أكد علي سيف حسن رئيس منتدى التنمية السياسية ان مستقبل العلاقة بين السلطة والمعارضة يتراجع بشكل مؤسف بسبب فقدان الثقة في بعضهم البعض، وكل منهم يعمل دون أخذ في الاعتبار لوجود الآخر كحقيقة واقعة من واقع المجتمع اليمني والسياسة اليمنية. وفيما أشار إلى أن الحملات الانتخابية القادمة ستكون أقسى مما شهدناه في السابق غير انه نبه إلى أنه في الواقع لن يكون هناك تغيير كبير مرجعا أسباب ذلك لعدم توفر أدوات الحسم في الانتخابات لدى الطرفين السلطة والمعارضة وقال " المعارضة تمتلك مهارات ومقومات وأدوات الزرع السياسي ولكنها تفتقر إلى مهارات وأدوات ومعطيات الحصاد، في المقابل الحزب الحاكم يمتلك مهارات وأدوات ومقومات الحصاد ويفتقر إلى مهارات ومقومات الزراعة أو الحرث". وأوضح على سيف حسن في حوار لموقع نيوز يمن ان "إشكالية المعارضة هي عدم الاتساق وعدم التوازن بين مستوى خطابها السياسي والإعلام، وبين قدراتها الفعلية في الأرض مما يجعلها تقوم بما قاله الشاعر عبدالله البردوني: يوقظون الذئاب حولنا ويناموا. يعني أنهم يرفعوا خطاب عالي جداً جداً يتجاوز قدرتهم في المقابل لحزب الحاكم يعلم يقينا أنه لن يستطيع أن يتحمل أكثر من هزيمة واحدة، بمعنى إذا ما هزم وخرج من السلطة لا تتوافر إمكانيات لا لديه ولا في الواقع تمكنه من العودة إلى السلطة مرة ثانية، إذا بالنسبة له الهزيمة في السلطة ليست تداول سلمي في السلطة وإنما نهائية خروج نهائي، وهذا يجعله يلجأ ويستخدم كل الإمكانيات والوسائل المتاحة لمواجهة المعارضة بمستوى صوتها المرفوع وليس بمستوى واقعها فتتحول الممارسة الديمقراطية إلى صخب، إلى معارك، إلى تحدي مرهق جداً لكل الأطراف". وأشار على سيف إلى ان الأحزاب السياسية سلطة ومعارضة ليست بعيدة عن الواقع لكنها تمثل جزء من الواقع وليس كله ،لان، الثقافة الحزبية بذاتها ومفهوم التعددية السياسية لذاته ومفهوم التداول السلمي للسلطة لا يمثل الواقع اليمني كله بقيمة وتقاليده. وفيما أكد فيه إن الأحزاب بمجموعها ما زالت تمثل أقل من 50% من قوة الفعل السياسي وان المشروعية السياسية مصطلح نظري، ومصدرة الفعلي لا يقتصر حاليا على الأحزاب والأليات الديمقراطية وحدها، بل يشمل دور القوى الفاعلة والمؤثرة الأخرى،فقد نبه على سيف حسن إلى أن فشل المكونات الجديدة (الاحزاب) ولم تتأهل لثقافة وقيم التداول السلمي للسلطة فستعود الأمور إلى التكوينات التقليدية التي سترسم تضاريس المشهد السياسي القادم لاكونها اكثر من 50% من قوى الفعل السياسي في اليمن. وقال تلك "القوى فعلية هي قوى في المجتمع، مؤسسات، مؤسسة قبلية مؤسسة عسكرية، مؤسسات مناطقية، مؤسسات مختلفة، تكوينات المجتمع التقليدية السابقة، إذا فشلت المكونات الجديدة فستعود الأمور إلى التكوينات التقليدية" وأضاف حول مشاريع تلك القوى "هي لا تعتقد أنها مشاريع خاصة، هي تعتقدها مشاريع وطنية ولكن برؤيتها وأسلوبها، نحن في اليمن كنا موجودين لآلاف السنين لدينا حكومات ولدينا دول بدون أحزاب، بدون منظمات المجتمع لمدني فستعود الأوضاع إلى الحالة التي كانت عليها". وأوضح رئيس منتدى التنمية السياسية أن ما يحدث في الجنوب قضية خطيرة ومؤشر يتحدى الميزة الإستراتيجية اليمنية وهي ميزة الواقع. وقال " إذا ما تطورت الأوضاع في الساحة الجنوبية وانساقت بعض الأطراف في السلطة أو في المعارضة وراء مغامراتها وتصلبها وعدم حكمتها وبلغنا مرحلة من انهيار الدولة فإن القاعدة هي المشروع الوحيد المؤهل لملأ الفراغات" واضاف "الخطورة في التفاعلات، هو عدم الصوابية أو عدم الحكمة والحصافة من الطرفين، المطالب للحقوق والمجابه أو المتعامل مع هذه المطالب "، منوها الى ان المشاريع الموجودة في خظم ذلك التفاعل ليست مشاريع صغيرة بل هي مشاريع دولية عالمية نظرا للموقع الجغرافي الذي يتم فيه مثل تلك التفاعلات. وأكد على سبف عدم صوابية القول بأن السياق السياسي والاقتصادي الحالي سياق مأزوم وصانع الأزمات وقال "القضية ليست قضية سياق مأزوم الاقتصاد هو حقيقة طبيعية الطبيعة اليمنية في الأصل طبيعة شحيحة، نحن نتحدث عن حوالي 300،000 برميل من النفط يومياً جزء منها ما زال يدفع للشركات، بينما السعودية كواحدة من دول الجوار تتحدث علي عشرة مليون، كم سكانهم و كم سكاننا ؟ فشحة الموارد إضافة إلي الانفجار السكاني، بالإضافة إلى البنية الأساسية، هناك عوامل كثيرة .الأوضاع في اليمن تتدهور اقتصادياً بشكل تاريخي طويل" وبالقدر الذي أشار فيه أن تلبية السلطة والحكومة للمطالب الحقوقية خطوة مهمة في تغيير اتجاهات سائدة وفتح دروب جديدة للحراك والتعاطي السياسي غير انه اكد انها ليست مسئولية الحكومة فقط "ولكن مطلوب تغيير موقف كل القوى السياسية في البلد من هذه المطالب وصياغة رؤية وطنية جديدة تجاه اليمن أخذاً في الاعتبار كل المتغيرات الجغرافية والطبيعية والموارد السياسية وغيرها، اليمن اليوم أصبحت أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عام 90م". وأضاف "الحكومة قدراتها محدودة بطبيعة تركيبها وبطبيعة الحكم المتوارث في اليمن منذ فترة طويلة جداً . بنية الحكم في اليمن ليست فقط مبنية على شخص الرئيس وإنما مبنية على أكثر من عامل وبالتالي هذا النظام الذي تراكم خلال فترة طويلة جداً أصبح هو ذاته معيق لحركة الحكومة ومحدد لقدراتها على مواجهة المطالب. وتايع "أنا افترض أن أي حاكم لديه من الذكاء درجة كبيرة جعلته يصل إلى مستوى الحكم وبالتالي هو يعلم مخاطر عدم معالجة هذه المشاكل، وبالتالي لا أعتقد انه بنية وقصد يحاول أن يدمر ذاته". وأكد على سيف حسن بأن المخرج هو "إحساسنا بالشراكة جميعاً، وإحساسناً بالمسؤولية جميعاً، وممارستنا لهذه الشراكة في الحياة وفي دورنا في المجتمع لكي نوقف النزيف، نوقف التراجع ثم نبدأ بالتأهيل للسير إلى الأمام". وأضاف "الشراكة مطلب، ولكنها تصبح مطلب ضروري ومطلب حاسم في ظل الأزمات وبالتالي لا بد من المشاركة السياسية لكن المشاركة السياسية محتاجة إلى ثقافة فن التسويات". مؤكدا "ان الحوار لا يعني بأي شكل من الأشكال أن تطلب من منافسك أو الذي يقف أمامك في الحوار أن يتبنى رؤيتك، أو يطلب هو منك تبني رؤيته،، الحوار هو تفهم ظروف كل طرف، تفهم خلفية تفكيره كيف وصل إلى هذه الرؤية ثم الوصول إلى تسوية ممكنة عملياً، آخذاً في الاعتبار بقاء الكل، لأنه إذا فكرنا أن التغيير لا يأتي إلا أن يحل هذا محل هذا، ونحن في مرحلة لم تتأهل بعد لثقافة وقيم التداول السلمي للسلطة فهذا لن يتم" وقال" أين الخطورة الآن؟ نحن نتحدث عن تداول سلمي للسلطة ولا يوجد في الواقع مقومات التداول السلمي للسلطة، بالتالي المعارضة عندها مشكلة، والحزب الحاكم عنده مشكلة أكبر، إذا أخذنا في الاعتبار حجم المنظومة السياسية والحزبية التي تعتبر منظومة سياسية مدنية الحاكم والمعارضة مدنية تجمع الحاكم والمعارض مؤسسات المجتمع المدني والإعلام وكل مقومات المجتمع المدني الحديث تمثل أقل من 50% من قوة الفعل السياسي في المجتمع اليمني، وفي ظل هذا الواقع يبقى لدى المعارضة إشكالية ولدى الحزب الحاكم إشكالية". وطالب رئيس منتدى التنمية السياسية السلطة والمعارضة بالعمل على اكتساب ما ينقصهم، "المعارضة عليها اكتساب مهارات الحصاد ومقومات والحزب الحاكم عليه اكتساب مهارات الزرع لكي يطمئن الحزب الحاكم أن خروجه من مربع السياسة لا يعني نهاية وجودة، والمعارضة يصبح لديها قناعة أن فوزها في الانتخابات لا يعني إلغاء أو نهاية الطرف الآخر". وأضاف "في الأخير قادة الأحزاب سواءً الحاكم أو المعارضة أو النخب السياسية هم محترفين سياسيين وممارسين سياسيين وأعتقد أن لديهم وعي كامل بأن مصلحتهم مرتبطة ببقاء السياسة ببقائهم في المعلب السياسي، وبقاء دولاليب السياسة تدور، لا أعتقد أن أحد سيسعى للخروج من معلب السياسة أو توقيف عجلتها عن الدوران".