الزواج رابطة متينة مستدامة بين الزوجين، وحتى يكون ناجحاً ينبغي أن يلتزم كل من الزوج والزوجة بمسؤولياته تجاه الآخر، وأن يكون قائماً من البداية على التفاهم والتعاون والتقدير المتبادل للنهوض بأعبائه ولبناء أسرة متماسكة وسعيدة.. ولسنا بصدد الخوض في مسألة الزواج المبكر، إنما ننصح باختيار السن الأنسب للإنجاب للحد من المخاطر التي تترتب على الحمل في سن مبكرة. ولا شك أن الحمل والانجاب وتربية ورعاية الأطفال مراحل هامة في هذه الحياة ولكل منها أعباء ومتطلبات يلزمها نضوج ومعرفة لتلافي أي عائق من شأنه التأثير سلباً على صحة الإنجاب وسلامة الأم والأطفال الذين تنجبهم. وما من مشكلة في الزواج،إلا إذا كانت الزوجة أساساً صغيرة في السن؛حيث يشكل الإنجاب هذا عائقاً للمرأة لما له من أضرار جسدية ونفسية على المدى القريب والبعيد. وبطبيعة الحال فإن الفتيات ما بين سن «21 81» عاماً أو ما يسمى بفترة البلوغ التي تشكل حافزاً لبعض الأهالي لتزويج بناتهن،لاتكون فيه الفتيات أساساً مهيآت للحمل وأعبائه ومتاعبه،فالحوض وقتها ضيق لم يتسع بالشكل الطبيعي الذي يهيئها للحمل والولادة، والرحم أيضاً صغير لا يتناسب مع حجم الجنين الذي يكبر يوماً بعد يوم لا سيما في الأشهر الأخيرة للحمل. وهذا يعني بقاءهن عرضة لمخاطر مهددة قد تودي بحياة الأم وجنينها أو وليدها، كالنزف الشديد اثناء الولادة وتعسر الولادة وما يترتب على هذا الأمر من ضرورة اجراء توسعة أو عملية قيصرية للأم الوالدة. وفي حالات كثيرة للحمل المبكر قد يولد الجنين مجهضاً أو غير مكتمل النمو أو يولد بوزن ناقص، وبسبب عدم تهيؤ الرحم لصغر سن الأم الحامل، يمكن نتيجة لذلك أن يحدث تمزق وحالات نزف شديد تُفضي إلى وفاة الأم وجنينها. وإذا ما خرج بسلام وكتبت له الحياة..مضى إلى مرحلة اخرى من المعاناة لصغر سن الأم وعدم نضجها وما تمليه عليه الأمومة من رعاية مكثفة للمولود؛وأيضاً لافتقارها للوعي اللازم بهذه المرحلة فلا تحسن التصرف مثلاً إذا ما ارتفعت درجة حرارة وليدها ولا بكيفية إرضاعه واحتضانه،وقد تفرط في ارضاعه فيصاب بتوعك أو إسهال، أو تُهمل نظافته فيصاب بالتهابات ، أو لا تحسن تدفئته فيصاب بالبرد والالتهابات التنفسية، وإذا ما أعطته أدوية تزيد من الجرعة أو تتخبط في مواعيد وعدد الجرعات مما يعرض حياة طفلها للخطر. وتذكر دراسة اجريت على أمهات صغار السن أن الأمهات الصغيرات يجدن الطفل عبئاً ثقيلاً عليهن وتقل عاطفتهن نحوهم . والإرضاع وهن في سن مبكرة لا يكون معه ثدي الأم الصغيرة مهيأ للإرضاع وإدرار الحليب، فضلاً عن ذلك غور حلمة الثدي،الأمر الذي يدفع إلى البحث عن مرضعة أخرى أو إعطاء الطفل الرضيع البدائل الأخرى من أنواع الحليب كحليب البقر أو الغنم أو الحليب الصناعي. وأعود لأؤكد بأن النمو الطبيعي لعظام الإنسان وحاجته للكالسيوم وعناصر أخرى ضرورية للجسم يستمر حتى سن الثامنة عشرة من العمر، وحدوث الحمل في هذا السن أو قبله يعرض الأم لمتاعب غير محمودة ويحرمها من الانتفاع من الكالسيوم والعناصر الأخرى المهمة لاستكمال نمو عظامها واستكمال نمو عظام الحوض بالشكل الذي يكون متسعاً بما فيه الكفاية ليناسب الحمل والولادة كذلك من أجل النمو الكامل لعضلات الحوض ومنطقة العجان. أضف إلى ما ذكرته أن الولادة في سن مبكرة تعرض الأم ووليدها لفقر الدم، وترتفع معها نسبة التعرض لانسمام الحمل «ارتفاع ضغط الدم المرافق للحمل». كل هذه الظروف شكلت وتشكل عوائق وصعوبات أمام الأمهات الصغيرات في السن لدى ممارستهن لأمومتهن، وضغطاً نفسياً وعصبياً يدفع بالكثيرات منهن إلى ممارسة العنف وضرب صغارهن متى تضايقن من تعالي أصواتهم بالبكاء والصراخ. وإذا أخذنا في الاعتبار سهولة الحمل والولادة فإن أنسب فترة للحمل الأول تبدأ من سن العشرين..فإذا تزوجت البنت قبل سن العشرين..الأجدر بها تأجيل الحمل إلى سن العشرين، ولا يحسن تأجيل الحمل الأول إلى مابعد سن الخامسة والثلاثين، لما للحمل والولادة في مثل هذا السن من خطورة كبيرة مهددة لحياتهن. نعود إلى موضوعنا الأساسي وهو الحمل المبكر،ومن جملة ما أنصح به في هذا الجانب ضرورة أن تتلقى الأم الحامل رعاية صحية وتداوم على زيارة الطبيب أو الطبيبة بالمرفق الصحي لمتابعة الحمل بدءاً من الشهر الأول للحمل وحتى بعد الولادة بستة أسابيع، وخلالها تُزود الحامل بالنصائح المفيدة المتعلقة بالتغذية واللبس والعمل والرياضة وما يجب أن تتحاشاه وتتجنبه من أعمال ومن أدوية وعقاقير. إذ أن من الخطورة بمكان تعاطي أدوية خلال فترة الحمل لاسيما في الأشهر الثلاثة الأولى دون مشورة الطبيب المختص أو الطبيبة لتجنب التبعات الخطيرة جراء تعاطي أدوية تضر بالأم الحامل وبحملها وجنينها ويمكن أن تؤدي إلى حدوث تشوهات خلقية للجنين أو إلى الاجهاض وخلافه. بالتالي يجب على الأم الحامل زيارة الطبيب شهرياً في الشهور السبعة الأولى، وبعد ذلك بواقع مرتين شهرياً خلال الشهرين الثامن والتاسع،إلا إذا رأى الطبيب المختص أو الطبيبة خلال ذلك، تبعاً لاعتبارات معينة كوجود مرض يصاحب الحمل أو مشكلة ما تستدعي رعاية ومتابعة مستمرة بالمرفق الصحي على فترات قصيرة. في الأخير..يتوقف اختيار مكان الولادة بالمنزل أو بالمستشفى على مايراه الطبيب أنسب لحالة الأم الحامل المقبلة على الولادة، وبناءً على الإمكانات المتوفرة، وإن كان الأفضل في كل الأحوال أن تتم الولادة بالمستشفى المعد بما يلزم للولادة بما يحقق أعلى درجات الأمان للأم ووليدها.