وقع اللقاء المشترك على اتفاقية المبادرة الخليجية، بعد ان فصلها صالح على مقاسه بالتعديلات المتكررة، وقعها هروبا من فشله الشعبي حين رفضت الساحات مجالسه الانتقالية واحدة بعد الاخرى، وأملا في السيطرة على الامور من موقع حكومي، فوقع في الورطة وأوقع الثورة في مأزق. نص اتفاق المبادرة الخليجية على تقاسم الحكومة بالمناصفة بين أحزاب اللقاء المشترك وشركائها وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وحلفائه، وهو ما يعيد إلى الأذهان شراكة التجمع اليمني للإصلاح مع المؤتمر الشعبي العام عقب اجتياح الجنوب عام 1994 ، وفي ظروف مشابهة حيث كان ميزان القوى على الأرض مائلا لصالح المؤتمر كما هو الحال الآن، وحيث تمكن الرئيس وحزبه من تحويل وزراْء الإصلاح إلى بطات عرجاء أو (كيزان مركوزة) حسب التعبير المحلي حيث لم يكن احد في وزاراتهم ينفذ أوامرهم ما لم يكن شريكهم راضيا عنها بحيث يمنحها الضوء الأخضر. وطالما أن المرحلة الانتقالية ستدار وفقا للدستور الحالي وطبقا لأحد بنود الاتفاقية الذي يجعل الرئيس المؤتمري الحكم النهائي في أي خلاف، وفي ظل الغالبية المؤتمرية الكاسحة في مجلس النواب، وفي ظل إمساك أنجال صالح وأشقائه وأنجال أشقائه بالمفاصل الرئيسية للمؤسسة الأمنية والعسكرية في البلاد، فان رئيس الوزراء القادم من المعارضة سيكون بلا حول ولا قوة وعاجزا كل العجز خلال الفترة الانتقالية، وتحت طائلة الاتهام بالنكوص عن الاتفاق والخروج على شرعية الرئيس المعين امميا. يفتقر اللقاء المشترك إلى الالتفاف الضروري من قوى الثورة حوله كالحراك الجنوبي والحوثيين في صعدة والشباب المستقل في الساحات، والتي تنظر إليه على انه بمكونه العسكري اللواء علي محسن الأحمر وفرقته المدرعة يمثل أهم أدوات القمع والقتل في صعدة وفي اجتياح الجنوب، وان علاقته بالإسلاميين السلفيين، سواء «التجمع اليمني للإصلاح» أو مَن عرفوا باسم «المجاهدين» بسبب قتالهم ضد السوفييت في أفغانستان ثم مع قوات علي صالح في حربي العام 1994، وحروب صعده، والذين ينتمي إليهم رموز في تنظيم القاعدة وتنظيمات جهادية أخرى، إنما يعبرون عن تطرف ديني وعنف سياسي واجتماعي وامتداد اختراقي للفكر الوهابي السعودي لا يمكن التعايش معه. وكانت لجنة الحوار الوطني التي أنشاها اللقاء المشترك والتي يشغل حميد الأحمر، اخو شيخ قبيلة حاشد، منصب أمينها العام، قد أعلنت تشكيل «المجلس الوطني لقوى الثورة في 18 آب (أغسطس) 2011. وها هي اللجنة تعلن اليوم حوارا وطنيا يشكل مفارقة كبرى، ألا وهي ان يتصدر الحوار اقصائيون لم يقبلوا بمشاركة شباب الثورة في الساحات. المجلس الوطني الذي يرأسه محمد سالم با سندوه ، الذي سماه اللقاء المشترك لرئاسة الحكومة الانتقالية، سرعان ما تعرض للتصدع وفقد الشرعية والمصداقية، اثر تتالي الاستقالات منه، بسبب الطريقة التي تم تشكيله بها، ولعدم استيعابه القوى المختلفة في الساحات، ، وهو ما أدى إلى عودة اللقاء المشترك إلى الظهور كممثل سياسي، وإن برفقة رئيس المجلس الوطني والذي هو نفسه رئيس لجنة الحوار، المستقل حزبياً، والوزير الأسبق في حكومات الرئيس صالح. ويبقى عامل في غاية الأهمية هو تصدر مشايخ قبيلة حاشد للثورة ومؤسسات اللقاء المشترك وللتذكير اكرر ما يلي: " الثورة حالة متجاوزة لرواسب الماضي فكرا وسلوكا ولكن بشرط أن يحدث التجاوز لدى الثوار ويتمظهر في الأشخاص والأفكار والسلوك. معضلة ثورتنا أن هذا التجاوز لم يكن متوفرا لدى من نصبوا أنفسهم قادة لها بقوتي المال والسلاح. منذ سقوط الدولة الحميرية على يد أبرهة لم يحكم اليمن شيخ أي من قبائل اليمن الكبرى وذلك لان القبائل الأخرى ترفضه فورا. وكان أقصى ما يصل إليه اقوي المشايخ هو دور صانع الملوك وليس دور الملك. واستنادا إلى هذه الحقيقة الاجتماعية السياسية التاريخية حكم الأئمة اليمن ألف عام بعد وصول اولهم الى اليمن ليوجد الحل للصراعات القبلية. كان القبول بمشايخ حاشد آل الأحمر ممثلين بالإصلاح على قمة الثورة وفي صدارتها خطأ سياسيا فادحا ودليلا على الجهل المعرفي والقصور السياسي ذلك انه أدى إلى استنفار قبائل بكيل إلى جانب النظام. ولن تنجح هذه الثورة إلا عندما ينجح الثوار الحقيقيون في الساحات بإزاحة رموز الماضي البغيض من صدارة الثورة ويسيطروا على ساحاتهم وتصبح الثورة حالة متجاوزة لرواسب الماضي. أما باستمرار الحال كما هو عليه اليوم وبقاء آل الأحمر المشايخ والأحمر علي محسن على صدارتها فان قصارى ما يمكن أن يتحقق هو تقاسمهم السلطة مع المؤتمر الشعبي العام لتدشين مرحلة أسوأ من حكم علي صالح المنفرد. التجمع اليمني للإصلاح رمز بغيض من رموز عهد علي صالح، جرى إنشاؤه بناء على طلبه وبدعم تام منه، وشارك في أبشع جرائم صالح وهي اجتياح الجنوب وقام بنهب مقدرات الدولة فيه ونهب أراضيه لصالح إفراد من رموز الإصلاح، ثم التنازل عن حقوق اليمن في أراضيه للسعودية ولعب دور السمسار العميل في تلك المهزلة والخيانة الوطنية الشائنة، فهل هذ الحزب وأمثاله رموز المستقبل؟ وأي عقل يمكن إن يقبل بها قائدة لثورة تتجاوز رواسب الماضي؟ اللقاء المشترك يلعب دور العميل للمشروع القطري التركي ويسوق جماهير الثوار إلى معابر الامبريالية الأمريكية وكأنهم قطيع من الأغنام تماما كصالح عميل السعودية ووكيل الامبريالية الأمريكية التي تريد ان تحقق بعملائها ما لم تتمكن من تحقيقه (بالصدمة والرعب) في العراق وفي لبنان 2006 وفي غزة 2009." * عن التغيير