تتجه أنظار العالم غدًا إلى اليمن عندما يتوجه قرابة 12 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي جاءت تتويجًا للجهود الخليجية لتطويق الأزمة وإنهاء حمّامات الدم. ويمكن النظر إلى تلك الانتخابات من هذا المنطلق على أنها مرحلة جديدة في تاريخ اليمن الحديث يُفترض أن تنقله إلى أجواء الأمن والاستقرار والسلم الأهلي لمواجهة التحديات المتزايدة التي يواجهها بدءًا من التحدي التنموي وليس نهاية بتهديدات تنظيم القاعدة الذي وجد في حالة الفوضى والنزاعات التي عاشتها البلاد على مدى عام فرصته للتغلغل في بعض المناطق . ورغم وجود مرشح وحيد للانتخابات هو عبدربه منصور هادي نائب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ورغم تزايد الاحتمال بمقاطعة الانتخابات من قبل الحراك الجنوبي الذي يعتبر تلك الانتخابات بمثابة تصويت على وحدة اليمن، وأيضًا الحوثيين الذين قالوا: إنهم سيقاطعونها بدورهم في مناطقهم، ورغم توقع حدوث مظاهرعنف على هامش تلك الانتخابات إلى جانب الملفات الشائكة التي لا تزال تكتنف الحالة اليمنية بما في ذلك النزاعات القبلية بين القبيلتين الأكبر حاشد وبكيل، وبين زعامات من قبيلة حاشد نفسها، رغم ذلك كله فثمّة ما يدعو إلى التفاؤل بنجاح تلك الانتخابات التي يعوَّل عليها في إخراج هذا البلد العربي الشقيق من الظروف الصعبة التي تتابعت عليه خلال عام من المعاناة ونزيف الدم وتعطيل أدوات البناء والإنتاج، والانتقال إلى المرحلة الجديدة التي تلوح بشائرها الآن ببلوغ كامل أهداف المرحلة الانتقالية والقفز إلى آفاق المستقبل المؤمل أن تسوده أجواء الديمقراطية والحرية والعدل والمساواة في إطارآمن ومستقر وموحد. الملايين الذين خرجوا قبل عام في شوارع اليمن مطالبين بالتغيير، أمامهم فرصة حقيقية الآن للمشاركة في وضع بلادهم على أول الطريق نحو تغيير سلميّ، يضع اليمن على مسار التنمية والاصلاح السياسي، وبمقدار المشاركة لبناء إجماع وطني حول خطط المرحلة الانتقالية، بمقدار ما ينجح اليمن في تقديم أنموذج للانتقال السلميّ سوف يقطع الطريق على دعاة الفرقة والتمزّق، كما يعيد التأكيد مجددًا على أن الحكمة يمانية.