تم تسخير ذكرى ثورة فبراير لتعويض أولاد الأحمر عن التخلي عنهم في معركتهم مع الحوثييين الذي قال اليدومي، وهو محق، إنها محاولة لجرهم إلى وسائل غير سلمية باعتبار أن مواجهة المليشيات المسلحة هي وظيفة الدولة. مشيرا {يريدون منه أن يقوم مقام الدولة في بعض الأمور التي يرون أن الدولة لم تقم بواجبها نحو تلك الأمور، متناسين أو متجاهلين أو راغبين في جرِّه الى التعاطي مع أساليب لم يعتد الإنجرار إليها أو التعامل معها ..! الإصلاح تنظيم سياسي يسعى الى تحقيق أهدافه بالوسائل المشروعه والتي تنبثق من الدستور والقوانين المنظَّمة للعمل السياسي، وهذا هو ميدانه وهذا هو ما يتقنه. الإصلاح له برنامجه السياسي ونظامه الداخلي ولوائحه الصادرة عنه ..! البعض _ بطيبة أو بدهاء _ يريدون الإصلاح لأغراض متعددة ؛ وهذا مجافي للحقيقة وللواقع المعُاش .. الرجاء من الجميع مهما تباينت أغراضهم أن يتذكروا دائماً أنه ليس دواء (( أبو فاس )) ..! إلا أنه وفي اليوم التالي للمنشور كانت الأداة التنظيمية للإصلاح المتمثلة باللجنة التنظيمية للثورة تقود هي المعركة، وهو نقل لها من طرف الحزب إلى أدواته. إذ ظهرت في جمعة 11 فبراير سافرة بدون برقع وعبَّر خطباؤها عن معركة الإصلاح القادمة والذي أخذ هذه المرة بعدا وطنيا يتمثل بحماية الجمهورية من الملكيين القادمين من صعدة للقضاء عليها، وهو منطق أولاد الأحمر الذي استند إليه خطيب الستين الإصلاحي في خطابه التهديدي حيث جعلت من الحادي عشر من فبراير بمثابة إعلان مواجهة الحوثيين بغطاء ثوري استنادا للجنة تمثلهم وحشود تتبعهم. والاعتراض هنا لا علاقة له بصدقية ما ينويه الحوثيون من استعادة الملكية من عدمها وإنما من باب أن الدفاع عن الجمهورية هو مسؤولية الدولة، وهي من تؤكد أو تنفي مثل هذه الادعاءات وإلا فإن مثل هذه الاتهامات تعد دعوة صريحة لحرب أهلية. خُطب هذه الجمعة في الستين بالعاصمة وفي تعزعدن وغيرها كان واضحا أنها خرجت من مطبخ واحد وهو التهيئة لحرب الحوثيين باعتبارهم يقاتلون بغرض إعادة الملكية، وقال الخطيب الإصلاحي فؤاد الحميري {إن الشعب الذي ثار في وجه الإمامة والاستعمار لن يقبل اليوم بأي إمام آخر، وأوضح: لن تكون القوة قانونا ولن تصبح العصابة دولة، استفيقوا قبل فوات الأوان فقد مضى زمن القطران. } يقصد عبد الملك الحوثي. وهو ذات ما جاء في بقية الخطب في عدد من المحافظات التي أقامها الإصلاح تحت لافتة "11 فبراير عيدا وطنيا". وتمثلت المهمة الثانية للجنة التنظيمية بحشد ما استطاعت بالإضافة إلى الإصلاح لإجهاض الدعوة لإسقاط الفساد الممثل في الحكومة الحالية حيث أعلن خطيب الستين تدشين المرحلة الثورية الثالثة لاجتثاث الفساد وحماية المؤسسات . فيما أخرجت تنظيمية الإصلاح مظاهرات تحت عنوان "11 فبراير عيدنا" بغرض ضرب محاولة إخراج مظاهرة تدعو لإسقاط الحكومة الحزبية الفاشلة والفاسدة في ذات اليوم. ولم يتوقف استخدام الثورة إلى هذا الحد بل اتخذ بعدا آخر أكثر فجاجة حين عبرت اللجنة التنظيمية عن استمرارها في الحشد ولكن هذه المرة دفاعا عن الحكومة من أن تسقط من خلال القيام بدور مهين يتم فيه استخدام الناس وتضليلهم. وكان الحشد الذي دعت إليه اللجنة يوم أمس الثلاثاء تحت ذرائع واهية يؤكد أين وصل الحد بحزب الإصلاح من الاضطراب الذي انعكس على بيان اللجنة التي شددت في بيانها أن الدعوة للتظاهر هو بغرض التأكيد على وحدة الصف الثوري وعدم الالتفات إلى مواضيع تصرف الشباب عن أهداف ثورتهم تفصد الدعوة لإسقاط الحكومة وأشارت إلى أن الانتصار لقضية الشهداء للجرحى والمعتقلين هو انتصار للوطن والثورة. دون أن تفصح عن الهدف الأساس للدعوة ودون أن تعي أن عدم حل قضية الجرحى وعدم علاجهم يرجع بسبب وزير المالية الذي يتبعهم والذي لم يسلم استحقاقات معالجة هؤلاء. مازال الإصلاح يمارس مثل هذا الدور التظليلي رغم أنه لم يعد سرا أن اللحظة التي تم فيها التوقيع على المبادرة الخليجية هي نفسها اللحظة التي تم فيها إعلان وفاة الثورة الوليدة ومن أن الغرض من استمراراها لم يكن اكثر من حماية لهذا الاتفاق من أن يتم الانقلاب عليه من قبل السلطة السابقة، وكان قرار مثل هذا يمكن تفهمه ولكن أن تظل الثورة قيد الاستخدام حتى بعد أن صار هؤلاء جزءا من السلطة ومارسوا فسادها فإن القضية برمتها تصبح عبثا لن يقود إلا إلى الفوضى لعجز هذا الطرف أن يكون المهيمن الوحيد عليها. الثورة كقيمة حين يتم إزاحة أحكامها القيمية التي قامت عليها يكون من الطبيعي أن تفقد تماسكها وتنهار وبحيث تتحول إلى عصا في يد الحزب الاكثر إمكانية وتنظيما وهو ما يقوم به حزب الإصلاح الذي يريد اليوم فرض أجندته وأهدافه. ثورة الإصلاح تريد فرض منطقها من أن هناك حكومة ثورية لا يجوز نقد فسادها فضلا عن إسقاطها ومن أن سرقة ونهب مسؤوليها هو فساد ثوري بقصد تسديد وتعويض ما خسره المعاونون أثناء الثورة، كما أن تقاسم الوظائف هو أيضا استحقاق ثوري ولكن باتجاه الثوار الحزبيين دون غيرهم، ووصل بهم تدني الأخلاق إلى حد المفاضلة بعلاج الجرحى الذي يجعلونه أحد أهداف خروجهم بمناسبة عيدها البائس مع أن القرار بأيدي وزرائهم ولكن لأنهم استكملوا مداواة أعضائهم بمن فيهم من ليس له علاقة بالثورة أصلا صار على الباقين أن يشارعوا لأخذ أحكام على وزرائهم كي يتم علاجهم. وفي الأثناء توفى جريح الثورة عبدالجبار النمر بعد أن رفض وزير المالية، المحسوب على الإصلاح، صرف مستحقات سفره وعلاجه. وحمل بيان لصندوق رعاية الشهداء وزارة المالية المسؤولية عن تأخر تسفيره مما تسبب في وفاته متأثراً بجراحه بينما من تم تسفيرهم بناء على حكم قضائي تم توقيف بقية مخصصاتهم ويعيشون المهانة في أكثر من بلد، ومع كل ذلك يتم الدعوة للاحتفال بذكرى الثورة المغدورة. لا يهم الإصلاح أن يتم تجيير الثورة لصالح الشيخ حميد الأحمر في حال ما كانوا رسميا بعيدا عن الدخول في الصراع المباشر ولذى فإن من يتم إخراجهم يرددون ما يقول الأحمر كشعارات ثورية حيث تذكروا اليوم أهمية بسط نفوذ الدولة وسلطتها على جميع المحافظات اليمنية حينما بات أولاد الأحمر متضررين منها. وردد المتظاهرون أثناء مرورهم بشارع الزبيري شعار "جمهورية جمهورية ..لا ملكية لا ملكية " كما جاء بيان اللجنة التنظيمية متسقا مع معركة الإصلاح وأولاد الشيخ ومبررا لفساد الحكومة وفشلها باعتبار أن ذلك نتيجة للظروف السابقة، باعتبار وبحسب ما جاء في البيان، أن هذا الوضع السائد اليوم ليس وليد ذاته، إنما تنتجه لتراكمات سابقة و تحركه أيادٍ داخلية وخارجية ، تحاول من خلاله تكريس ثقافة اليأس ، والإحباط ، والهزيمة ، لاختلاق مبررات ثورة مضادة للثورة فصورة الربيع العربي ليست خافية على أحد منا ، فهناك من يسعى للالتفاف على الثورة وإجهاض مشروع التغيير، وان العزف على معانات الشعب باستغلال الاختلالات القائمة ، يحُمل خلفه مشروعات مشبوهة للعصف بالمرحلة برمتها ، كما أن تردي أداء أجهزة السلطة وصمت القائمين عليها، وضعف أداء الإعلام الرسمي عموما ، يوفر الفرصة لتلك المشاريع المتربصة بثورات الربيع العربي ، من قوى داخلية وخارجية ، للانقضاض على مشروع التغيير ونسفه من جذوره . واعتبر بيان اللجنة التنظيمية أن حال الغضب الشعبي إزاء فساد الحكومة يعتبر ارتدادا عن الثورة وهو ما جعلها تطالب بالوقوف، بمسؤولية ، أمام تحديات المرحلة الراهنة والتصدي بحزم لمشاريع الارتداد عن مشروع ثورة التغيير السلمية ، مهما كانت الشعارات والمبررات التي تتستر خلفها هذه القوى ، تقتضي تحديد مواقف فاصلة منها ، ومن المشاريع التي تعمل على تدمير الوجود الذهني للدولة ، بإشاعتها للعنف والفوضى وفرض خياراتها التدميرية لإحلال نفسها بديلا وحيدا للدولة . ودعت للاحتشاد الثوري لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة وتطوراتها المستقبلية . وهو ما يعني أن الإصلاح سيتابع مسألة حماية الحكومة طالما وهي محسوبة عليه حتى وإن أدى ذلك إلى مواجهات بذات الاتهامات التي كانت تطلقها على كل من خالفها الرأي. وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لمواجهات بين الشباب الذي كانت تضمه ذات الساحة التي خرج منها الإصلاح بعد التسوية السياسية وضمان مشاركتهم في السلطة التي أصبح الدفاع عنها اليوم واجبا وطنيا. اللواء علي محسن الأحمر الذي أيضا لم يدخل بشكل مباشر في القتال من خلال المجاهدين المسلحين المنتشرين في مناطق عدة في محافظات في اليمن واكتفي بالدعم المقدم عبر اللواء 310 في عمران والذي لم يكن بما يكفي بحسب ما كان متوقعا، عاد من خلال الهيئة العليا لقيادة أنصار الثورة الشبابية السلمية وبذات المناسبة "ذكرى الثورة" حيث دعت رئيس الجمهورية وكافة مؤسسات الدولة للقيام بواجباتها الدستورية والقانونية في حماية الشعب ومكتسباته والضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بأمن واستقرار الوطن والمواطن والسعي الحثيث لاستكمال تحقيق بقية أهداف ثورة الشعب الشبابية السلمية في كل أرجاء الوطن. وقالت الهيئة في بيان أصدرته أمس الجمعة بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة 11 فبراير, إن هناك بعض القوى المتحالفة والواهمة بعودة الماضي البغيض القريب والبعيد تحاول اليوم التنصل والالتفاف على مخرجات الحوار من خلال ممارستها للعنف وإرهاب المجتمع.