لا تزال الساحة السياسية في اليمن حبلى بالمبادرات الداعية إلى الخروج من المأزق التي تمر بها البلاد لاسيما مع استمرار حالة الاحتقان وانسداد افق الحل ، وسط تنامي تحديات القاعدة ومشاريع الانفصال والتمرد والتحريض على كراهية الدولة المضافة لمجمل ما تواجهه اليمن على صعيد التنمية والفساد وغياب العدالة ودولة النظام والقانون وتفاقم البطالة والفقر المنحدر بأوضاع الناس نحو وضع كارثي. ووسط هذه الأجواء دعا حزي يمني معارض الى تشكيل حكومة وطنية ائتلافية مؤقتة حتى 27 ابريل 2011 موعد إجراء الانتخابات النيابية التي أجلت عن موعدها في ابريل الماضي لعامين بموجب اتفاق الحزب الحاكم وأحزاب المشترك المعارضة الممثلة في البرلمان لاستيعاب إصلاحات سياسية في نظام الحكم والية الانتخابات . حزب الجبهة الوطنية الديمقراطية المعارض في مبادرته –حصلت عليها الوطن - اقترح ان تتشكل الحكومة الائتلافية المؤقتة من الاحزاب الممثلة في البرلمان (المؤتمر الشعبي الحاكم ، وأربعة أحزاب معارضة يسارية وإسلامية منضوية في تكتل اللقاء المشترك) ، على ان تتولى الحكومة المؤقتة انجاز مهام والالتزامات محددة وفق شروط واضحة– كما جاء في المبادرة. وكان حزب الجبهة قد سبق وان أعلن رفضه لاتفاق تأجيل الانتخابات بين الأحزاب الممثلة في البرلمان (الحاكم والمشترك المعارض) باعتباره كارثي وغير دستوري نتاج صفقة مصالح حزبية ، ومهمش لبقية أحزاب المعارضة –او ما عرف بأحزاب الموالاة - وعددها 14 حزبا تنضوي إلى جانب الحزب الحاكم تحت مضلة التحالف الوطني الديمقراطي. ووفقا لمبادرته الجديدة -كتغير لافت في موقفه- اشترط حزب الجبهة الديمقراطية على حكومة الائتلاف المقترحة من قبله" أن تعمل خلال الفترة المحددة لها على حماية وصون وترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز النهج الديمقراطي التعددي وإرساء مبدأ التداول السلمي للسلطة وضمان الحقوق والحريات والحفاظ على الامن والسكينة العامة وتجسيد أحكام الدستور والقانون في أدائها بإعلاء سلطة القانون واعتبار أن لا سلطة فوقها أو جماعة او حزب او مراكز قوى او نفوذ، فضلا عن العمل عل تهيئة الظروف والمناخات الوطنية المطلوبة لإجراء الانتخابات النيابة الحرة والنزيهة في موعدها المحدد قانونا 27 ابريل 2011. وتضمنت الشروط تنفيذ الحكومة الائتلافية المؤقتة لإصلاحات دستورية وقانونية –سياسية واقتصادية واجتماعية –لهذه المرحلة وفق رؤية إستراتيجية وطنية شاملة ، بالإضافة إلى قيامها ضمن هذه الرؤية الوطنية بمعالجات سليمة ونهائية لأسباب ودوافع وخلفيات ونتائج الحراك في بعض المحافظات الجنوبية ، وحسم التمرد نهائيا في بعض مناطق محافظة صعدة والعمل على استكمال اعمار هذه المناطق المتضررة من جراء الحرب مع المتمردين ، والحفاظ على استمرار وديمومة القرار الحكيم والاستراتيجي للرئيس علي عبدالله صالح بوقف الحرب ، ومطالبة بعض الدول بوقف دعمها للحوثي والانفصاليين ، واحترام امن وسيادة الجمهورية اليمنية وعدم التدخل في شئونها الداخلية. وحثت مبادرة حزب الجبهة المعارض –حكومة الائتلاف المفترضة- عل القيام بتفعيل دور ووظائف أجهزة الرقابة والتفتيش ومكافحة الفساد والإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة وتطبيق القانون في محاكمة الفاسدين، فضلا عن اتخاذ إجراءات عملية للتغلب على أزمة الكهرباء والمياه وغلاء المعيشة والبطالة والفقر والأمية بحيث يلتمس المواطنين اثر ايجابي بشأن هذه القضايا خلال فترة وجيزة. واقترحت المبادرة أن تقوم الحكومة المؤقتة بإنشاء مدرسة لإعادة تأهيل المتطرفين ، تابعة لوزارة الأوقاف ، لتؤدي دور وطني هام في مكافحة التطرف والغلو بكل أنواعه. واكدت على إجراءات عملية وفاعلة لإصلاح وتطوير الخطاب السياسي والإعلامي الوطني بما فيه في الحكم والمعارضة وبما يعزز متانة الوحدة وامن استقرار الوطن ، كما حثت الحكومة المؤقتة عل تفعيل دور لجنة الأحزاب والتنظيمات السياسية في التطبيق الصارم للقانون بشأن كل المخالفات المرتكبة من أي حزب . الشراكة بين الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب والأحزاب الأخرى التي ليس لها تمثيل نيابي- كان لها محورا رئيسا في مبادرة حزب الجبهة ، حيث اقترح لذلك ان تقوم الحكومة المؤقتة بتشكيل لجنة حوار وطني يشارك فيها كل الأحزاب والتنظيمات السياسية المعترف بها قانوناً على الساحة الوطنية، على أن تتولى لجنة استئناف الحوار الوطني ومواصلته حول كافة القضايا الوطنية المثارة، وتجسد أثناء الحوار مبدأ الوفاق والتوافق، وإذا اختلفت أطرافه حيال أي قضية ولم تصل إلى نتائج توافقية يتم الرجوع إلى رئيس الجمهورية، والالتزام بتوجيهاته بشأنها على أن تتوفر لهذه اللجنة مقر رئيسي، ودائم ، وسكرتارية، وعقد لقاءات دورية ومنتظمة لها، تعلن نتائجها للرأي العام. كما تضمنت مقترحاته للشراكة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية دون استثناء بهدف إشراكها جميعاً في إدارة العملية الانتخابية ، وطالبت إشراك كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية في إدارة الشئون المحلية، وفق آليات قانونية بهدف مساعدة الحكومة"المؤقته" في تنفيذ سياساتها، وخططها، وبرامجها، وأن تؤدي الأحزاب دوراً رقابياً على أداء الحكومة، بما يخدم المصلحة العامة، على أساس ممثل واحد لكل حزب في المجلس المحلي للمحافظة. ووضعت رؤية قيادة حزب الجبهة مبادرة رئيس الجمهورية بشأن تطوير النظام التشريعي ونظام السلطة المحلية،نقطة ارتكاز هامة يجب الاخذ بها، لاسيما ما يتعلق بإنشاء نظام الغرفتين التشريعيتين مجلس النواب، ومجلس الشورى، وانتخاب أعضائهما عبر الانتخابات الحرة والنزيهة، وإجراء تعديل دستوري وقانوني لإنجاز هذا التطوير. وكذا ما يتعلق بتطبيق نظام حكم محلي مستقبل مالياً وإدارياً. واقترحت الرؤية استئناف العمل بقانون الخدمة العسكرية الإلزامية للشباب خريجي الثانوية العامة، لما قالت ان لأداء هذه الخدمة أهمية بالغة في محاربة الفقر والبطالة في صفوف هؤلاء الشباب، وكذا العمل على تطبيق قانون التقاعد بصرامة على كافة موظفي الدولة ممن بلغو الأجلين دون استثناء. وحث حزب الجبهة"الحكومة المؤقتة" على تشكيل لجنة وطنية لتحقيق المصالحة الوطنية، ويمثل فيها كل فئات وشرائح المجتمع، وتتولى اللجنة مهمة معالجة قضايا الثارات القبلية والاجتماعية، ومعالجة آثار الصراعات السياسية والقبلية والاجتماعية بكل أنواعها منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، وكذا إجراء مراجعة نقدية لمسيرة دولة الوحدة لمعرفة جوانب الأخطاء والإخفاقات والاختلالات، وتقديم الرؤى والمعالجات لإصلاحها، وتجاوزها، ومن خلال هذه اللجنة يمكن دراسة فكرة عقد مؤتمر وطني للمصالحة السياسية والاجتماعية والوطنية، برعاية رئيس الجمهورية للخروج بمشروع وطني للمصالحة الوطنية، يصبح ملزم لكل الأحزاب والقوى المشاركة في المؤتمر، وكل أبناء المجتمع. وأكدت رؤية الحزب على أن تعمل الحكومة المؤقتة على إعداد استراتيجية وطنية للأمن القومي، وخاصة في مجالات تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال فترة زمنية محددة للغذاء والملبس والدواء، وأن تتجه الحكومة بصورة جادة- وعبر إجراءات عملية وفعلية- لتنفيذ مشاريع اقتصادية استراتيجية كبرى. وتمسكت رؤية او مبادرة الجبهة بالاعتماد في النظام الانتخابي على نظام القائمة النسبية في الانتخابات البرلمانية والمحلية، على أساس اعتماد المحافظة دائرة انتخابية برلمانية، والمديرية دائرة انتخابية محلية، وإجراء عملية الاقتراع والفرز في المراكز الانتخابية القائمة حالياً؛ فضلاً عن وضع شروط قاسية لعضوية مجلس النواب والمجالس المحلية، وإلزام الأحزاب والتنظيمات السياسية بشروط قاسية في اختيار ممثليها في مجلس النواب والمجالس المحلية، على أن يحدد القانون ذات الصلة نسبة الفوز في الانتخابات، وطريقة احتساب الأصوات. وقال حزب الجبهة إنه بهذه المبادرة الوطنية يدعو أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي"13 حزبا إلى جانب المؤتمر الشعبي الحاكم" إلى التفاعل معها والحوار بشأنها بهدف إثرائها وإغنائها بالآراء في إطار بلورة مشروع وطني جديد للمرحلة، يلتف حوله كل أبناء المجتمع، ويحظى بدعمهم وتأييدهم ويكون معبر عن إرادتهم، وذلك لتجاوز كل الصعوبات والمعوقات ومواجهة كافة التحديات، ومعالجة المشكلات، والقضايا بمسئولية وطنية، وإرادة موحدة لإحباط كل أنواع المخططات والمؤامرات التي يتعرض لها الوطن، والانتقال بالواقع اليمني إلى وضع أفضل منشود تلبية للتطلعات والأماني والطموحات الشعبية..