الكثير من السياسيين والمفكرين الحصيفين ينبه الى خطورة الظواهر التي تعتمل على اساس اثارة النعرات الشطرية والعصبوية والتي تمثل مؤشراً خطيراً يستهدف الميزة الإستراتيجية اليمنية وهي ميزة الواقع.. فقد أوضح الأخ علي سيف حسن رئيس منتدى التنمية السياسية في حوار ل«نيوز يمن» ان من شأن هذه الدعوات اذا ما انساقت بعض الأطراف وراء مغامراتها وتصلبها وعدم حكمتها ان تخلق بيئة مشجعة لنشاط تنظيم القاعدة.. ذلك -كمايقول- ان القاعدة هي المشروع الوحيد المؤهل لملء الفراغات. مشيراً الى ان اليمن معروف تاريخياً بأنه بلد شحيح الموارد جداً و كان كلما فاض به سكانه هاجروا منتشرين في الأرض بحثاً عن موارد جديدة، الآن لم يعد هذا ممكناً، وها قد امتلأ اليمن بسكانه واستنفذنا معظم مواردنا الطبيعية، والحلول ليست مجرد صياغات نظرية، فهذه الصياغات لا تستطيع أن تحل مشكلة الجفاف، مشكلة نفاذ النفط،.. إلخ، قد نستطيع أن نواجهه الفساد أو قضايا أخرى بالسياسة لكن في الأخير القضايا الإستراتيجية، قضايا الموارد الطبيعية، قضايا التنمية تحتاج إلى جهد عملي أكثر منه إلى التنظير والرؤى السياسية النظرية. واتساقاً مع ذلك- بحسب الأخ علي حسن- فان علينا جميعاً وأن نقتنع أننا جميعاً مطالبون بمواجهة التحديات، والاجتهاد و التفكير، وأننا جميعاً مطالبون بأن نكون كما نحن، كل واحد منا يحتفظ بهويته الذاتية كما هي. وحول القضايا المطلبية وإثارتها نوه الى ضرورة التنبيه للقضايا الخطيرة الذي هو من أجل ترشيد المواقف، ترشيد موقف المطالبين، وترشيد موقف المتعاطين مع هذه القضية وحلولها من خلال أن تكون الأمور مدروسة ومنضبطة من الطرفين. موضحاً: الى أنها ليست قضية سباق مأزوم، الاقتصاد هو حقيقة طبيعية، الطبيعة اليمنية في الأصل طبيعة شحيحة، نحن نتحدث عن حوالى 300،000 برميل من النفط يومياً جزء منها ما زال يدفع للشركات، بينما السعودية مثلاً كواحدة من دول الجوار تتحدث على عشرة ملايين كم سكانهم و كم سكاننا ؟ فشحة الموارد إضافة إلى الانفجار السكاني، بالإضافة إلى البنية الأساسية، هناك عوامل كثيرة . ولهذا- كمايقول- نحن لا نتوقع -وليس منطقياً- أن نكون طموحين للحديث عن انبعاث حضاري، ما نتمناه هو وجود عملية صمود والبدء بإعادة بناء الذات، لكي نستمر ونساير الآخرين في مستوانا، لن نسبق لن نتطلع لان نصبح قادة للحضارة في المنطقة. ومن هنا فإن الأوضاع الراهنة هي مسؤولية الجهات كاملة ليس فقط النظام التعليمي، النظام الإداري، نظام الدولة، نظام الأحزاب، منظومة القيم، وفي طبيعة الإنسان، في عمله، في الاقتصاد، وفي الجهد الذي يبذله . كل هذه العوامل متداخلة مع بعضها البعض. ويقول الأخ علي سيف:أنظر حواليك في القرى اليوم، في العادة معظم دول العالم التي لا تعتمد على موارد مركزية مثل النفط، تجد أن القرية والريف يمول المدينة بكثير من المنتجات، اليمن الوحيدة من بين الدول التي لا تمتلك موارد مركزية ضخمة الريف يعتمد على تمويله لاحتياجاته من المدينة والمدينة تأتي بها من الخارج نحن نستورد كل شيء. وان اليمن الجديد لا يعني أنه أكثر نهضة اقتصادية كبيرة، اليمن الجديد هو يمن متوازن متماسك لا ينزف، ولا ينهار، ولا يتراجع. وفيما يتعلق بالحالة المعتملة في الساحة الوطنية ومزاعم البعض بأنها نتيجة مباشرة لطبيعة النظام السياسي.. قال الأخ علي سيف: هذا بحث عن كبش فداء. الاوضاع في اليمن تتدهور اقتصادياً بشكل تأريخي طويل لم تكن في يوم ما -في العهد القريب - منتعشة اقتصادياً مع أختلاف أنظمة الحكم في الشمال والجنوب، المعاناة والشحة الاقتصادية لصيقة بتاريخنا منذ القدم، تاريخنا الغابر القديم جداً الذين يتحدثون عنه ولا نعرف حقيقته الذي كان يعتمد على تجارة الترنزيت، نحن لم نكن ننتج لا البخور ولا الحرائر ولم نكن نستهلكها كنا فقط منطقة مرور،عندما تغيرت طرق المرور أنتهى دورنا . وفيما هو ذات صلة بتعاطي الحكومة مع المطالب فهي ليست نتيجة تقصير منها ويقول :أنا افترض أن أي حاكم لديه من الذكاء درجة كبيرة جعلته يصل إلى مستوى الحكم وبالتالي هو يعلم مخاطر عدم معالجة هذه المشاكل، وبالتالي لا أعتقد انه عن نية وقصد يحاول تدمير ذاته. وفي هذا السياق يؤكد بأنه ليس فقط موقف السلطة أو الحكومة هو المسؤول، مطلوب تغيير موقف كل القوى السياسية في البلد من هذه المطالب وصياغة رؤية وطنية جديدة تجاه اليمن أخذاً في الاعتبار كل المتغيرات الجغرافية والطبيعية والموارد السياسية وغيرها، اليمن اليوم أصبحت أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عام 90م. وهو مايتطلب أن نتأهل جميعنا، إحساساً بالشراكة، وإحساساً بالمسؤولية وممارستنا لهذه الشراكة في الحياة وفي دورنا في المجتمع لكي نوقف النزيف، نوقف التراجع ثم نبدأ بالتأهل للسير إلى الأمام. من خلال الشراكة التي هي مطلب ضروري ومطلب حاسم وبالتالي لا بد من المشاركة السياسية لكن المشاركة السياسية-كما يقول الأخ علي سيف حسن- محتاجة إلى ثقافة فن التسويات، لا يعني الحوار بأي شكل من الأشكال أن تطلب من منافسك أو الذي يقف أمامك في الحوار أن يتبنى رؤيتك، أو يطلب هو منك تبني رؤيته،، الحوار هو تفهم ظروف كل طرف، تفهم خلفية تفكيره كيف وصل إلى هذه الرؤية ثم الوصول إلى تسوية ممكنة عملياً، آخذاً في الاعتبار بقاء الكل. مشيراً الى ان إشكالية المعارضة هي عدم الاتساق وعدم التوازن بين مستوى خطابها السياسي والإعلامي وبين قدراتها الفعلية في الأرض مما يجعلها تقوم بما قاله الشاعر عبدالله البردوني: يوقظون الذئاب حولنا ويناموا. يعني أنهم يرفعون خطابا عالياً جداً جداً يتجاوز قدرتهم . موضحاً ان المشروعية السياسية هي مصطلح نظري، ومصدره الفعلي لا يقتصر حاليا على الأحزاب والآليات الديمقراطية وحدها، بل يشمل دور القوى الفاعلة والمؤثرة الأخرى.هو محتاج لمزيد من الزمن والثقافة والقيم، والمعطيات الاقتصادية والإدارية وغيرها لكي يصبح حقيقة في الواقع. وقال: عليك عندما تصيغ موقفاً سياسياً أن تصيغه من الواقع اليمني ذاته كما هو، وليس الواقع اليمني المفترض، وتصيغه في ظل وجود كل الأطراف السياسية الحالية الحزبية وغير الحزبية القبلية والمناطقية وغيرها، هؤلاء هم حقائق فعلية واقعية من حقائق المكون السياسي اليمني، لا نستطيع أن نأتي بنص نظري جميل ونقول لازم نطبقه، لا بد أن يتصاحب هذا مع تغيير تدريجي في الواقع، الأنظمة السياسية لا تأتي هكذا مرة واحدة وإنما تتخلق تتشكل تتطور، فنحن بحاجة إلى شيئ يتخلق يتكون يتطور لكي ينتقل إلى مستوى أرقى من الوضع الحالي. اما محددات رقي النظام السياسي فهي كما يقول من وجهة نظره: القناعة بقيمتين أساسيتين، وهما لن تأتيان بين عشية وضحاها، القيمة الأولى أن تكون المواطنة اليمنية ذاتها مصدراً لكل الحقوق والواجبات في اليمن وليس أي مصدر آخر سواها، القيمة الثانية أن نقبل بعض كما نحن، لا نفترض أنه إما أنا أو أنت، إما هذا أو ذاك، ولكن نقبل بعضنا بعضاً قبولاً حقيقياً كما نحن بتعددنا الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وبالتالي هذا القبول يتبلور عندما أصيغ رؤيتي السياسية أو الاقتصادية يجب أن آخذ رؤيتك ووجودك في الاعتبار: لا أستطيع اليوم أن أصيغ رؤية سياسية تعددية تقبل الواقع اليمني كما هو وترتقي به إلى الأمام دون أن أضع في اعتباري وفي مكونات هذه السياسة وفي مكونات هذه الرؤية كل المكونات الحالية التي تعجبني والتي لا تعجبني، التي أتفق معها والتي لا أتفق معها. يشارك في صياغتها أو بنائها كل مكونات المجتمع وما السلطة إلا جزء من هذه المكونات. محذراً قادة الأحزاب بقوله: في الأخير قادة الأحزاب سواءً الحاكم أو المعارضة أو النخب السياسية هم محترفون سياسياً وممارسون سياسياً وأعتقد أن لديهم وعي كامل بأن مصلحتهم مرتبطة ببقاء السياسة وبقائهم في الملعب السياسي، وبقاء دواليب السياسة تدور، لا أعتقد أن أحداً سيسعى للخروج من ملعب السياسة أو توقيف عجلتها عن الدوران. ذلك كما يقول الأخ علي سيف- ان السياسة هي فن التسويات، كل السياسة منذ فجر التاريخ وإلى الأزل هي فن تسويات، ليست حقاً مطلقاً، ليست أبيض وأسود، في العالم كله تسويات، ما ينقصنا نحن في الوطن العربي بشكل عام واليمن بشكل خاص ثقافة فن التسويات، ولهذا ولأن ثقافتنا فلاحية قبلية نعتبر في الأصل أن التجارة مهنة مذمومة تجد كثيراً من المثقفين رغم ثقافاتهم التي تعتبر متجاوزة للثقافة القبلية أو البدائية يشبهون العمل الحزبي بالدكاكين السياسية، وكأن الدكان شيء قبيح مع أنه أجمل مكان في القرية والمدينة، وكأن الصفقة شيئ مذموم، وما التاريخ إلا صفقات وما التاريخ إلا تسويات.