هذا ما حدث وما سيحدث.. صراع العليمي بن مبارك    الأرصاد يتوقع استمرار هطول الامطار ويحذر من التواجد في بطون الأودية    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    في حد يافع لا مجال للخذلان رجالها يكتبون التاريخ    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول قيادي بين الناجين من تفجير الرئاسة يروى الحدث
نشر في الوطن يوم 02 - 05 - 2012

روى القيادي في حزب المؤتمر نائب رئيس كتلته البرلمانية الشيخ الشاب ياسر العواضي تفاصيل حدث محاولة الاغتيال والتصفية الجماعية للرئيس السابق وكبار قيادات الدولة وحزب المؤتمر في مسجد دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء.
وكتب العواضي مقالة مفصلة هي الأولى لمسئول بين الناجين من واقعة التفجير الإرهابي للمسجد ، تحدث فيها عن شهادته للواقعة التي لا تزال مثار جدل داخل اليمن وخارجه.
وفيما يلي تنشر "الوطن" نص المقالة المعنونة ب"شهادتي على حادث جامع الرئاسة (النهدين)" :
كان يوماً بائساً من أوله. الجمعة 3/6/2011 ، كنت في طريقي للصلاة في جامع الحسين بن علي بجوار منزلي في الصافية، وتذكرت أننا كنا في مقيل مع فخامة الرئيس/علي عبدالله صالح وذلك يوم الخميس الموافق 2/6/2011 ، وقد جاءت وساطة لكي يتوقف القتال مع أولاد الأحمر، وكان قد أشترط الرئيس أن يوقع أولاد الأحمر صادق وحميد وهاشم إلتزام بإخلاء المؤسسات الحكومية وعدم مهاجمتها والإستيلاء عليها مرة أخرى، وكان أحد الوسطاء أخبرني بأنهم لم يستطيعوا لقاء حميد، ويريدونني أن أساعدهم لإقناع الرئيس بالاكتفاء بتوقيع حمير بدلاً عن حميد، وكلنا كنا نسعى لتوقيف تلك الفتنة، وعندها قلت للسائق توجه بنا إلى دار الرئاسة، وكان الوقت متأخر قليلاً عن الوقت المعتاد لذهابي للصلاة، ووصلت إلى دار الرئاسة بدون موعد مسبق، وأستقبلني الضابط الشهيد القاسمي رحمة الله عليه وذهبت أنا وهو مشياً على الأقدام من مكتب الأمن بدار الرئاسة الى المسجد ورأيت حول المسجد مجموعة من ضباط وأفراد الحراسة يقفون بصمت وثبات، كأن على رؤوسهم الطير وكان أشبه بمشهد درامي صامت, لأنهم كانوا هكذا كل جمعة يستعدون، ويصابون بالتوتر لأن الرئيس يتحرك بعد الصلاة الى ميدان السبعين ويكون الحرس مستنفرين ومتوترين من شدة التركيز على حراسته في السبعين خصوصاً والأزمة تتفاقم، والقتال في صنعاء كان في ذروته.اضافة الى انهم صامتون للاستماع لخطبة الجمعة.
كان وقت وصولي متأخر قليلاً، كانت الخطبة الأولى في منتصفها حيث أغلق الباب المخصص لدخول الرئيس والذي أعتدنا الدخول منه لأنه في العادة يتم إغلاقه بعد دخول الرئيس وكنت حتى تلك الساعة لم أفطر لأني صحيت من النوم متأخراً، عندها توجهت إلى صرح المسجد ودخلت من الباب الرئيسي وجلست في الصف السادس وبحسب ما أتذكر كان إلى جواري العميد/طارق محمد قائد الحرس الخاص وإبنه عفاش وآخرين من أبناءهم لم أعرفهم، وعندما أنتهت الخطبة الأولى وبدأت الخطبة الثانية أشار علي بعض الزملاء بالتقدم إلى جوارهم في الصف الأول وفعلت، وبدأت الخطبة الثانية للشيخ علي المطري الذي عادةً تطول خُطبه وكنا منتظرين أن يختصر قليلاً حتى نتابع بعضاً من الخطبة والصلاة في ميدان السبعين كما يحدث أسبوعياً، وكان الدكتور/رشاد العليمي قد همس لي بين الخطبتين بأن الرئيس لن يذهب إلى السبعين وأن الذي سوف يذهب ويلقي الخطاب الجماهيري هناك هو رئيس الحكومة الدكتور/علي مجور، وقد أطمأنيت قليلاً عندما فهمت ذلك من الدكتور العليمي.
لأننا كنا منذ أسبوعين ننصح الرئيس أنا ومجور والراعي والعليمي وبن دغر وآخرين بأن لا يذهب إلى السبعين، فقد كانت لدينا شكوك في أن منصة السبعين ربما تُستهدف بصاروخ أو قذيفة من أي منطقة أو عمارة مجاورة وخصوصاً والأزمة كانت ماتزال في ذروتها.
وأستمرينا في السماع للخطبة التي لم تنتهي إلا الساعة الواحدة ظهراً تقريبا، وكان ملفتاً للنظر أن إمام المسجد نهض من مكانه إستعداداً لإقامة الصلاة فيما كان الخطيب مايزال على المنبر ولم ينهي خطبته بالدعاء بعد، وهذا ليس ماتعودنا عليه فالمؤذن لا ينهض للإقامة إلا بعد أن ينهي الخطيب الخطبة تماماً، لكني عندما رآيت الأمام يرفع الميكرفون استعدادا لإقامة الصلاة أعتقدت أن المسألة متعلقة بتأخير الخطبة وربما أمره الرئيس أو غيره بأن يقوم حتى يستعجل الخطيب خطبته، وفعلاً انهى الخطيب الخطبة وأٌقيمت الصلاة ووقفنا لها وكان الرئيس أمام المحراب تماماً في مكانه الدائم للصلاة وكان إلى جواره من اليسار يحيى الراعي الذي أستبدل مكانه بمكان المرحوم الشهيد/ عبدالعزيز عبدالغني ليصبح الأستاذ عبدالعزيز على يسار الرئيس مباشرة ومن ثم بالتوالي يحيى الراعي - رشاد العليمي - أنا - عبده بورجي - أحمد عبدالرحمن الأكوع، وكان على يمين الرئيس بالتتابع د/ مجور – صادق أبورأس – نعمان دويد ولا أتذكرمواقع الآخرين بعدهم.
وأنهى المؤذن إقامة الصلاة. وكان مايزال صغير السن عمره مادون الثلاثين عام، وكبر الشيخ علي المطري تكبيرة الإحرام وقرأ سورة الفاتحة ومن بعدها سورة النصر وبعد أن كبر للركوع كان هناك من قد ركع بسرعة وأنا منهم وآخرين في طريقهم للركوع .في تلك اللحظة حصل الإنفجار الإرهابي الغادر والجبان، وكنت أنا أمام تلك الفتحة تماماً التي أحدثها الإنفجار في جدار المسجد الأمامي، فسمعت في أذني لحظتها صوت يشبه صوت الجرس (صن) أوتلك الأصوات التي تصدر عند إصطدام حديد بحديد أو معدن بحجر. من ثم صوت أخر أضخم (طن) الذي يصدر عن الإنفجارات، في تلك اللحظة غمرني شعور بالسعادة رغم أني لا أحب الموت لكن سعادتي كانت تلك اللحظة من أني سوف أموت وأنا أصلي لله، وعندها كنت مؤمناً بأن ساعة الموت قد حانت فأسرعت للسجود لكي أموت وأنا ساجد، ولحظتها لم يكن في مخيلتي سوى صور تتزاحم للجنة ومروجها الخضراء والأبتسامة ولوالدتي وأخواني وإبني رامي وبقية أولادي الصغار، وكانت تمر تلك الصور بسرعة، ولكني كنت متأكداً بأن الإبتسامة لم تفارق محياي في تلك اللحظات وبعد مايقرب من خمس إلى عشر ثواني لا أستطيع أن أحصيها بالضبط كنت مازلت أشعر ببعض أعضاء جسمي تتحرك ولم أشعر بسكرات الموت التي كانت مرسومة في مخيلتي فحاولت أن أقف ولم أكن أعرف أن رجلي اليمنى قد أنكسرت. فما أن حاولت الوقوف حتى وقعت على الأرض على جنبي الأيمن وإذا بي اشاهد دخان أسود ونار ملتهبة في شكل دائرة فوق رأسي بإرتفاع حوالي متر يزيد أو ينقص قليلاً، ولكن ما أتذكره جيداً فقد كان لهب أحمر على شكل دائرة وفي الوسط كان لونه أقرب إلى الأزرق وله صوت شبيه بفحيح الأفاعي العملاقه التي نشاهدها في الأفلام، كأن فوقنا في تلك اللحظة وحش من الأشباح حيث كان الرماد والدخان والسواد والصراخ هي الأشياء الموجودة حينها التي لا أستطيع أن أقدر بشكل دقيق كم أستمرت على ذلك الحال، إلا أني كنت مازلت بوعيي ولم أفقده حتى لحظة واحدة, رآيت ضوء آتي من الباب الرئاسي للمسجد والذي كان على يساري وكنت ألامس قطع أخشاب متناثرة على الأرض وهي من أخشاب الديكور للجزء الأمامي للمسجد التي تناثرت نتيجة الإنفجار، وأعتقد أنها ربما كانت سبب الكسور التي أصبت بها أنا وبعض الأخرين، عندها التقطت واحدة من تلك الأخشاب وتوكأت عليها ووقفت وأتجهت صوب الضوء الأتي من الباب أمشي بصعوبة جداً ماراً بعدد من الجثث أموات وآحياء أسمع أصواتهم ولا أراهم وهم يصرخون لإسعافهم وأنا لا أستطيع أن أعمل لهم شي, فشدة الألم التي أعانيها جراء الكسور التي في رجلي اليمنى وإحتكاك عظامها المفتته ببعضها وكسر آخر في يدي اليمني وطبلة أذني التي أنفجرت والدم الذي يتصبب على أنفي وعيني ومن جبيني نتيجة تعرضه لضربات من شظايا الأنفجار والحروق التي كانت في رأسي، كل هذا كان قد جعلني عاجزاً عن القيام بأي عمل سوى الخروج من المسجد، الذي تحول الى خرابه معتمة، الى النور الذي كان بخارجه، وفعلاً كنت أول من خرج من باب المسجد ونزلت أربع أو خمس درجات من هذا الباب أتعكز على تلك العصا من خشب الديكور، وجلست على رصيف من الأسمنت بالقرب من الباب الذي خرجت منه وكنت أنادي بأعلى صوتي لمن يأتي يسعفنا ولكن لايوجد أحد لحظتها.
خرج بعدي بقليل الأستاذ/عبدالعزيز عبدالغني وبدا جسمه محترق بالكامل. جلس إلى جواري ننتظر ماتفعله بنا الأقدار ودخل بعدها الأستاذ عبدالعزيز في حالة من اللاوعي لكنه كان جالس جلسته المعتادة دون أن يصدر منه أي صوت وكأنه في إحدى إجتماعاته التي يجلس فيها بشكل مؤدب ومحترم وبدلته الأنيقه ممزقه، أما أنا فقد كنت أتألم آلماً شديداً من كسوري وجراحي ورآيت العظم المكسور في رجلي قد مزق الجلد وخرج منه وتلمسته بيدي التي كانت تمر في فراغ بين العظام ومن شدة الألم أعتقدت أن الخلاص في تلك اللحظة هو قطعها. وفي تلك الأثناء وأنا أكابد آلامي وجراجي خرج الدكتور/ علي مجور وكان هو الشخص الثالث الذي خرج من المسجد كان منظر جسمه متُفحم تماماً وملابسه قد تمزقت من أماكن الخياط وكان ذلك حال ملابس الجميع وكأن هناك مقص قد قام بقصها بإحكام من أماكن الخياط، والغريب أنها لم تكن محترقة في حين لم تسلم الأجساد من الحريق، وبعده مباشرة رآيت الدكتور/رشاد العليمي خرج يزحف على ظهره نتيجة الكسور التي أصابت أطرافه وكان يناديني بأن أسعفه، عندها حرك صوته الشاحب في أعماقي مشاعر من الغيرة والحمية نحوه، قررت وقتها قطع رجلي من تحت الركبة وكنت ألبس جنبيتي وفعلاً سحبتها من غمدها لأقوم بقطع رجلي معتقداً أنني سوف أرتاح من شدة الألم وأعمل شيء قد يساعد المصابين والجرحى الذين كنت أسمع صراخهم وأنينهم، وفي تلك اللحظة سمعت صوت الإنفجار الثاني حنوب المسجد من خلفنا تماماً بعد حوالي دقيقتين أو ثلاث من حدوث الإنفجار الأول في المسجد سألت عنه فيما بعد فقيل لي بأنه إنفجار في الحهة الجنوبية من المسجد عند خزانات الغاز والوقود، فقد كان البديل الثاني في حال فشل البديل الأول، وفعلاً لو أنفجرت خزانات الوقود لأنتهيناء عن بكرة أبينا نحن ومن كان في دار الرئاسة لأن الحجم الكبير لهذه الخزانات كان كفيل بذلك إلا أن سماكة حديدها حال دون إنفجارها.
عندما سحبت جنبيتي من غمدها ورفعتها في يدي وهممت بقطع رجلي لم أشعر إلا ويد الرائد/رضوان معياد وهو ضابط في الحرس الرئاسي تمسكني وأعاد جنبيتي في غمدها ومنعني من محاولة قطع رجلي، وفي تلك الأثناء خرج الرئيس/ علي عبدالله صالح وكان هو الشخص الخامس الذي خرج من داخل المسجد محمولاً على أيدي أربعة أشخاص من قوة التدخل السريع ومعه إبن اخيه طارق محمد قائد الحرس الخاص الذي كانت الدماء تسيل على وجهه ويده، وهو ينادي أفراد الحرس الذي مازالوا بخير ويأمرهم بأن يسعفوا مسؤولين الدولة والجرحى ويقولهم (هاتوا السيارات بسرعة تحركوا لإسعاف المسؤولين والجرحى)، وللأمانة كان الحرس الخاص وقتها رغم أن بعضهم كانوا مصابين يبذلون جهداً كبيراً لإسعاف الجرحى وكانت حركتهم أشبه بخلية نحل لعملية الإخلاء، وقد أستوقفتهم وهم يحملون الرئيس عند أسفل درجة من درج باب المسجد لأطمأن على حالته الذي كانت ملابسه ممزقه وكان يرتدي بدلة بدون كرفته وكان هناك شيء مغروس في عنقه قطعة خشب ودمه ينزف من قريب عظمة الترقوة ولم أركز على بقية جسده، إلا أنه كان مصاب بأضرار بالغة، فسألته هل تسمعني يافندم، فسمعته يقول لطارق (إسعفوا الناس ياطارق ولاتردوا بلغ القوات لاتضرب شيء ولاترد بأي شيء أنا بخير أنا بخير) وكان وكنا نحن أيضاً نظن وقتها أن الهجوم تم علينا بصاروخ، وأخذوه محمولاً إثنان من الأشخاص يحملونه من يديه وإثنين أخرين من رجليه وكأنه على كرسي، ومن ثم أدخلوه في سيارة نوع لكزس لون رصاصي وكانت خلفها سيارة حبة طربال لونها بيج وأخرجوه من هناك. أما الدكتور/علي مجور فقد جاء إبنه وحراسته وأخذوه في إحدى سيارات الرئاسة، وأنا والشهيد/عبدالعزيز عبدالغني أخذونا في سيارة أخرى من سيارات الرئاسة، ولم أعرف مصير الآخرين وعندما تجاوزنا السور الأول للرئاسة حيث تقف سيارات الضيوف أستوقفت السائق وقلت له ناد على مرافقي ياسر العواضي وعبدالعزيز عبدالغني بأن يلحقوا بنا، وفعلاً خرجنا من دار الرئاسة وتبعونا المرافقين ومررنا بالسائلة متجهين الى مستشفى مجمع الدفاع بالعرضي وسمعنا إطلاق رصاص أثناء مرورنا بالسائلة وأعتقد أنه كان البديل الثالث في خطة التصفية كما أظن .لانهم أطلقوا النار على موكب الرئيس الذي لم يكن فيه فقد سبقه في السيارة اللكزس، ووصلنا الى مستشفى مجمع الدفاع بالعرضي.
كان سائقونا ومرافقونا قد سمعوا أصوات الإنفجارات ورأوا الدخان وعرفوا أن مصيبة قد حصلت ولكن لم يعرفوا ماهي بالضبط ، وحملوني مرافقيني الاوفياء على أيديهم وظهورهم وأدخلوني إلى صالة الإستقبال بمستشفى مجمع الدفاع، ووجدت هناك الرئيس فوق كرسي وكان وقتها قد أغمي عليه ومعه حراسته أتذكر منهم طارق إبن أخوه، ولم يكن هناك أي أحد من الأطباء في المستشفى، وكان طارق يتصل بإدارة المستشفى تتابع الأطباء للحضور، فقررت الخروج من هناك والذهاب إلى أي مستشفى آخر، ونصحني طارق بالذهاب الى مستشفى 48 وسمعته يقول للمرافقين (شلوهم 48 مابش هنا دكاترة)، وكنت أنا قد قررت لحظتها بضرورة أن أخرج من مستشفى العرضي، ثم ألتفت وألقيت نظرة أخيرة على الرئيس وهو مغمي عليه على كرسي بثياب ممزقه ودمائه جارية وجراحة بالغة وتلك الشظية الخشبية مازالت مغروسة في رقبته فشعرت بحسرة بالغة لم أشعر بها من قبل وقلت لمرافقيني الذين كانوا مصدومين لما حدث إخرجوني من هنا فأخرجوني، ولحظتها فكرت في أن الحرب قد تتطور وخصوصاً أني شعرت أن الرئيس قد يموت وان المسافة إلى مستشفى 48 بعيدة وأن المستشفى قد يكون أحد الأهداف فيما لو تطورت الحرب، عندها قلت للسائق خذني الى المستشفى اليمني الألماني الكائن في جولة المصباحي بمنطقة حده، وفي هذه الأثناء تناولت تلفوني من السيارة وأتصلت بوالدتي التي كانت حينها في القرية كي أطمئنها قبل أن يغمى علي ويأتيها الخبر من غيري فيغمى عليها وقلت لها بأنه حصل لي حادث سيارة بسيط وهنالك كسر في رجلي وأني بصحة جيدة.
وفي طريقنا الى المستشفى اليمني الالماني مررنا بميدان السبعين وكانوا الناس مازالوا يغادرونه بعد أن فقدوا الأمل من حضور رئيسهم المغدور أو بعد أن سمعوا أصوات الإنفجارات، ووصلت الى المستشفى اليمني الألماني وكان هناك إخواني وعشرات الأشخاص من أصحابي كانوا حولي وكانوا قد وصلوا إلى هناك ولا أعلم من الذي أخبرهم، وقد طلبت من الطبيب أن يخدرني من شدة الألم ويفعل مايريد بعدها تم تخديري وأجُريت لي العملية الأولية من قبل الدكتور/عبدالسلام الجنيد والذي قام بجهد عظيم شهد له الأطباء الأجانب عندما سافرت بعدها إلى خارج اليمن، وقد أخبرني فيما بعد أنه أجرى لي العملية والمستشفى يهتز من أثار القصف العنيف الذي أعقب الحادث على منطقة حده، وأخبرني أنه أجرى لي العملية وكان معه أحد إخواني بسلاحه داخل غرقة العمليات الذي رفض الإستجابة للأطباء بمغادرة غرفة العمليات . كان المشهد أفظع من أن يوصف. وهذا هو كل ما أستطيع إستحضاره من ذلك الحادث المروع في ذلك اليوم المشؤوم، وقد راعيت أن أكون واصفاً لما حدث بشكل متجرد قدر الإمكان وبقدر ما تسعفني به إمكانياتي المتواضعة في الكتابة على ذلك.
_____________________________
ياسر العواضي
نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر -عضو اللجنة العامة للحزب
احد الناجين من محاولة الاغتيال والتصفية الجماعية بجامع الرئاسة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.