البرلمان يطالب المجتمع الدولي بمواقف حازمة ضد تصرفات الكيان    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    تحت شعار الهوية والانتماء.. جامعة صنعاء تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    صنعاء.. صدور حكم استئنافي في قضية الصحفي محمد المياحي    صنعاء: المكاتب التنفيذية تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    الصين: تأسيس أكثر من مليون شركة جديدة في 11 شهرا    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    اختراق هاتف مدير مكتب المجرم نتنياهو    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    صحيفة فرنسية: غارات جوية وأزمة إنسانية.. لماذا تصاعدت التوترات فجأة في اليمن ؟!    اليمن بين ثبات النهج ومنزلق الارتهان: قراءة في ميزان السيادة والهوية    مصرع شخصين جراء عواصف شديدة تضرب دول شمال أوروبا    هروب    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هؤلاء هم أبطال حضرموت قيادات صنعت المجد وقهرت الإرهاب    يتباكون على ثروات الجنوب.. فضائح نهب النفط والمعادن في حضرموت نموذجًا    قربوا العسل والحبة السوداء والسواك لأبو الإرهاب وشقيقه    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    خفر السواحل تحذّر من السباحة بسبب هجمات سمكة «أبو سَفَن»    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    في صنعاء.. هل ابتلعنا "الثقب الأسود" جميعًا؟    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    الأحزاب تثمن استجابة التحالف لطلب القيادة اليمنية وترحب برسالة وزير الدفاع السعودي    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    ضبط مصفاة نفط جديدة غير قانونية لمتنفذ يمني في خشعة حضرموت    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    الافراج عن اكبر دفعة سجناء بالحديدة تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    أمن محافظة صنعاء يدشّن خطة البناء والتطوير    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع تحسناً طفيفاً وتدريجياً في درجات الحرارة    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    قرقاش يدعو إلى تغليب الحوار والحلول المتزنة كأساس للاستقرار الإقليمي    الدولار الأمريكي يترنح في أسوأ أداء أسبوعي منذ شهور    إنجاز 5 آلاف معاملة في أسبوع.. كيف سهلت شرطة المرور إجراءات المواطنين؟    خبير طقس يتوقع ارتفاع الرطوبة ويستبعد حدوث الصقيع    ترميم عدد من الشوارع المحيطة بشركة ( يو)    قمة أفريقية..تونس ضد نيجيريا اليوم    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    المغرب يتعثر أمام مالي في كأس أمم إفريقيا 2025    جُمعة رجب.. حين أشرق فجر اليمن الإيماني    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوة الناعمة لا تتماشى مع خشونتنا
نشر في الوطن يوم 12 - 04 - 2011

تعتبر القوة الناعمة اليوم من أهم الوسائل المؤثرة في السياسة الخارجية بجميع مكوناتها ومدلولاتها، حيث أصبح التأثير الثقافي مُركزاً على أنماط السلوكيات المختلفة من الأغذية والمأكولات والأغاني والدعاية والإعلان
السيطرة والهيمنة على شؤون العالم السياسية والاقتصادية والتجارية أصبحت تخضع في عصرنا الحاضر لاستراتيجيات دولية ذات أدوات ومقومات وأحكام قلما يعرف مبادئها وقواعدها (خبراء) السياسة الخارجية في عالمنا العربي.
يوجد في قريتنا الكونية حالياً 3500 منظمة دولية، لا يشارك العالم العربي بفاعلية سوى في 72 منها فقط، وذلك لندرة (الخبراء) وغياب (الاستراتيجيات). في أروقة هذه المنظمات الدولية يتم طبخ قضايا العصر ورؤى المستقبل، التي تغيبت عنها الدول العربية، ولم تهتم بنتائجها المصيرية بقدر اهتمامها بملوحة الطبخة التي تلتهمها غصباً منها لعدم مشاركتها الفعالة في صياغة أحكام طبختها.
قبل اكتشاف النفط، كانت السياسة الخارجية للدول تعتمد على أربعة عناصر فقط وهي: الموقع الجغرافي، عدد السكان، القوة العسكرية والمعنوية، وأخيراً النظام الداخلى للدولة. في القرن الواحد والعشرين أضافت عناصر السياسة الخارجية عنصراً خامساً وهو توفر الموارد الطبيعية.
وقبل شيوع خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، كانت العلاقات الدولية تعتمد على 18 تصنيفا، من ضمنها: الأحلاف، المعاهدات، الأديان، الحيادية، الأقلمة، السيادة...وغيرها. في عصرنا هذا، وخلال الحرب العراقية الأولى، أضافت الدول، إلى جانب العولمة، تصنيفاً جديداً يدعى القوة الناعمة، التي اعتمدت على تسخير الإعلام في تطويع السياسات الخارجية وتوجيه مسيرة الحروب والمنازعات الدولية والداخلية، ليطلق عليه الإعلام الموجّه.
القوة الناعمة مصطلح عسكري يعتمد على مزيج من الإغراء والجاذبية، لتكون الركيزة الثابتة للشخصية المحبوبة والثقافة والقيم السياسية التي يراها الآخرون مشروعة أو ذات سلطة معنوية أخلاقية، ولتصبح القيادة في الميدان أقل تكلفة وأكثر كفاءة.
القوة الناعمة هي التي أطاحت بالرئيس المصري المتنحي، الذي كان يعتبر الحليف الأول للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ومع ذلك لم تأسف أمريكا مطلقاً على رحيله. والقوة الناعمة هي التي قضت على الرئيس التونسي المخلوع، الذي كان من أعز أصدقاء فرنسا، ومع ذلك لم تتهاون فرنسا أبداً في رفض استضافته. والقوة الناعمة هي التي تحاول اليوم جاهدةً لتنحية الرئيس اليمني، الذي كان الذراع الأيمن للغرب في مطاردة فلول القاعدة المشردين في بلاده، ومع ذلك لن يبالي الغرب كثيراً جراء تنحيه ورحيله بشؤونه وشجونه.
على عكس ما حصل في مصر وتونس، وباستخدام القوة الناعمة أقنعت أمريكا حلفاءها أن غزو العراق يهدف لإنقاذ العالم من براثن زعيم (أسلحة الدمار الشامل) التي لم تكتشف في حوزته لتاريخه. وعلى عكس ما يحصل اليوم في اليمن، استخدمت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا القوة الناعمة لمحاولة الإطاحة بعقيد ليبيا، أقوى حليف لها في القارة السوداء، من خلال دعم ثورة شعبه وتفتيت قوته العسكرية.
النفط الذي يعتبر العامل المشترك بين العراق وليبيا، إضافة لكونه العنصر الخامس للسياسة الخارجية، أسال لعاب الغرب المتعطش إليه، فنجح باستخدام القوة الناعمة في أروقة الأمم المتحدة لتوفير غطاء الضربة الجوية على العراق وليبيا. افتقار مصر وتونس واليمن للذهب الأسود أدى إلى تراخي المجتمع الدولي في استخدام القوة الناعمة ضدهم والتدخل في ثوراتهم، فأنقذهم عدم توفر هذا العامل المشترك من الضربة الجوية على أراضيهم.
الأدميرال الأمريكي "جوزيف ناي جنيور" كان أول من أطلق مفهوم القوة الناعمة، وتحدث عنها في كتابه المرجعي الصادر مع بداية الحرب العراقية الأولى، حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي، ومساعد وزير الدفاع في عهد الرئيس "بيل كلينتون". عرّف الأدميرال القوة الناعمة بأنها القدرة على إقناع الشعوب واستقطاب المواقف والسيطرة على الأفكار والعقول بأساليب دمثة تتميز بجاذبيتها الثقافية والسياسية. أوضح الأدميرال أن القوة الناعمة تعتمد على نشر الأفكار والمعلومات والاستخدام الأمثل لوسائل الإعلام، وتهدف لزعزعة ثقة الناس في ثوابتهم وتمويه الحقائق وتوجيه الأفكار وتشتيت الأهداف وإعادة ترتيب الأولويات، وفقاً لمتطلبات التبعية والانبهار.
وأضاف الأدميرال الأمريكي أن القوة الخشنة تكمن في القدرة على الإجبار والإكراه الناتجة عن القوة العسكرية والقدرات الاقتصادية، أما القوة الناعمة فإنها تتأتى من جاذبيتها الثقافية والإعلامية الناتجة عن نشر الأخبار على الفضائيات وإشاعة المعلومات على الإنترنت. ومن هنا تصبح زعزعة ثقة الشعوب في طبيعة أنظمتهم القائمة أو تشويه صورة القائمين عليها أو إغرائهم جميعا بمزايا الأنظمة الأخرى التي تسعى للخلاص والثورة.
تعتبر القوة الناعمة اليوم من أهم الوسائل المؤثرة في السياسة الخارجية بجميع مكوناتها ومدلولاتها، حيث أصبح التأثير الثقافي مُرَكزاً على أنماط السلوكيات المختلفة من الأغذية والمأكولات والأغاني والدعاية والإعلان، ليشكل الإعلام الموجّه القوة الناعمة التي لها أكبر الأثر على شعوب العالم.
من أصل 702 فضائية عربية، لا توجد قناة تلفزيونية واحدة تمتلك القدرة على اختراق المجتمع الدولي بسبب غياب الاستراتيجيات الإعلامية عن السياسة الخارجية، التي لا تتقن فن دغدغة مشاعر العالم الخارجي ومخاطبته بلغته والتأثير عليه. فضائياتنا العربية جميعها تتكلم بلغات لا تفهمها الشعوب الغربية والشرقية، فأخفقت في مهامها لأنها موجهة أصلاً إلى اغتيال الفكر العربي واستباحة عقله وتأجيج الفتن والصراعات الداخلية، وتحريض الشعوب العربية على عدم الاندماج مع العالم الخارجي من خلال نشر الأفكار المشوهة عن تطور شعوب العالم.
تعاملاتنا السلبية والخاطئة مع أدوات الاتصالات وتقنية المعلومات، جعلت من سياساتنا الخارجية مصدراً للتندر والاستهجان، وحرمتنا من الدفاع عن مصالحنا الحيوية وقضايانا المصيرية، لتصبح شعوبنا لقمة سائغة على مائدة القوة الناعمة. القوة الناعمة لا تتماشى مع خشونتنا. * ( الوطن السعودية )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.