تواصلت عمليات التصويت في سورية الاحد في استفتاء على مشروع دستور جديد للبلاد حيث تستمر اعمال العنف حاصدة 26 قتيلا قبل ظهر الاحد، لا سيما في حمص التي يستمر قصف عدد من احيائها ومحاصرتها منذ ثلاثة اسابيع. ودعت المعارضة الى مقاطعة الاستفتاء معتبرة ان لا شرعية له. في الوقت نفسه، استؤنفت المفاوضات بين اللجنة الدولية للصليب الاحمر والمعارضة والسلطات السورية بهدف اجلاء عدد من ضحايا القصف، وبينهم صحافيون اجانب، من مدينة حمص (وسط). وفتحت مراكز الاقتراع الساعة السابعة (5.00 تغ) ليدلي اكثر من 14 مليون سوري تجاوزت اعمارهم ال18 عاما، باصواتهم. ويقوم التلفزيون السوري الرسمي ببث مباشر من محافظات مختلفة حول سير عملية الاقتراع. وبدأ التصويت صباح الاحد على الدستور الجديد لسورية الذي يعد من بين أهم بنوده كسر احتكار السلطة لحزب البعث الحاكم ، ودعت المعارضة السورية إلى مقاطعة الاستفتاء. وقال مواطن لمراسلة التلفزيون في احد مراكز مدينة اللاذقية الساحلية ان الاستفتاء 'رسالة الى العالم ليأخذ الديمقراطية من سورية'. وذكر التلفزيون ان 'عمليات الاستفتاء تتواصل بزخم في جميع المراكز على امتداد الوطن'. واوضح مراسل من دمشق ان مواطنين كانوا ينتظرون امام مراكز الاقتراع للادلاء باصواتهم قبل السابعة، وان 'الاقبال كبير'. وداخل احد مراكز محافظة حلب، قال احد المقترعين للتلفزيون 'انصح كل مواطن بالتصويت على الدستور لانه مستقبل سورية ولانه يعطي حقوقا لكل الناس'. ويلغي الدستور الجديد الدور القيادي لحزب البعث القائم منذ خمسين عاما. فقد حلت فقرة تنص على 'التعددية السياسية' محل المادة الثامنة التي تشدد على دور حزب البعث 'القائد في الدولة والمجتمع'. وتنص المادة 88 على ان الرئيس لا يمكن ان ينتخب لاكثر من ولايتين كل منها من سبع سنوات. لكن المادة 155 توضح ان هذه المواد لا تنطبق على الرئيس الحالي الا اعتبارا من الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يفترض ان تجري في 2014. ويبقي الدستور على صلاحيات واسعة للرئيس. واعد الدستور الذي سيحل محل دستور 1973 في اطار الاصلاحات التي وعدت بها السلطات في محاولة لتهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد النظام المستمرة منذ منتصف آذار (مارس). ودعت المعارضة السورية التي تطالب برحيل الرئيس بشار الاسد الى مقاطعة الاستفتاء. على صفحة 'الثورة السورية ضد بشار الاسد 2011' على موقع 'فايسبوك' الالكتروني، وتحت شعار 'مقاطعة الاستفتاء'، كتب الاحد 'نظام بلا شرعية، دستور بلا شرعية'. وفي اسفل الاعلان، وتحت عبارة 'من اجل سورية نظيفة'، تشاهد يد تحمل صورة الاسد والدستور الجديد وترميهما في سلة المهملات. ومن حمص، قال عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس 'الاستفتاء هو نوع من الحوار، ولا حوار مع القاتل'، مشيرا الى ان الدستور الجديد يسمح لبشار الاسد بالترشح مرة اخرى للرئاسة. وقال 'كما اننا نعرف ان لا انتخابات نزيهة يمكن ان يقوم بها هذا النظام. المواطنون يعرفون ان الامر مثير للسخرية'. ويأتي الاستفتاء في وقت تستمر الحركة الاحتجاجية الواسعة النطاق ضد النظام السوري والتي تواجه بحملة قمع دموية تسببت بمقتل اكثر من 7500 شخص حتى الآن، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا. وقال العبدالله 'لا منزل في حمص الا وفيه قتيل او جريح او مفقود او معتقل، فكيف يذهب افراده الى الاستفتاء؟'. وذكر انه قام صباح الاحد بجولة في الاحياء 'الهادئة نسبيا' من المدينة: في القصور والخالدية والقرابيص وجورة الشياح والبياضة. وقال 'هذه الاحياء واقعة نسبيا تحت سيطرة الجيش الحر. لا يوجد اي انسان في الشارع، وكل شيء مقفل، ولا يوجد فيها مركز اقتراع واحد. فكيف بالحري الاحياء التي تشهد قصفا؟'. وفي شريط فيديو وزعه ناشطون على شبكة الانترنت مشيرين الى انه التقط بتاريخ اليوم في بابا عمرو، تظهر انفجارات تتعالى منها سحب دخان اسود. ويقول صوت مسجل على الشريط 'هذا هو الدستور الجديد. من يطلب الحرية يقصف ويرجم بالصواريخ. ها هي بابا عمرو تدك بالصواريخ'. واشار العبدالله الى ان 'القصف الصاروخي والمدفعي مستمر على حمص اليوم وخصوصا على بابا عمرو وهو يطال احياء جديدة مثل الحميدية'. وقال ان 'احياء مثل جوبر والسلطانية والانشاءات القريبة من بابا عمرو تتعرض لتضييق باطلاق النار على المنازل واقتحامات لمنازل يتم طرد الاهالي منها وسلبها واحراقها'، مشيرا الى ان قوات النظام 'دخلت هذه الاحياء من قبل وعادت وخرجت منها'. كما اشار الى اقتحام الاحد في حي كرم الزيتون في حمص. وقال الناشط ابو بكر عبر سكايب صباحا من حي بابا عمرو ان 'اصوات الانفجارات تملأ المكان'، مضيفا ان 'رصاص القناصة يضرب هنا وهناك على كل ما يتحرك'. واضاف 'البيوت مدمرة (...) وكأننا نشاهد نشرة اخبار عن فلسطين او هيروشيما بعد ان تدمرت. لا كهرباء لا ماء ولا اتصالات ولا هواء نظيفا'. وقتل الاحد تسعة مواطنين اثر اطلاق نار كثيف وقذائف في حيي الحميدية وبستان الديوان في حمص، بحسب المرصد السوري. كما قتل ثلاثة مواطنين آخرين في اطلاق نار وقذائف على احياء اخرى. وسقط 'اربعة من القوات النظامية بينهم ضابط اثر اشتباكات في حي الحميدية بين القوات النظامية ومجموعة منشقة'. وفي درعا (جنوب) قتل ثلاثة من عناصر الامن في استهداف سيارتهم خلال اشتباكات بين القوات النظامية السورية ومجموعات منشقة في المدينة. كما قتل جنديان في مدينة داعل في درعا في اشتباكات مستمرة منذ الصباح. وقتل شخص صباحا برصاص القوات السورية في بلدة علما في محافظة درعا. واشار المرصد الى 'اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومجموعات منشقة' في علما ومدينة الحراك. وقتل مواطن في مدينة نوى في محافظة درعا نتيجة 'اطلاق نار كثيف من قوات الامن السورية'. كما سجل المرصد مقتل مواطن 'برصاص قناصة في مدينة اعزاز في محافظة حلب' (شمال). وفي محافظة ادلب (شمال غرب)، افاد المرصد عن مقتل 'مواطن (45 عاما) اثر اصابته باطلاق رصاص من حاجز امني في مدينة معرة النعمان'. وقالت متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر الاحد ان السلطات السورية لم ترد حتى الآن على طلب وقف اطلاق النار للسماح بإجلاء الجرحى من حي بابا عمرو في حمص. وقالت المتحدثة كارلا حداد 'لم تتلق اللجنة الدولية للصليب الاحمر ردا من السلطات السورية حتى الآن. الوضع الراهن في بابا عمرو والمناطق الاخرى المتضررة من العنف هو تحديدا ما جعل اللجنة الدولية للصليب الاحمر تقدم هذا الطلب لوقف القتال ساعتين يوميا.. الوضع يتدهور ساعة بعد ساعة ولا بد ان يتلقى الناس مساعدة على الفور'. والاحد كشفت مصادر دبلوماسية أنه من المرجح أن تهبط في الساعات القليلة القادمة طائرة سويسرية في مطار دمشق لإجلاء الصحافيين الأجانب القتلى والمصابين من حمص. وقالت المصادر لوكالة الأنباء الألمانية إن 'لحضور الطائرة إلى سورية صلة بموضوع إجلاء الصحافيين الأجانب القتلى والمصابين في مدينة حمص'. وأضافت أنه لم يتبين حتى الآن تفاصيل هذه العملية ومن هم الأطراف الشركاء فيها. وكان صحافيان أمريكي وفرنسي يعملان في سورية لقيا حتفهما في قصف تقول التقارير إن الجيش السوري شنه على حمص. * وكالات