أكد عدد من مشايخ القبائل اليمنية أن الشجاعة التي أبداها رجال القبائل واستبسالهم في الدفاع عن مناطقهم شكل عاملاً حاسماً في الحرب التي تشنها الحكومة اليمنية على الإرهاب. وقالوا في حديث خاص للشرفة إن جهود القبائل لطرد عناصر القاعدة من مدينة رداع مؤخرا، هي دليل على الدور المهم الذي تلعبه في دحر شر وعنف القاعدة. وكان رجال القبائل قد أجبروا جماعة أنصار الشريعة التابعة للقاعدة على الانسحاب من رداع في 24 كانون الثاني/يناير الماضي، وذلك بعد 10 أيام من سيطرتها على أجزاء من المدينة. وقد حاولت الجماعة إعلان رداع إمارة إسلامية بقيادة طارق الذهب الذي قتل على يد أخيه الأكبر حزام الذهب في منتصف شباط/فبراير. وقال الشيخ علي المنصوري، وكيل مساعد محافظة البيضاء لشؤون رداع، للشرفة "إن شجاعة رجال القبائل كانت العامل الحاسم في إخراج مسلحي القاعدة من المدينة بعد أن حاصروهم في الأماكن التي تحصنوا فيها". وأضاف أن "رجال القبائل ساعدوا في الجهود التي تبذلها الحكومة لمكافحة القاعدة لا سيما في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن"، لافتا إلى "أن رفض بعض أفراد آل الذهب لأعمال أخيهم، طارق الذهب، هو خير مثال على ذلك". قائد في القاعدة يقتل على يد أخيه وكان طارق الذهب قد قتل على يد أخيه حزام الذهب في 16 شباط/فبراير عقب شجار نشب بينهما. وفي تفاصيل الخلاف أن مسلحي القاعدة من أتباع طارق أرادوا أن يتخذوا من حجرة في مسجد في محافظة البيضاء مسكناً لهم، بحسب ما صرح به شقيق طارق الشيخ خالد الذهب لقناة العربية. وتُستخدم الحجرة عادة كمأوى للمساكين وعابري السبيل، فاعترض حزام على مطلب طارق ورجاله، ما أدى إلى تبادل إطلاق النار بين الشقيقين انتهى بمقتل طارق. والتجأ حزام عقب الحادث إلى منزله، فتوافد مسلحو القاعدة إلى مكان وفجروا المنزل بعد أن حاصروا القبائل لمنعها من نصرة حزام. وتعليقا على ذلك، قال الشيخ محمد جرعون، أحد كبار مشايخ قيفة التي كان ينتمي إليها طارق الذهب، "لا أحد يستغرب همجية وعنف وعصبية رجال القاعدة في سيعهم إلى تحقيق أهدافهم. فقد فجروا منزل حزام لا لقتله فقط بل للقضاء على كل من في المنزل حتى الذين لم يرتكبوا أي جرم ينالوا عليه هذه العقوبة". وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد أوردت في حينه خبر مقتل حازم مع أخيه مجيد وابن أخيهما أحمد. وأضاف جرعون "أن الانتماء للقبيلة مهم جدا بالنسبة لرجال القبائل في رداع وهو يطغى على أي انتماء آخر سواء كان حزبياً أو تنظيمياً، وينطبق ذلك على الإرتباط بتنظيم القاعدة. وهذا ما جعل رجال القبائل ومشايخها يتضامون صفاً واحداً ضد القاعدة، بمن فيهم بعض إخوة طارق الذهب الذين يوصف موقفهم بالشجاع، وقد دفع حزام الذهب حياته ثمناً لذلك". رجال القبائل "لقنوا القاعدة درسا" من جانبه، لفت الشيخ عبد السلام النصيري، شيخ مدينة رداع، إلى أنه رغم علم رجال القبائل بوحشية عناصر القاعدة، إلا أنهم أصروا على مواجهتهم حتى أخرجوهم من رداع. وقال "أن شجاعة رجال القبائل وتصميمهم على منع تحويل رداع إلى أبين أخرى جعلهم ينتظمون ويتبادلون حماية الأحياء المختلفة عبر تشكيل لجان شعبية قطعت كل الإمدادات عن القاعدة وأقامت نقاط التفتيش وفرضت حصارا على عناصرها. هذا الأمر أعطى فرصة للجيش لإعادة تنظيم نفسه في المدينة وأجبر عناصر القاعدة على الانسحاب". وأضاف النصيري "رجال القبائل لقنوا القاعدة درساً في الشجاعة وفي حماية مناطقهم وأحيائهم". وفي هذا السياق، قال الباحث في شؤون القاعدة الدكتور سعيد الجمحي، رئيس مركز الجمحي للدراسات والأبحاث، "إن نسيج المجتمع القبلي مترابط جداً في رداع وتتصدر القبيلة الأولوية في اهتمامات رجالها وهو الأمر الذي مكّن رجال القبائل من الاستجابة السريعة لنداء قبيلتهم في الدفاع عن مناطقها". وأضاف الجمحي أن عوامل قوية وقفت وراء هذا الاستبسال الذي أظهره رجال القبائل في الدفاع عن مناطقهم منها "الانتشار الكبير للأسلحة عند القبليين في رداع بسبب انتشار ظاهرة الثأر، إضافة إلى خوفهم من تحول مدينتهم إلى أبين أخرى وتحول حياتهم إلى مآسي كما حصل مع نازحي أبين". ولفت الجمحي إلى أن عدم التخطيط الاستراتيجي من قبل القاعدة هو ما ساعد رجال القبائل في إخراجها من رداع. كتيب للقاعدة: "إدارة التوحش" وأوضح "عندما تحاول القاعدة السيطرة على أي منطقة، لا تفكر بالعواقب أو التبعات لما ستقوم به سواء كانت داخلية أو خارجية. جلّ ما يهمها هو الدخول إلى منطقة ما والسيطرة عليها من باب التوكل على الله متأملة أنها ستجد هناك من يسخر نفسه لخدمتها ويدعمها، وهذا الذي لم يحصل في رداع باعتبار أن لا صوت يعلو فوق صوت القبيلة". أما عن العنف كأسلوب تعتمده القاعدة، قال الجمحي "إن العنف والوحشية أسلوب تجاهر به القاعدة وتفتخر به بل وتدرّسه لعناصرها، وهنا أذكر كتابا صدر عن أحد مفكري القاعدة إسمه "إدارة التوحش". وينادي الكتاب الذي صدر منذ بضع سنوات بضرورة استخدام العنف كوسيلة للتغيير. وقال الجمحي "جماعات القاعدة لا تتردد في استخدام العنف ولا يخجل عناصرها عندما يطلق عليهم البعض اسم إرهابيين". المصدر الشرفة نت