تطل علينا يوم غداً مناسبة عظيمة وعزيزة وغالية على كل يمني أصيل وعلى كل عربي أبي مناسبة غالية على كل أحرار العالم. هذه المناسبة العظيمة التي جاءت في وقت عانى فيه العالم من الانهيار والتمزق جاءت لتكون بصيص أمل في عالم مظلم حدثت كنصر لعالم عربي كان يعاني من الانتكاسات حينها وكما كان بعض الجيران ممن نطلق عليهم الأشقاء يقفون بكل قضهم وقضيضهم لمنع تحقيقها.. وهاهم اليوم يستخدمون الحديد والنار والإرهاب والقتل والتدمير من أجل إنهائها ، هذه المناسبة هي الذكرى السادسة والعشرون للوحدة اليمنية المباركة التي تحققت في ال22 من مايو 1990م والتي تأتي في ظل ظروف استثنائية وفي ظل عدوان سعودي وعربي قبل أن يكون غربي في سعي حثيث لتمزيقها بعد أن عمدت بالدماء والأرواح. نستعرض في تقريرنا التالي مراحل وخطوات واتفاقات تحقيق الوحدة اليمنية منذ السبعينات وحتى اليوم والصعوبات والمعوقات التي واجهت تحقيقها ودور دول الجوار والعالم في ذلك. كانت الوحدة هدفاً رئيسياً للنظامين القائمين آنذاك شمال وجنوب الوطن خاصة بعد ثورتي ال26 من سبتمبر وال14 من أكتوبر المجيدتين لكن اختلاف النظام السائد في كل شطر كان معرقلاً لقيامها ، بالإضافة إلى وقوف العديد من الأنظمة في وجه هدف تحقيق الوحدة اليمنية وفي مقدمتها المملكة السعودية. لكن حصلت أمور كثيرة قربت المسافة بين الشطرين خلال عقود من الزمن فقد بدأت بوادر انفراج العلاقات بين شطري الوطن بعد تولي الرئيس ابراهيم الحمدي الحكم في شمال الوطن حيث دعا إلى وقف الحملات الإعلامية ضد جنوب الوطن وطالب بفتح صفحة جديدة والبدء في مباحثاات من أجل الوحدة ، كما أبدت القيادة في الجنوب ممثلة بالرئيس سالم ربيع علي في 3 نوفمبر 1974م صفحة جديدة في الحوار مع الداخل والخارج. وساهمت تطورات الأوضاع وإدراك القيادتين في شمال الوطن وجنوبه للأطماع الإسرائيلية في باب المندب في التعجيل بتحقيق الوحدة عبر أحياء عمل اللجان الوحدوية وتبادل الزيارات بين الطرفين. وفي 13 سبتمبر من العام 1972م كان الاجتماع الأول لوفدي شطري الوطن في القاهرة برئاسة علي ناصر محمد رئيس وزراء الشطر الجنوبي حينها ومحسن العيني رئيس الوزراء في الشطر الشمالي مع لجنة من جامعة الدول العربية لتسوية الخلافات بين الطرفين والاتفاق على قيام الوحدة. وفي نفس العام في الثامن والعشرون من أكتوبر تم توقيع اتفاقية القاهرة 1972م ليلتقي بعدها الرئيس عبدالرحمن الإرياني والرئيس سالم ربيع علي في 28 نوفمبر من نفس العام في طرابلس ب"ليبيا" وبرعاية من الرئيس/ معمر القذافي لتأكيد اتفاق القاهرة ووضع أسس دولة الوحدة. ثم جاء لقاء الجزائر بين الرئيسان في سبتمبر 1973م لاستكمال الإجراءات ووضع حد للعنف والتسلل الحدودي. وفي العام 1977م تم توقيع اتفاق قعطبة بين الشطرين والذي نص على تشكيل مجلس أعلى مشترك يضم الرئيس ووزراء الدفاع والتخطيط والاقتصاد والتجارة والخارجية على أن يجتمع هذا المجلس مرة واحدة كل ستة أشهر بالتناوب بين صنعاءوعدن لتنسيق الجهود وتسريع خطوات تحقيق الوحدة اليمنية. لكن الدول الرافضة لتحقيق الوحدة وفي مقدمتها السعودية حين أدركت الاقتراب من تحقيق هذا الانجاز العظيم عملت على تفعيل أدواتها الموجودة في اليمن خاصة في الشمال حيث يتواجد المشائخ الذين تدفع لهم والذين همشهم الرئيس إبراهيم الحمدي وحد من صلاحياتهم فتآمرات مع هؤلاء المشائخ والقيادات العسكرية الموالية والذين كان في مقدمتهم الجنرال العجوز علي محسن والذي كان هو وأحد كبار مشائخ اليمن والملحق العسكري السعودي بصنعاء وراء تخطيط وترتيب وتنفيذ جريمة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي في أكتوبر من العام 1978م بهدف إفشال مشروع الوحدة اليمنية. ولكن الرئيس صالح استمر في تفعيل عمل اللجان حيث تم توقيع إعلان مشترك في العام 1979م لتنشيط عمل اللجان الوحدوية والاستمرار في الدفع به للأمام وتم إصدار بيان صنعاء في أكتوبر 1979م عن تشكيل وزارة خارجية مشتركة والاتفاق على خطط عريضة للسياسة الخارجية الموحدة للشطرين. وفي العام 1980م تم عزل عبدالفتاح إسماعيل من رئاسة الجنوب وتولي علي نصار محمد الرئاسة واستمرت اللقاءات حيث تم توقيع اتفاقية عدن الاقتصادية بين الشطرين. وفي العام 1981م عقدت قمة في تعز لتسريع وتيرة خطوات تحقيق الوحدة اليمنية حيث تم الانتهاء من مشروع دستور دولة الوحدة وإقراره والتوقيع عليه. وفي العام 1983م التقى الرئيسان علي عبدالله صالح وعلي ناصر محمد واستعرضا ما حققته لجان الوحدة. وفي العام 1984م تم تفعيل وتسهيل عملية انتقال المواطنين بين الشطرين بالبطاقة الشخصية وفي نفس العام قام الرئيس علي عبدالله صالح بزيارة للشطر الجنوبي في محاولة للتخفيف من التوتر الحاصل بين الطرفين بعد اكتشاف النفط في المناطق الحدودية المشتركة . بعدها تعرض الشطرين لأزمتين خانقتين وتصفيات ودماء ربما تكون هي من عجل بتحقيق الوحدة الوطنية حيث تمت الكثير من التصفيات الدموية داخل الحزب الاشتراكي في الجنوب في 13 يناير 1986م خاصة بعد عودة عبدالفتاح اسماعيل الذي قتل في هذه التصفيات وفرار الرئيس علي ناصر محمد وتولي علي سالم البيض الرئاسة. وفي الشمال استمر الاقتتال القبلي والمشاكل التي نجمت عن فرار الكثير من القيادات الجنوبية إلى الشمال خوفاً من التصفيات والقتل بالاغتيال. في العام 1988م تم اعتماد قرارات بإلغاء القيود على تنقل الأفراد وإلغاء الرسوم والضرائب على السيارات والبضائع. وفي العام 1989م تم طرح الخيارات المختلفة للوحدة بين الشطرين ... كل هذه الإجراءات التي تمت كانت ضد رغبات ومصالح المملكة السعودية والتي ضخت مالاً ورجالاً وضغطت سياسياً واقتصاديا لايقاف مشروع الوحدة ومحاولة إجهاضها بأي شكل من الإشكال حيث رحلت الملايين من المغتربين اليمنيين من أراضيها وأراضي دول الخليج بعد تحقيق الوحدة مباشرة في العام 1990م في محاولة لخلق أزمة اقتصادية وانسانية واجتماعية . وفي ال 22 من مايو 1990م قام الرئيسان علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض برفع علم الوحدة اليمنية بمدينة عدن ثغر اليمن الباسم. مما دعا بجارة السوء المملكة السعودية إلى دعم الجنوب بالمال والسلاح وبكل ما يحتاجونه واستضافة الكثير منهم على أراضيها من أجل إعلان الانفصال وإشعال حرب داخلية في العام 1994م، وكان على رأس قائمة القيادات الجنوبية التي أعلنت الانفصال هو المدعو علي سالم البيض الذي أفسد سجله التاريخي في تحقيق الوحدة اليمنية بعمل أسود وهي المؤامرة التي أجهضها الشعب اليمني العظيم. وهاهي مملكة الشر السعودية تعود اليوم وبعد أكثر من 26 عاماً من تحقيق الوحدة اليمنية وبتحالف قذر واستضافة نفس الوجوه أو الكثير منها من العملاء والخونة والمرتزقة على أراضيها لتقسيم اليمن وهو المخطط الذي سيبوأ بالفشل بإذن الله وسيكون وبالاً على مملكة الرمال وعلى حكامها الجدد.