سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اليمن .. الخروج من المخاض إلى المخاض !! العطاس ... السلطة سخّرت كل مقدرات الشعب لصالح الحزب الحاكم و العواضي.. ديمقراطية اليمن هشّة والنظام يُزايد بها على الخارج
قيادات ونخب يمنية.... اليمن بعد الانتخابات وقبل الحكومة !! • الجفري: المستقبل مرهون بالإصلاحات الشاملة والأنسب "حكومة وحدة وطنية" ، وبعدها لا مبرر لمعارضة من الخارج . • العطاس: السلطة سخّرت كل مقدرات الشعب لصالح الحزب الحاكم والمعارضة أثبتت رجاحة موقف وعليها أن تشكل (حكومة ظل) في إطار الدستور والقانون . • العواضي: ديمقراطية اليمن هشّة والنظام يُزايد بها على الخارج ونتائج الانتخابات مزورة و(صالح) يسعى لتوريث الحكم ولو جرت الانتخابات بنزاهة لكان الفائز (بن شملان) . • الرزامي : (اللقاء المشترك ) و(المؤتمر الشعبي العام) بحاجة ملحة لحركة تصحيحية والمشترك توافق مع رغبة معارضة الخارج لإسقاط الرئيس، وأمام الرئيس مسؤولية تاريخية لإعادة الأمل للناس . اليمن .. مخاضات عسيرة غالباً ما تكون ولاداتها مخاضات أخرى فأخرى .. ، إلا أن الظروف والمعطيات المرافقة نوعية ومميزة وفي تغّير وتحوّل مطّرد وهي بذلك مثار دهشة الكثيريين غير أنها وفقاً للتركيبة اليمنية والخصوصيات التي تميزها عن غيرها ليست إلا هي (اليمن) التي لا يمكن سوى أن تكون ذاتها وأن يكون واقعها مرآة لتلك الذات المفعمة بعبق التاريخ الموغل في القدم ، والمتصلة بحاضرها الذي لاينفصل عن غيره ، والمسكونة على الدوام (بحلم) التغيير ، وفي السياسة ( اليمن ) أو بصورة أدق القوى التي تمثله لا التي تدعي تمثيله ليست استاتيكية ، إنها حركية مستمرة ومتغيرة ومتطورة وان كانت متعثرة الخطى بفعل جملة من الظروف الذاتية والموضوعية من هنا فان أي تجربة تعيشها اليمن هي تجربة لافتة ومدعاة للتوقف عندها وتحليلها والإفادة منها .. التعددية السياسية في اليمن واختيار الديمقراطية والاحتكام للانتخابات تجربة بدأت مع تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو عام 1990م بين شطري اليمن بقيادة كل من علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض كخيار كان لابد منه ليستكمل مشروع الوحدة ، ولاشك بأن الوحدة اليمنية بحد ذاتها خير محض لليمنيين فقد كان ينشدها الشماليون والجنوبيون على حد سواء ولكن الخيارات التي كان من الضروري أن ترافقها وفي طليعتها الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة لاتزال بالنسبة للكثير من النخب السياسية (شر) لابد منه ، وقد مرت هذه التجربة بمراحل عديدة مختلفة ومتغيرة إجمالا وتفصيلاً حتى وصلت في مطافها الأخير - وليس الآخر - إلى المستوى الذي وصلت إليه اليوم بالصورة التي شاهدناها والنتيجة التي تابعناها ، والتي تستتبع بالضرورة مواقف كثيرة وردود أفعال متفاوتة ، و نحن نخصص هذه المساحة لرصد هذه المواقف والآراء لدى شخصيات يمنية قيادية ونخبوية من مختلف ألوان الطيف السياسي داخل اليمن وخارجه ، ومحاولة اختزالها بغية تقريب الصورة وذلك من خلال التركيز على المحاور التالية : • تقييم التجربة الديمقراطية في اليمن عموماً وتجربة الانتخابات الأخيرة على وجه الخصوص . • تقييم أداء السلطة والمعارضة في هذه الانتخابات . • تقييم النتائج التي أعلنت وما تمخض عنها من مواقف . • رؤية لمستقبل اليمن بعد الانتخابات الرئاسية والمحلية التي أجريت .
*وقد استطلعنا رأي السياسي والقيادي اليمني المعروف الأستاذ عبدا لرحمن علي الجفري رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) ، ورئيس جبهة موج للمعارضة سابقاً عن التجربة الديمقراطية والعملية الانتخابية الأخيرة فقال: الإعلان والارتضاء بالنظام الديمقراطي كنظام يسيّر البلاد كان الخطوة الأولى على طريق الألف ميل.. والمتتبع لما اكتنفته التجربة الديمقراطية اليمنية منذ إعلان الوحدة اليمنية وحتى العشرين من سبتمبر 2006م ، يجد أن الديمقراطية قد أثبتت صموداً منقطع النظير، فبالرغم من المظاهر الشكلية للفعاليات الديمقراطية والقصور في الأداء واحتكار الأدوات المتاحة ديمقراطياً، وبالرغم من زلزال94م، إلا أن الديمقراطية في حدودها الدنيا لاتزال تعطي الأمل الكبير في إمكانية الإصلاح والتغيير المنشود.. وكانت الإنتخابات الأخيرة مؤشراً على أن منحنى ممارسة آلية الإنتخابات قد حقق ارتفاعاً ملحوظاً، وعلينا أن نحافظ على استمرار ارتفاعه ورقيه بإرادة سياسية وضمير وطني وتوجه صادق، نية وسلوكاً، وإلا فالخشية على انتكاس الديمقراطية قائمة.. فالنظام الديمقراطي يعزز ترسيخ الوحدة الحديثة بين الكيانات البشرية، بل ويجعل الحوار أداة حل الخلافات ولا يسمح بنشوء بيئة لخلافات حادة أو صراعات دموية،.. وبالتالي فعلى المنظومة السياسية أن ترعى النظام الديمقراطي بتغذيته بأساليب وآليات تناسب الواقع المعاش لضمان وجود مستمر ومستقبل مستقر وآمن وتنموي ومزدهر. أما الانتخابات الأخيرة في مجملها صحية ودالة على صواب ما صرحتُ به في انتخابات عام93م عندما أعلنتُ قبولنا كرابطة لنتائج الإنتخابات بغض النظر عن ما قدمناه من أدلة على التجاوزات، وقلتُ أنه من المهم أن نستمر ففي كل دورة انتخابية ستقل فيها نسبة التزوير والتجاوزات حتى تصبح غير ذات تأثير على سير العملية الديمقراطية.. والمتابع المنصف لا شك أنه سيقر أن الإنتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة هي الأقل تجاوزاً عن سابقاتها، والأسخن منافسة، والأكثر مساحة إعلامية للمتنافسين، والأعلى نسبة للذين أدلوا بأصواتهم، مقارنة بما مضى من انتخابات. وعن تقييمه لأداء السلطة والمعارضة في الانتخابات قال الأستاذ الجفري : كل المتنافسين كانوا في استعداد تام وجدية أتم لخوض هذه الإنتخابات.. وكانت حدة الخطاب التنافسي تزداد مع كل مهرجان انتخابي.. وتُوّج السباق الإنتخابي بقبول النتائج من الجميع رغم ملاحظات البعض على النسبة التي حققها الرئيس في الإنتخابات الرئاسية، وهي ملاحظات لا تغير ولا تنكر النتيجة أي فوز فخامة الرئيس بدورة رئاسية.. وإن كان لنا من ملاحظة فهي أننا كنا نتمنى أن تنحصر رسائل المتنافسين إلى الناخبين على برامجهم وخططهم التنفيذية لها عوضاً عن بعض ما شاب خطاباتهم من أمور كنّا نود لو أنها ابتعدت عنها.. وإجمالاً فإن ما قام به كلٌ منهم –اتفقنا معه أم لم نتفق– قد صنع حالة انتقال نوعية وأجواء انتخابية جادة وساخنة شدت جماهير شعبنا إليها مما لا شك أن يرفع درجة الوعي. وقال الجفري عن النتائج التي أعلنت وماتمخض عنها من مواقف : النتائج والمواقف المتمخضة عنها ما هي إلا مرآة عاكسه لمدى تطور أو تفهم لدى هذا الطرف أو ذاك للممارسة الديمقراطية والوعي للديمقراطية في بلادنا.. وبالمزيد من الديمقراطية والإصرار عليها وإنجاز إصلاحات شاملة سيرتقي العمل الديمقراطي في بلادنا، نسأل الله لها الثبات والتقدم. وعبّر الجفري عن رؤيته لمستقبل اليمن ما بعد الانتخابات الرئاسية والمحلية التي أُجريت حيث قال : نعتقد أن المستقبل الذي ننشده لبلادنا، أرضاً وإنساناً، مرهون بالبدء الفوري بالإصلاحات الشاملة فقد آن أوانها.. ونعتقد أن الآلية الأقدر والأنسب للقيام بالإصلاحات الشاملة –وبالتالي وضع اليمن على مسار المستقبل المنشود– هي "حكومة وحدة وطنية" يترأسها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح.. فالفساد والإختلالات في المنظومة السياسية وفي الآليات الاقتصادية والاجتماعية...إلخ في بلادنا تعيق التنمية وتكبل القانون وتهدد نمو الديمقراطية وبالتالي تهدد المنجز الوحدوي.. فلليمن دور ينتظره العالم منها فلا بد أن ندركه ونعيه، فبلادنا تمتلك الموقع الجغرافي المتميز والتاريخ الحضاري الإسلامي والإنساني القابل للتعايش مع الآخر وموارد بشرية جبارة وموارد طبيعية لا بأس بها، إذاً مقومات النهوض والقيام بالدور المنشود والمطلوب متوفرة، بقيت الإرادة السياسية والصدق مع النفس والجدية في التوجه والإتقان في الأداء التي نعتقد أن فخامة الأخ الرئيس بما تراكم لديه من خبرة ومعرفة وصلات ولما حباه الله من ذكاء وفطنة يمكن أن يوظّفها لإنجاز الإصلاحات الشاملة ولتأهيل بلادنا للقيام بدورها الكبير والهام، وبذلك سيترك بصمته على مستقبل اليمن.. لذلك قلنا أنه الأنسب والأقدر على قيادة الوطن في هذه المرحلة.. اليمن على مفترق طريقين لا ثالث لهما إما إلى نهوض مضطرد أو –لا قدر الله– إلى انهيار وتمزق ، وقد اخترنا طريق النهوض. محور خاص: عبد الرحمن الجفري لايزال في الذاكرة الحديثة من تاريخ اليمن الرجل الذي شارك في إعلان الانفصال عن الجمهورية اليمنية التي تأسست في مايو 90م وتأسيس جمهورية منفصلة للجنوب اليمني في عدن إبان الحرب اليمنية - اليمنية في صيف 1994م ، وأعلن آنذاك عن الجفري كنائب لرئيس الجمهورية علي سالم البيض ، ومن ثمّ حُسمت الحرب عسكرياً لمصلحة الرئيس علي عبد الله صالح وخرج الجفري وقيادات الجنوب خارج الوطن ومارسوا المعارضة من الخارج فترأس الجفري جبهة موج للمعارضة حتى عام 2000م ، وظل في الخارج بضيافة السعودية حتى بعد صدور عفو شمله وقيادات الاشتراكي،هكذا إلى أن عاد الجفري قبيل يوم الاقتراع في الانتخابات الأخيرة في أيلول الماضي ليعلن وقوفه إلى جانب الرئيس صالح في خطوة فاجأت الكثيرين ولذا نخص الجفري بهذا المحور: حدثنا بصورة موجزة عن تجربتك في المعارضة من الخارج وتقييمك لها وللمعارضة التي تشكلت في الخارج، ولاتزال، وحدثنا عن عودتك التي فوجئ بها الكثيرون. * دعني أوضح من وجهة نظرنا الرابطية الآتي: • أولاً- أن "الخارج" كان هو النطاق الجغرافي لتواجدنا.. أما "معارضتنا" السياسية الوطنية فوطننا اليمني هو نطاقها الجغرافي والوجداني والسياسي.. • ثانياً- أن التواجد في الخارج له حدوده وأبعاده وآفاقه.. فتجب الفطنة والإدراك التام فلا نضيّق واسعاً ولا نتعدى فنصطدم ونتقاطع مع غاياتنا الوطنية.. ولنا ثلاث تجارب نفي ونزوح سابقة، وقد كانت مبادؤنا وقيمنا وعاداتنا هي التي حددت حركتنا السياسية الوطنية في أراضي النزوح، والتي شكّلت شخصيتنا وهويتنا التي وجدت احتراماً وتفهماً وتقديراً وقبولاً –من الجميع في الداخل والخارج– في وقتها أو لاحقاً، ولك أن تبحث وتتأكد.. • ثالثاً- أن تواجدنا في الخارج كان قسرياً ونتيجة لتفاعلات سياسية بعيدة عن النهج الديمقراطي الحقيقي الذي -كما نعتقد- لا يدع مجالاً البتة لأي نزوح، أيّاً كان نوعه، عن الوطن.. • رابعاً- ندع تقييم حركتنا السياسية الوطنية للآخرين.. ونحسب أننا عملنا جهدنا لأجل خدمة وطننا ومواطنينا.. فلم نتوقف عن التفاعل اللحظي مع ما يجري في بلادنا ومبادراتنا وإسهاماتنا تشهد بذلك.. • خامساً- إن البقاء في الخارج ظرف استثنائي مؤقت.. وكان من المنطق الوطني والإدراك السياسي أن نغتنم اللحظة المناسبة للعودة السياسية لدعم وتعزيز حركتنا الحزبية التي تهدف خدمة القضايا الوطنية لتحقيق المصالح العليا لوطننا اليمني، أرضاً وإنساناً،.. فكان الحس والاستيعاب السياسي من فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح المتمم لعودتنا لبلادنا وأهلنا، وليس بغريب هذا الحس السياسي المدرك لكل من يعرف فخامته عن قرب. • أما المعارضة التي تشكّلت في الخارج، ولاتزال، كما ذكرتَ في سؤالك.. فنحن لا نحجر على رأي أحد أو توجهه، وإن اختلفنا معه،.. ولا نبخل بالنصيحة إن طلبوها.. والتقييم يجب أن يعتمد على فكرها وأدواتها وأساليبها وتوجهاتها بغض النظر عن النتائج.. وأكرر القول عندما ننجز الإصلاحات الشاملة، سياسية واقتصادية وقضائية واجتماعية وثقافية....إلخ من خلال آلية فاعلة ك"حكومة وحدة وطنية" برئاسة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، فلن يكون هناك مجالاً لأي نزوح، أيّاً كان نوعه، عن الوطن الذي يتسع للجميع.. وبالتالي لن يكون هناك أي مبرر لأي معارضة من خارج الوطن. * كما استطلعنا موقف أحد القادة اليمنيين المخضرمين في الحكم قبل وبعد الوحدة وهو المهندس حيدر أبوبكر العطاس رئيس مجلس الوزراء الأسبق والسياسي الاشتراكي المعروف لما يمتلك من خبرة وتجربة طويلة في العمل السياسي والحزبي والمؤسسي والذي قال عن تقييم التجربة الديمقراطية في اليمن والعملية الانتخابية الأخيرة : كان إعلان قيام الوحدة بين دولتي اليمن في شماله وجنوبه في 22 مايو1990م إيذاناً بولوج اليمن مرحلة جديدة لعل من أبرز ملامحها سقوط النهج الشمولي في إدارة الدولة والمجتمع و انتهاج الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة كعقيدة سياسية بديلة ومسلكا في الحياة العامة لإدارة الدولة والمجتمع فتنفس الشعب الصعداء وشعر بالسعادة الغامرة وهو يلج هذه المرحلة غير أن البيئة الحاضنة لازالت تعشعش فيها أجهزة الأنظمة الشمولية ،التي حكمت الدولتين المتحدتين، في الجمهورية اليمنية الوليدة ، ردحاً طويلاً من الزمن فكان تأثيرها السلبي واضحاً مسنودة من قبل بعض القوى التي تُعارض من حيث المبدأ فكرة الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة ، ودفعت بها لتتصدر مشكلات الممارسات التطبيقية الخاطئة للوحدة التي برزت أمام القيادة الموحدة للدولة الجديدة ،إلا أن الزخم الشعبي الضاغط والمتطلع للممارسة الديمقراطية التي كفلها دستور الوحدة انتصر للفصل بين الديمقراطية والممارسات الخاطئة وان الأولى كفيلة إذا ما أخذت مسارها الصحيح بتعقب هذه الممارسات وتصفيتها ، لتحل محلها مبادئ العدل والمساواة والمشاركة الشعبية الواسعة الواثقة والايجابية لصالح ترسيخ الوحدة والديمقراطية . لقد كانت سنوات التجربة الديمقراطية الأولى رغم حداثتها سنوات ذهبية عبّرت عن عُمق المخزون والحس الديمقراطي لدى الشعب - ممثلاً بقواه الوطنية الحية والمنظمة وشخصياته الوطنية المجربة - المتلهف لممارسة حقوقه الدستورية التي بشّرت بها ثورتي سبتمبر وأكتوبر وسطرتها دساتير ماقبل الوحدة وتغنّت بها الأنظمة الحاكمة حينها في الشطرين مع وقف التنفيذ ، فجاءت الوحدة لتفك أسرها والى الأبد ، إن شاء الله ، مهما تنوعت الصعوبات والمكابح والمكائد أمامها. وهكذا كانت انتخابات 1993م البرلمانية أول ممارسة ديمقراطية ناجحة بل رائدة ، بما اتسمت به من شفافية وحرية ونزاهة ، والمثلب الوحيد انعكس في نتائجها الشطرية التي كانت نتاجاً ومحصلة مباشرة لأخطاء الممارسات التطبيقية للوحدة ، والتعبئات والتحالفات الضارة و المنطلقة من تلك الممارسات والمفاهيم الخاطئة للوحدة . هنا أدركت القوى الوطنية خطورة الموقف فتداعت إلى الحوار الوطني الذي تمخض عن " وثيقة العهد والاتفاق" التي هدفت إلى إعادة الوحدة والديمقراطية إلى مسارهما الصحيح ، والبدء بتصفية معاقل العقلية الشمولية العدو الحقيقي للوحدة والديمقراطية . لكن الحرب-94م- كانت أسرع من هذا الجهد الوطني فانتصرت للنهج الشمولي بما يولد من ممارسات مشوهة وضارة بالوحدة والديمقراطية ، وما أن وضعت الحرب أوزارها حتى وجّهت السهام لاغتيال دستور الوحدة وتكريس سلطة الفرد بدلاً من تكريس سلطة الشعب ، وشتان بينهما .. كان هذا أول اعتداء صريح على الديمقراطية نتج عنه تقلص الهامش الديمقراطي ووجهت لكمات لبعض الصحفيين وهجمات على بعض الصحف ولم تسلم الأحزاب والتنظيمات السياسية من وسائل قمع أجهزة السلطة أو الوقوع في شرك جزرتها المتليّفة ، كل ذلك من أجل إبقاء الديمقراطية كما تريد السلطة شعاراً لايجوز اختباره على الواقع ، وعندما حان الاستحقاق الانتخابي الأول للانتخابات الرئاسية بموجب التعديل(الانتهاك) لدستور الوحدة عام 1999م ، وبرغم التحضيرات الكابته للممارسة الديمقراطية فقد استمر القلق والخوف من الشعب أن يمارس حقوقه الدستورية فى الانتخابات على غير ما تريد السلطة ، فلجأت لورقتها الأخيرة – حينها- في حجب التزكية عن مرشح المعارضة وجرت الانتخابات الرئاسية في 23سبتمبر 1999م كما يعرف جميع أبناء الشعب اليمنى والمجتمع الدولي وان بدى الأخير مرحباً ومباركاً بهذه الانتخابات، التي افتقدت صفة التنافسية التي نص عليها الدستور ، كمن يُمعن في إرخاء الحبل لغرض في نفس يعقوب .. إن الممارسة الديمقراطية وهى حق من حقوق المواطن كفلها الدستور تُكسب ولاتمنح ، تُكسب بالممارسة التي تتطلب قدراً من التضحية بحسب المكان والزمان ، والشعب الذي أظهر قدراً كبيراً من الحماس والجرأة المقرونة بالرغبة في ممارسة الديمقراطية بحرية وشفافية كحق من حقوقه طالما حُرم منه لجدير بأن يشجّع ويوجّه بصدق وأمانة من قبل الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية ومن كل غيور على مصلحة الوطن والمواطن، وأن تقف جميعها معه في مواجهة وصد كل المعوقات التي تعوق أو تعرقل عملية اكتسابه حقوقه الدستورية وممارسته للديمقراطية بحرية وشفافية فى ميادين تجلياتها المختلفة ، لقد شهدت اليمن خلال الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة حراكاً سياسياً رائعاً عكس تطلع المواطنين ورغبتهم الأكيدة وعزمهم القوي على ممارسة حقوقهم الدستورية في الانتخاب بثقة ومسؤولية عاليتين مقدمين التضحيات الجسام ومتحملين الأعباء والمشاق في سبيل اكتساب حقوقهم الدستورية والإمساك بها والدفاع عنها ، فقد أظهرت المهرجانات الانتخابية بما رسمت من لوحات بديعة لهذه التظاهرات الديمقراطية معبرة عن تطور العملية الديمقراطية في الوسط الجماهيري وأبرزت حجم القاعدة الشعبية الانتخابية وتحديداً لدى المعارضة التي لاتملك شيئا من المصالح تدافع عنها سوى التطلع للتغيير من أجل غدٍ أفضل ومستقبلٍ آمن لكل الشعب خالٍ من أي شكل من أشكال القهر والظلم ويوفر فرصاً متساوية للجميع في الحياة .. كان المشهد البديع الآخر هو تقاطر جموع الناخبين رجالاً ونساءً للإدلاء بأصواتهم للمرشح الذي يقع اختيار الناخب عليه بمطلق حريته وإرادته متحدين الصعوبات المفتعلة . غير أن المشهد الأخير ، الذي تمنيت لو لم يحدث والذي أحدث تشوهات باللوحات الجميلة التي رسمتها الجماهير في تظاهراتها (عرسها) الديمقراطية و ألحق ضرراً بالغاً بالعملية الانتخابية بل بالمسيرة الديمقراطية ، كإرغام بعض الناخبين بالتصويت العلني خرقاً للدستور أو إعاقة عمليات الفرز بمختلف صورها القبيحة وغيرها ، هذا المشهد الذي كاد يعصف بالأخضر واليابس لولا رجاحة موقف المعارضة ورباطة جأش قادتها حيث لم ترى فى هذه العملية الانتخابية نهاية المطاف بل بداية لدوران عجلة الديمقراطية بما تحمل من تنوع وتعددية سياسية وتداول سلمى للسلطة ، هذا الدوران الذي سيستمد قوته من تلك اللوحات الجميلة والتظاهرات الديمقراطية التي أبدعتها الجماهير عشية هذه الجولة الانتخابية. أستطيع القول إن هذه الجولة الانتخابية بشقيها الرئاسي والمحلى وضعت الديمقراطية على مسارها الصحيح الذي كادت تتوه عنه ، وأفرزت تجربة غنية تقع مسؤولية الاستفادة منها واستخلاص الدروس والعبر على عاتق جميع القوى الوطنية الفاعلة والساعية لترسيخ التحولات الديمقراطية وتعزيز الممارسة الديمقراطية في شتى أوجهها ومختلف مجالاتها ومستوياتها.
*وماهو تقييم العطاس لأداء كل من السلطة والمعارضة في الانتخابات ؟ أداء السلطة مبتكرا في تسخير كل مقدرات الشعب لصالح مرشح الحزب الحاكم ، ضاربة عرض الحائط بالدستور والقانون الذي يحرم استخدامها في الانتخابات لصالح أي مرشح. أما إن قصدت بسؤالك أداء الحزب الحاكم ، المؤتمر الشعبي العام ، فقد تحسّن كثيراً على خلفية أداء المعارضة ، وخاصة عندما شعر بجدية المنافسة وكان سيكون جميلاً لو لم يتكئ إلى الحد المفزع على سلطة الدولة ومقدراتها ، ويكون بذلك قدم خدمات جليلة لصالح التحولات الديمقراطية والوحدة وتعزيز النظام الجمهوري ، أما أداء المعارضة ، الممثلة بأحزاب اللقاء المشترك ، فقد كان فى مجمله جيداً ويحمل بذور التفاؤل بإنجاح التحولات الديمقراطية وترسيخ الممارسة الديمقراطية في المجتمع إذا حافظوا على هذا الزخم وعملوا على تطوير الأداء وتعزيز الارتباط بقضايا الشعب وهمومه . *وعن رأيه بالنتائج التي أعلنت وما تمخض عنها من مواقف قال م.العطاس : بالنسبة للانتخابات الرئاسية فقد كان متوقعاً أن يفوز فخامة الرئيس /على عبدالله صالح ، سيما وهو يخوض آخر دوراته ، إلا أنني كنت أتمنى بحب وصدق لو حقق فوزه المتوقع بطريقة جميلة غير التي أُخرجت بها . أما بالنسبة للموقف المعلن من النتائج فقد كان تحصيل حاصل وأخدت المعارضة الوضع العام بعين الاعتبار . *واستشرف الأستاذ العطاس مستقبل اليمن بعد هذه الانتخابات قائلاً : شكلت الانتخابات بشقيها الرئاسي والمحلى محطة لتحريك الأوضاع العامة ، وكان أهم نتائجها هو إدراك الحاكم والمعارضة بأهمية الشعب في العملية السياسية باعتباره مصدر السلطة فمن بين صفوفه يأتي الناخب ، ولذا شهدت اليمن لأول مرة خلال هذه الانتخابات توجه حقيقي نحو الشعب عبر برامج المرشحين الانتخابية لكسب وده ورضاه ليمنحها صوته للوصول لسدة الحكم في الموقع المعين ، هذا الإدراك من قبل الحاكم والمعارضة يواجهه إدراك مواز ولأول مرة من قبل الشعب بأنه فعلاً مصدر السلطة وصانع حكامه على مختلف المستويات ، وأنه إن غفل عنها في الماضي فسيشد عليها الآن بالنواجد . وبما أن الديمقراطية والعملية السياسية تكتمل وتزدهر بجناحيها الحزب الحاكم والمعارضة ولذا فان المضي نحو المستقبل يعتمد على فاعلية عمل الحاكم والمعارضة معا في إطار من الاحترام المتبادل والمسؤولية المشتركة لاحترام الدستور والقانون وتفعيلها في حياة المجتمع .، والحزب الحاكم مدعو بأن يضع برنامجه الانتخابي موضع التنفيذ وبشفافية مطلقة كما أن المعارضة مدعوة لمراقبة الالتزام بالتنفيذ وحان الوقت لأن تشكل المعارضة حكومة ظل تعمل في إطار الدستور والقانون . . ويبقى الشعب سيد الموقف فهو يراقب أداء الجميع حكومة ومعارضة ، وأرجو أن لايضطر أي منهما للبحث عن المواطن – الناخب – حين يحين موعد الانتخابات فقط بل أن يبحث عنه دائماً ويكون محور وهدف نشاط الحاكم والمعارضة ، فقد أدرك الشعب بنتيجة هذه الجولة الانتخابية الرائدة ، بصرف النظر عن النتائج ، موقعه والذي لن يحيد عنه بعد الآن. وقد حاورنا السياسي المعارض الشيخ حسين العجي العواضي ، وهو حالياً رئيس لجنة التنسيق والعلاقات العامة بالمجلس الأعلى لمؤتمر تحالف قبائل مأرب والجوف وشبوة وقائد عسكري سابق وعضو المجلس الوطني لجبهة (موج) سابقاً ، و لايزال يمثل أحد رموز المعارضة اليمنية في الخارج حتى الآن : *ما تقييمك للتجربة الديمقراطية في اليمن والعملية الإنتخابية الأخيرة على وجه الخصوص.؟ **إن الديمقراطية في اليمن هشة من أساسها وفقدت مضامينها بعد فقدان التوازن الذي كان قائماً بين المؤتمر الحاكم والحزب الاشتراكي حيث كان الأخير أحرص على ديمومتها وترسيخها وهو الذي اشترط توأمتها بمشروع الوحدة ، ولم يحافظ النظام على جانبها الشكلي بعد94م إلا لحاجته لهذا الديكور أمام العالم الخارجي وللمزايدة به على الإقليم ، إلا أنني أرى أن الانتخابات الأخيرة بداية تشكيل موازيين قوى جديدة إذا أحسن اللقاء المشترك إدارة اللعبة السياسية وحافظ على تماسكه .. ، وعن أداء كل من السلطة والمعارضة في الانتخابات فان السلطة كما عهدناها .. خرق لاتفاق المبادئ ..و للدستور والقوانين .. إهدار للمال العام ..هل تعلم أن ما أنفق في هذه الانتخابات بشكل مباشر وغير مباشر يتجاوز المائة مليار ريال إلى درجة بلوغ قيمة الصوت للفرد الواحد مبلغ عشرين ألف ريال وأمام اللجان وبالمفتوح .. وغير ذلك كان خطاب مرشح المؤتمر لايمتلك أي منطق أو مسؤولية أوصدقية ، وكان يتهم الغير بما يشكو هو منه من اتهام بالسطو و ( تجريب المجرب ) وهو المجرب على مدى 28عام ، ومهاجمة الفساد والوعود بتوزيع الأراضي على الشباب الذي سبق أن وزعها على رؤوس الفساد، أما المعارضة( المشترك) فقد كان أداؤها حسن وكانت تتكلم بقدر عال من المسؤولية مع الجمهور والسلطة ،، ملاحظتي عليها أن خطابها وبالذات خطاب مرشحها كان خطاب للنخبة لم تحاكِ بالمستوى المطلوب مستوى فهم الناس العاديين كما أن قياداتها لم تنزل إلى الميدان لتحرك الجماهير ، إضافة إلى أن موقف الشيخ عبد الله الأحمر والشيخ الزنداني لم يدع حزب الإصلاح ينزل بكل ثقله وهذا أضر بهم ليس في الانتخابات الرئاسية بل والمحلية أيضاً ،، وعن نتائج الانتخابات قال العواضي : النتائج مزورة لأنه لو عرفت كم من الصناديق نهبت وغيّرت البطاقات الانتخابية فيها والتي كانت تصب في مصلحة (بن شملان)، وأضفت إلى ذلك المليارات التي صُرفت والضغط على الموظفين واستخدام الجيش والأمن لو استقرءت كل ذلك لأمكنك القول بأنه لو سارت العملية الانتخابية بشكل نزيه دون أن يجري ما أسلفت ذكره لكان الفائز هو بن شملان .. والمنافسة إجمالا صنعت حراكاً جيداً لكن النظام أجهضه بتلك النتائج التي أعلنت وما تركته من أثر سلبي على التجربة برمتها وعن المستقبل يعتقد الشيخ العواضي : أن هذا النظام عاجز بتركيبته وطبيعته وذهنيته عاجز من أن يقدم حلولاً للأزمات والمشكلات الملحة في اليمن ناهيك عن وعوده الانتخابية الخيالية والتي لم يصدقها أحد ،وقد تتخذ قرارات كالتي اتخذت مؤخراً من لجان لمكافحة الفساد والبطالة وانتخاب محافظين ومدراء عموم و...الخ ثم تصبح كسابقاتها إجراءات شكلية وتخديرية لأن ذهنية الركود والتشبث بالمصالح لم تتغير، ولهذا فان الأوضاع سوف تزداد سوءا وستكون البلاد عرضة لأزمات ومخاطر جمة خاصة وان ( صالح ) يعمل وبكل الوسائل لتحقيق التوريث ، والأمر يتوقف على مستوى قدرة المعارضة على الاستفادة من التراكم وعلى ماحققت من انجازات في هذه الانتخابات وتصليب إرادة الشارع وتفعيل آليات التواصل مع الجماهير التي لاينبغي أن تصاب بالإحباط بسبب نتائج مزورة بعد أن كسرت حاجز الخوف واستخدامها بالطرق السلمية ، وبالتأكيد سوف يحدث شيء من الفرز بين قوى تنشد التحديث والعصرنة والانعتاق وقوى تقليدية ترفض التحديث وتتمسك بمواقعها ومصالحها وهذه القوى موجودة في كثير من الأحزاب والقوى وأكبر شاهد على ذلك موقف الشيخ حميد الأحمر الذي كان في طليعة القوى المطالبة بالتغيير والتحديث وموقف والده الشيخ عبد الله الذي اصطف إلى جانب الرئيس . * أما الباحث الأكاديمي اليمني والمنتمي للمؤتمر الشعبي العام ( الحزب الحاكم ) د. ماجد الرزامي يرى : إن تجربتنا الديمقراطية لاتزال في مرحلة النمو وهي تجربة رائدة وتستحق الاهتمام والدعم برغم ما يشوبها من قصور فهي تؤسس اللبنة الأولى لإمكانية التغيير في العالم العربي إذا استمرت في استكمال بنيانها ونضوجها كما كانت الوحدة اليمنية لبنة الأمل الأولى في طريق تحقيق (حلم) الوحدة العربية ، وعليه فإننا مطالبون بالحفاظ على هذه التجربة فلم تعد تجربتنا لوحدنا إذا نجحت بل ستكون تجربة للمنطقة بأسرها بما يضع الخطى على طريق إرساء التداول السلمي للسلطة بعيداً عن التوريث ، وهذا يقتضي من الرئيس علي عبد الله صالح تحديد موقف إما أن يكون مع إرادة شعبنا وهي ذاتها إرادة شعوب المنطقة في إرساء مبدأ التداول السلمي للسلطة وبناء الدولة الحديثة ويثبت بأن هذا النموذج ممكناً وليس مستحيلاً ، وإما أن يكون ضدها فيبقى الوضع على ماهو عليه ، أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية الأخيرة فلقد أثبتت أن الشعب بدأ يفكر في التغيير وكسر نسبياً حاجز الخوف سواء على مستوى الأفراد أم المنظمات والأحزاب التي توحدت تحت اسم اللقاء المشترك لأول مرة ، وتم منحهم أو استطاعوا ضمن دأبهم الديمقراطي أن يحصلوا على هامش كبير للمناورة السياسية والمنافسة وذلك ماليس موجود في عالمنا العربي ، فعُرضت أفكارهم وبرامجهم عبر المهرجانات الجماهيرية وعبر قنوات الإعلام الرسمية التي كانت في السابق حكراً على الحزب الحاكم .، وعن تقييم أداء السلطة والمعارضة في الانتخابات قال د.الرزامي : أعتقد أن جميع الأحزاب لم تكن موفقة في إدارة هذه الحملة وأخص بذلك المؤتمر الشعبي العام فقد كان خطابه السياسي خطاباً ارتجالياً غير مدروس بدليل أنه تعهد بمعالجة ملفات عديدة قد لايستطيع معالجتها على المدى المنظور ربما من خمس إلى خمسة عشر سنة لكونها شائكة وتخضع للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية ، أما أحزاب المعارضة فلم تقدم جديداً في خطابها السياسي سوى تحالفها غير المكتمل والفاقد لكثير من المعطيات الأساسية لإسقاط الرئيس والتقت في هذا الهدف بالذات مع رغبة المعارضة في الخارج، كما لم تقدم برنامج وطني ينال ثقة الناخبين واعتمدوا في برنامجهم على أخطاء المؤتمر الشعبي العام التي لم يكن سببها أيدلوجية ونهج المؤتمر نفسه بل بعض قيادات المؤتمر فهي قيادات مستهلكة ، وأثبتت الانتخابات عدم كفاءتهم والدليل إقحامهم الرئيس للنزول الميداني في معظم محافظات الجمهورية طالباً الثقة لحزبه ، وننتهز هذه الفرصة الصحفية التي أتيحت لنا بأن نطالب الرئيس صالح بإجراء (حركة تصحيحية) داخل المؤتمر شعارها الكيف وليس الكم والتفوق الرأسي على حساب الأفقي أو العامودي ،وبناء الدولة وليس الحفاظ على السلطة والبدء بتقاعد ( المتحزّبين ) وتنمية الروح المؤتمرية عند الحزبيين المؤتمريين الحقيقيين على أن تتم هذه الحركة التصحيحية في أسرع وقت ممكن لما يتوقف عليها مصير الوطن بأكمله كما ننصح أحزاب المعارضة بإجراء حركة تصحيحية في صفوفها شعارها المصلحة الوطنية لامصلحة مراكز القوى للوصول إلى السلطة ؟؟؟ .. وفيما يتعلق بنتائج الانتخابات فمن طبيعة أي انتخابات في العالم أجمع أن يحدث فيها تشكيك ولكن تختلف نسبة التشكيك من دولة لأخرى حسب منسوب الثقافة و الوعي الديمقراطي في كل بلد على حدة .. وعندنا في اليمن أكدت الانتخابات الأخيرة بأن أحزابنا بحاجة للحركة التصحيحية التي أسلفنا ذكرها والدليل نسبة المتغيبين عن المشاركة والبالغ عددهم ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف ناخب منهم مليونين ومائتين وخمسين ألف ناخب للمؤتمر ومليون وخمسين ألف من أحزاب المشترك وبقية الأحزاب ،إضافة إلى بطاقات الناخبين الملغية والبالغ عددها أكثر من ستمائة ألف بطاقة انتخابية ، وهذا ناتج للممارسات السيئة التي ترتكب من قبل القيادات (سلطة ومعارضة)، فمن المواطنين من لايثق بإمكانية التغيير ومنهم من يرى أن هناك فساد مالي وتسيب إداري وتمييز مناطقي فشلت التجربة الديمقراطية في معالجتها ،ومنهم من سئم الشعارات والخطابات والوعود ،ولذلك تقع على الفائز مسؤولية تاريخية لإعادة ثقة وأمل الناس في التغيير والإصلاح ، وأكدت النتائج بأن المؤتمر فعلاً بحاجة إلى حركة تصحيحية في أسرع وقت ممكن ودون تأخير وضرورة تشكيل هيئة للاحتساب لمحاسبة قيادات المؤتمر التي قصرت أو فشلت وتفعيل جهاز الرقابة على القيادات المؤتمرية سواء في العمل الحزبي أو المؤسسي ، كذلك أكدت النتائج أنه برغم سلبيات المؤتمر التي يرددها الغير بشكل كبير إلا أن هناك إجماعاً على مستوى الشارع بشكل عام بثقة المؤتمر كتنظيم يشكل حالة وسطية تنسجم مع طبيعة الإنسان اليمني ولكنها مفقودة تجاه بعض القيادات والممارسات المغلوطة والمشوهة لتاريخ المؤتمر ورصيده الوطني ولكن الثقة قابلة للاستعادة وما اختيار الناس لمرشح المؤتمر هذه المرة وبهذه الكثافة إلا من قبيل إعطاء فرصة أخيرة في طريق استعادة تلك الثقة وهذا ما يجعل المسؤولية كبيرة ومتعاظمة ، أما بالنسبة لأحزاب اللقاء المشترك فقد أثبتت النتائج فشلها مرتين في كسب ثقة الناس عبر الاقتراع المباشر والثانية بالخلافات التي أعقبت النتائج والسبب في ذلك التناقض الأيديولوجي فيما بينها وغياب المصلحة الوطنية والتي ستصب في مصلحة المؤتمر مستقبلاً وسيكون لها أثر كبير في تفكك المشترك إلا إذا أثبت المشترك تماسكه وواصل مسيرته بالاستفادة من أخطاء هذه المرحلة المهمة وتطور تفكيره إلى هدف أسمى وأعم من هدف إسقاط الرئيس والوصول إلى السلطة . وعن مستقبل اليمن بعد هذه الانتخابات قال د. الرزامي : أعتقد أن مستقبل اليمن بعد هذه الانتخابات يحدد معالمه الفائز فيها وهو الحزب الحاكم ، وتقع على عاتق الرئيس صالح نفسه مسؤولية الوضع الراهن واستشراف ملامح المستقبل بما سيقوم بترجمته عملياً من الإصلاحات التي التزم بتحقيقها على المستوى الداخلي للمؤتمر الشعبي العام وعلى مستوى مؤسسات الدولة ، ولعله ستتضح الرؤية الأولية لذلك من خلال التشكيل المرتقب للحكومة التي يؤمل أن تتخلص من ربقة الحسابات التقليدية المعتادة والتي لم تُجدِ نفعاً ، وإذا كان لابد من حسابات معينة في مسألة تشكيل الحكومة المرتقبة فلتكن على أساس وطني وتقني بالدرجة الأولى ، وأنصح بالاستفادة من الرؤى الايجابية التي تطرحها كافة الأحزاب في الساحة ففي الكثير منها ما ينبغي الإفادة منه وهذا ما سيكون له أثراً كبيراً في توسعة رقعة الحوار الوطني وتضييق الخلافات والحد منها والذي يصب أولاً وأخيراً في مصلحة الوطن. المصدر / www.aafaq.org