لم تكن قضية هدى آل نيران والشاب اليافعي عرفات القاضي الأولى التي أثارت الرأي العام اليمني بل شهدت اليمن حادثة مماثلة في عام 2006م حينما أقدمت فتاة تنتمي إلى عسير على الهروب مع شاب يمني من محافظة حجة والذي أثار هروبها جدلاً واسعا في الأوساط اليمنية والسعودية وكادت القضية أن تتسبب بأزمة بين البلدين سيما وأن العائلة الحاكمة طالبت السلطات اليمنية بإعادة الفتاة إلا أن النخوة اليمنية انتصرت لحبها وتدخل الشيخ عبداللة بن حسين الأحمر في القضية وذهب إلى السعودية للقيام بواجب التحكيم القبلي وتم تزويج الفتاة والشاب ليحول دون عودتها لتنتهي القصة بزواجهما. وهاهي قصة هدى آل نيران المعروفة ب"فتاة بحر أبو سكينة" والشاب عرفات القاضي تعود مرة أخرى لتثير الرأي العام وتضع القضاء اليمني في محك حقيقي، فقضية الفتاه التي هربت إلى اليمن بحثاً عن شريك حياتها الذي رُفض من قبل أسرتها تواجه الإعدام في بلدها، وعلى الرغم من الخطر الذي يحدق بالفتاة كون أسرتها حولت قضيتها إلى قضية شرف وعلى الرغم من تعرض المحكمة إلى ضغوط شعبية وحقوقية إلا أن الجانب الحكومي يواجه ضغوطاً سياسية من الجانب السعودي لإعادتها كما علمت "الوسط" من مصادر حقوقية مقربة من الشاب عرفات القاضي والذي أفادت بأن وزير الداخلية يقف إلى جانب القضية معتبراً إياها قضية سياسية قد يكون لها تداعيات سلبية على علاقة البلدين، وأفاد المصدر بأن الوزير حال دون وصول مندوب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لزيارة الفتاة في سجن الجوازات على الرغم من وجود توجيه من النائب العام وتوجيه سابق من رئيس المحكمة بالدخول، وأشار المصدر إلى أن فتاه بحر أبو سكينة منعت من الزيارة منذ أسابيع خوفاً من حصولها على حق اللجؤ الإنساني. الفتاه السعودية التي مثلت أمام محكمة جنوب شرق الأمانة ثلاث جلسات نفت كل التهم الموجهة لها ومنها دخول اليمن بطريقة غير شرعية كما طالب محامي الفتاه المحكمة في جلستها المنعقدة الأحد الماضي عدم قبول الدعوى العامة المقدمة من النيابة لتعارضها مع المبادئ التي قررتها القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية كون هدى ال نيران دخلت الأراضي اليمنية بطريقة شرعية عبر منفذ الطوال الحدود البري الدولي بأوامر من السلطات اليمنية مع رغبتها الجانحة أيضاً في الدخول إلى اليمن وطلب اللجوء وفق المادة (31) من اتفاقية 1951م بشأن اللاجئين، وقال المحامي وفقاً لنص المادة ونظراً لطلب موكلتنا لحق اللجوء فإن اللازم عدم فرض أية عقوبة جزائية ضدها بسبب وجودها في اليمن حالياً كونها طالبة لجوء، وأضاف: من حق موكلتنا الاحتجاج بهذا النص وعدم إخضاعها لتدابير مثل منع دخولها من الحدود أو إبعادها أو ردها بشكل قسري كونها تنشد اللجوء إلى اليمن، هذا بالإضافة إلى نصوص بروتوكول 1971م الذي صادقت عليه اليمن بشأن اللاجئين ومنها المادة (1) من ذلك البروتوكول. ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺟﻨﻮﺏ ﺷﺮﻕ ﺍﻷمانة التي عقدت ﺍﻷﺣﺪ الماضي ﺟﻠﺴﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﻫﺪﻯ نتيجة حضور كثيف من الناشطين والمتضامنين معها، ﻗﺮﺭﺕ ﺣﺠﺰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺣﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻟﻠﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ. إلى ذلك شدد القضاء على ضرورة مراجعة طلب اللجوء للسعودية هدى آل نيران وعدم إعادة امرأة سعودية إلى بلدها دون النظر إلى ادعاءها بأن الحكومة السعودية لن تقوم بحمايتها ضد العنف الأسري الذي يتهدد حياتها، وقال مصدر نيابي :"على الحكومة وقف أي أمر بالترحيل ضدها والسماح لمكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين بمقابلتها في الاحتجاز لمراجعة طلب اللجوء الذي قدمته. وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة اليمنية بوقف أمر ترحيل الفتاة السعودية التي فرت إلى اليمن بصحبة شاب، طلباً للجوء الإنساني، بينما يواصل القضاء اليمني محاكمتها. ودعت المنظمة في بيان صحفي أمس الثلاثاء السلطات اليمنية إلى عدم إعادة الفتاة السعودية إلى بلدها دون النظر إلى ادعاءها بأن الحكومة السعودية لن تقوم بحمايتها ضد العنف الأسري الذي يتهدد حياتها. كما طالبت المنظمة الدولية السلطات اليمنية بالسماح لمكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين بمقابلتها في الاحتجاز لمراجعة طلب اللجوء الذي قدمته. ونقلت المنظمة عن مصادر حكومية يمنية أن الحكومة السعودية تمارس ضغوطاً سياسية على اليمن لإعادتها. وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسن «مع وجود سلامة امرأة على المحك، ينبغي على السلطات اليمنية أن تسمح للمفوضية بمقابلتها كما أن العديد من النساء السعوديات لديهن خوف حقيقي جداً من العنف وما هو أسوأ إن تزوجوا من رجلٍ غير الذي تختاره أسرهن». وفي ذات السياق أكدت منظمة هود الحقوقية في اليمن، والتي تدافع عن الفتاة السعودية هدى، أن دفاعها عن الفتاة هو عن حقها في اللجوء وليس ضد السعودية أو أسرتها الكريمة.. مؤكدة أنها تسعى لحل ودي يرضي جميع الأطراف. وفي سياق متصل عبرت منظمة صحفيات بلا قيود عن أسفها الشديد أن تقام محاكمة لشخص ينطبق عليه تعريف اللاجئ، واعتبرت المنظمة محاكمة الفتاة السعودية بتهمة دخول اليمن بطريقة غير شرعية ، واستنكرت موقف مصلحة الهجرة والجوازات ووزارة الداخلية التي لم تمكن الفتاة من مقابلة مندوب وزارة حقوق الإنسان والمفوضية العليا لشئون اللاجئين لتقديم طلب اللجوء الإنساني إلى اليمن رغم إذن المحكمة بتلك المقابلة . المرصد اليمني لحقوق الإنسان حذر من تسليم فتاه بحر أبو سكينه للسلطات السعودية وقال المرصد إن القضية لا تحتمل كل هذه الإجراءات، كونها قضية لجوء إنساني وينبغي على الجهات القضائية والرسمية التعاطي معها وفقاً لذلك، مؤكداً أن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان تمنح هدى آل نيران حق اللجوء في اليمن، والتعامل معها كلاجئة تتمتع بالحماية المنصوص عليها في تلك المواثيق، واستنكر تعاطي القضاء اليمني مع حق هدى في اختيار شريك حياتها على أنه جريمة، وشدد على أن ضرورة حماية حقها في هذا الاختيار، دون أي تدخل أو وصاية من أي طرف، محذرا كافة الجهات الرسمية من أية إجراءات لتسليم هدى آل نيران إلى السلطات السعودية أو إعادتها إلى بلدها، كون ذلك خطراً يهدد حياتها كما صرحت الفتاة نفسها. واعتقلت السلطات اليمنية في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2013 آل نيران وعرفات القاضي شريكها اليمني على الحدود في الطوال، واقتادتهم إلى سلطة الهجرة في صنعاء، بعد أن ذكرت أسرتها أنها قد اختطفت ومن ثم ادعت أنها سحرت.