قضية للنقاش: لا إصلاح سياسيا من دون الحزب الحاكم اليمن تحت اختبار" الديموقراطية القبلية " التغيير القبس الكويتية: مازال الحديث في اليمن قائما عن مشروعية الديموقراطية وصحة وجود تعددية سياسية تسمح بتداول السلطة.. المعارضة التي اصطفت من جديد في مواجهة الحزب الحاكم تتهم النظام بخلق «معارضة من صنعه» بحيث يحتكر تسمية المرشح القادم للرئاسة. والسؤال الدائم هل في اليمن ديموقراطية حقيقية كما يشاع أم أن «الديمقراطية القبلية» هي السائدة كما في معظم البلدان العربية ذات النهج الديموقراطي المماثل؟ اشكالية الديموقراطية والحكم كما هي في الأدبيات السياسية القائمة تكمن في صعوبة التمييز بين السلطة والحزب الحاكم كما يشرح السيد قاسم داوود عن الحزب الاشتراكي المعارض فالسلطة تدخل بكل ثقلها وأدواتها وأجهزتها في العملية السياسية فهي اللاعب الأساسي وليس الحزب الحاكم! ماذا في اليمن اليوم؟ هناك ملفات عالقة ومأزومة البعض منها وصل الى حد الاحتقان الذي قد ينفجر في اي لحظة ولعل أقرب مثال على ذلك ما يحدث في الجنوب فالزائر مدينة عدن اذا عرف أنه قادم من الشمال سيسمع كلاماً لن يسره على حد تعبير زعيم حزب رابطة أبناء اليمن المعارض عبدالرحمن الجفري، اعتقالات وتهميش من قبل صنعاء استئثار بالسلطة وبالثروة، استبعاد لقيادات الجنوب، قمع عنيف للتظاهرات والناس صارت تطالب بحقوق مالية ووظيفية. أما في صعدة فأحداث التقاتل هناك لا تزال ترخي بظلالها على الساحة السياسية وكل طرف يتهم الآخر بالتحريض وبالانفصال وباثارة النزاعات المناطقية. والقضية الخلافية الأكبر هي موضوع الانتخابات التشريعية المقبلة في أبريل 2009 والتي عمقت الانقسامات وأظهرت مدى هشاشة العملية الديموقراطية في الدولة. أهل اليمن سئموا الحروب، حروب الانفصال والضم والفتنة وان كان التمني كما هي حال الممثل عن حزب البعث أشرف علي محمد أن تكون حرب 1994 آخر محطة للألم وبداية لاقامة نظام على أسس وطنية تهتم باعادة مؤسسة الدولة العسكرية والقضائية ، لكن ثقافة الفساد هي التي استحوذت على عقلية الحزب الحاكم واختارت طريقة القبيلة والعشيرة ليستمر النظام في ممارسة سياسة الالحاق والتهميش والالغاء خاصة في الجنوب حيث الاستبعاد من الوظائف السيادية والمؤسسات الأمنية والعسكرية. وكعادة اهل «القبائل الديموقراطيين» تظهر المعارضة بثوب الاصلاح والتغيير والحزب الحاكم بثوب الدفاع عن الثوابت الوطنية وحماية انجازات الثورة تحت أي مبررات أو عناوين.. فاللقاء المشترك (أحزاب المعارضة) ترفع شعار عدم مقاطعة الانتخابات لكن بشروطها وليس بشروط الحزب الحاكم، فقد اتفقوا على مصطلح التحاور بدلاً عن الحوار ثم استبدلوه بالتشارو وعندما رأوا أن المصطلح لم يعد ذو شأن اختاروا مصطلح التواصل. المعارضة أعادت تجميع الأضداد في مشروع انقاذ وطني من أجل تعزيز النهج الديموقراطي وتجسيداً لمبدأ التداول السلمي للسلطة والحزب الحاكم يوجه سهامه لمصداقيتها ويتهمها في عقر دارها بأنها تثير الأعمال المناطقية وتحرض على الانفصال وتساعد بالتورط بتغذية فتنة صعدة. التحالفات سيدة اللعبة الحالية والحزب الحاكم أقدم على تحالف سياسي وحزبي ضم نحو 15 حزباً سياسياً اعتبرته المعارضة عمل سياسي انتهازي لان السلطة تستخدم تلك التجمعات «كديكور» وكجسر للعبور الى يوم الاقتراع لتجميل صورتها الديموقراطية وتحقيق أهدافها باكتساح مجلس النواب والفوز بالرئاسة وبالسلطة معاً. والاثنان المعارضة والسلطة لا سبيل لهما سوى الدخول في الانتخابات والعملية السياسية فلا المعارضة تستطيع أن تقاطع حتى لا تعزل نفسها عن العملية الديموقراطية ولا الحزب الحاكم قادر على خوض الانتخابات بمفرده حتى لا يشوه صورته أمام المجتمع الدولي والتزاماته تجاه الاتحاد الأوروبي والأسرة الدولية ويظهر بمظهر المحتكر للسلطة والبعيد عن الممارسة الديموقراطية كما يشير الى ذلك رئيس منتدى التنمية السياسية السيد علي سيف حسن. المراقبون الدوليون والمطلعون على ملفات اليمن الساخنة يضعون الصراع القائم في صورة مشروعين، مشروع السلطة والحزب الحاكم الذي ينزع نحو اعادة انتاج نفسه وتجديد مشروعيته السياسية خلال الانتخابات وبأدوات الدولة وامكانياتها، ومشروع المعارضة التي تطمح للتغيير والعمل على ايجاد قدر من التوازن السياسي واجراء اصلاحات وطنية حقيقية وتداول للسلطة واشراك القوى السياسية بالقرار السياسي وبالحكم . الكل يجمع على ضرورة الاصلاح والتغيير وأن اليمن بحاجة الى حوار وطني يصحح مسيرة الوحدة والعملية السياسية الفاسدة والمهترئة لكن من يملك قرار التغيير؟ عبدالرحمن الجفري، صاحب الخبرة الطويلة في معارضة المنفى يعتقد أن «معظم أوراق التغيير، اذا كان تغييراً سلميا وبأقل كلفة ممكنة، هو الرئيس على عبدالله صالح ومن خلال حزب المؤتمر»! عيب الحياة السياسية في اليمن أن السلطة هي التي تصنع الديموقراطية وتفصلها على مقاسها وعيب المعارضة أنها تدخل بازار المزايدات من دون تقديم البديل في صورة الانقاذ الوطني وبتحالفات موسمية للوقوف في وجه الحزب الحاكم من دون أن تتخطى هذه العقدة وتتوسع نحو قواعد شعبية وحتى قبلية، فالديكور الديموقراطي غلاف ظاهري لم يتبدل من الداخل بعد وما زال يحتاج الى تنقية وتصفية وبأدوات تغيير سلمية تنطلق من البيئة اليمنية؟ انتخابات مقبلة والكل يراهن على التغيير؟ والتحالفات تأخذ مداها والساحة السياسية تضج بالمواجهات على أمل أن يحدث شيء ما في تركيبة مجلس النواب وعلى صعيد الحكم. نسينا أن نسأل ماذا عن التزوير والنزاهة في الانتخابات المقبلة؟ وماذا عن توصيات الاتحاد الأوروبي التي التزم بها اليمن بعد انتخابات 2006 والتي أدت الى فوز حزب المؤتمر بغالبية المقاعد؟ رهان على الانتخابات وهروب من مواجهة الاستحقاقات والمقبل من الأيام سيحمل المفاجآت أو ربما يعيد عقارب الساعة الى الوراء ؟