عبد الكريم سلام - انتعشت تجارة بيع وشراء السلاح في اليمن بشكل ملحوظ مستفيدة من هيمنة أجواء الحرب على البلاد وتوتر الأوضاع الداخلية وازدهار أعمال البلطجة على مدار الأشهر الثمانية الماضية. ويرى المتابعون لمجريات الأمور أن السلطة حفزت الطلب على السلاح، ما أدى إلى انتعاش هذه التجارة، مشيرين إلى أنها قامت بتوزيع السلاح على أنصارها من قيادات وأعضاء حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم وعلى القبائل الموالية لها وكذا على ما يطلق عليهم ب«البلطجية» الذين حشدتهم من أجل قمع المنتفضين المطالبين بسقوط النظام، ما أدى إلى بث الرعب بين سكان في المدن والقرى على حد سواء. السلطات من جهتها اتهمت أنصار الثورة من قادة الجيش بتوزيع السلاح على مجاميع قبلية داعمة للثورة. في هذه الأجواء تزايدت المظاهر المسلحة للعناصر المدنية والقبلية وعلى غير العادة في العامين الماضيين اللذين تراجعت فيهما تلك المظاهر، وعادت بشكل لافت، وهي تجوب شوارع المدن الرئيسية التي كان حظر فيها حمل السلاح، إلا أنها عادت منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية بشكل ملحوظ، إما كأفراد أو جماعات تتنقل بكل حرية من مكان إلى آخر مكتفية بإبراز بطاقات خاصة عند نقاط التفتيش التابعة للجيش والأمن في العاصمة صنعاء كما في مدن أخرى. والمثير للريبة أن تلك المجاميع ترتدي ملابس مدنية ووجوها غير مألوفة تتنقل على سيارات لا تحمل لوحات رقمية، فيما آخرون يترجلون في الأحياء السكنية والتجارية بكل حرية. رعب وتسليح هذه المشاهد ساعدت على بث الرعب في نفوس الكثير من السكان ودفعتهم إلى تسليح أنفسهم تحسباً لأي تطور مرتقب، خاصة مع تراخي وتشجيع السلطة لهذه المظاهر المقلقة للأمن والسكينة العامة، الأمر الذي جعل السكان يلجأون إلى شراء وتكديس السلاح لحماية أنفسهم في مثل هذه الظروف التي تمارس فيها أعمال النهب مثلما حصل في العام 1994. وأدى ارتفاع الطلب على الأسلحة الخفيفة إلى تصاعد أسعارها بمختلف أنواعها. فسعر المسدس «ماكروف» قفز 60 ألف ريال إلى 200 ألف، علما ان الدولار يساوي 240 ريالاً. ووصل بعضها من الأنواع الأخرى كنوع «كلوك» إلى 400 ألف ريال. أما «الكلاشنكوف» بأنواعه المختلفة، الروسي، الصيني، الكوري، الألماني، الإسرائيلي، فتراوح سعره بين 200 ألف و500 ألف ريال بعد أن كان سعره قبل الاحتجاجات ما بين 120 إلى 300 ألف ريال. وتتفاوت التقديرات لعدد الأسلحة المنتشرة في أيدي اليمنيين. ففي حين تقدرها بعض المصادر بحوالي 60 مليون قطعة سلاح، تشير دراسة مسحية قام بها د. عبد السلام الدار إلى أن إجمالي ما بحوزة اليمنيين من سلاح يقدر ب9.98 ملايين قطعة فقط، فيما قدرتها دراسة أخرى لباحث سويسري بحوالي 13 مليون قطعة. وإذا كانت الحروب والتمردات التي شهدها اليمن تساهم في انتشار السلاح في أيدي اليمنيين، جراء توزيعه من قبل الأطراف المتصارعة على مناصريها، إلا أن عادة اقتنائه حتى في الظروف العادية محببة للكثير من اليمنيين، لاسيما منهم شيوخ القبائل. * عن البيان