من قال أن أميركا غيرت جلدها لوحدها، نحن أيضاً نغير جلودنا كل يوم، ليس أوباما وحده الذي أطلق التغيير الذي اجتاح العالم كله، بل نحن أيضاً أطلقنا شعارات التغيير والتجديد من قبل أن يأتي أوباما، أوباما غير لون الولايات المتحدة الأميركية بكاملها بعد ثماني سنوات من "الحكم الرشيد" للرئيس غير المأسوف عليه جورج بوش، ونحن أيضاً غيرنا أنماط حكمنا وجعلناها متحركة. الأميركيون ملوا من رئيس ظل على كرسي السلطة ثماني سنوات، ونحن نمدد لحكامنا لنبقى في السلطة مدى الحياة، فالتمديد بحد ذاته تغيير، هل يستطيع أحد أن ينكر ذلك؟ هاهو رئيس بلد إفريقي معروف قرر أن يجري تعديلات على دستور بلاده، الذي كان يمنح رئيس الدولة فترتين رئاسيتين غير قابلتين للتجديد، ليبقى على كرسي السلطة رئيساً مدى الحياة. لم يستفد هذا الرئيس الإفريقي من قناعة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح عندما أكد أنه ملتزم بالدستور الذي يمنحه صلاحية بقاء فترتين رئاسيتين تنتهي الثانية خلال العام 2013، وتأكيده أنه لن يعمل على تغيير الدستور لتمديد فترة حكمه، كما رفض فكرة توريث الحكم لنجله، كما لم يستفد هذا الرئيس الإفريقي وغيره كثيرون من تأكيد الأخ الرئيس علي عبدالله صالح أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية التي شهدتها البلاد خلال العام 2006 أنه مل الحكم طوال هذه السنوات التي قضاها في السلطة، وتأكيده أنه ملتزم بنصوص الدستور، بل أراد هذا الرئيس الإفريقي أن يركب موجة التغيير المواكبة لمجيء أوباما إلى الحكم عوضاً عن جورج بوش الذي أظهرت الانتخابات كم كانت فترة حكمه كريهة، مع أنه لم يحكم سوى ثماني سنوات فقط، لكنها كانت سنوات مرة أذاق فيها الأميركيين الويل. ومن قال إذاً أننا لا نتغير؟! هاهي الأنظمة العربية في كل مكان تتغير، ناسفة كل من ينتقدها ويقول إنها أنظمة رجعية ومتحجرة وعفنة، وبالطبع لن يحرك مجيء أوباما إلى السلطة أية شعرة في رؤوس حكامنا، لأن مبدأ التغيير قائم لدينا منذ زمن، فرؤساؤنا يغيرون الوزراء، والغفر، الشجر والحجر، وبإمكانهم أن يغيروا كل شيء إلا كرسي السلطة، فهذا ثابت لا يتغير، فمبدأ "الدياليكتيك" الذي درسناه في الفلسفة مذ كنا شباباً، يتوقف، بل ويتعطل عند زعمائنا العرب عندما يتصل الأمر بكرسي الحكم. حكامنا -للأسف- لم يفهمهم العالم حتى الآن، فالعالم يعتقد أننا متشبثون بالسلطة، مع أن السلطة هي التي تتشبث بنا لا نحن، العالم يعتقد أننا لا نريد أن نتغير، مع أننا أكثر شعوب الأرض محبة للتغيير، العالم يعتقد أننا لا نترك السلطة إلا إلى القبر، مع أن القبور لا ترضى تبتلعنا إلا بعد أن نمنح لعزرائيل شهادة أننا حافظنا على كراسينا مدى حياتنا ولم نسلمها لغيرنا، وبعد هذا يريدوننا أن نتغير؟ أكثر من هذا؟، حاشا لله!! * صحيفة السياسية