الأمومة تعني الحياة والعطاء ولكن مع الأسف قدر لها الشقاء والمتاعب لأسباب وعوامل كثيرة لاسيما في المجتمعات الفقيرة المتنصلة عن الاعتراف بأحقية المرأة في الاحترام والحياة الكريمة. . فلابد أن تولى الرعاية الكاملة صحياً ونفسياً وغذائياً واجتماعياً للفتيات في مرحلة الطفولة،ثم في مرحلة المراهقة حتى مرحلة النضج لتتهيأ بعد ذلك للزواج والاندماج في الحياة وتكون قادرة على تحمل أعباءالحياة الزوجية والحمل والولادة والإنجاب ورعاية الأطفال. واقع الأمومة الأمومة المأمونة من البديهيات،لكنها مع الأسف كثيراً ما تتحطم على صخرة الواقع في كثير من المجتمعات، إذ كثيراً ماتقضي المرأة نحبها أثناء حملها أو عند ولادتها أو بعيد الولادة. ووفاة الأم كارثة مهولة تحل على الأسرة، لاسيما على أولادها الصغار الذين يفقدون حنان الأم ورعايتها في سن مبكرة وينشأون على الحرمان ويتعرضون للكثير من العوامل التي قد يكون لها أثر سلبي على صحتهم الجسدية والنفسية وواقعهم الاجتماعي. كما أن وفاة الأم كارثة للمجتمع الذي يفقد امرأة في ريعان العمر وكان يتوقع أن تستمر في العطاء ردحاً طويلاً من الزمن. حجم المشكلة قضية الأمومة يكتنفها مشكلات جسام ليس في بلادنا وحسب،بل وفي البلدان النامية الفقيرة، فبحسب الاحصاءات تلقى قرابة «600 ألف» امرأة في العالم كل عام حتفها أثناء الحمل أو حوالي الولادة؛وبينما لاتتعدى هذه الوفيات في البلدان المتقدمة أكثر من «1%»،تتركز «99%» منها في الدول النامية؛وفي مقابل كل وفاة من وفيات الأمهات نجد عشرات النساء يعانين أمراضاً خطيرة مفضية لدى الكثير منهن إلى حالات مرضية مزمنة وضعف جسدي دائم وبعض المتاعب والمضاعفات. ولأن النساء في الدول النامية يحملن مرات عديدة فإن الخطر الذي تتعرض له المرأة طوال حياتها المسبب للوفاة هو الأعلى في العالم.. يصل إلى أربعين ضعفاً تقريباً مما هو عليه الحال في الدول المتقدمة. وعلاوة على وفيات الأمهات فإن نصف مجموع الوفيات حوالي الولادة، كنزول الجنين ميتاً أو وفاة الجنين بعد أن يبلغ الحمل «28 أسبوعاً»، ووفاة الوليد في الأسبوع الأول بعد الولادة.. ترجع بالدرجة الأولى إلى نقص خدمات رعاية الأمومة أثناء الحمل وعند الولادة؛وتحدث كل عام «8 ملايين» وفاة بين الأطفال المولودين حديثاً أو الذين يولدون أمواتاً، والسبب في هذه الوفيات في المقام الأول عائد إلى نفس العوامل التي تسبب وفاة الأمهات أو عجزهن،وهي: صحة الأمومة. نقص الرعاية وقلة النظافة. سوء تدبير الولادة. ضعف الرعاية المقدمة للطفل الوليد. المشكلة محلياً وفيات الأمهات والمواليد في اليمن هي الأعلى على مستوى المنطقة بحسب مؤشرات مسح الأسرة، إذ يصل معدل الوفيات بين الأمهات إلى«366» وفاة لكل مائة ألف ولادة حية، بينما معدل وفيات حديثي الولادة تقريباً 37 حالة لكل ألف ولادة حية، بينما تصل نسبة التغطية للرعاية قبل الولادة إلى «45%»،والولادة المنزلية إلى «77.2%»،وأن «12.6%» فقط من الأمهات يحصلن على رعاية بعد الولادة.. ومايهم هنا العمل على تصحيح هذه الأوضاع لضمان سلامة الأمهات وضمان سلامة المولود والحد من وفيات الأمهات التي لازالت في اليمن ذات نسبة عالية، فبحسب التقديرات فإنها تصل إلى «366» امرأة من كل «100ألف ولادة حية»، كما سبق وأن أشرت إلى ذلك. غير أن هذه النسبة العالية قد لاتكون دقيقة ولا أريد أن أتعارض معها، فنحن في الميدان نجد نسبة اللواتي يلدن في المستشفيات لاتتعدى « 15 20%». ومن المؤسف حقاً أن ببعض الاحصاءات التي تعتمد عليها بعض المنظمات المهتمة بهذا الجانب تقديرية، لكن هذا لايعني إغفال الأمر، بل يجب أن يُولى الكثير من الاهتمام لصحة الأم والجنين من خلال الاهتمام بالصحة الإنجابية ككل وتركز الاهتمام بشكل أكبر على الحد من وفيات الأمهات والمواليد العالية عندنا في اليمن. ولابد من عمل دراسة واستقصاء ومسح شامل لوفيات الأمهات على المستوى المحلي، لأن معظم الولادات كما ذكرت تتم في البيت. والأهم في علاج هذه المشكلة، بحث أسباب وفيات الأمهات وعوامل الخطورة الشائعة المرافقة للحمل والولادة التي من شأنها أن تؤدي إلى مضاعفات، ثم الوفاة إذا لم يتم تدارك الحالة في الوقت المناسب على حد المستطاع. أسباب الوفاة السبب في وفيات الأمهات يعود لأسباب وعوامل شتى صحياً واقتصادياً واجتماعياً، فعلى الصعيدين الطبي والصحي نجد أبرز مسببات الوفاة عند الأمهات: النزف. ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل. الانتانات الجرثومية. تعسر الولادة. الإجهاض المفتقر إلى الرعاية الطبية. ومن الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية تتمحور مجمل الأسباب والعوامل المؤدية إلى ارتفاع معدل وفيات الأمهات في: إهمال رعاية البنات في طفولتهن. الزواج المبكر في أوائل سن المراهقة قبل أن يكتمل نضج الفتاة. الفقر والأمية. سوء التغذية مع العمل المرهق. بعض الممارسات الضارة التي تشجعها التقاليد الاجتماعية. الاجحاف بحق المرأة وتدني وضعها الاجتماعي والاقتصادي. عدم مشاركتها في اتخاذ القرارات حتى فيما يختص بالإنجاب ووضعها الصحي. عدم توفير خدمات كافية للصحة الانجابية أو تعذر استفادة المرأة من هذه الخدمات عند وجودها. ولمواجهة هذه الأسباب مجتمعة يجب أن تحصن الفتيات برعاية منذ الطفولة مروراً بمرحلة المراهقة ليتهيأن فيما بعد ليصبحن في المستقبل أمهات مهيئات للحياة الزوجية والإنجاب. كذلك توفر الرعاية الصحية والاجتماعية للفتيات المراهقات إعداداً لهن لأداء دورهن في الحياة وقد قاربن بلوغ مرحلة النضج والزواج والحمل والولادة ورعاية الأطفال. وبعد ذلك العناية بالحامل طوال مدة الحمل، ثم عند ولادتها وبعد الولادة، إذ كيف يمكن للمرأة احتمال متاعب الحمل وهي لاتحصل على كفايتها من التغذية الضرورية وتجد نفسها مضطرة للعمل المرهق والعناية بأسرتها وأطفالها الصغار. وإن أوضاع مجتمعة كهذه تعمل على تدني صحة المرأة الحامل وجعلها عرضة لمضاعفات وأمراض قد تهدد حياتها، وهي مرتبطة بالوضع الاجتماعي للمرأة. فالفقر في حد ذاته نجده هنا العامل الأول في تردي الأوضاع الصحية وفي زيادة وفيات الأمومة،وبالتالي محاربة الفقر جزء أساسي من العمل على تحسين صحة الأمومة والطفولة، وما دام محالاً محو الفقر من أساسه كما نتمنى فلا أقل من تقديم إعانات خاصة للحوامل والأمهات تكفل لهن التغذية الجيدة المناسبة لتساعد في خفض الوفيات بينهن وتنشئة أطفالهن تنشئة صحية. تحسين الأوضاع من الإجراءات والتدابير الهادفة في مجملها إلى تحسين الوضع الصحي للأم والطفل الوليد:- المباعدة بين الولادات بحيث تكون المدة بين الولادة والأخرى سنتين أو ثلاث سنوات. إرضاع الطفل رضاعة طبيعية مقتصرة على الثديين دون أي إضافات طوال الستة الأشهر الأولى من عمره. تنظيم الأسرة من منظور صحي،لأن تكرار الأحمال والولادات والتقارب بينها يرهق المرأة جسدياً وصحياً ويزيد من خطر تعرضها للأمراض والمضاعفات المهددة لحياتها. ضرورة حصول الأم على التغذية الجيدة التي تكفل لها توفير ما يكفي لرضيعها من لبن دون إرهاق جسمها أو استفاد رصيدها الصحي. الرعاية منذ الوضع تحدث كل عام نحو «60مليون» ولادة لا تحظى المرأة فيها بأي رعاية سوى من أحد أفراد أسرتها أو من قابلة غير مدربة، أو لاتلقى مطلقاً أي رعاية من أي نوع.. هذا هو واقع الأمومة في البلدان النامية، حيث تنخفض فيها نسبة الولادات التي تتم بمساعدة شخص مدرب مثل القابلة الماهرة المدربة أو الطبيب المتمرس أو الطبيبة إلى «53%» فقط من مجموع الولادات،ومع ذلك فإن وجود عاملة صحية ماهرة عند الولادة أمر ضروري لتحقيق الأمان في الأمومة، فالقابلة المدربة أو العاملة الصحية الماهرة تحرص على توفير النظافة أثناء المخاض والوضع وتوفير الرعاية المأمونة الخالية من الصعوبة والأخطاء، وكذلك تتبين المضاعفات وتتدبر أمر معالجتها معالجة فعالة إن أمكن وكذا تقرير متى يجب إحالتها إلى المرفق الصحي للحفاظ على حياة الأم وحياة مولودها، بالإضافة إلى أنها تحف الأم الوالدة بالمستوى الأعلى من الرعاية. الرعاية بعد الوضع لاتحظى سوى نسبة ضئيلة جداً من النساء في الدول النامية تقل عن «30%» لأي رعاية طبية بعد الوضع، ونسبة النساء اللاتي يتلقين هذه الرعاية في المناطق الفقيرة لاتزيد على «5%». أما في الدول المتقدمة فإن «90%» من الأمهات الوالدات تتوافر لهن هذه الرعاية، وبالتالي تقل في هذه الدول وفيات الأمهات وتوفر الرعاية الجيدة للأم بعد الوضع التي تهيئ الفرصة اللازمة لبقاء الأم ووليدها في حالة جيدة، وتشجع الرضاعة الطبيعية للمواليد المقتصرة على الثدي. كما توفر للعاملات الصحيات الفرصة لاكتشاف أي مشكلة وتدبر أمرها في وقت مبكر. الرعاية أثناء الحمل تفتقر ملايين النساء في الدول النامية إلى الرعاية أثناء الحمل، فنسبة النساء اللاتي يستفدن من خدمات الرعاية أثناء الحمل لاتتعدى «56%» في الدول النامية. أما في الدول المتقدمة فإن «97%» من النساء الحوامل يتلقين الرعاية الطبية أثناء الحمل، وهذه الرعاية يمكن من خلالها اكتشاف وجود أمراض بما يساعد على تدبر أمر علاجها. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان