لم يكن امام رئيس البرلمان يحيى الراعي من مخرج لإرضاء نواب المعارضة -الذين اعترضوا بقوة على تقرير برلماني غلب عليه ولأول مرة الطابع الايجابي لما يشهده واقع الاستثمار في اليمن من تحسن في ظل صمت الأغلبية المؤتمرية الكاسحة –سوى أقرار إرجاع التقرير للجنة التجارة والصناعة لتلتقي بوزارات الداخلية والكهرباء والتجارة والعدل وهيئتي الاستثمار والأراضي للخروج بتقرير أكثر اكتمالاً. نواب المعارضة بأغلبيته الاخوانية اعتبرا ان اليمن غير مهيئة للاستثمار لاعتبار الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام ) المعوق الرئيسي أمام تدفق الاستثمارات إلى اليمن، فالفساد المالي والإداري وقصور التشريعات وضعف القضاء والاختلالات الامنية وضعف البنية التحتية وعدم الاستقرار السياسي اكدوا وجودها معتبرينها معوقات رئيسية تواجه النشاط الاستثماري . وكان التقرير البرلماني كشف عن وجود جملة من الصعوبات والمعوقات التي تواجه النشاط الاستثماري في بلادنا وبالمقابل اشار لما يشهدة هذا القطاع من تحسن ، غير أن هذه الإشارة لم تعجب نواب المعارضة الذين يؤكدون على ضرورة اظهار واقع مسيئ لليمن ولو حتى مختلقا-تحت بند الممحكات والحملة الانتخابية المبكرة للبرلمان 2009 - ولكن هذه المرة برضى اغلبية المؤتمر الكاسحة التي فضلت الصمت ازاء ذلك الهجوم . وأشار التقرير الذي أعدته لجنة الصناعة والتجارة بمجلس النواب بشأن زيارتها الميدانية لعدد من المحافظات التي تتركز فيها الأنشطة الاستثمارية إلى أن أهم تلك المعوقات هو ضعف البنية التحتية التي يتطلبها الاستثمار بما في ذلك عدم وجود المناطق الصناعية المجهزة بالخدمات الأساسية ،وذكر التقرير أن على الرغم من توجهات الحكومة التي تؤكد حرصها على إقامة تلك المناطق إلا أن ذلك لم يشهد أي خطوة جادة للتنفيذ. ولاحظت اللجنة في تقريرها أن الاستثمارات القائمة في الجمهورية اليمنية تعاني من شحه الخدمات التي تحتاجها الاستثمارات الإنتاجية وعدم ثبات المتوفر منها ،بالإضافة ارتفاع تكاليفها وطالب التقرير بإيجاد حل عاجل لارتفاع سعر الكهرباء التي تمثل أهم تلك الخدمات ومعالجة الانقطاعات المتكررة للكهرباء الذي يعد عائقا أساسيا في حسابات أصحاب الاستثمارات. وذكر التقرير أن صعوبة الحصول على الأرض يعد معوقا رئيسيا يحول دون أقدام المستثمر على ممارسة اى نشاط استثماري. وأشار التقرير إلى أن عدم توفر العمالة الفنية ذات المهارات والتدريب يؤثر سلبيا في قرارات المستثمرين، لاستقدام العمالة الأجنبية يتطلب تكلفة مالية عالية كما أن ندوة الأبحاث والدراسات الخاصة بمجالات وفي الاستثمار يجعل المستثمرين غير قادرين على اتخاذ القرار السليم في اختيار المشاريع الاستثمارية ما يجعلهم يتجهون باستثماراتهم إلى الدول التي تتوفر فيها تلك الدراسات المطلوبة وكشف التقرير عن عدم قيام الجهات المسئولة عن الاستثمار بالترويج الكافي لفرص الاستثمار داخليا وخارجيا بالإضافة إلى عدم وجود إستراتيجية استثمارية واضحة في ضوء التنافس الحاد الحاصل بيد الدول حاليا لجذب الاستثمارات ،حيث أكد التقرير أن ذلك يشكل عائقا حقيقا للدفع بعجلة الاستثمار إلى الغايات المنشودة. وإذا يشير التقرير إلى مطالبة المستثمرين بمنح الأعضاء الكامل للمواد الخام المستوردة من الرسوم الجمركية وذلك لضمان عدم منافسة المنتجات الجاهزة والمستوردة لمنتجاتهم والذي قال التقرير أن الحكومة ظلت مكونة بها حبس الموارد الضريبية التي تحتاجها الموازنة العامة . و لاحظت اللجنة أن جذب الاستثمارات له انعكاسات اشمل في المنافع التي تحصل للوطن حيث تتعدد فرص العمل لعدد من العاطلين كما أن مؤشرات الاستقرار التمويني في السوق المحلي ستشهد نحسنا ملحوظا بالإضافة إلى تعدد المواد ليتصل إلى الخزينة العامة عبر سحبيات متفرقة من الرسوم والضرائب. وأوضح التقرير أن عدم ثبات التشريعات ذات الصلة بالأنشطة الاستثمارية يعد أحد من أهم المعوقات التي تواجه الاستثمارات القائمة كم أن التطويل في إجراءات البت في قضايا المستثمرين في الأجهزة القضائية والمحاكم التجارية لا يساعد مطلقا في جذب الاستثمارات ويعيق الاستثمارات القائمة. وذكر التقرير أن الاستثمار السياحة في اليمن تعاني من ضغط ملحوظ بالاستثمارات السياحي الذي يمثل مصدرا هاما للمواد في حسابات عدد من البلدان السياحي بمختلف مستوياتها. ولفت التقرير إلى معوقات تعرقل النشاط الاستثماري تشمل القصور في البنية التشريعية ، ومحدودية الاستثمار في مجال المعادن واقتصار الصناعات التحويلية على الإنتاج لإحلال بعض الواردات وغياب التوجه نحو تنمية الصناعات التصديرية ، أيضاً ضعف الروابط بين القطاعات الأولية وقطاعات الصناعات التحويلية كما يطهر من اعتماد أكثر الصناعات القائمة في اليمن على مستلزمات تنتج في الخارج .. ذلك إلى جانب ضعف البنية التحتية لإنشاء صناعات ثقيلة وبتروكيماوية ، وقلة المخصصات المالية الموجهة للترويج للاستثمار الخارجي في اليمن ، ومشاكل التهريب . وأفرد تقرير لجنة التجارة مساحة للمعوقات التمويلية في طريق الاستثمار أوضحها بضعف قدرة البنوك في تمويل طلبات المشروعات الكبيرة ، وعدم وجود سوق مالية منظمة لتبادل الأوراق المالية ( البورصة ) غير مشاكل الضمانات التي تطلبها البنوك من المستثمر مع صعوبة حصوله على مصادر تمويل خارجية ، واقتصار تمويل البنوط التجارية على تمويل التجارة والخدمات . وحسب التقرير الذي لم يعف المستثمرين من مسئولية المساهمة في تعويق النشاط الاستثماري من خلال ضعف القدرة الاستثمارية لدى غالبية المستثمرين اليمنيين ، وعدم إقدامهم على الاستثمار الكبير والجماعي وإقامة شركات مساهمة حيث تسود الفكرة العائلية على أكثر المشاريع ، وكذلك عدم الاهتمام بدراسة الجدوى الاقتصادية لبعض المشاريع الاستثمارية أو عدم دقتها بسبب غياب الاعتماد على المتخصصين في هذا المجال . وبالمقابل ذكر التقرير البرلماني الذي أعدته لجنة التجارة والصناعة أن عدد المشاريع المرخصة والمسجلة لدى الهيئة العامة للاستثمار بلغت (5774) مشروعاً من تأسيس الهيئة في مارس 1992م وحتى منتصف العام ووصلت تكلفتها لقرابة تريليون و(681) مليار ريال بموجودات ثابتة قيمتها تناهز (893) مليار ريال . وأضاف التقرير أن إجمالي المشاريع المسجلة في الهيئة وفروعها في المحافظات في الفترة يوليو – سبتمبر السنة المنقضية وصلت (110) مشاريع بتكلفة فاقت (99) مليار ريال موجوداتها الثابتة بأكثر من (30) ملياراً ، وتوزعت على فروع هيئة الاستثمار في المركز ب(53) مشروعاً يليه فرع الحديدة ب(10) مشروعات ، فسيئون (9) ، وتعز (8) ومثلها لحضرموت ، و(7) لحج ، ، عدن (6) ، المهرة (5) وسجل مكتب الهيئة في إب (4) مشاريع ووفقاً للقطاعات أفاد التقرير أن القطاع الصناعي حاز على (49) مشروعاً ، فالسياحي (22) ، وبعده الخدمي (21) ، ثم الزراعي (17) ولم يحظ القطاه السمكي إلا بمشروع واحد وتوفر مشروعات الربع الثالث من 2007م (4607) فرصة عمل . وقال التقرير أن اليمن تمتلك مقومات استثمارية طبيعية مرتبطة بمساحتها وطبيعتها الجغرافية مبيناً أن الأراضي الصالحة للزراعة تقارب المليونين ونصف المليون هكتار لا يزرع منها سوى (25%) منها ، إلى جانب الثروة السمكية ، إضافة إلى وجود سوق محلية كبيرة نسبياً يرفدها نمو سكاني معدله (3.5%) سنوياً ما يستلزم تلبية احتياجات أساسية للسكان من غذاء وسكن وتعليم وصحة وعمل توفر بيئة تعزز من جدوى الاستثمارات . كما أشار التقرير البرلماني إلى الظروف السياسية المشجعة للاستثمار يتقدمها دعم القيادة السياسية وبرامج الحكومات اليمنية المتعاقبة إلى جوار تسهيل الإجراءات للمستثمرين عبر إنشاء هيئة الاستثمار وبالمقابل ولمحاولة الإسهام في التغلب على معوقات الاستثمار في اليمن تحدث للجنة البرلمانية مسئولون في هيئة الاستثمار مبينين عن خطوات اتخذتها الهيئة تتعلق بالعمل وفق نظام النافذة الواحدة لتسهيل إجراءات الاستثمار ، وإنشاء وحدة التسهيل في مكتب رئيس الهيئة ، وحصر الأراضي المخصصة لإقامة المشاريع الاستثمارية في مختلف المحافظات اليمنية ، وإعطاء صلاحيات لمكاتب وفروع الهيئة بالمحافظات تمكيناً لتبسيط الإجراءات وتوفير الوقت على المستثمرين . بالإضافة إلى تكثيف النشاط الترويجي بالاستعانة ببيوت خبرة استشارية متخصصة عبر إنزال مناقصة دولية يتم تحليل عروضها الفنية والمالية . وفي الجانب الترويجي قال مسئولو هيئة الاستثمار إنهم يسعون لإعداد إستراتيجية ترويجية واضحة الأهداف من أبرز مكوناتها إعداد دراسات قطاعية للمجالات الحيوية ، وإنجاز خارطة استثمارية لليمن تمهيداً لتسويقها محلياً وخارجياً . ورأت اللجنة في تقريها ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة التهريب التي باتت بحسب التقرير تشكل خطرا على الاستثمارات القائمة ولا تشجع على إقامة مشاريع استثمارية جديدة من ناحية أخرى. واوصت اللجنة بإعطاء الأهمية اللازمة المناطق الصناعية وتوفر البني التحتية للخدمات الأساسية التي تستحقها الاستثمارات ،وطالب التقرير لجنة التجارة والصناعة بتوفير الدعم اللازمة للهيئة العامة للاستثمارات القيام بإعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بمجالات وفرص الاستثمار. ودع التقرير إلى دعم المعاهد الفنية والمهنية والتقنية والارتقاء بمستوياتها العلمية والعملية بما يلي احتياجات سوق العمل والأنشطة الاستثمارية القائمة والمطلوبة وبما يكفل لمخرجات تلك المعاهد لحصول فرص عمل في مجال تخصصاتها وأوصي التقرير بالعمل على تشجيع الإعلام الترويجي للاستثمارات بر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية. وشدد التقرير على سرعة إصلاح القضاء بما في ذلك تعيين قضاه متخصصين في القانون التجاري والاستثماري وسرعة البت في القضايا ذات العلاقة بالاستثمار. وطالب التقرير في ختام توصياته تنظيم وتوحيد عملية جباية رسوم وعدم تكرار جباتها في المحافظات.