الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    ما لا تعرفونه عن الشيخ عبدالمجيد الزنداني    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول قيادي بين الناجين من تفجير الرئاسة يروى الحدث
نشر في الوطن يوم 02 - 05 - 2012

روى القيادي في حزب المؤتمر نائب رئيس كتلته البرلمانية الشيخ الشاب ياسر العواضي تفاصيل حدث محاولة الاغتيال والتصفية الجماعية للرئيس السابق وكبار قيادات الدولة وحزب المؤتمر في مسجد دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء.
وكتب العواضي مقالة مفصلة هي الأولى لمسئول بين الناجين من واقعة التفجير الإرهابي للمسجد ، تحدث فيها عن شهادته للواقعة التي لا تزال مثار جدل داخل اليمن وخارجه.
وفيما يلي تنشر "الوطن" نص المقالة المعنونة ب"شهادتي على حادث جامع الرئاسة (النهدين)" :
كان يوماً بائساً من أوله. الجمعة 3/6/2011 ، كنت في طريقي للصلاة في جامع الحسين بن علي بجوار منزلي في الصافية، وتذكرت أننا كنا في مقيل مع فخامة الرئيس/علي عبدالله صالح وذلك يوم الخميس الموافق 2/6/2011 ، وقد جاءت وساطة لكي يتوقف القتال مع أولاد الأحمر، وكان قد أشترط الرئيس أن يوقع أولاد الأحمر صادق وحميد وهاشم إلتزام بإخلاء المؤسسات الحكومية وعدم مهاجمتها والإستيلاء عليها مرة أخرى، وكان أحد الوسطاء أخبرني بأنهم لم يستطيعوا لقاء حميد، ويريدونني أن أساعدهم لإقناع الرئيس بالاكتفاء بتوقيع حمير بدلاً عن حميد، وكلنا كنا نسعى لتوقيف تلك الفتنة، وعندها قلت للسائق توجه بنا إلى دار الرئاسة، وكان الوقت متأخر قليلاً عن الوقت المعتاد لذهابي للصلاة، ووصلت إلى دار الرئاسة بدون موعد مسبق، وأستقبلني الضابط الشهيد القاسمي رحمة الله عليه وذهبت أنا وهو مشياً على الأقدام من مكتب الأمن بدار الرئاسة الى المسجد ورأيت حول المسجد مجموعة من ضباط وأفراد الحراسة يقفون بصمت وثبات، كأن على رؤوسهم الطير وكان أشبه بمشهد درامي صامت, لأنهم كانوا هكذا كل جمعة يستعدون، ويصابون بالتوتر لأن الرئيس يتحرك بعد الصلاة الى ميدان السبعين ويكون الحرس مستنفرين ومتوترين من شدة التركيز على حراسته في السبعين خصوصاً والأزمة تتفاقم، والقتال في صنعاء كان في ذروته.اضافة الى انهم صامتون للاستماع لخطبة الجمعة.
كان وقت وصولي متأخر قليلاً، كانت الخطبة الأولى في منتصفها حيث أغلق الباب المخصص لدخول الرئيس والذي أعتدنا الدخول منه لأنه في العادة يتم إغلاقه بعد دخول الرئيس وكنت حتى تلك الساعة لم أفطر لأني صحيت من النوم متأخراً، عندها توجهت إلى صرح المسجد ودخلت من الباب الرئيسي وجلست في الصف السادس وبحسب ما أتذكر كان إلى جواري العميد/طارق محمد قائد الحرس الخاص وإبنه عفاش وآخرين من أبناءهم لم أعرفهم، وعندما أنتهت الخطبة الأولى وبدأت الخطبة الثانية أشار علي بعض الزملاء بالتقدم إلى جوارهم في الصف الأول وفعلت، وبدأت الخطبة الثانية للشيخ علي المطري الذي عادةً تطول خُطبه وكنا منتظرين أن يختصر قليلاً حتى نتابع بعضاً من الخطبة والصلاة في ميدان السبعين كما يحدث أسبوعياً، وكان الدكتور/رشاد العليمي قد همس لي بين الخطبتين بأن الرئيس لن يذهب إلى السبعين وأن الذي سوف يذهب ويلقي الخطاب الجماهيري هناك هو رئيس الحكومة الدكتور/علي مجور، وقد أطمأنيت قليلاً عندما فهمت ذلك من الدكتور العليمي.
لأننا كنا منذ أسبوعين ننصح الرئيس أنا ومجور والراعي والعليمي وبن دغر وآخرين بأن لا يذهب إلى السبعين، فقد كانت لدينا شكوك في أن منصة السبعين ربما تُستهدف بصاروخ أو قذيفة من أي منطقة أو عمارة مجاورة وخصوصاً والأزمة كانت ماتزال في ذروتها.
وأستمرينا في السماع للخطبة التي لم تنتهي إلا الساعة الواحدة ظهراً تقريبا، وكان ملفتاً للنظر أن إمام المسجد نهض من مكانه إستعداداً لإقامة الصلاة فيما كان الخطيب مايزال على المنبر ولم ينهي خطبته بالدعاء بعد، وهذا ليس ماتعودنا عليه فالمؤذن لا ينهض للإقامة إلا بعد أن ينهي الخطيب الخطبة تماماً، لكني عندما رآيت الأمام يرفع الميكرفون استعدادا لإقامة الصلاة أعتقدت أن المسألة متعلقة بتأخير الخطبة وربما أمره الرئيس أو غيره بأن يقوم حتى يستعجل الخطيب خطبته، وفعلاً انهى الخطيب الخطبة وأٌقيمت الصلاة ووقفنا لها وكان الرئيس أمام المحراب تماماً في مكانه الدائم للصلاة وكان إلى جواره من اليسار يحيى الراعي الذي أستبدل مكانه بمكان المرحوم الشهيد/ عبدالعزيز عبدالغني ليصبح الأستاذ عبدالعزيز على يسار الرئيس مباشرة ومن ثم بالتوالي يحيى الراعي - رشاد العليمي - أنا - عبده بورجي - أحمد عبدالرحمن الأكوع، وكان على يمين الرئيس بالتتابع د/ مجور – صادق أبورأس – نعمان دويد ولا أتذكرمواقع الآخرين بعدهم.
وأنهى المؤذن إقامة الصلاة. وكان مايزال صغير السن عمره مادون الثلاثين عام، وكبر الشيخ علي المطري تكبيرة الإحرام وقرأ سورة الفاتحة ومن بعدها سورة النصر وبعد أن كبر للركوع كان هناك من قد ركع بسرعة وأنا منهم وآخرين في طريقهم للركوع .في تلك اللحظة حصل الإنفجار الإرهابي الغادر والجبان، وكنت أنا أمام تلك الفتحة تماماً التي أحدثها الإنفجار في جدار المسجد الأمامي، فسمعت في أذني لحظتها صوت يشبه صوت الجرس (صن) أوتلك الأصوات التي تصدر عند إصطدام حديد بحديد أو معدن بحجر. من ثم صوت أخر أضخم (طن) الذي يصدر عن الإنفجارات، في تلك اللحظة غمرني شعور بالسعادة رغم أني لا أحب الموت لكن سعادتي كانت تلك اللحظة من أني سوف أموت وأنا أصلي لله، وعندها كنت مؤمناً بأن ساعة الموت قد حانت فأسرعت للسجود لكي أموت وأنا ساجد، ولحظتها لم يكن في مخيلتي سوى صور تتزاحم للجنة ومروجها الخضراء والأبتسامة ولوالدتي وأخواني وإبني رامي وبقية أولادي الصغار، وكانت تمر تلك الصور بسرعة، ولكني كنت متأكداً بأن الإبتسامة لم تفارق محياي في تلك اللحظات وبعد مايقرب من خمس إلى عشر ثواني لا أستطيع أن أحصيها بالضبط كنت مازلت أشعر ببعض أعضاء جسمي تتحرك ولم أشعر بسكرات الموت التي كانت مرسومة في مخيلتي فحاولت أن أقف ولم أكن أعرف أن رجلي اليمنى قد أنكسرت. فما أن حاولت الوقوف حتى وقعت على الأرض على جنبي الأيمن وإذا بي اشاهد دخان أسود ونار ملتهبة في شكل دائرة فوق رأسي بإرتفاع حوالي متر يزيد أو ينقص قليلاً، ولكن ما أتذكره جيداً فقد كان لهب أحمر على شكل دائرة وفي الوسط كان لونه أقرب إلى الأزرق وله صوت شبيه بفحيح الأفاعي العملاقه التي نشاهدها في الأفلام، كأن فوقنا في تلك اللحظة وحش من الأشباح حيث كان الرماد والدخان والسواد والصراخ هي الأشياء الموجودة حينها التي لا أستطيع أن أقدر بشكل دقيق كم أستمرت على ذلك الحال، إلا أني كنت مازلت بوعيي ولم أفقده حتى لحظة واحدة, رآيت ضوء آتي من الباب الرئاسي للمسجد والذي كان على يساري وكنت ألامس قطع أخشاب متناثرة على الأرض وهي من أخشاب الديكور للجزء الأمامي للمسجد التي تناثرت نتيجة الإنفجار، وأعتقد أنها ربما كانت سبب الكسور التي أصبت بها أنا وبعض الأخرين، عندها التقطت واحدة من تلك الأخشاب وتوكأت عليها ووقفت وأتجهت صوب الضوء الأتي من الباب أمشي بصعوبة جداً ماراً بعدد من الجثث أموات وآحياء أسمع أصواتهم ولا أراهم وهم يصرخون لإسعافهم وأنا لا أستطيع أن أعمل لهم شي, فشدة الألم التي أعانيها جراء الكسور التي في رجلي اليمنى وإحتكاك عظامها المفتته ببعضها وكسر آخر في يدي اليمني وطبلة أذني التي أنفجرت والدم الذي يتصبب على أنفي وعيني ومن جبيني نتيجة تعرضه لضربات من شظايا الأنفجار والحروق التي كانت في رأسي، كل هذا كان قد جعلني عاجزاً عن القيام بأي عمل سوى الخروج من المسجد، الذي تحول الى خرابه معتمة، الى النور الذي كان بخارجه، وفعلاً كنت أول من خرج من باب المسجد ونزلت أربع أو خمس درجات من هذا الباب أتعكز على تلك العصا من خشب الديكور، وجلست على رصيف من الأسمنت بالقرب من الباب الذي خرجت منه وكنت أنادي بأعلى صوتي لمن يأتي يسعفنا ولكن لايوجد أحد لحظتها.
خرج بعدي بقليل الأستاذ/عبدالعزيز عبدالغني وبدا جسمه محترق بالكامل. جلس إلى جواري ننتظر ماتفعله بنا الأقدار ودخل بعدها الأستاذ عبدالعزيز في حالة من اللاوعي لكنه كان جالس جلسته المعتادة دون أن يصدر منه أي صوت وكأنه في إحدى إجتماعاته التي يجلس فيها بشكل مؤدب ومحترم وبدلته الأنيقه ممزقه، أما أنا فقد كنت أتألم آلماً شديداً من كسوري وجراحي ورآيت العظم المكسور في رجلي قد مزق الجلد وخرج منه وتلمسته بيدي التي كانت تمر في فراغ بين العظام ومن شدة الألم أعتقدت أن الخلاص في تلك اللحظة هو قطعها. وفي تلك الأثناء وأنا أكابد آلامي وجراجي خرج الدكتور/ علي مجور وكان هو الشخص الثالث الذي خرج من المسجد كان منظر جسمه متُفحم تماماً وملابسه قد تمزقت من أماكن الخياط وكان ذلك حال ملابس الجميع وكأن هناك مقص قد قام بقصها بإحكام من أماكن الخياط، والغريب أنها لم تكن محترقة في حين لم تسلم الأجساد من الحريق، وبعده مباشرة رآيت الدكتور/رشاد العليمي خرج يزحف على ظهره نتيجة الكسور التي أصابت أطرافه وكان يناديني بأن أسعفه، عندها حرك صوته الشاحب في أعماقي مشاعر من الغيرة والحمية نحوه، قررت وقتها قطع رجلي من تحت الركبة وكنت ألبس جنبيتي وفعلاً سحبتها من غمدها لأقوم بقطع رجلي معتقداً أنني سوف أرتاح من شدة الألم وأعمل شيء قد يساعد المصابين والجرحى الذين كنت أسمع صراخهم وأنينهم، وفي تلك اللحظة سمعت صوت الإنفجار الثاني حنوب المسجد من خلفنا تماماً بعد حوالي دقيقتين أو ثلاث من حدوث الإنفجار الأول في المسجد سألت عنه فيما بعد فقيل لي بأنه إنفجار في الحهة الجنوبية من المسجد عند خزانات الغاز والوقود، فقد كان البديل الثاني في حال فشل البديل الأول، وفعلاً لو أنفجرت خزانات الوقود لأنتهيناء عن بكرة أبينا نحن ومن كان في دار الرئاسة لأن الحجم الكبير لهذه الخزانات كان كفيل بذلك إلا أن سماكة حديدها حال دون إنفجارها.
عندما سحبت جنبيتي من غمدها ورفعتها في يدي وهممت بقطع رجلي لم أشعر إلا ويد الرائد/رضوان معياد وهو ضابط في الحرس الرئاسي تمسكني وأعاد جنبيتي في غمدها ومنعني من محاولة قطع رجلي، وفي تلك الأثناء خرج الرئيس/ علي عبدالله صالح وكان هو الشخص الخامس الذي خرج من داخل المسجد محمولاً على أيدي أربعة أشخاص من قوة التدخل السريع ومعه إبن اخيه طارق محمد قائد الحرس الخاص الذي كانت الدماء تسيل على وجهه ويده، وهو ينادي أفراد الحرس الذي مازالوا بخير ويأمرهم بأن يسعفوا مسؤولين الدولة والجرحى ويقولهم (هاتوا السيارات بسرعة تحركوا لإسعاف المسؤولين والجرحى)، وللأمانة كان الحرس الخاص وقتها رغم أن بعضهم كانوا مصابين يبذلون جهداً كبيراً لإسعاف الجرحى وكانت حركتهم أشبه بخلية نحل لعملية الإخلاء، وقد أستوقفتهم وهم يحملون الرئيس عند أسفل درجة من درج باب المسجد لأطمأن على حالته الذي كانت ملابسه ممزقه وكان يرتدي بدلة بدون كرفته وكان هناك شيء مغروس في عنقه قطعة خشب ودمه ينزف من قريب عظمة الترقوة ولم أركز على بقية جسده، إلا أنه كان مصاب بأضرار بالغة، فسألته هل تسمعني يافندم، فسمعته يقول لطارق (إسعفوا الناس ياطارق ولاتردوا بلغ القوات لاتضرب شيء ولاترد بأي شيء أنا بخير أنا بخير) وكان وكنا نحن أيضاً نظن وقتها أن الهجوم تم علينا بصاروخ، وأخذوه محمولاً إثنان من الأشخاص يحملونه من يديه وإثنين أخرين من رجليه وكأنه على كرسي، ومن ثم أدخلوه في سيارة نوع لكزس لون رصاصي وكانت خلفها سيارة حبة طربال لونها بيج وأخرجوه من هناك. أما الدكتور/علي مجور فقد جاء إبنه وحراسته وأخذوه في إحدى سيارات الرئاسة، وأنا والشهيد/عبدالعزيز عبدالغني أخذونا في سيارة أخرى من سيارات الرئاسة، ولم أعرف مصير الآخرين وعندما تجاوزنا السور الأول للرئاسة حيث تقف سيارات الضيوف أستوقفت السائق وقلت له ناد على مرافقي ياسر العواضي وعبدالعزيز عبدالغني بأن يلحقوا بنا، وفعلاً خرجنا من دار الرئاسة وتبعونا المرافقين ومررنا بالسائلة متجهين الى مستشفى مجمع الدفاع بالعرضي وسمعنا إطلاق رصاص أثناء مرورنا بالسائلة وأعتقد أنه كان البديل الثالث في خطة التصفية كما أظن .لانهم أطلقوا النار على موكب الرئيس الذي لم يكن فيه فقد سبقه في السيارة اللكزس، ووصلنا الى مستشفى مجمع الدفاع بالعرضي.
كان سائقونا ومرافقونا قد سمعوا أصوات الإنفجارات ورأوا الدخان وعرفوا أن مصيبة قد حصلت ولكن لم يعرفوا ماهي بالضبط ، وحملوني مرافقيني الاوفياء على أيديهم وظهورهم وأدخلوني إلى صالة الإستقبال بمستشفى مجمع الدفاع، ووجدت هناك الرئيس فوق كرسي وكان وقتها قد أغمي عليه ومعه حراسته أتذكر منهم طارق إبن أخوه، ولم يكن هناك أي أحد من الأطباء في المستشفى، وكان طارق يتصل بإدارة المستشفى تتابع الأطباء للحضور، فقررت الخروج من هناك والذهاب إلى أي مستشفى آخر، ونصحني طارق بالذهاب الى مستشفى 48 وسمعته يقول للمرافقين (شلوهم 48 مابش هنا دكاترة)، وكنت أنا قد قررت لحظتها بضرورة أن أخرج من مستشفى العرضي، ثم ألتفت وألقيت نظرة أخيرة على الرئيس وهو مغمي عليه على كرسي بثياب ممزقه ودمائه جارية وجراحة بالغة وتلك الشظية الخشبية مازالت مغروسة في رقبته فشعرت بحسرة بالغة لم أشعر بها من قبل وقلت لمرافقيني الذين كانوا مصدومين لما حدث إخرجوني من هنا فأخرجوني، ولحظتها فكرت في أن الحرب قد تتطور وخصوصاً أني شعرت أن الرئيس قد يموت وان المسافة إلى مستشفى 48 بعيدة وأن المستشفى قد يكون أحد الأهداف فيما لو تطورت الحرب، عندها قلت للسائق خذني الى المستشفى اليمني الألماني الكائن في جولة المصباحي بمنطقة حده، وفي هذه الأثناء تناولت تلفوني من السيارة وأتصلت بوالدتي التي كانت حينها في القرية كي أطمئنها قبل أن يغمى علي ويأتيها الخبر من غيري فيغمى عليها وقلت لها بأنه حصل لي حادث سيارة بسيط وهنالك كسر في رجلي وأني بصحة جيدة.
وفي طريقنا الى المستشفى اليمني الالماني مررنا بميدان السبعين وكانوا الناس مازالوا يغادرونه بعد أن فقدوا الأمل من حضور رئيسهم المغدور أو بعد أن سمعوا أصوات الإنفجارات، ووصلت الى المستشفى اليمني الألماني وكان هناك إخواني وعشرات الأشخاص من أصحابي كانوا حولي وكانوا قد وصلوا إلى هناك ولا أعلم من الذي أخبرهم، وقد طلبت من الطبيب أن يخدرني من شدة الألم ويفعل مايريد بعدها تم تخديري وأجُريت لي العملية الأولية من قبل الدكتور/عبدالسلام الجنيد والذي قام بجهد عظيم شهد له الأطباء الأجانب عندما سافرت بعدها إلى خارج اليمن، وقد أخبرني فيما بعد أنه أجرى لي العملية والمستشفى يهتز من أثار القصف العنيف الذي أعقب الحادث على منطقة حده، وأخبرني أنه أجرى لي العملية وكان معه أحد إخواني بسلاحه داخل غرقة العمليات الذي رفض الإستجابة للأطباء بمغادرة غرفة العمليات . كان المشهد أفظع من أن يوصف. وهذا هو كل ما أستطيع إستحضاره من ذلك الحادث المروع في ذلك اليوم المشؤوم، وقد راعيت أن أكون واصفاً لما حدث بشكل متجرد قدر الإمكان وبقدر ما تسعفني به إمكانياتي المتواضعة في الكتابة على ذلك.
_____________________________
ياسر العواضي
نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر -عضو اللجنة العامة للحزب
احد الناجين من محاولة الاغتيال والتصفية الجماعية بجامع الرئاسة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.