اجمع خبراء ومتخصصون على ان غياب الدراسات المسبقة للمشاريع المستفيدة من القروض الخارجية بجانب التعقيدات البيروقراطية والإجرائية الشديدة, سواء منها المنتشرة في الإدارات الحكومية أو في المؤسسات المقرضة ، تعد في مقدمة الأسباب التي تعيق استفادة اليمن من القروض والمنح والمساعدات الخارجية بالشكل الامثل . وأكدت نقاشات بهذا الشأن على أهمية الدراسات الخاصة للمشاريع المستفيدة من القروض قبل البدء في إبرام اتفاقيات القروض، لافته إلى أن المشاريع التي تستفيد من القروض غالباً ما تحصل عليها قبل إتمام الدراسات الخاصة بتنفيذها، الأمر الذي يؤجل الاستفادة من القروض حتى إتمام الدراسات المطلوبة، ما يؤدي إلى بدء سريانه للمدة الزمنية للقروض, فضلاً عن أن القواعد الإجرائية وتداخل اختصاص الجهات الحكومية تعيق سرعة إنجاز المعاملات الخاصة بتنفيذ المشاريع الممولة من القروض . ومع إشارة الدكتور محمد صالح قرعة عضو مجلس الشورى خلال ورشة عمل نضمها مركز سبأ للدراسات مؤخرا بالعاصمة صنعاء إلى أن الفترة 2004-2008 شهدت تحسناً ملحوظاً في مستوى استخدامات القروض، حيث تراجعت نسبة عدم الاستخدام خلال الفترة ذاتها من 23 % إلى 16 % ، ثم إلى 14 % وإلى 13 % العام الجاري – على التوالي . أوضح قرعة أن عدم استخدام القروض يترتب عليه حرمان اليمن من الاستفادة مجدداً من قروض أخرى علاوة على أنها تزيد العبء على البلاد، لأن تجديدات القروض يترتب عليها احتساب فوائد جديدة، مشيراً إلى أن القروض التي منحت لليمن عام 2007 لم يستخدم منها شيء على الرغم من مرور 18 شهراً. الباحثة أروى البعداني من جهتها عرضت جملة من الأسباب الاخرى التي تقف وراء تدني مستوى استخدام القروض ، مشيرة إلى عدم وجود تشريع للاقتراض الخارجي رغم أنه قد تم التأكيد على ضرورة إيجاده مرات عديدة من قبل مختلف الجهات ذات العلاقة ، بالإضافة لضعف الإدارة والإشراف والتنسيق والمتابعة للقروض ، وعدم أهلية وخبرة المقاولين المنفذين للمشروعات، وعدم كفاية مبالغ المساهمة الحكومية في الموازنة المحلية وخاصة ما يتعلق بنفقات التشغيل والصيانة ،فضلا عن القصور في دراسات الجدوى أو الدراسات المسبقة التي بموجبها وعدم تطبيق الشروط الجزائية على بعض المقاولين الذين لا يلتزمون باتفاقية تنفيذ المشروع ، والإعلان عن نفاذ بعض القروض قبل استكمال التصاميم ووثائق المناقصات ، وعدم كفاءة بعض الشركات الاستشارية المنفذة للدراسات والخدمات الاستشارية. ومع تأكيدها أن عدم الدقة في تحديد التكلفة التقديرية للعديد من المشاريع الممولة بقروض خارجية ، يؤدي إلى تجميد الجهات المانحة لأجزاء من قروض التمويل، سردت الباحثة معوقات تؤدي لتعثر المشاريع الممولة بقروض ومنها عقد اتفاقيات بعض القروض دون التأكد فعلاً من حل مشاكل الأرض والمواقع التي ستنفذ فيها المشروعات ، وكذا القصور في اتخاذ إجراءات صارمة ورادعه عند تدخل الموطنين لإيقاف مشروع معين ، فضلا عن استمرار ظاهرة بطء السحب من القروض، وتأخير البت في أعمال المناقصات والمشتريات وبرامج التوريدات المتعلقة بالمشاريع،. وخلصت النقاشات إلى الدعوة للتنسيق بين مختلف الجهات المعنية بإنجاح الاستفادة من القروض وتبني نظام النافذة الواحدة لتخفيف البيروقراطية التي تعيق تنفيذ المشاريع خلال المدة المقررة لها وإنجاز دراسات شاملة تأخذ في الحسبان الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية في المناطق التي تنفذ فيها المشاريع الممولة بقروض ، وتأهيل شركات استشارية محلية حتى لا يذهب جزء من مخصصات القروض لفائدة الشركات الأجنبية وإخضاع القروض للشروط المحلية وليس للجهات المقرضةالتي عادة ما تفرض شروطا مجحفة على البلدان المدينة.