في حديث مطول للتلفزيون الحكومي كرس جمال مبارك الامين العام المساعد وامين السياسات في الحزب الحاكم، نفسه كمرشح مواز للرئاسة رغم اصراره على التمسك بالعمل في الاطار المؤسسي، ونفيه السعي لتحقيق 'اهداف شخصية'. ولاحظ مراقبون ان جمال تحدث بلهجة رئاسية كاملة، مشيرا الى دوره الاساسي في وضع السياسات وتطبيقها 'بالتعاون مع الحكومة' خلال السنوات الاخيرة، بالاضافة الى قيادته تحديث النظام الداخلي للحزب الحاكم وتطوير خطابه السياسي بعد انضمامه اليه قبل نحو عشر سنوات، وقال 'ان الحزب ما كان ليستطيع الاستمرار دون ما شهده من تطوير'. وعلى غير عادة المسؤولين في مصر، لم يشر جمال في حديثه الطويل الى 'توجيهات السيد الرئيس' فيما تم من انجازات او تطوير للعمل السياسي خلال الاعوام الخمسة الماضية، كما اشار من دون تفصيل الى انه يقوم ب'مهام سياسية اخرى' خارج دوره الحزبي. واصر نجل الرئيس على قصر حديثه على السنوات الخمس الماضية فقط متجاهلا اشارات الى ان الحزب الوطني يتولى الحكم منذ ثلاثين عاما، وان ما يروج له من 'فكر جديد' ليس جديدا حسب اراء البعض. ولم يسأل جمال حول الحملة المؤيدة لترشيحه للرئاسة، او اسم مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية. الا انه كان قال لقناة 'العربية' انه لا يقف وراء الحملة، وان اسم مرشح الحزب للرئاسة سيعلن في الوقت الملائم، وهو ما يتعارض مع تصريحات لصفوت الشريف امين الحزب، وعلي الدين هلال امين الاعلام في الحزب والتي اكدا فيها التمسك باعادة ترشيح الرئيس حسني مبارك. ورأى مراقبون ان تباين التصريحات يعكس انقساما واضحا بين تيارين في الحزب، يرى الاول ويضم الشريف وهلال التمسك باعادة ترشيح مبارك لفترة رئاسية سادسة حفاظا على الاستقرار، بينما يفضل الاخر ويضم محمد كمال وحسام بدراوي واخرين ترك الباب مفتوحا امام احتمال ترشح جمال، لدعم فرص وصوله للرئاسة. ومن المتوقع ان يجدد حديث جمال اسئلة من نوع 'ما مدى شرعية قيامه بهذا الدور الاساسي في صنع السياسات وتطبيقها، بينما لا يملك اي صلاحيات دستورية في ظل عدم خوضه اي انتخابات عامة منذ دخول عالم السياسة، وترقيه السريع للمناصب داخل الحزب الحاكم؟'. كما سيسأل البعض ان كان جمال بدأ بالفعل حملته الانتخابية للفوز بمنصب الرئيس، خاصة مع استمرار الحملة المؤيدة له، بدعم ضمني من اجهزة الدولة التي كانت قامت بازالة ملصقات مؤيدة لترشيح اللواء عمر سليمان من الشوارع بعد ساعات قليلة من ظهورها. وكان مركز 'ستراتفور' الامريكي زعم ان المؤسسة العسكرية اعترضت على ترشيح جمال، ما دعا الرئيس مبارك الى استئناف انشطة عامة اعتبرت مقدمة للترشح لفترة رئاسية سادسة. واعتبر مراقبون ان حديث جمال الى التلفزيون الحكومي ربما ترك الباب 'مواربا' بالنسبة لامكانية اجراء تعديلات دستورية في المواد المتعلقة برئاسة الجمهورية العام المقبل. ورأوا انه بتصديه للحديث باسم الحزب، وفي ظل وجود امين عام، وتحمله المسؤولية الكاملة عما سجله الحكم من انجازات او تقصير اراد ان ينفي الانتقادات بالافتقار الى الخبرة اللازمة لتولي الرئاسة، وان يؤكد بما لا يدع مجالا للشك على انه سيكون مرشح الحزب بالانتخابات الرئاسية في حال لم يتقدم الرئيس مبارك لها لاي سبب من الاسباب. وكانت تقارير ذهبت الى اثارة تكهنات بوجود تنافس مكتوم على الترشح للرئاسة بين الرئيس مبارك ونجله بعد ان دعا مجدي الكردي رئيس الحملة المؤيدة الى ان يترشح جمال حتى اذا ترشح والده للرئاسة (...). وقال اعلامي فضل عدم ذكر اسمه ان حديث جمال المطول للتلفزيون الحكومي قد يكون مقدمة لحملة دعائية ستتصاعد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في شهر ايلول سبتمبر المقبل، بعد ان مهدت لها الاجراءات القمعية بحق بعض الصحف والقنوات الفضائية المستقلة، والدليل على ذلك ان مذيع التلفزيون الحكومي لم يجرؤ على ذكر لفظ 'التوريث' امام نجل الرئيس رغم اتساع الجدل حول الموضوع في الشارع والساحة الاعلامية. القدس العربي