فيما أشارت منظمة اليونيسف بمناسبة احتفالها بإطلاق تقرير التقدم من أجل الطفولة-المجلد السابع إلى التقدم الملحوظ الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال رعاية الحوامل وتوافر الإشراف اللازم على الأمهات أثناء الولادة، الأمر الذي ساهم في خفض عدد وفيات الأمهات مقارنة بما كان عليه الوضع في المنطقة قبل عقد من الزمان ، اظهر التقرير إن بلداناً مثل اليمن والسودان لا تزال تسجل أكثر من ضعف المعدل العام السائد في المنطقة بالنسبة لنسبة الوفيات بين الأمهات والبالغة 210 وفاة. وترتفع هذه النسبة إلى ثلاثة أمثال المعدل في جيبوتي ، غيرأن الوضع في جنوب السودان لا يزال هو الاسوأ عالمياً بدون منازع، حيث ترتفع نسبة وفيات الأمهات هناك إلى ثمانية أمثال المعدل العالمي حيث تصل إلى 2,037 وفاة لكل 100,000 حالة ولادة. واكد التقرير أن نسبة النساء الحوامل اللواتي يحصلن على الرعاية الطبية قبل الولادة في اليمن لا تتجاوز 40%، كما أن ما نسبته 27% فقط من حالات الولادة تتم تحت إشراف طبي. موضحا ان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تساهم بما نسبته 4% (21,000) من حالات وفيات الأمهات الناتجة عن مضاعفات الحمل والولادة والبالغة عالمياً 515,000 حالة وفاة. وتبلغ نسبة مخاطر وفيات الأمهات الناتجة عن الولادة وما قد يصاحبها أو ينتج عنها من مشاكل صحية على مدى الحياة في المنطقة حالة واحدة بين كل 140؛ وهو رقم يكاد يصل إلى عشرة أضعاف المعدل العام في الدول الصناعية المتقدمة. وبحسب التقرير فإن نسبة مخاطر وفيات الأمهات الناتجة عن الولادة وما قد يصاحبها أو ينتج عنها من مشاكل صحية على مدى الحياة تبلغ حالة واحدة من بين كل 19 حالة في كل من اليمن وجيبوتي، بينما تصل هذه النسبة في الكويت مثلاً إلى حالة واحدة من بين كل 6000 حالة وفي البحرين حالة واحدة من بين كل 1200 حالة وهذا يبين الفروقات الشاسعة ما بين بلدان المنطقة. واكد ان النساء في المنطقة لا يزلن يعانين من صعوبات صحية مزمنة نتيجة لسوء التغذية وضعف الرعاية الصحية. إن النسبة المرتفعة لوفيات الأمهات تعود إلى ضعف مستوى الرعاية الصحية المقدمة لهن في فترة ما قبل الولادة، غياب نظام التحويل الطبي وضعف الرعاية الطارئة أثناء الولادة والغياب شبه الكامل لبرنامج تنظيم الأسرة. وتعاني دول المنطقة أيضاً من عدم المساواة الاجتماعية داخل وبين هذه الدول، وخاصة في مجال الخدمات الصحية المقدمة أو نوعية ومستوى تلك الخدمات وخاصة في الصحة الإنجابية. وأشار إلى انه يكون لهذه الفوارق تأثير أكثر وضوحاً في المناطق الريفية، حيث أن حرية الحصول على الخدمات الصحية لا تقرره المسافات الجغرافية فقط بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً ما بين مستوى تأهيل الكادر الطبي في منطقة وأخرى من ناحية، وبين المستوى الثقافي والوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة من الناحية الأخرى. بالإضافة إلى الانخفاض الملحوظ في نسبة وفيات الرضع والأطفال، فإن المنطقة تشهد أيضاً انخفاضاً ملحوظاً في نسبة المواليد خاصة في مصر والجزائر وإيران حيث انخفضت هذه النسبة من سبعة أطفال للمرأة في سبعينات القرن الماضي إلى ثلاثة في عام 2006. وبالرغم من أن نسبة استعمال موانع الحمل في المنطقة تزيد قليلاً عن نسبتها في جنوب آسيا وإفريقيا، حيث تصل إلى 55%، إلا أنه لا تزال هناك عوامل قانونية ودينية واجتماعية كثيرة تعيق وصول المرأة إلى برامج التدخل الخاصة بتنظيم الأسرة (مثل الرعاية الصحية الجيدة أثناء الحمل وما بعد الولادة، الرعاية الطارئة أثناء الولادة ومباعدة الولادات/المباعدة ما بين الأحمال). وتقلل هذه العوامل مجتمعة من نسبة الوفيات الناتجة عن الولادة بشكل كبير. ويقول د. حيدر ناصر اختصاصي برنامج بقاء الأطفال وتنميتهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع لليونيسف: "إن ضمان الحصول على الرعاية الصحية المتقدمة وغير المحدودة/المقيدة للأمهات والمعرفة اللازمة بالصحة الإنجابية، سيساهمان ليس فقط في إنقاذ حياة الملايين من النساء في المنطقة، بل وسيساعدان أيضاً في دعم تحقيق كل هدف من الأهداف الإنمائية للألفية (MDG)". وبالنظر إلى بعض بقية الدول المحددة في المنطقة اكد التقرير أن دولاً مثل مصر والمغرب قد شهدتا منذ عام 1995 تقدماً ملحوظاً في مجال توفير الإشراف اللازم أثناء الولادة. وبالرغم من ذلك، فإن 37% من حالات الولادة في مصر و 26% من حالات الولادة في المغرب لا تزال تتم بغياب القابلات و/أو الإشراف الطبي من أي نوع. وبحسب التقرير فإن الحرب الأهلية في السودان والانقسام السياسي الحاد ما بين الشمال والجنوب قد ترك الجزء الجنوبي من البلاد يفتقر بصورة تكاد تكون كاملة إلى الرعاية الصحية الطارئة أثناء الولادة، ومستويات متدنية من استعمال موانع الحمل كما أن الإشراف الطبي عند الولادة لا تتجاوز نسبته 5% بالإضافة إلى النسبة العالية من الزواج المبكر وحمل المراهقات. وبالرغم من أن العنف السائد في العراق حالياً قد ساهم بشكل كبير في إضعاف الرعاية الصحية المقدمة للأمهات، -كما يقول تقرير اليونيسيف - إلا أن نسبة الولادات التي تمت تحت إشراف طبي تقدّر بحوالي 89%. لكن المخاوف تزداد بسبب ارتفاع نسبة النساء اللواتي يلدن داخل منازلهن دون إشراف طبي، وذلك بسبب العنف المتزايد وانعدام الأمن في البلاد. وقال إن نسبة الولادات التي تتم تحت إشراف طبي في الأراضي الفلسطينية المحتلة تصل إلى 99%، وذلك بالرغم من سنوات الحصار الطويلة. كما تترواح نسبة تواجد الإشراف الطبي اللازم أثناء الولادة في دول مجلس التعاون الخليجي ما بين 98-99%، إلا أن الأردن يبقى الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتمتع بتواجد الإشراف الطبي اللازم أثناء الولادة بنسبة 100%.