يثير الهجوم الإرهابي الانتحاري الذي هز العاصمة صنعاء يوم الأربعاء وكان يستهدف مبنى السفارة الأمريكية قبل تمكن أجهزة الأمن اليمنية من إحباطه مخلفا (10) قتلى من الجنود والمواطنين وإصابة (10) آخرين بالإضافة إلى مصرع منفذي الهجوم وعددهم 6 إفراد ، يثير عديد من الأسئلة ، حول الأطراف التي تقف وراء الهجوم وما هي أهدافها من ذلك؟ وما مدى فعالية ونجاح أجهزة الأمن اليمنية في القضاء على الجماعات المسلحة المتهمة بالإرهاب؟.... علامات استفهام كثيرة تبحث عن أجوبة شافية لاسيما وإنها المرة الأولى التي تلتزم فيها السلطات اليمنية الصمت في توجيه أصابع الاتهام للجهة المنفذة والتي عادة تقوم السلطات اليمنية بتحمل تنظيم القاعدة مسؤولية مثل تلك الهجمات ، غير أن هناك مجموعات أخرى تسعى إلى إثارة بلبلة في اليمن من بينها جماعة تطلق على نفسها اسم الجهاد الاسلامي في اليمن والتي أعلنت عقب الهجوم مباشرة مسؤوليتها عن الهجوم ، كما يأتي الهجوم في وقت تقوم فيه أطراف متطرفة في المنظومة السياسية اليمنية ونكاية بالنظام بتبني الدعم المباشر وغير المباشر لاعمال تخريبية وفق برنامج منظم لإظهار اليمن ساحة لاضطرابات ونزاعات وقلاقل وصراعات مفتوحة على كافة الجبهات . القاعدة ..بنكة داخلية وخارجية ويذهب خبير عسكري يمني في تصريح ل ( الوطن ) لتأكيد الاتجاه الذي يتحدث عن بصمات القاعدة خلف الهجوم الإرهابي الانتحاري الذي وقع يوم الأربعاء أمام مبنى السفارة الأمريكية بصنعاء ، غير انه يرى في عنصر التأييد المباشر وغير المباشر من بعض الاطراف الداخلية والاقليمية المناهضة لتحالف اليمن الدولي في مكافحة الارهاب وكذا الساعية لزعزعة الاستقرار في اليمن وتصويره على انه ساحة صراع نكاية بالنظام ، تمثل الجناح البارز في احتضان وتشجيع ورعاية اعمال تلك العاناصر التابعة للقاعدة. ويستند الخبير –الذي فضل عدم ذكر اسمه- الى جملة من المعطيات أهمها حسب قوله ان الهجوم يحمل تكتيكا مقارب لذات التكتيك الذي نفذته القاعدة في عام 2004 بمنطقة الخبر بالمملكة السعودية من حيث استخدام المهاجمين بزات عسكرية وسيارات تحمل شعارها للتمويه. ويضيف " كما ان اختيار المكان والزمان والتوقيت في صباح يوم من شهر رمضان المبارك وبتلك القوة التفجيرية والانتحارية ليؤكد وصول عناصر القاعدة في اليمن للحالة هستيرية انتقامية تعكس تأكيد الاهمية البالغة والكبيرة (للقاعدة) لذلك المخطط الذي عثرة علية السلطات اليمنية لدى خلية للقاعدة ويستهدف اليمن ودول مجاورة من خلال الضربة القوية التي وجهتتا لخليات تريم والمكلا الشهر قبل الماضي ". وكانت الولايات المتحدة قالت ان هجوما الاربعاء على مجمع السفارة الامريكية في اليمن يحمل "كل العلامات الدالة" على أنه هجوم للقاعدة لكن لم تستخلص بعد نتائج نهائية تحدد المسؤولين عنه. وقال الرئيس الامريكي جورج بوش ان المهاجمين كانوا يحاولون أن يجعلوا الولايات المتحدة "تفقد رباطة جأشها وتنسحب من مناطق في العالم." وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية شون مكورماك عندما سئل أي الجماعات يشتبه في مسؤوليتها عن الهجوم "يبدو بعد الحديث مع المعنيين بالامن أن الهجوم يحمل كل العلامات الدالة على هجمات القاعدة حيث تفجر عبوات ناسفة متعددة منقولة في سيارات بالاضافة الى أفراد راجلين." وبعيد الهجوم مباشرة أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم الجهاد الاسلامي في اليمن مسؤوليتها عن الهجوم ، وهددت باستهداف سفارات بريطانيا والسعودية والإمارات في صنعاء دون إبداء أسباب. وقالت الجماعة: "نحن منظمة الجهاد الإسلامي نعلن مسئوليتنا عن العملية الاستشهادية في السفارة الأمريكية بصنعاء". وطالبت الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بإطلاق بعض أعضائها المعتقلين، وهددت بشن هجمات على سفارات أخرى منها سفارات بريطانيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وألقت السلطات اليمنية في الشهر الماضي القبض على زعيم هذه الجماعة، خالد عبد النبي، بعد عمليات بحث استغرقت خمس سنوات؛ لمسئوليته عن عدة هجمات أسقطت قتلى. ولحق ذلك البيان بيان اخر لذات الجماعة يوم الخميس اعترفت فيه بتبعيتها لتنظيم القاعدة وتعهدت بشن مزيد من الهجمات بعد الهجوم الانتحاري المزدوج بسيارتين ملغومتين على السفارة الأمريكية. وقال البيان الذي وقع عليه زعيم الجماعة ابا الغيث اليماني " نحن منظمة الجهاد الإسلامي باليمن (التابع لتنظيم القاعدة) نكرر طلبنا مرة اخرى بسرعة الافراج عن اخواننا المعتقلين خلال 48 ساعة." وفي البيان هددت الجماعة انه اذا لم يحدث ذلك "سوف تستمر سلسلة الهجمات ضد المصالح الغربية والسفارة البريطانية والسفارة السعودية .. كما نطالب السفارة الامريكية والسفارة البريطانية بمغادرة اليمن فورا." و رأى محلل سياسي يمني أن إعلان هذا الفصيل الذي ينتمي للمنظومة الفكرية لتنظيم القاعدة يعد رسالة انتقام لمقتل حمزة القعيطي وعبد الله باتيس القياديين في كتائب جند اليمن التابعة للتنظيم". وأضاف: "إن استهداف السفارة الأمريكية يأتي متزامنا مع عمليات أمريكية تستهدف قيادات القاعدة في مناطق باكستانية". وأكد أن هذه العملية تعني "حضورا قويا وفاعلا لتنظيم القاعدة لكونه نفذ عملية بهذه النوعية بعد مرور 3 أسابيع على مقتل قياديه". وتعد تلك ثاني عملية يتبناها تنظيم الجهاد الإسلامي فرع اليمن بعد إعلان مسئوليته عن العملية التي تمت قبل شهرين في حضرموت استهدفت المقر العام للشرطة في مدينة سيئون في حضرموت شرق اليمن وقتل خلالها شرطي وأصيب 17 شخصا بجروح. وكانت السفارة الأمريكية تعرضت في مارس الماضي لهجوم بقذائف الهاون؛ مما أسفر عن مقتل حارس يمني، وجرح 13 فتاة في مدرسة قريبة، وتبنت جماعة ذات صلة بتنظيم القاعدة هذا الهجوم. صمت يمني رسمي وحتى يوم الخميس لم يصدر أي اتهام رسمي يمني يشير الى وقوف القاعدة خلف الهجوم على الرغم من اعتراف الاخير بذلك في بيانات لم يتسنى التأكد من صحتها. ومع ان افتتاحية صحيفة الثورة الرسمية ألمحت إلى وقوف تنظيم القاعدة الا انها اكدت ان الخطاب المحرض والمغذي للتطرف والعنف الذي تقوده بعض القوى السياسية في الداخل حيث قالت " ان خطاب بعض القوى السياسية والحزبية يفضي إلى استنتاجات مشوشة المفاهيم حتى وإن كان هذا الخطاب في ظاهره يرفض الإرهاب وأعمال التفجيرات والتقطع والعنف، فإن ما يحمله في ثناياه وبواطنه يغذي الفكر الأحادي والاقصائي". وأكدت ان العمل الإرهابي الجبان الذي أرادت من خلاله بعض العناصر الظلامية المتطرفة التعويض عن هزائمها المنكرة التي منيت بها مخططاتها الإجرامية والدنيئة في اليمن وآخرها تلك الانتكاسة المريرة التي أحاقت بهذه العناصر الإرهابية في محافظة حضرموت ، سوى تعبير بائس عن ما تشعر به عناصر التطرف من الخيبة والإحباط واليأس جراء فشل مشروعها التدميري الذي سعت عبره إلى إغراق اليمن في مهاوي الفوضى ومستنقع الاضطراب والخوف والضياع.. وأوضحت أن تلك العناصر التي أدمنت سفك دماء الأبرياء وقتل النفس التي حرمها الله قد راهنت على أنها ومن خلال الهجوم الانتحاري على السفارة الأمريكية ستتمكن من بلوغ غاياتها الدنيئة في زعزعة الأمن والاستقرار في الوطن اليمني وإقلاق السكينة العامة التي ينعم بها هذا البلد وتحويله إلى ساحة مستباحة وعرضة للاستهداف الخارجي، عوضا عن إظهاره في وسائل الإعلام بصورة مشوشة تثير المخاوف لدى المستثمرين وأفواج السياح الذين يتحينون الفرصة لزيارة هذا البلد والاطلاع على موروثه الحضاري وتراثه التاريخي العريق. واعتبرت أن ما جرى سواء في صعدة أو في مارب أو في حضرموت وغيرها، من الأعمال الإرهابية التي كان آخرها يوم الاربعاء هو نتاج وحصيلة للجهل وانسياق بعض الشباب وراء خطاب متزمت يغذي لديهم نوازع التطرف واعتناق ذات الأفكار وذات الرؤى التي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية في جر هؤلاء الشباب إلى حظيرتها الإجرامية. الأداء الأمني ولاقى الأداء الأمني اليمني في التعامل مع العناصر الإرهابية سواء بإحباط الهجوم الضخم و الكبير يوم الأربعاء أو من خلال العمليات النوعية التي تصدت لها أجهزة الأمن ببطولة واستبسال خلال الفترة الماضية ، لاقى من المساندة والإشادة الخارجية ما لم يلاقيه من بعض القوى السياسية التي ذهبت حد التشفي بما حدث . فعلى الرغم من اتجاه أوساط سياسية يمنية عبر شاشات الفضائيات إلى التعامل مع الهجوم الإرهابي بنوع من المكايدات السياسية في إطار تصفية حساباتها مع السلطة بالدعم المعنوي لمثل تلك الهجمات ضد قوى الامن والجيش اليمني ، من خلال إظهار ان ما حدث ناتج عن قصور في أداء الأجهزة الأمنية اليمنية في مسئوليتها في حماية مواطنيها والمصالح الغربية ونتاج السياسة الخاطئة التي تدير بها قيادة البلاد ملف الإرهاب. غير أن الأداء الأمني اليمني لاقى إشادة من الشركاء الدوليين لليمن في مكافحة الإرهاب لا سيما ذلك التصدي البطولي الذي أظهرته الأجهزة الأمنية أمام عناصر حسمت مصيرها بأحزمة ناسفة وسيارات متفجرة. وقالت افتتاحية 26 سبتمبر الناطقة باسم القوات المسلحة اليمنية أن "تأكيد الرئيس الامريكي جورج بوش بان اليمن والولايات المتحدة الامريكية شركاء في مكافحة الارهاب، وكذا اشادة وزيرة الخارجية الامريكية السيدة كوندا ليزارايس في اتصالها بالرئيس علي عبدالله صالح مساء الاربعاء، بموقف اليمن ودورها في محاربة الارهاب، واشادتها بالدور البطولي لجنود الامن اليمني البواسل الذين تعاملوا بمهارة وحسم مع العناصر الهجومية الارهابية.. يفصح عن مدى الثقة بين قيادتي البلدين الصديقين والتنسيق المشترك في محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها بغض النظر عن ادعاءات المغرضين ودأبهم المفضوح على النفخ في كير الدعاوى الشريرة ضد اليمن والتشويش على مواقفها وجهودها في خدمة الأمن والسلام الدوليين.."! وأضافت" ان هذا العمل الارهابي الجبان لم يكن يستهدف سوى الاضرار بسمعة اليمن الدولية لما استطاع اليمن ان يحظى به من دعم واحترام معظم دول العالم بسبب مبادئه وقيمه التي تحكم سلوكه في السياسة الداخلية والخارجية.. مثلما يستهدف الاساءة المباشرة لعلاقات بلادنا بالولايات المتحدة الامريكية التي مافتئت تتطور وتتنامى باستمرار بتأكيد واصرار قيادتي البلدين الصديقين.."! وبمجمل القول فإن التزام اليمن تجاه الحرب على الإرهاب ونجاحاتها في المواجهة مع الإرهابيين ونجاح شراكة الفاعلة مع المجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب ، فانها (اليمن) نتيجة التزامها ذلك تتحمل ثمناً من فادحاً من امنها واستقرارها واعتبار القاعدة النظام في اليمن عدواً ومقاتلاً شرساً ضدها‘ وكذا امتعاض بعض القوى السياسية الحزبية اليمنية المعارضة من التقارب الذي شهدته علاقات اليمن مع تلك الدول المتحالفة ضد الإرهاب ‘وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية والذي ظلت تلك القوى ترى فيه بأنه يحقق للنظام وحزبه الحاكم دعماً قوياً ضدها يحبط تطلعاتها في الوصول للسلطة. ويزيد من تحمل اليمن فوق طاقتها تدفق الاموال من عناصر القاعدة في دول الجوار بالخليج ومن بعض الافراد والجماعات الذين تقطنون في تلك الدول لممارسة نشاطات بعلمها ضد امن واستقرار اليمن ، في وقت تتحمل اليمن منفردة درء الخطر عن تلك البلدان المجاورة ، بالاضافة الى ذلك الانفلات الأمني وعدم الاستقرار الذي ظل يشهده الصومال والذي مثل أحد البؤر المهمة والنشطة لتزويد عناصر تنظيم القاعدة في اليمن والخليج بمدد مهم من البشر ولأسلحة والمتفجرات والحصول في بعض الأحيان على فرص التدريب في أماكم آمنة والتواصل السهل مع قيادات القاعدة في الخارج‘وبخاصة في أفغانستان وباكستان وتلقي الأوامر منها.. وقد بدأت نتائج ذلك التنسيق تظهر بوضوح في عمليات القرصنة البحرية التي قامت بها عناصر صومالية منتمية إلى تنظيم القاعدة وفي إطار استراتيجية أعلنت عنها مؤخراً لإقلاق سلامة الملاحة الدولية ونقل معركة المواجهة إلى البحر حيث المصالح كبيرة والأهداف سهلة على الرغم من وجود أساطيل عسكرية لدول التحالف ظلت تجوب البحر وتتواجد في موانئ بعض دول منطقة القرن الأفريقي وفي مقدمتها جيبوتي التي منحت تلك السفن بعض التسهيلات اللوجستية مقابل الحصول على بعض الأموال والدعم. وبالتالي يمكن القول ان مساندة اليمن المباشر وغير المباشر في حربها ضد الإرهاب والفقر الذي يعد عنصر جذب من قبل المنظمات الإرهابية لكثير من الشباب ، بات ضرورة والتزام لا يحتمل اية تأويلات وتسويفات ، لان الخطر يقترب من الجميع وسيصيب الجميع ، وهو ما عبرت عنه الامم المتحدة في بيانها الاربعاء حيمنا طالب جميع دول العالم بمساندة "فاعلة" لجهود اليمن في مكافحة الارهاب.