من الخطأ وصف الحمل بالمرض، إنما هو عملية فسيولوجية طبيعية قد ترافقه أخطار معينة تتهدد الصحة وربما تتهدد المرأة والجنين الذي تحمله أو الوليد الذي تلده. فالحمل والولادة حدثان رئيسيان في حياة المرأة يحاطان بآمال كبيرة وتوقعات متفائلة.. حدثان قد يشوبهما الخوف وتتهددهما معاناة تفضي في بعض الأحوال إلى الوفاة في حال لم يتم الاهتمام بهما وإحاطة الأم خلالهما بالرعاية اللازمة. فكثيراً ماتقضي المرأة نحبها أثناء حملها أو عند ولادتها أو بعيد الولادة، مما يمثل كارثة متعددة الابعاد بالنسبة لأسرتها وخصوصاً لأطفالها الصغار الذين يفقدون برحليها الحنان والرعاية الكاملة ويتعرضون لعوامل سلبية يكون لها بالغ الأثر على صحتهم الجسمية والنفسية والاجتماعية والتعليمية والمهنية مستقبلاً، وهو أيضاً بمثابة كارثة حقيقية للمجتمع الذي يفقد بوفاتها عنصراً هاماً وبناءً. وما وفاتها سواءً أثناء الحمل أو عند الولادة أو عقبها إلا دلالة على تقصير الأسرة والمجتمع في حقها لعدم إحاطتها وحفها بالرعاية الصحية والاجتماعية التي تستحقها من خلال العناية بالمرأة عموماً ورعايتها أثناء الحمل والولادة على وجه الخصوص، ويدخل في هذا الإطار تغذيتها تغذية سليمة وتحصينها ضد الكزاز وتجنيبها القيام بأعمال مرهقة أو شاقة مهما بدت في نظرنا عادية والحرص على أن تتم ولادتها تحت إشراف قابلة مدربة أو كادر طبي متمرس. إن العناية بالحوامل عموماً والحرص على زيارتهن للمرفق الصحي بشكل دوري من بداية الحمل جانب أساسي يمكن من تشخيص الحالات الخطرة ومنع أية مضاعفات مرضية تطرأ، محتملة أو غير محتملة، وهذه العناية تتطلب بالضرورة تعاون المجتمع من ناحية، وتأمين الخدمات الصحية من ناحية أخرى لمنع تأخر طلب المعالجة ومنع تأخر الإحالة إلى المرفق الصحي لتلقي المعالجة وبلوغها في الوقت المناسب وفي الظروف النوعية الملائمة. وهذا بدوره يتطلب التفكير بجدية في تأمين وشمولية الخدمات الصحية والتوعية الخاصة بالأمومة المأمونة..فأي تحسن في مؤشر وفيات الأمهات والأطفال ماهو إلا نتاج مباشر للخدمات الصحية الايجابية وبخاصة خدمات الامومة المأمونة من خلال رعاية الحوامل والرعاية التوليدية ورعاية مابعد الولادة فيما تشكل المضاعفات والانتكاسات وكذا الأمراض التي يمكن أن تتعرض لها الأم أثناء الحمل أو عند الولادة أو في فترة مابعد الولادة عوامل مساعدة لارتفاع نسبة وفيات الأمهات، وأبرز مايقود إليها السلوك الإنجابي غير المنظم كالحمل المبكر قبل سن العشرين والحمل المتأخر بعد سن الخامسة والثلاثين والولادة بفترات قصيرة بين كل حمل وآخر. فالحمل قبل سن العشرين محفوف بالمخاطر بسبب عدم اكتمال نمو العظام وعدم تهيئتها جسمياً ونفسياً للولادة، ومن شأنه أن يعرضها لمشاكل مرضية ومضاعفات جمة قد ينتج عنها: تعسر الولادة ولادة أطفال ناقصي الوزن. ولادة مبكرة قبل أوانها. ولادة أطفال خدج «قبل الأوان» موت الجنين. كما يزداد الخطر المترتب على الحمل لدى المرأة بعد بلوغها سن الخامسة والثلاثين، فمعه تنهك الأم صحياً وجسدياً وفي ذات الوقت تفقد مرونة القدرة على الحمل والولادة إذا ماقيست بكفاءة من هن أصغر سناً وما يترتب عليه أحياناً من نتائج خطيرة ومضاعفات مثل: وضع غير طبيعي للجنين تعسر الولادة. انفجار الرحم هشاشة العظام. تعرضها لأمراض مزمنة، كأمراض الكلي، الكبد، القلب، والأوعية الدموية. ولادة أطفال ناقصي الوزن تشوه الجنين أو موته. وثمة عوامل أخرى للحمل والولادة تنذر بالخطر ويجب التنبه إليها لتلافي وقوع مضاعفات يمكن أن تعرض الأم وجنينها أو وليدها للخطر وتهدد حيتاهما مثل: ولادة متعسرة قد تحتاج لإجراد توسعة أو عملية قيصرية. ولادة سابقة لطفل ميت أو وفاة الوليد في الشهر الأول من عمره. كثرة وتقارب الولادات. حدوث النزف أثناء الحمل أو الولادة، وتعد هذه من أكثر العلامات المنذرة بالخطر والمهددة لحياة الأم والجنين، وتتطلب بالضرورة نقل الأم الحامل فوراً إلى المرفق الصحي. عدم الشعور بحركة الجنين خلال الحمل ابتداءً من الشهر الخامس. ظهور بعض المضاعفات أثناء الحمل، كالصداع الشديد، ألم في البطن، حدوث تشنجات، تورم الوجه والأطراف، زغللة العينين، الانفجار المبكر لجيب المياه « أمهة الرأس» حيث تعتبر من العلامات التي تنذر بالخطر أثناء الحمل وتستدعي نقل الحامل فوراً على المرفق الصحي. بالتالي مايجب عمله لتحقيق أمومة مأمونة: رعاية الفتاة ابتداءً من مرحلة الطفولة، فطفلة اليوم ستصير أماً في الغد، وإذا افتقرت إلى التغذية الجيدة في الصغر وإلى النشأة الصحية، فستصبح في الكبر أكثر عرضة لمضاعفات الحمل وللأمراض المهددة للأمومة. توفير الرعاية الصحية والاجتماعية للفتيات المراهقات، لأن الاهتمام بهن ورعايتهن إنما هو إعداد لهن لتأدية الدور الذي يوشكن على القيام به وهو الحمل والولادة ورعاية الطفل. العناية بالحامل طوال مدة حملها ثم عند ولادتها وبعد الولادة. الرعاية عند الوضع من خلال توفير عاملة صحية ماهرة عند الولادة والنظافة أثناء المخاض والوضع ومعرفة المضاعفات ومعالجتها معالجة فاعلة أو تدبر نقلها إلى المرفق الصحي الملائم عند الضرورة. الرعاية بعد الوضع، حيث تهيئ الرعاية للأم بعد الوضع الفرصة اللازمة للتأكيد من أنها ووليدها في حالة جيدة، كما يشجع على إرضاع الوليد من ثدي أمه ويمكن من اكتشاف أي مشكلة تطرأ على صحة الوالدة من ثم تدبر أمرها في وقت مبكر. هذا إلى جانب تدابير تحسين الوضع الصحي للأم والطفل الوليد، من خلال: المباعدة بين الولادات بحيث تكون المدة بين الولادات سنتين أو ثلاث سنوات. تنظيم الحمل من منظور صحي، لأن تكرار الأحمال والولادات والتقارب بينها يرهق المرأة جسدياً وصحياً ويزيد من خطر تعرضها لأمراض الأمومة والوفاة. إرضاع الطفل من ثدي أمه. ضرورة حصول الأم على تغذية جيدة تكفل لها توفير مايكفي رضيعها من حليب. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان