تصاعدت حدة الضغوط الدبلوماسية على النظام في سوريا بشكل غير مسبوق اثر مجزرة الحولة التي اودت بحياة اكثر من 100 شخص، حيث توالى طرد الدبلوماسيين السوريين المعتمدين في الخارج، وجددت الدول الغربية محاولاتها لثني روسيا عن مواقفها الداعمة لنظام الرئيس بشار الاسد، في حين عقد مجلس الامن جلسة خاصة لمتابعة تطورات الوضع في سوريا. وتقرر ان يعقد مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة جلسة خاصة الجمعة لمناقشة مجزرة الحولة، في حين يستقبل في اليوم نفسه الرئيس الفرنسي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على ان يسعى الرئيس الفرنسي الى تغيير موقف موسكو الداعم حتى الان لنظام الرئيس السوري بشار الاسد. في نيويورك عقد مجلس الامن الاربعاء جلسة على مستوى السفراء مخصصة لبحث الوضع في سوريا استمع خلالها الى جان ماري غيهينو مساعد الموفد الدولي والعربي الى سوريا كوفي انان الذي تكلم عبر دائرة فيديو مغلقة من جنيف، والى مدير عمليات حفظ السلام في الامم المتحدة ايرفيه لادسو. وقدم الاثنان صورة "مفجعة" للمذابح التي حصلت في الحولة الاسبوع الماضي وفي السجر قرب دير الزور في شرق سوريا حسب ما نقل احد الدبلوماسيين. وشدد غيهينو على ضرورة اطلاق "عملية سياسية فعلية لكسر حلقة العنف في سوريا" حسب المصدر نفسه. وحسب رئيس بعثة مراقبي الامم المتحدة في سوريا الجنرال النروجي روبرت مود فان ما لا يقل عن 108 اشخاص بينهم 49 طفلا قتلوا الجمعة والسبت في الحولة نتيجة قصف مدفعي او قتل مباشر عن قرب. كما عثر المراقبون مساء الثلاثاء على جثث 13 شخصا في منطقة السجر على بعد 50 كلم شرق دير الزور. وقال الجنرال مود ان الجثث "كانت مقيدة الايدي وراء الظهر وبعضها قتل برصاصة في الراس عن مسافة قريبة". على الصعيد الدبلوماسي تواصل مسلسل طرد الدبلوماسيين السوريين. وقال مسؤول في وزارة الخارجية اليابانية ان الحكومة اليابانية طلبت من السفير محمد غسان الحبش مغادرة البلاد "في اسرع وقت ممكن". كما طلبت تركيا الاربعاء من الدبلوماسيين السوريين مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة، بحسب بيان للخارجية التركية. ويأتي ذلك غداة قيام كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا وهولندا وسويسرا واستراليا وكندا بطرد اعلى الدبلوماسيين السوريين لديها بهدف زيادة الضغط على نظام الرئيس بشار الاسد. والخطوات المنسقة لهذه الدول تأتي عقب تزايد الغضب الدولي اثر المجزرة في بلدة الحولة وسط سوريا. ودانت جنوب افريقيا الاربعاء المجزرة "الرهيبة" التي وقعت في نهاية الاسبوع في قرية الحولة السورية وقدمت دعمها لمهمة وسيط الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان. وردت الخارجية السورية على طرد سفرائها في بيان مقتضب بطرد القائمة بالاعمال في السفارة الهولندية في دمشق وامهلتها ثلاثة ايام للمغادرة. واعتبر وزير الخارجية الهولندي اوري روزنتال هذه الخطوة "بانها ليست مفاجئة". وصرح وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الثلاثاء ان طرد سفراء سوريا في اوروبا والولايات المتحدة لا يكفي و"لن يحرم" الرئيس السوري بشار الاسد "النوم" داعيا الى اتخاذ "تدابير اكثر فاعلية". ودانت روسيا الاربعاء الطرد "غير المجدي" لسفراء سوريين في عواصم غربية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان "في اطار الجهود الدولية للتسوية السلمية للازمة السورية، يبدو لنا طرد السفراء السوريين من ابرز العواصم الغربية تدبيرا غير مجد". وتعقيبا على المواقف الروسية من الاوضاع في سوريا، ولا سيما موقفها الاخير اثر مجزرة الحولة الذي اعتبر ان النظر في اي اجراء في مجلس الامن "سابق لاوانه"، رأى المجلس الوطني السوري المعارض ان هذه المواقف تشجع النظام على مواصلة "جرائمه الوحشية". واعتبر المجلس ان هذه المواقف و"السلاح الفتاك (الذي) تقدمه الحكومة الروسية للنظام (..) يجعل موسكو في خانة مشتركة مع نظام يسعى لاثارة حرب اهلية، ويبعدها عن لعب دور سياسي بناء في الازمة السورية". وقال رئيس المجلس الوطني المستقيل برهان غليون في اتصال مع وزير خارجية المانيا ان "تفاهما دوليا لتنحي الاسد فورا هو السبيل الوحيد لانقاذ خطة انان والحل السياسي والا فان الوضع مقبل على انفجار يهدد كل المنطقة". من جهة اخرى، انتقدت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم اقدام دول غربية على طرد السفراء السوريين وكتبت "ما معنى ان يقرر الاطلسيون طرد السفراء السوريين دفعة واحدة بينما كان كوفي أنان في دمشق يبحث سبل انجاح خطته". ويعقد مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة جلسة خاصة الجمعة لمناقشة مجزرة الحولة في سوريا، بحسب متحدث باسم المجلس. وعقد المجلس في السابق ثلاث جلسات خاصة كما اجرى نقاشا عاجلا لمناقشة انتهاكات حقوق الانسان في سوريا منذ اندلاع اعمال العنف في منتصف اذار/مارس الماضي. وفرض الملف السوري نفسه طبقا رئيسيا في عشاء الزعيمين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الجمعة. وعرض هولاند بوضوح الخطاب الذي ينوي توجيهه الى ضيفه الذي يعطل منذ اشهر، كما الصين، اي عقوبة بحق السلطات السورية في مجلس الامن الدولي. وقال دبلوماسي مقرب من الرئيس "لا يجب ان يسمح لبشار الاسد باللعب على عجز المجتمع الدولي وانقسامه ويجب ان يتحد المجتمع الدولي خلف خطى كوفي انان" مضيفا "ولاجل ذلك يريد هولاند التحاور مع روسيا والصين". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو "نأخذ في الاعتبار كل الخيارات التي من شأنها ان تتيح انهاء القمع في سوريا وبدء عملية سياسية تتسم بالصدقية". وذكر بأن الرئيس فرنسوا هولاند قال مساء الثلاثاء انه لا يؤيد اي تحرك عسكري إلا في اطار الامم المتحدة. وتدعو بلجيكا الى انشاء "مناطق آمنة" في سوريا تحميها "قوة دولية"، كما قال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز، مستبعدا عملا على غرار العمل الذي ادى الى اسقاط معمر القذافي في 2011. غير ان الصين جددت اليوم الاربعاء معارضتها لاي تدخل عسكري في سوريا. كما حذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن، في مقابلة نشرتها الاربعاء مجلة در شبيغل الالمانية الاسبوعية، من تدخل عسكري في سوريا "سيتسبب في سقوط عشرات الاف القتلى". واعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الالمانية، ردا على سؤال عن موقف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي ترك خيار تدخل عسكري في سوريا مطروحا، ان برلين لا ترى سببا "للحديث عن خيارات عسكرية" في سوريا. وقال ان خطة وسيط الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان "هي الخيار الافضل" للتحرك في سوريا. واوضح "يجب الحؤول دون اشتعال المنطقة". ودعا كوفي انان الذي التقى وزير خارجية الاردن ناصر جودة في عمان الى "تضافر الجهود والتعاون مع مختلف الجهات والدول لمواجهة هذا الوضع وايجاد طرق لانهاء ووقف القتل" في سوريا، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الاردنية. واشار انان الى ان "القضية السورية قضية معقدة (...) ونحن نعمل بجد ونبذل قصارى جهدنا لايجاد حل لهذه الازمة ووقف معاناة الشعب السوري"، مؤكدا "اهمية اعطاء الاولوية للشعب السوري وحمايته في مختلف المباحثات والجهود التي تبذل لهذه الغاية". بالتزامن مع ذلك عبر رئيس فريق المراقبين الدوليين روبرت مود عن "استيائه الشديد" من مقتل 13 شخصا في شرق البلاد، بحسب بيان تلقت فرانس برس نسخة عنه. ودعا مود في بيانه "جميع الاطراف إلى ممارسة ضبط النفس ووضع حد لدوامة العنف من أجل سوريا والشعب السوري" اثر اكتشاف 13 جثة مكبلة الايدي يبدو على بعضها اثار اصابتها بعيار ناري في الرأس من مسافة قصيرة الثلاثاء في منطقة السجر التي تبعد 50 كيلومترا شرق دير الزور. واعلنت الولايات المتحدة الاربعاء في خطوة مشتركة مع قطر فرض عقوبات ضد "بنك سوريا الدولي الاسلامي" وذلك بعد اتهامه بمساعدة النظام السوري على الالتفاف على العقوبات المالية المفروضة عليه. ميدانيا، قتل 39 شخصا بينهم 15 جنديا الاربعاء في سوريا التي شهدت امتدادا في رقعة الاشتباكات بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة التي تضم عسكريين منشقين عن الجيش والامن ومقاتلين مدنيين. فقد اندلعت اشتباكات عنيفة فجر الاربعاء في منطقة السيدة زينب في ضاحية دمشق، وفي مدينة القطيف في الريف، وسمعت اصوات انفجارات في مدينة دوما التي قتل فيها خمسة اشخاص، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. كما سمعت اصوات انفجارات واطلاق رصاص في حيي القدم والحجر الاسود الدمشقيين. وقتل مواطن في مدينة داريا بريف دمشق بعد منتصف الليل برصاص القوات النظامية كما قتل اربعة مدنيين في بلدة الذيابية اثر اطلاق نار من قبل القوات النظامية على موكب تشييع. وفي حمص (وسط)، تتعرض احياء المدينة لقصف بمدافع الهاون واطلاق نار من القوات النظامية ما اسفر عن مقتل اربعة اشخاص من بينهم ضابط منشق، وفقا للمرصد. وفي ريف حمص، قتل خمسة اشخاص من بينهم منشق في القصير التي تتعرض لقصف القوات النظامية فيما تشهد القرى المحيطة بها اشتباكات. وفي محافظة حماة وسط البلاد، سجل فجرا وقوع اشتباكات عنيفة في كفرزيتا اسفرت عن مقتل عنصرين منشقين وعدد من عناصر القوات النظامية لم يتسن للمرصد السوري تحديده، ثم عاد الهدوء وسيطر على البلدة. وتشهد مدينة كرناز في ريف حماة اضرابا عاما حدادا على قتلى سقطوا في مواجهات مع القوات النظامية في كفرزيتا. وفي مدينة حماة، نفذت القوات النظامية حملة مداهمات في حي القصور، فيما سجل انشقاق مجموعة من عناصر القوات النظامية في الريف اثر الاشتباكات. وفي ادلب (شمال غرب)، دارت اشتباكات عنيفة بالقرب من حاجز عسكري اسفرت عن مقتل قائد سرية الاقتحام في كتيبة شهداء جبل الزاوية واصابة عدد من مقاتلي المعارضة، فيما تشهد قرى فركيا ودير سنبل قصفا من القوات النظامية. وفي ريف حلب (شمال)، قتل مدني في مدينة اعزاز برصاص قناصة. وفي دير الزور (شرق)، قتل فتى اثر اطلاق الرصاص عليه من قبل مسلحين مجهولين. وقتل، من جهة ثانية، بحسب المرصد، ما لا يقل عن 14 عنصرا من القوات النظامية اثر استهداف حواجز واشتباكات في كل من ريف حماة وادلب، كما سقط جندي اثر اطلاق الرصاص عليه من قبل مسلحين مجهولين في دير الزور. واشتدت الاشتباكات خلال الايام الماضية حيث لفت مدير المرصد رامي عبد الرحمن الى ان القوات النظامية التي تتعرض لخسائر يومية "بالغة" اصبحت "متعبة". وطلب المبعوث الدولي العربي المشترك كوفي انان الثلاثاء من الرئيس السوري بشار الاسد "التحرك الان لخلق قوة دفع لتنفيذ الخطة" التي وضعها لحل الازمة في سوريا "واتخاذ خطوات جريئة" لوقف العنف. *(ا ف ب)