إلى الآن، إنها شرعية القوة ورمزية العنف.. وما يمنحهم هذه الشرعية في استخدام القوة هو موقف المسئولين الجنوبيين في السلطة الذين جعلوا أصابعهم في آذانهم خوفا أن يسمعوا الظلم المحدق بمن يدعون تمثيلهم. الإصلاحيون قالوا زيفاً: إن الدنيا من نصيبهم والآخرة منحة مجانية ستكون لهم، ولهذا استخدموا شرعية القوة بعد اطمئنانهم لهذه الأحقية، ويتظاهرون بالتقوى ويتفردون بالثبات على منهج السلف والطريق المستقيم الذي لا يزيغ عنه إلا هالك. ولذلك حسم الإصلاحيون أمرهم في مواجهة الشعب الجنوبي بالقوة الفائضة، بعد أن لاحت لهم شرعية الغاب الدولية، ومواقف دول الجوار الجائرة وفي استغلال اللحظة الفارقة في قفزة وحوش الإسلام السياسي إلى السلطة في ظل العلاقات الدولية المعتمدة على تقديم مصالح الدول وتأجيل أو إعفاء قيم وحقوق الإنسان الحضارية، لهذا ظن الإصلاحيون أنهم أصحاب الشرع والفتوى وأن مشائخ العلم التابعين لهم ملائكة وأنقياء أو هكذا يصورونهم، بينما مشائخ العلم التابعين للحراك الجنوبي أشرار كفار منافقون فجار، من أتباع عبدالله بن أبي سلول، ولهذا يسجنون ويسحلون أو يقتلون كما حدث قبل الاحتفال بعيد جلوس الرئيس وكما فعل المدعو وحيد رشيد وأزلامه، يعتقد الإسلاميون السياسيون كما هو الإصلاح أنهم أصحاب المحجة البيضاء ليلها كنهارها، وأنهم أصحاب الشرع والشريعة والمحافظون عليها وفقا للنص وكما ورد في الأثر.. أيها الإصلاحيون لستم المخولين وحدكم لذلك ولا نعرف عنكم إلا الإقصاء للرأي وغيره من تزييف الحقائق وتضليل الجماهير، وندلل على ذلك بما حدث في يوم الكرامة الجنوبي، حتى تمنعوا الجماهير من الاحتفال بهذا اليوم قدمتم من صنعاء إلى عدن لطرد هذه الجماهير من الساحة، وقلتم إن الحراك يستلم الأموال من إيران ويملك السلاح بل يستخدمه ضد دباباتكم وأيضا اتهمتم الحراك بالوقوف إلى جانب القاعدة وأنتم أصحابها وأربابها، ويشهد عليكم مدير قسم شرطة خور مكسر (السعدي) الذي احتجز سيارة هيلوكس بداخلها عناصر ويحملون أعلام الجنوب ومتفجرات قريبا من ساحة خور مكسر في ذلك اليوم الذي تحتفلون فيه على أنهار من دماء الجنوبيين، ثم تلفقون وتزيفون أن الحراك يريد ارتكاب الجرائم ضدكم. ألا تخشون الله الذي تبررون كل جرائمكم وإرهابكم ضد الشعب في الجنوب باسم الإله. لماذا ترسلون الأموال إلى عدن من أجل قتل الجنوبيين وكما أخبرنا أحد رجال الاقتصاد عن عوائد الدخل اليومي لأحد ناهبي الجنوب من أمراء النفط وتجار الحروب تكفي أرباحه وعوائده وفوائده في اليوم الواحد لغذاء الشعب اليمني كله لمدة عام، ومعظم الشهداء الذين سقطوا من الجنوبيين وهم جياع في يوم الكرامة، وجدوا في جيب أكثر واحد منهم مبلغ (150) ريالاً يمنياً. يا إخواننا في الدين من الإسلاميين، لا تستغلوا الشعب ولا تستخفوا به أكثر مما فعلتم لأنكم أمام ثورة جنوبية لن تهدأ. لقد ارتكبتم مجزرة وزيفتم وكذبتم إلى اللحظة وتحسبونه هيناً، وهو عند الله عظيم، تمارسون السياسة وتقولون تطبيق شرع الله، يا للسخرية، تطبيق بالقتل وسفك الدماء، والسياسة هي السياسة، إنها الحرب والحيلة والخدعة، إنها بيت من بيوت الدعارة، وبها تمارس أقذر وأفظع الأعمال القبيحة، ومن سلك ساس يسوس وقع في أفظع الموبقات عند الله، ألا وهو القتل، فتجاوز القتل والجرح إلى المائة من شهداء وجرحى أبناء الجنوب في ثلاثة أيام، ماذا تسمون ذلك، لقد طبقتم مبدأ سد الذرائع بقتل الجنوبيين للحفاظ على الإصلاحيين، لأن دماء هؤلاء رخيصة في نظركم، فتمزيق صورة شيخكم من قبيلة حاشد داخل عدن جريمة لا تغتفر، وقتل شعب الجنوب لأجل هذا الفعل مسألة فيها نظر، وخاضعة لتوصيف وتصنيف مبدأ المصالح المرسلة، وإلا لماذا قتلتم الجماهير السلمية بهذه الوحشية والانتقام، في وقت هم لا يحملون العصا. لماذا لا يعتمل حفلكم في صنعاء أو أية محافظة أخرى، لأنكم تريدون تركيع وإذلال هذا الشعب، أقنعونا شمالا وجنوبا بمبرر جنائي أو مخابراتي أن هؤلاء مخربون، ولكن بدون تزييف، أظهروا الحقيقة للعالم كله قدموا الجناة للمحاكمة، إذا كنتم ترتبطون ولو بخيط رفيع للشريعة، هل تريدون وحدة بعد هذا كله؟ وأن تحكموا على أشلاء وجماجم ودماء هؤلاء المظلومين. هذا تاريخكم لا محيص عنه وستحاسبون عند الله إذا لم يحاسبكم هذا الشعب المضحي، ولا تقعوا في خيال أن الله معكم لوحدكم لكنه يمهل ولا يهمل، حاليا لديكم الإعلام والوسائل المختلفة والسلطة والقوة وكذا الأموال الضخمة، فالحراك يتحداكم أن تعطوا دليلا واحدا أنه كان يمارس القتل كما تزيفون، بدلا من ذلك قدموهم إلى المحاكمة التي أنتم قضاتها. بعد هذا لا يوجد إنسان يبقى ساكنا إلى الأبد لا يتحرك في الدفاع عن نفسه ولو هي قطة تحاصرها وتعتدي عليها في البيت ستدافع عن نفسها. هذه عملية فسيولوجية عند الإنسان والحيوان وفي النهاية هي حكمة الخالق في الخلق بل أمر إلهي للدفاع عن النفس ولو بأكل الميتة كما يحرم عليكم أن تلقي بنفسك إلى التهلكة وتعني الدفاع عن النفس، والدفاع عن النفس ضرورة وصفة بشرية وأمر من الصانع العظيم من أجل استمرار الحياة، فلا تخرقوا نواميسها فتهلكوا. والله الموفق