لمعت نجوم بعض الشخصيات، وعلى أصعدة مختلفة، مع اشتعال أول فتيل للثورات. ومع تزايدها وتوسعها امتدادا من المحيط الى الخليج حازت تصريحاتها ومواقفها السياسية اهمية لدى الجمهور في سيرك الاحداث السياسية، ومن بين فقرتي التهريج السياسي والرقص على حبل الانظمة تبرز لنا فقرة الحواة، يستعرضون فيها حيلا وألاعيب شرعية ويبرعون في حمل اجربتهم على اكتاف ضمائرهم، ما برحوا يخرجون منها ارانب الفتاوى باشكال والوان مختلفة، ولا شك في ان لهم اصواتا مسموعة ومطاعة، لذا يلجأ اليهم الحكام للتأثير في الشعوب. فتوى تبيح قتل الرئيس وأخرى تحرم التظاهر، ووعظ يوصي بطاعة الحاكم، وخطبة في ميدان تنادي بالاصلاح، ولا نفهم اي شكل من الاصلاح ينشدون، وقد يكون هؤلاء خطرهم اكثر وبالا على الشعوب من الطغاة انفسهم، لما لهم من ادوات استعمارية مؤطرة بالدين تهيمن على فكر الفرد العربي المسلم، بالاضافة الى قداسة صنعتها ظروف سياسية ودينية على مدى عقود وبمباركة الشعوب. استيقظت العديد من الشعوب العربية من غفوتها وثارت على حكامها بغية الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، اذا فلتشمل موائد غايتهم رغيف العقول الى جانب رغيف البطون، فنحن بحاجة الى تغيير في اسلوب التفكير، والى فكر جديد يقوم على ادارة عقل الفرد ذاتيا عوضا عن تسليم مفاتيحه لحواة دين ما برحوا عليه يسيطرون بخطبهم وفتاواهم، والتي تكون في احيان كثيرة هدايا يحظى بها الحكام وبمقابل مادي. مللنا من عرض الخطب والفتاوى المدفوعة الثمن في فاترينات المحال السياسية على المواطن البسيط، الذي تسلب لبه لحية هذا وعمة ذاك اكثر مما تسلب لعبة على رف لب طفل في يوم عيد، وهذا ما يجب عليه تغييره ان كان يأمل في مستقبل معيشي افضل. ليس علينا ان نصغي اليهم في كل صغيرة وكبيرة تخص شؤون بلادنا من اجل اعمارها، فالنهوض بالبلاد يحتاج الى ثورة فكر لا الى خطب وفتاوى. خوفنا من ان تكون هذه الثورات المشتعلة مجرد لعبة كراسي، فالانقلاب السياسي لا يكفي، نحتاج الى انقلاب فكري شامل يصنع منا شعوبا تقود ولا تقاد، شعوبا تقف في صفوف الدول المتحضرة والمتقدمة، ذات فكر حر طليق تسعى لبناء غد افضل لا تغله قيود الامس. القبس