"كوارث السيول في حضرموت بين الواقع والتاريخ" كان عنوان ندوة علمية توثيقية توعوية أقامها مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع بمدينة سيؤون قلب وادي حضرموت وعاصمته . الندوة التي شهدت حضورا مكثفا لكافة شرائح المجتمع في غياب لافت لممثلي السلطات الحكومية والمحلية رغم توجيه الدعوة اليهم ، شهدت استعراض تاريخ كوارث السيول العارمة منذ القدم إلى الكارثة الاخيرة التي ضربت محافظة حضرموت منتصف أكتوبر الفائت . وبدقة في التاريخ والأحداث والوصف تقاربت أراء المتحدثين من علماء ومؤرخين وأبرزهم المؤرخ جعفر السقاف ، و محمد بن بصري- أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأحقاف ، والدكتور عمر بن شهاب- أستاذ الأدب بجامعة حضرموت ، ومدير بلدية سيؤون السابق عوض بحرق ، تقاربت بكثير منها بشأن أسباب كوارث السيول بكونها من صنيع الانسان نتيجة البناء العشوائي في مجاري السيول و الانتشار الواسع لشجرة السيسبان و جذوع النخيل في كل مكان من الوادي . مشيرين إلى ان ما أسهم في ضخامة الكارثة الأخيرة وتصاعد تبعاتها هو عدم وجود جهة متخصصة تدرك وتهتم بهذه المخاطر و مباشرة مسؤولياتها الهامة في التوعية و نظافة الوديان من مخلفات ونفايات عموم السكان . و أكد المتحدثين أن فقدان وادي حضرموت خلال السنوات القليلة الماضية للسدود المشهورة ومنها سد الحامورة وسد حينماني وسد بيت مسلمة وسد العشيديلة وسد الوشحي وسد عبادي وسد طعيرة والتي تنتهي جميعها وتصب في سد سنا ( سد الخلفة ) وعدم تجديدها وإهمال بقاياها ، يعد من أبرز سمات تهاون السلطة و الإدارة المحلية في الأرواح والممتلكات والثروة المائية الغالية ، ومما يضاعف هذا المأخذ عليها سماحها بعشوائية البناء وتوزيع المخططات السكنية المعتمدة حتى في أعماق الوديان ومجاري السيول . وخلصت الندوة التي أدارها الإعلامي نبيل مطبق إلى جملة من التوصيات العلمية و التوثيقية و التوعوية الهامة التي أقرت رفعها للقيادة السياسية لاستشعارها وقيامها بمسؤولياتها الجسيمة منذ أن بدأت الكارثة . وفي ختام الندوة قرأ الجميع فاتحة الكتاب على أرواح شهداء الكارثة و ابتهلوا بالدعاء إلى الله بأن يمن على الناجين بالشفاء العاجل و اللطف بالمسلمين ، وقام رئيس المركز محمد بن حسن السقاف بتقديم لوحة المركز وشهادة شكر وتقدير لشركة توتال الفرنسية بلوك رقم 10 تقديراً وعرفاناً من عموم أبناء حضرموت للدور الكبير السباق الذي قامت به الشركة عبر طائراتها المروحية والعمليات الميدانية في إنقاذ وغوث الكثير من المنكوبين. و في جو مفعم بمشاعر الإنسانية الرفيعة تحدث مدير الشركة هانس هيوجسمان مدير الموقع واصفاً حجم الكارثة و تألم لعودة بعض من فقدوا منازلهم بالبناء في ذات المواقع الذي كانت فيه , وقد وصف مشاعره الفياضة تجاه حضرموت وأهلها وإعجابه بتكاتفهم كما أعرب عن شكره وتقديره الخاص لمركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع على هذه اللفتة الكريمة التي تعكس العمق الحقيقي لهذا المجتمع الكريم. كما تم تسليم لوحة المركز وشهادة تقدير منه للدكتور صالح الطائي الأمين العام للهلال الأحمر الإماراتي، وفي ذلك أعلن رئيس المركز عن تأجيل تكريم رجال قوة الواجب للمستشفى العسكري الميداني الإماراتي والهلال الأحمر الكويتي لاحقاً نظراً لعدم تمكنهم من الحضور لانشغالهم الميداني في جهودهم الأخوية الصادقة ودورهم الكبير في تخفيف مصاب هذا الحدث الجلل على الجميع .