رغم ما حققته اليمن من نجاحات ومكاسب نوعية كبيرة في مجال الحقوق والحريات السياسية والاعلامية إلا أن الخطاب الإعلامي والسياسي للمعارضة الذي كشف الكثير من مضامينه السيئة المبتذلة ، لم يرتق بأدائه الى مستوى هذه النجاحات وبقي عاجزاً عن الاسهام الفاعل والمباشر في إثرئها وتطويرها او قيادتها وتوجيهها بشكل صائب . حيث تحول الى شكل من أشكال الحرب النفسية والسياسية الإعلامية ليس فقط ضد المؤتمر والرئيس علي عبدالله صالح كما يراد ان يفهم من هذا الخطاب ، ولكن ايضاً ضد الوطن وانجازاته وضد التجربة الوطنية التنموية بأبعادها الوحدوية والديمقراطية فهي حرب يحاول صناعها وقادتها في اللقاء المشترك إسدال ستار كثيف من الشعارات السياسية لحجب الرؤية الشعبية عن حقيقة اخفاق قواها الاجتماعية التي تقود وتوجه هذه الحرب صوب اهداف سياسية حزبية ضيقة ومصالح خاصة ، علاوة على الأحقاد الشخصية ومحاولة تصفية الحسابات مع الغير كما يحركها موروث تاريخي قديم اوما يسمى بمفهوم الثأر السياسي من الهزائم التي سبق للوطن أن ألحقها بالاطراف المكونة للقاء المشترك خلال السنوات المنصرمة من عمرالوحدة. ويتميز الخطاب السياسي والإعلامي لأحزاب المشترك بغلبة الحماسة والمغالاة والحقد حد التطرف وغياب الواقعية في توخي الحقائق ودقة المعلومات بما يحفل به من الدجل والتضليل والافتراء ومختلف اساليب التشهير والاساءة التي يتم تقديمها عبر وسائل الدعاية والاعلام المختلفة مغلفة بشعارات واهداف وطنية نبيلة الى العامة من المواطنين ممن ينخدعون بهذه الشعارات ويجهلون طبيعة الاهداف والمصالح الحقيقية المتوخاة من هذه الحملة الإعلامية التي تحمل في طياتها الكثير من الآثار السلبية والاخطار على مستقبل التجربة الديمقراطية في بلادنا. لقد اضحى الخطاب الدعائي للقاء المشترك وسيلة إعلامية عامة لطرح وترويج قيم كاذبة ومفاهيم خاطئة وهو الامر الذي يعني استثمار الديمقراطية والحريات في مزاولة الخداع السياسي وتزييف المواقف والوعي الاجتماعي بما يترتب عن ذلك من مخاطر على مستقبل الديمقراطية ومصداقيتها وتحييد الجماهير عن النضال السياسي والديمقراطي النشط ودفعها الى واقع اليأس وعدم الثقة والخمول وضيق الأفق . وقد مارست هذه الاحزاب اسوأ ظواهر وأساليب تزييف الوعي الجماهيري وظلت مجردة من أية مسؤولية وطنية، وكشفت عن تدني مستوى الوعي السياسي والنضوج الفكري والسلوك الديمقراطي للقائمين عليه الأمر الذي انعكس سلباً على ما كان مرجواً ومتوقعاً منهم في إثراء الحوار الوطني والتجربة الديمقراطية عبر الارتقاء بخطابهم السياسي وقناعاتهم وسلوكهم العملي الى مستوى المصالح الوطنية والطموحات الشعبية الكبيرة التي كان من شأنها أن تؤهلهم للتفاعل الايجابي المثمر مع القضايا الوطنية المختلفة، عوضاً عن التمادي في سلوكهم وفعلهم السلبي المدمر. إن مفهومهم الضيق للحرية السياسية وحصر فعلها في الحدود التي أعطوها لأنفسهم على حساب الآخرين، والتعامل مع هذه الحريات من منظور ما لهم من حقوق وتجاهل ما عليهم من واجبات، من شأنه أن يجعل من هذه الحرية والحقوق سلاحاً ضد التنمية والديمقراطية نفسها إذا ما وصلت هذه الاحزاب وفعلها على تحييد هذه الحريات عن أهدافها ومساراتها الحقيقية وآخرها الدستورية وتجريدها من قيمها الاخلاقية والمعرفية ومن احترام حرية وحق الآخر في المشاركة والتعبير عن قناعاته وخياراته السياسية في أي حملة انتخابية. هذا المفهوم الضيق للديمقراطية كشف عن زيادة اتساع حجم الهوة السحيقة التي تفصل احزاب المشترك عن القاعدة الجماهيرية، وعن حالات الانفصام الكبيرة بين البرامج النظرية والوعود الجميلة التي تبيعها هذه الاحزاب للجماهير في خطابها السياسي الدعائي، وبين قدراتها وإمكاناتها العملية على تحقيقها، في ظل إدراكهم المسبق لضعف إمكانات الواقع وموارده المتاحة والمحددة على تلبية هذه الوعود. وهنا يظهر أيضاً الأثر السلبي للخطاب السياسي الدعائي لهذه الأحزاب الذي لا يبنى على الواقعية، وعلى حقيقة إمكانات الواقع التي تمثل القوة الأكثر تأثيراً في صناعة مضامين الخطاب الدعائي وتحديد اشتراطات وعوامل التطورات التنموية اللاحقة. إن التحديات والمخاطر المحيقة بالتجربة الديمقراطية والحرية الاعلامية والسياسية كبيرة، بل وأكثر مما كنا نتوقعها، ومن حظ هذا الشعب المكافح أن الحملة الدعائية الانتخابية كشفت له بعض منها ووسائلها وأساليبها وقواها المحركة، وكما كان في الماضي رهاننا على الأخ الرئيس في الخروج بالوطن من أزماته ومحنه المستعصية فإن رهاننا في المستقبل ستظل عليه، والشعب اليمني على ثقة مطلقة بقدراته الخارقة وغير المحدودة على معالجة الاخطاء وتجاوز أوجه القصور التي لازالت تعتري هذه التجربة والتصدي الحازم لكل محاولات تشويه الحريات الديمقراطية واستخدامها السيئ وإفراغ مضامينها الوطنية والانسانية، محاولة البعض استخدامها خنجر غدراً لاغتيال الديمقراطية.. ثقة الوطن والشعب كبيرة في تحقيق هذا الهدف النبيل، الذي يؤكد مجدداً عن مدى وفائه لهذا الشعب وقوة وثبات خياراته الوطنية ولاشك من أن هذه الثقة تمثل دليلاً جديداً عن إيمان الشعب بهذا القائد وبقدراته على تحمل أعظم وأكبر المسؤوليات الوطنية والتاريخية والمضي بالوطن لتحقيق غاياته المرجوة.