عام كامل مضى منذ تولي الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي مقاليد الحكم ومن ورائه مكتب إرشاد الإخوان المسلمين، انتقلت فيه مصر على حد وصف الأستاذ محمد حسنين هيكل من الإهمال إلى الارتجال.. بنهاية العام يعلن الشعب الغاضب كلمته التي عكستها أعداد من وقعوا بطاقات تمرد، أكثر من 15 مليون مصري يريدون انتخابات رئاسية مبكرة ويطالبون الرئيس مرسي بالرحيل، فيما تتمسك جماعته وأنصارها باستمراره خوفًا من أن يكون رحيله عن المشهد السياسي خروجًا بلا عودة لتيار الإسلام السياسي كله. واستبق الرئيس المصري محمد مرسي تظاهرات 30 يونيو، نهاية الشهر الحالي، بخطاب حافل بتوزيع الاتهامات على معارضيه وبعض رموز القضاء . وفي خطاب ألقاه، الليلة الماضية، عشية مرور الذكرى السنوية الأولى لتوليه السلطة، اتهم مرسي معارضيه بتلقي التمويل من جهات خارجية تمارس التحريض ضد نظامه، مدعياً أن المعارضة تسعى للانقضاض على "الثورة" . واعترف بأنه وقع في بعض الأخطاء خلال السنة الأولى لحكمه، مشيراً إلى أنه "مثلما الخطأ وارد، فإن التصحيح وارد أيضاً" . وشدد مرسي على ضرورة إجراء إصلاحات جذرية لتحقيق "أهداف الثورة"، وحلول غير تقليدية للمصاعب التي تواجه المصريين، محذراً من أن ما يجري في مصر (من جانبه معارضيه) هدفه "إعادة عقارب الساعة إلى الوراء" وإعادة "دولة الفساد" . وتظاهر آلاف المصريين، الليلة الماضية، بميدان التحرير وسط القاهرة، مطالبين بإسقاط النظام وبرحيل مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة . وأقام المحتجون، الذين يتراوح عددهم ما بين 10 و15 ألفاً، منصة رئيسية بالميدان وشاشة عرض تلفزيونية لمتابعة خطاب مرسي، مرددين هتافات "ارحل"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"، ورافعين الاحذية بعد خطاب مرسي ، فيما أعلن عن بدء اعتصام مفتوح إلى حين تنفيذ مطالبهم . واستقبل المحتشدون بميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية، من كيانات حزبية وثورية بداية خطاب مرسي بهتاف "ارحل . . ارحل" . وأشار المتظاهرون إلى أنهم سوف يتخذون قرارات التحرك وفقا لما سيأتي في الخطاب، ورددوا هتافات تطالب برحيل النظام ولا بديل عن ذلك، رافعين علم مصر . وقتل 6 أشخاص في اشتباكات وقعت، أمس، في مدينة المنصورة في مصر بين معارضين ومؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين، وفقاً لما نقلت "يو بي آي" عن موقع حزب الوفد المعارض الذي قال إن الاشتباكات أدت أيضاً إلى وقوع عشرات الجرحى بينهم طفلة في الرابعة من عمرها، في حين تحدثت "فرانس برس" عن إصابة 170 شخصاً بينهم حالتان في حالة حرجة . وقال مسؤول أمني إن تجمعاً مؤيداً لمرسي في منطقة المنصورة في دلتا النيل تعرض لهجوم من معارضين قاموا برشق المتظاهرين بالقمامة . وأضاف أن ذلك تسبب بوقوع صدامات تخللها إطلاق رصاص من أسلحة صيد ما أوقع عدداً من الجرحى . ووقعت اشتباكات أيضاً في مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية المجاورة في دلتا النيل لكن لم يتسن على الفور معرفة عدد الخسائر البشرية . وبدأت وحدات من الجيش المصري الانتشار في عدة مواقع حيوية بالبلاد، وذلك لتأمينها في إطار التظاهرات التي دعت إليها قوى سياسية لإسقاط النظام، فيما أعلنت الشرطة حالة الطوارئ، وسط حالة من الرعب تسود مكتب إرشاد الجماعة، ما جعله يلجأ إلى تحصين مكتبه العام بضاحية المقطم. وبدأت أرتال من الوحدات العسكرية التابعة لقطاعات مختلفة من القوات المسلحة في التحرك للانتشار حول جميع المصارف لتأمينها في أنحاء مختلفة من البلاد، وعززت من تواجدها القائم بالأساس على المؤسسات الحيوية مثل مجالس الوزراء والشعب والشورى، فيما وصلت عناصر من الحرس الجمهوري لمبنى الإذاعة والتلفزيون "ماسبيرو" لتأمينه، علاوة على تأمين مدينة الإنتاج الإعلامي، حيث بث الاستوديوهات الفضائية المختلفة . فيما أعلن حزب الراية الذي اعتاد التظاهر أمام المدينة عدم الاعتصام أمامها . وقال القيادي بالحزب صلاح بركات، إنه سيتم التظاهر والاعتصام أمام أماكن وصفها ب "القاتلة"، "لا تخطر على بال أحد" . وقد جابت مروحيات عسكرية القاهرة وعدة محافظات في إطار من خطة التأمين ذاتها، وقامت بالطيران على ارتفاع منخفض . فيما سبق أن تعهدت القوات المسلحة بعدم السماح مطلقاً لأي انزلاق يمكن أن تتعرض له البلاد . وانتشرت قوات من الجيش والحرس الجمهوري في محيط قصر الاتحادية الرئاسي، وجرى تأمين جدرانه، وجميع القصور الرئاسية الأخرى في القاهرة والإسكندرية، إضافة إلى تقوية أبوابها . ويعد هذا الحضور للجيش المصري الأول من نوعه، منذ إعادة القوات المسلحة إلى ثكناتها أواخر يونيو من العام الماضي، عندما جرى تسليم السلطة للرئيس المنتخب . ومن جانبها، أعلنت أجهزة الشرطة حالة الطوارئ القصوى بين صفوفها لتأمين جميع المرافق وتشديد إجراءاتها على أقسام الشرطة والسجون . متعهدة عدم السماح بتكرار ظاهرة اقتحام السجون والأقسام، على نحو ما حدث إبان الثورة وتداعياتها . وسادت أجواء من الرعب أوساط قيادات جماعة الإخوان، وسط تكهنات عن هروب بعض قياداتها إلى خارج البلاد، فيما جرى تحصين مقر مكتب الإرشاد في ضاحية المقطم في القاهرة بتعلية أسوار المكتب، وإضافة وسائل جديدة لتأمينه . وأرجع المتحدث باسم الجماعة، ياسر محرز، هذه الإجراءات إلى أنها ''تأتي في سياق احترازي، معتبراً أن مكتب الإرشاد مستهدف دائماً في تظاهرات القوى المعارضة . سجل من الفشل بالاستناد إلى العديد من المنظمات الحقوقية والأهلية، لا يبدو العام الأول من حكم الرئيس محمد مرسي مبشّراً للمصريين الذين يواجون أوضاعاً صعبة في كل المجالات . فقد وصفت 19 منظمة حقوقية مصرية العام الأول من حكم الرئيس محمد مرسي بأنه حافل بالانتهاكات و"التقويض المنهجي لدولة القانون" . وأعربت في تقرير مشترك، أمس، عن أسفها لحال أوضاع حقوق الإنسان التي "تدهورت بصورة مخيفة خلال عام واحد من هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على مؤسسات الحكم بصورة مطلقة"، محملة الجماعة وحدها المسؤولية عن هذا التدهور، وبخاصة بعدما نجح مرشحها الرئيس مرسي في إنهاء حالة ازدواج السلطة وسحب الصلاحيات التي كان يتمتع بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة شؤون البلاد . وقالت المنظمات إنه بعد عام كامل يتأكد أن الأولوية لرئيس البلاد وجماعة الإخوان المسلمين كانت تمضي باتجاه ترسيخ مرتكزات نظام تسلطي بديل لنظام سلفه حسني مبارك "ولا يبدو مدهشاً أن هذا العام اقترفت فيه جميع جرائم حقوق الإنسان على نطاق أوسع مما عرفه نظام مبارك" . وأوضحت أن القمع الدموي العنيف لحركات الاحتجاج السياسي والاجتماعي لم يتوقف، وأن الاستخدام المفرط للقوة لم يعد حكرًا على قوات الأمن، بعدما أُطلق العنان لأنصار الجماعة والداعمين لها لاستخدام العنف في تأديب وترويع وتعذيب وقتل خصومها . ورصد التقرير أبرز الانتهاكات لحقوق الإنسان خلال العام الماضي من حكم مرسي وجماعة الإخوان، معتبراً أن على رأسها احتكار الجماعة، وغيرها من فصائل الإسلام السياسي لعملية صناعة الدستور، واقتران ذلك بشن أوسع هجوم على النظام القضائي واستقلال القضاء . وأشار إلى أنه في عهد مرسي تواصلت المحاكمات العسكرية للمدنيين، بل وباتت محصنة، وفقاً لنصوص الدستور، حيث شهد العام الأول من حكم الإخوان تقديم أعداد غير قليلة من النشطاء السياسيين ومن المنخرطين في احتجاجات اجتماعية، ومن الصيادين أيضاً إلى هذه المحاكمات الاستثنائية، منتقدة استخدام جريمة ازدراء الأديان كسلاح في مواجهة حرية الفكر والإبداع وكوسيلة لاتهام كل من يحمل رؤية مختلفة للمجتمع، أو يريد التعبير عن رأيه بطريقة مختلفة، فضلاً عن اتساع نطاق الملاحقة اليومية للصحفيين والإعلاميين . وحذرت المنظمات من أن السياسات التي تنتهجها جماعة الإخوان والرئاسة تقود إلى المزيد من التأزم في حالة حقوق الإنسان، وتضع البلاد أمام مخاطر الاحتراب الأهلي والدخول في حلقة مفرغة من أعمال العنف والعنف المضاد، مؤكدة إدانتها لكافة أشكال العنف والترهيب والترويع التي انخرط فيها أنصار الإخوان وبعض الجماعات السلفية . وفي شأن آخر اتهمت جمعية "مواطنون ضد الغلاء" غير الحكومية، جماعة الإخوان المسلمين باحتكارها الأسواق المحلية . وأكدت أن "الفترة الماضية شهدت أخونة وسيطرة من الجماعة لعمليات استيراد الأبقار الحية من إفريقيا، وبخاصة من السودان وإثيوبيا، وأن زارة الزراعة الإخوانية مارست ضغوطاً بالغة القسوة على الشركات التي تعمل في مجال استيراد الأبقار الحية من أوروبا وإفريقيا حتى تخرج من السوق لمصلحة الشركات الإخوانية" . وقالت الحركة إنه جرى فتح السوق أمام الشركات التي تملكها قيادات إخوانية من بين هذه الشركات شركة "الهدى" وشركة "نمارق" و"طرح الجنة" و"حوض النيل"، وهذه الشركات الأربع تستورد اللحوم من السودان وتحتكر باتفاقات مسبقة سوق اللحوم الحية ويتم تقسيم السوق بالاتفاق المسبق المحظور بموجب القانون" . وأوضح منسق الحركة محمود العسقلاني أن أخونة عمليات استيراد الأبقار الحية من إفريقيا أمر بالغ الخطورة ولا ينفصل عن حمى الأخونة التي أصابت قطاعات واسعة في مصر . لافتاً إلى أن وزارة الزراعة فتحت السوق من دون قيود للشركات الإخوانية، وهو ما تحرم منه الشركات الأخرى المنافسة، ما أدى بالتبعية إلى ارتفاع أسعار اللحوم الإفريقية التي ساهمت وإلى وقت قريب في حفظ التوازن بأسواق اللحوم . ______________________ المصدر : الخليج الإماراتية +المدينة السعودية +وكالات